«شخص يعمل فى الفاعل ويكتب القصص»: حول هذه العبارة المتناقضة رغم بساطتها المفرطة بنيت الرواية الأحدث للكاتب حمدى أبوجليل «الفاعل»، أو رواية «كلب بلا ذيل» كما اختار الكاتب أن يسميها فى طبعتها الإنجليزية التى صدرت أخيرا عن قسم النشر بالجامعة الأمريكية، بترجمة ل«روبين موجر»، وهى الرواية الحائزة جائزة «نجيب محفوظ» للرواية العربية العام الماضى. هذه الطبعة الجديدة احتفل بها أبو جليل أمس الأول بمكتبة الجامعة الأمريكية بوسط البلد، وسط حشدٍ كبير من الأدباء والقراء ومسئولى المكتبة، فى أمسية، شهدت حوارا مفتوحا بين الكاتب وجمهوره، أعقبه حفل توقيعٍ للنسخة الإنجليزية من روايتى أبو جليل: الجديدة «كلب بلا ذيل» وروايته السابقة «لصوص متقاعدون» التى صدرت منها ثلاث طبعات بالإنجليزية والفرنسية والإسبانية. عن روايته الجديدة قال أبو جليل إنه آثر أن يغير عنوانها، لأن الترجمة الإنجليزية لكلمة الفاعل لن تحمل المعنى الملتبس الذى أراده لها فى طبعتها العربية، موضحا أن لهذه الكلمة فى العربية ثلاثة معانٍ، أولهم الفاعل بمدلوله النحوى، والثانى هو الشخص الذى يعمل فى البناء، والثالث بمعنى الشخص المؤثر أو الذى يقوم بالإنجاز، أما فى الإنجليزية فسيتم الاقتصار على المعنى الثانى فقط وهو ما لم يفضله الكاتب. وأضاف أن كلبا بلا ذيل أو الكلب «الأزعر» بالمفهوم الشعبى للكلمة كان معادلا موضوعيا لبطل الرواية ذاته، وأحد أوصاف هذا البطل، مما سيبرر هذه التسمية لقراء الرواية. أبو جليل اختص روايته ببناء فنى مغاير للبناء التقليدى للروايات العربية، جاعلا فصولها أقرب إلى المجموعات القصصية المنفصلة، مما يجعل من الممكن قراءة الرواية من أى فصل فيها، وفى رأيه أن هذا البناء لم يرهق المترجم روبين أوجر، أو يربك قراراته بشأن ترجمتها، وإنما أربكه هو شخصيا أثناء الكتابة، حيث جعله ذلك يتردد قبل أن يضع عليها كلمة رواية، لكن ما أراح ضميره لهذه التسمية هو الفصل الأخير فيها، الذى أكد تمحور باقى الفصول المختلفة حول نفس البطل «الفاعل»، بالإضافة إلى العالم غير المنتظم الذى تدور فيه الرواية، عالم الفواعلية الذين يتنقلون باستمرار من عمل إلى آخر ومن مكان إلى مكان، ما يحول دون التزام الكتابة عن هذا العالم لبناء تقليدى منتظم. ويعتبر الكثيرون رواية «الفاعل» سيرة ذاتية لمؤلفها الذى منح اسمه لبطل الرواية وتحدث على لسانه عن حياته الأولى وتفاصيلها، وتفاصيل القبيلة البدوية التى ينتمى إليها، كاشفا الكثير من المناطق المثيرة والغامضة فى حياة هذه القبيلة التى تحدث باسمها عن قطاع غير قليل من سكان مصر المهمشين، مما أثار غضب أبناء قبيلته عليه، بسبب تناوله الساخر الذى اعتبروه مسيئا لحياتهم وتفاصيلهم الخاصة. لكن أبو جليل قال إن أهم ما حققته جائزة الجامعة الأمريكية، والتى تحمل اسم الأديب العربى الأشهر وصاحب نوبل أنها خففت من هذا الغضب وأدت إلى تصالح أبناء قبيلته معه ومع الرواية بعدما ناله من تكريم. وأكد أبو جليل أن الأديب الراحل «محمد مستجاب» هو الأستاذ الأهم والأول بالنسبة له فى عالم الأدب والحياة، لكنه كان الأول الذى يتمرد عليه فى الكتابة بسبب ما وصفه أبوجليل بالانحيازات اللغوية لكلٍ منهما، حيث يفضل الأول اللغة الشعرية «القشيبة» بينما يفضل أبو جليل اللغة الأدائية التى لا يكاد يشعر بها القارئ.