فصل الدين عن الدولة وتكوين جيش موحد.. والاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار عند التوقيع على الترتيبات الأمنية المتفق عليها كجزء من التسوية الشاملة للصراع وقعت الحكومة الانتقالية السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال، بالعاصمة "جوبا" على اتفاق مبادىء يتضمن بنودً عدة أبرزها فصل الدين عن الدولة وتكوين جيش واحد في نهاية الفترة الانتقالية بالبلاد. ووقع عن الحكومة السودانية، رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، وعن الحركة القائد العام للجيش الشعبي عبد العزيز الحلو، برعاية حكومية من دولة جنوب السودان، حسب نسخة من الاتفاق حصلت عليها "الشروق". ويُعد اتفاق المبادىء بمثابة تمهيد بين الطرفان لاستنئناف المفاوضات العالقة بينهما منذ شهور، حيث اتفقا على "العمل سويا لتحقيق سيادة السودان واستقلاله ووحدة أراضيه"، كما أكدا على أهمية التوصل إلى اتفاق سلام شامل عبر التفاوض لكي تضع نهاية منطقية للحرب في السودان، علماً أن الحل العسكري لا يقود إلى سلام واستقرار دائمين، ويجب أن يكون التوصل إلى حل سياسي وسلمي وعادل هدفا مشتركا لطرفي التفاوض. كما تضمن الاتفاق أن السودان بلد متعدد الأعراق والديانات والثقافات لذلك يجب الاعتراف بهذا التنوع وإدارته ومعالجة مسألة الهوية الوطنية، والتأكيد على حق شعب السودان في المناطق المختلفة في إدارة شئونهم من خلال الحكم اللامركزي أو الفيدرالي. وتم الاتفاق على تأسيس دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية تضمن حرية الدين وحرية الممارسات الدينية والعبادات لكل الشعب السوداني، وذلك بفصل الهويات الثقافية والإثنية والدينية والجهوية عن الدولة وأن لا تفرض الدولة دينا على أي شخص ولا تتبنى ديناً رسمياً وتكون الدولة غير منحازة فيما يخص الشئون الدينية وشئون المعتقد والضمير كما تكفل الدولة وتحمي حرية الدين والممارسات الدينية، على أن تضمن هذه المبادي في الدستور. كما اتفق الطرفان على أن تستند قوانين الأحوال الشخصية على الدين والعرف والمعتقدات بطريقة لا تتعارض مع الحقوق الأساسية، بالإضافة إلى تحقيق العدالة في توزيع السلطة والثروة بين جميع شعوب وأقاليم السودان للقضاء على التهميش التنموي والثقافي والديني واضعين في الإعتبار خصوصية مناطق النزاعات. وأشارا إلى تدرج حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل والواردة في المعاهدات الدولية (التي صادق عليها السودان) في اتفاق السلام، فضلاً عن التأكيد على إتخاذ حكومة السودان التدابير اللازمة للانضمام للمواثيق والمعاهدات الدولية والأفريقية لحقوق الإنسان التي لم تصادق عليها جمهورية السودان. وأكدا الطرفان على ضرورة أن يكون للسودان جيش قومي مهني واحد يعمل وفق عقيدة عسكرية موحدة جديدة يلتزم بحماية الأمن الوطني وفقا للدستور، وأن تعكس المؤسسات الأمنية التنوع والتعدد السوداني وأن يكون ولاؤها للوطن وليس لحزب أو جماعة، كما يجب أن تكون عملية دمج وتوحيد القوات عملية متدرجة، وتكتمل بنهاية الفترة الإنتقالية وبعد حل مسألة العلاقة بين الدين والدولة في الدستور. كما تم الإتفاق على ترتيبات انتقالية بينهما تشمل الفترة والمهام والآليات والميزانيات وغيرها، واعتبرا الطرفان ما تم الاتفاق عليه من ضمن عملية تطوير الوثيقة الدستورية لكي تصبح دستورا دائما بنهاية الفترة الانتقالية. كما اتفقا الطرفان على وقف دائم لإطلاق النار عند التوقيع على الترتيبات الأمنية المتفق عليها كجزء من التسوية الشاملة للصراع في السودان. يذكر أن المفاوضات بين الحكومة الانتقالية السودانية والحركات المسلحة المنضوية تحت كيان "الجبهة الثورية" انطلقت في سبتمبر الماضي، واستضافتها العاصمة جوبا على مدار عام، وأسست لذلك آلية معنية بالتفاوض بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، بمبادرة رئاسية من رئيس دولة جنوب السودان سيلفاكير ميارديت، وبشأنه تم التوقيع على اتفاق السلام بشكلً نهائي في 3 أكتوبر الماضي، والذي بموجبه انهى سنوات من الحرب والنزاع المسلح التي استمرت لعشرات السنوات. فيما تعثرت المفاوضات مع القائد العام للحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال عبد العزيز الحلو، لتمسكه بمطالبه إما فصل الدين عن الدولة أو حق تقرير المصير للمنطقتين "النيل الأزرق، وجنوب كردفان" ومن ثم لم يوقع على الاتفاق، ومنذ أكتوبر كانت تسعى الحكومة للوصول إلى اتفاق مع الحلو لاكمال مراحل السلام في البلاد.