الخامس والعشرون من أبريل هو تاريخ نصر وفخر لقواتنا المسلحة وشعب مصر العظيم حيث يمثل ختامًا مشرفًا لمسيرة نضال وتضحيات بالدم والعرق والفكر الإستراتيجى، وحصاد لسلسلة طويلة من الأعمال البطوليةوالتضحيات لتحرير الأرض من العدوان الإسرائيلى ، الذى انتهى باستعادة كل شبر من الأراضى المصرية، وبعد انتصار كاسح للعسكرية والسياسة المصرية، قام جيش مصر برفع العلم فوق كامل تراب شبه جزيرة سيناء بعد استعادتها من المحتل الإسرائيلي، فى 25 أبريلمن 37 عامًا. واليوم.. ومصر تحتفل بعيد تحرير آخر شبر من أرضها المقدسة، ترصد «الأهرام المسائى» ما قام به رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، وأوفوا بالعهد وضحوا بالغالى والنفيس ، لتظل رايتنا عالية فى الآفاق ، وتنعممصر بالأمن والأمان، ولتعرف الأجيال الجديدة التىلم تشهد تاريخ الصراع ومعركة الحرب والسلام كم كانت التضحيات، وكم كان الفداء والعزيمة لتحرير سيناء، فى أبرز محطاتها بين معارك حربية ومفاوضات سياسية. وحتى اليوم تقدم قواتنا المسلحة صفحات جديدة من التضحية لدحر الإرهاب الأسود الذى يطل برأسه من أرض الفيروز محاولًا تشويه ما حققه أبطال حرب أكتوبر من إجازات سطرها التاريخ بأحرف من نور حربًا وسلمًا، ولتخوض مصر أيضًا معركة تنموية كبرى غيرت وجه الحياة فى سيناء، يد تبنى ويد تحمل السلاح ، تطارد الإرهاب فى الجحور وتبنى المدن، تنظف الجبال والوديان من الخونة والعملاء وتشق الترع والأنفاق ، تحرس الحدود وتدمر الأنفاق التى تشق فى الظلام بأيدى العابثين على حدود غزةلتقدم قواتنا المسلحة صفحات جديدة من التضحية والبذل والعطاء لتبقى أرض الفيروز طاهرة على مر الزمن تقام فيها صروح جديدة من المشروعات تحرسها عيون لا تنام. بدأت أولى خطوات تحرير سيناء بعد أيام معدودة من نكسة 1967م بحرب استنزاف ضارية، أعادت للجندية المصرية شرفها، وتسببت فى خسائر فادحة للمحتل الصهيونى ولم تتوقف نيرانها إلا بلجوء المعتدى لاستهداف المدنيين فى مصنع أبو زعبل، بل وأطفال فى مدرسة بحر البقر الابتدائية.ثم جاءت مبادرة روجرز وكانت محاولة أمريكية لتثبيت واقع محتل أرضنا، لكن وافقت القيادة السياسية، لتكون الهدنة التى تسبق الطوفان، لتكمل بناء حائط الصواريخ وتستعد بتدريبات ومعدات لاسترداد الأرض.. وبعد ست سنوات كاملة على الهزيمة قبل أن تندلع الشرارة، بدأت حرب أكتوبر، فى الثانية وخمس دقائق ظهر السادس من أكتوبر 1973م، حيث انطلقت القوات المصرية معلنة بدء حرب العبور التى خاضتها مصر فى مواجهة إسرائيل، واقتحمت قناة السويس وخط بارليف، وكان من أهم نتائجها استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، واسترداد جزء من الأراضى فى شبه جزيرة سيناء وعودة الملاحة فى قناة السويس. وبعد اليوم السادس عشر من بدء حرب أكتوبر بدأت المرحلة الثانية لاستكمال تحرير الأرض عن طريق المفاوضات السياسية، حيث تم إصدار القرار رقم 338 الذى يقضى بوقف جميع الأعمال العسكرية بدءًا من 22 أكتوبر 1973م، بعد تدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأعضاء فى مجلس الأمن، الذى قبلته مصر ونفذته مساء يوم