عم مغازى، عمره 65 عاما، عاش نصفهم فى منزله بإحدى حوارى حى مصر القديمة ولم يكن يتوقع أن ينتهى به الحال مقيما فى دكان الأحذية الذى يعمل به. يقول عم مغازى «فى سنة 2006 بيتى اتحرق. كنت فى البلد ورجعت لقيت العفش فى الشارع والبيت اتحرق». توجه عم مغازى لتحرير محضر فى قسم مصر القديمة لإثبات حالة، فأكدوا له فى القسم أنه لن يبيت فى الشارع كثيرا ومن حقه شقة من شقق محافظة القاهرة. من 2006 ونحن الآن على مشارف 2010 لم يتمكن عم مغازى من الحصول على حقه فى السكن ويقضى لياليه الباردة والحارة فى دكان الأحذية الصغير الذى يملكه. يقول «أبات فى دكانى أحسن ما أبات فى الشارع، وما أقدرش أروح أقعد عند عيالى علشان ما أتقلش عليهم. كفاية اللى هما فيه». لكن مرارة التجربة تظهر فى حديثه رغم أن صوته يحاول أن يداريها ويقول «ببات يا بنتى فى الدكان فى عز البرد ييجى الليل أقفل على نفسى وأنام والناس قلوبها ما بترحمش بس هنعمل إيه». رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على حريق مسكن عم مغازى فإنه حتى الآن يذهب للحى والمحافظة ويؤكد له الموظفون أن له الحق فى شقة بمنطقة النهضة إلا أن ذلك لم يتحقق حتى الآن. يقول مغازى «مش عارف أعمل إيه أروح للموظفين يقولوا ليك الشقة قدمت كل الورق والشكاوى لكن لسه ما أخدتش حاجة». الحق فى السكن الذى حرم منه عم مغازى من الحقوق الأساسية التى نص عليها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان حيث أكد فى مادته الخامسة والعشرين على حق كل شخص فى مستوى معيشة يكفى لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن. يعد الحق فى السكن من الحقوق التى لا تمس بأى حال من الأحوال فى حالات الطوارئ أو الحروب أو غيرها من الحالات الاستثنائية ولا يخضع هذا الحق لأى استثناءات. إلا أن الإنسان المصرى يعانى من انتهاكات عديدة مرتبطة بالحق فى السكن فناهيك عن ارتفاع تكلفة الحصول على مسكن ملائم وهو ما لا يتوافق مع متوسط رواتب المصريين، إلا أن مشكلة العشوائيات والمناطق المعرضة للخطر تلقى بظلالها على هذا الحق. ويؤكد المجلس القومى لحقوق الإنسان فى تقريره السنوى لعام 2008 أن هذا العام شهد ارتفاعات غير مسبوقة فى أسعار العقارات وأراضى البناء واستمرار ارتفاع أسعار مواد البناء، وقال «استمر الارتفاع فى قيمة الإيجار ليحد من الآمال فى انفراج أزمة الإسكان». ويتبنى المركز المصرى للحق فى السكن تعريف السكن بأنه «التمتع بالدرجة الملائمة من الخصوصية، والمساحة الكافية، والأمان الكافى، والإنارة والتهوية الكافية، والهيكل الأساسى الملائم، والموقع الملائم بالنسبة لأمكنة العمل والمرافق الأساسية، وكل ذلك بتكلفة معقولة». وقالت منظمة العفو الدولية فى تقريرها الصادر فى منتصف الشهر الماضى بعنوان «دفنوا أحياء.. سكان المناطق العشوائية بالقاهرة بين فكى الفقر والإهمال»، إن أشد الناس فقرا فى القاهرة عرضة للدفن أحياء داخل بيوتهم فى إشارة واضحة لما حدث مع ضحايا الدويقة فى العام الماضى وسكان عزبة بخيت الذين لم يبتعدوا عن أخطار الصخور التى تتساقط عليهم حتى الآن. وأكد التقرير أن مصر بها 26 منطقة سكانية غير آمنة تعرض حياة المواطنين للخطر، مثل منطقة حارة أحمد نادر والشهبة ويعيش بها أكثر من 140 عائلة فضلت العيش فى خطر على الخروج والعيش فى الشارع بحسب التقرير.