صدور القرار، إلا أن خرق القوات الإسرائيلية للقرار أدى إلى إصدار مجلس الأمن قرارًا آخر يوم 23 أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار الذى التزمت به إسرائيل ووافقت عليه، ودخولها فى مباحثات عسكرية للفصل بين القوات، الأمر الذى أدى إلى توقف المعارك فى 28 أكتوبر 1973بوصول قوات الطوارئ الدولية إلى جبهة القتال على أرض سيناء. وعقدت مباحثات الكيلو 101 «أكتوبر ونوفمبر 1973» تم فيها الاتفاق على تمهيد الطريق أمام المحادثات السياسية للوصول إلى تسوية دائمة فى الشرق الأوسط، حيث تم التوقيع فى 11 نوفمبر 1973م على اتفاق تضمن التزامًا بوقف إطلاق النار ووصول الإمدادات اليومية إلى مدينة السويس، وتتولى قوات الطوارئ الدولية مراقبة الطريق، ثم يبدأ تبادل الأسرى والجرحي. واعتبر هذا الاتفاق مرحلة افتتاحية مهمة فى إقامة سلام دائم وعادل فى منطقة الشرق الأوسط. فى يناير 1974تم توقيع الاتفاق الأول لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل، الذى حدد الخط الذى ستنسحب إليه القوات الإسرائيلية على مساحة 30 كيلومترًا شرق القناة وخطوط منطقة الفصل بين القوات التى سترابط فيها قوات الطوارئ الدولية. وفى سبتمبر 1975تم التوقيع على الاتفاق الثانى الذى بموجبه تقدمت مصر إلى خطوط جديدة مستردة نحو 4500 كيلو متر من أرض سيناء، ومن أهم ما تضمنه الاتفاق أن النزاع فى الشرق الأوسط لن يحسم بالقوة العسكرية ولكن بالوسائل السلمية. وجاءت مبادرة الرئيس الراحل أنور السادات بزيارة القدس «نوفمبر 1977»، حيث أعلن الرئيس أنور السادات فى بيان أمام مجلس الشعب أنه على استعداد للذهاب إلى إسرائيل، وقام بالفعل فى نوفمبر 1977 بزيارة إسرائيل وإلقاء كلمة بالكنيست الإسرائيلى، طارحًا مبادرته التى كان من أبرز ما جاء فيها أنه ليس واردًا، توقيع أى اتفاق منفرد بين مصر وإسرائيل فى سياسة مصر، مؤكدًا أن تحقيق أى سلام بين دول المواجهة كلها وإسرائيل بغير حل عادل للقضية الفلسطينية فإن ذلك لن يحقق أبدًا السلام الدائم العادل الذى يلح العالم كله عليه، ذلك الموقف الذى سبب ليس شقاقًا فقط بين مصر والدول العربية، لكن داخل مصر، خاصة القوات المنتصرة التى ضحت بدمائها لتستعيد الأرض. وفى مؤتمر كامب ديفيد «18 سبتمبر 1978» فى 5 سبتمبر 1978 وافقت مصر وإسرائيل على الاقتراح الأمريكى بعقد مؤتمر ثلاثى فى كامب ديفيد بالولاياتالمتحدةالأمريكية، وتم الإعلان عن التوصل لاتفاق يوم 17 سبتمبر من ذات العام، والتوقيع على وثيقة كامب ديفيد فى البيت الأبيض يوم 18 سبتمبر 1978، ويحتوى الاتفاق على وثيقتين مهمتين لتحقيق تسوية شاملة للنزاع العربىالإسرائيلي. الوثيقة الأولي؛ إطار السلام فى الشرق الأوسط: نصت على أن مواد ميثاق الأممالمتحدة، والقواعد الأخرى للقانون الدولى والشرعية توفر الآن مستويات مقبولة لسير العلاقات بين جميع الدول.. وتحقيق علاقة سلام وفقًا لروح المادة 2 من ميثاق الأممالمتحدة وإجراء مفاوضات فى المستقبل بين إسرائيل وأي دولة مجاورة ومستعدة للتفاوض بشأن السلام والأمن معها، هو أمر ضرورى لتنفيذ جميع البنود والمبادئ فى قرارى مجلس الأمن رقم 242 و 338. الوثيقة الثانية؛ إطار الاتفاق لمعاهدة سلام بين مصر وإسرائيل: وقعت مصر وإسرائيل فى 26 مارس 1979 معاهدة السلام اقتناعًا منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل ودائم فى الشرق الأوسط وفقًا لقرارى مجلس الأمن 242 و238 وتؤكدان من جديد التزامهما بإطار السلام فى الشرق الأوسط المتفق عليه فى كامب ديفيد. ووقعت مصر وإسرائيل معاهدة السلام فى 26 مارس 1979 اقتناعًا منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل فى الشرق الأوسط، التى نصت على إنهاء الحرب بين الطرفين وإقامة السلام بينهما وسحب إسرائيل كل قواتها المسلحة وأيضًا المدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء. أدت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل إلى انسحاب إسرائيلى كامل من شبه جزيرة سيناء، وعودة السيادة المصرية على كامل ترابها المصرى وقد تم تحديد جدول زمنى للانسحاب المرحلى من سيناء على النحو التالى: فى 26 مايو 1979: رفع العلم المصرى على مدينة العريش وانسحاب إسرائيل من خط العريش/ رأس محمد وبدء تنفيذ اتفاقية السلام. فى 26 يوليو 1979: المرحلة الثانية للانسحاب الإسرائيلى من سيناء «مساحة 6 آلاف كيلومتر مربع» من أبوزنيبة حتى أبو خربة. فى 19 نوفمبر 1979: تم تسليم وثيقة تولى محافظة جنوبسيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية بعد أداء واجبها وتحرير الأرض وتحقيق السلام. فى 19 نوفمبر 1979: الانسحاب الإسرائيلى من منطقة سانت كاترين ووادى الطور، واعتبار ذلك اليوم هو العيد القومى لمحافظة جنوبسيناء. وفى يوم 25 أبريل1982 تم رفع العلم المصرى على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوبسيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلى من سيناء بعد احتلال دام 15 عامًا وإعلان هذا اليوم عيدًا قوميًا مصريًا فى ذكرى تحرير كل شبر من سيناء فيما عدا الجزء الأخير ممثلاً فى مشكلة طابا التى أوجدتها إسرائيل فى آخر أيام انسحابها من سيناء، حيث استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة الغالية سبع سنوات من الجهد الدبلوماسى المصرى المكثف. خلال الانسحاب النهائى الإسرائيلى من سيناء كلها فى عام 1982، تفجر الصراع بين مصر وإسرائيل حول طابا وعرضت مصر موقفها بوضوح وهو أنه لا تنازل ولا تفريط عن أرض طابا، وأى خلاف بين الحدود يجب أن يحل وفقاً للمادة السابعة من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية. وفى 13 يناير 1986، أعلنت إسرائيل موافقتها على قبول التحكيم، وبدأت المباحثات بين الجانبين وانتهت إلى التوصل إلى «مشارطة تحكيم» وقعت فى 11 سبتمبر 1986، التى تحدد شروط التحكيم، ومهمة المحكمة فى تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف. وفى 30 سبتمبر 1988، أعلنت هيئة التحكيم الدولية فى الجلسة التى عقدت فى برلمان جنيف حكمها فى قضية طابا، التى حكمت بالإجماع أن طابا أرض مصرية. وفى 19 مارس 1989م، رفع الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك علم مصر على طابا المصرية معلناً نداء السلام من فوق أرض طابا.