الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. يعرفه الكثيرون، نتحدث عنه فى مصر، ونحتفل بالذكرى ال61 لإصداره. نتحدث كثيرا عن حقوق الإنسان، يتحدث الخبراء، والنشطاء والسياسيون يتجادلون ويتفقون ويختلفون. ولكن يبقى الأكثر تأثرا بقضايا حقوق الإنسان بعيدا عن هذا الجدل. يبقى رجائى وناجى وعم مغازى ومرقص، ومجدى، هؤلاء الذين صدر الإعلان العالمى لحقوق الإنسان من أجل الحفاظ على حقوقهم هم وغيرهم من البشر العاديين، يبقون بعيدا عن الضوء، يبقون مجرد أرقام فى التقارير التى تصدر يوما تلو الآخر عن أوضاع الحقوق والحريات فى مصر. ومن أجل هؤلاء وأمثالهم قررنا فى «الشروق» أن يكون احتفالنا بذكرى إصدار الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، مع أصحاب المصلحة، مع المستهدفين من الإعلان، لنعرف منهم الحالة الحقيقية لحقوق الإنسان فى مصر. حرية التعبير.. في البدء كانت الكلمة لم يكن مجدى الشافعى يتصور أن تقوده أول أعماله الروائية الإبداعية للمصادرة فى يوم من الأيام أو التهديد بالحبس، عقابا له على أفكاره التى صاغها فى رواية «مترو» التى تعد أول رواية عربية مصورة. مجدى الشافعى، 47 عاما، وضح ل«الشروق» الظروف والسياق العام الذى أدى به لفكرة مترو، مشيرا إلى أن كتابتها وسط صعود الحركات الاحتجاجية السياسية فى مطلع عام 2004 وتبلورها فى عام 2005 وسط مطالبات ترفض التوريث وحركة مدونين ونشطاء إنترنت ساهموا فى تغذية هذه الحركات الاحتجاجية وتدعيمها. يقول مجدى «هذه الظروف نشطت خيالى لكتابة رواية مصورة تدور فى إطار الصحوة التى حدثت عام 2005 بعدما تصورنا أن الشعب أصبح جثة هامدة». الرواية، على حد توضيح كاتبها، تدور أحداثها حول شاب يعانى من غياب العدالة الاجتماعية ويخطط لسرقة بنك لسداد ديونه ولكنه يفشل فى السرقة المباشرة منه فيقابل موظف فاسد يعرض عليه تسهيل عملية السرقة. ويقول مجدى «حاولت من خلال الأحداث تسليط الضوء على جرائم الفساد والغش والتزوير». واعتبر مجدى أن وجود تشابه فى الصورة بين الموظف الفاسد وأحد المسئولين فى الدولة هو السبب الحقيقى الذى أدى لملاحقتها ومصادرتها، معتبرا أن تهمة خدش الرواية للحياء غير جادة. يروى كاتب الرواية، التى صدرت فى عام 2008، قصة الملاحقة، ويشير إلى اقتحام الشرطة لدار النشر «ملامح» ومصادرة الرواية، بالإضافة إلى اقتحام أخرى ومصادرة النسخ منها، كما أحيل الكاتب والناشر إلى النيابة بتهمة نشر مؤلفات تنطوى على صور خادشة للحياء والآداب العامة، ووجهت لهم تهمة الإخلال بالآداب العامة. يشير مجدى إلى أن خيال الكاتب لحظة الكتابة لا يمكن أن يحدده سقف أو خط أحمر معين، ويوضح أن الكاتب يتحول لقارئ للعمل أحيانا يمل ويحتاج لمزيد من المتعة وهذا المحرك الأساسى لخيال المبدع. التقارير الحقوقية تؤكد أن المصادرة فى مصر تحدث نتيجة لعدد من القوانين المتناقضة مع مبدأ حرية الرأى والتعبير الذى أكد عليه الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، ولكن فى الوقت نفسه حرية التعبير من أكثر الحقوق التى يثار حولها جدل كبير منذ صدور الإعلان حتى الآن، أى بعد مرور أكثر من ستين عاما. يؤكد تقرير مفترق الطرق، الصادر عن مركز هشام مبارك للقانون، أن حرية الرأى والتعبير هى البوابة التى تفتح مجالات للتمتع بحقوق أخرى مثل الحق فى التجمع السلمى والإضراب السلمى والمشاركة السياسية، ولذلك يعتبرها الحقوقيون المعيار الذى يقاس من خلاله وضع حقوق الإنسان فى أى دولة. خاصة أن كاتب المقدمة هو المفكر الراحل محمد السيد سعيد أطلق عليها أم الحريات. وأشار التقرير إلى أن عام 2008 شهد اعتقال 1373 ناشطا، 1188 منهم قبض عليهم أثناء المشاركة فى الاحتجاجات السياسية وحدها. يقول أحمد راغب، المحامى وكاتب التقرير، إن انتهاكات حرية التعبير لا تطال السياسيين أو الكتاب والمبدعين فقط بل تمتد إلى مواطنين عاديين، ويشير إلى حالة على ناجى الذى يعمل بإحدى شركات الأدوية وتم فصله من الشركة «والتهمة ميكروفون» على حد تعبير راغب. حيث تم فصل ناجى الذى كان يعمل بإدارة الحسابات واتهمته الشركة بمخالفة التعليمات ومحاولة دخوله الشركة بميكروفون والتحدث مع مسئول الأمن بشكل غير لائق. ويقول تقرير «فى ظل استمرار سياسة تكميم الأفواه متى يتحول الوعد الرئاسى إلى حقيقة؟»، الصادر عن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن الفترة من 2000 وحتى 2009 شهدت أكثر من 411 حالة انتهاك لحرية الرأى والتعبير تنوعت أشكالها بين الاعتداء على الصحفيين والمدونين ومقاضاة الصحفيين ومصادرة عدد من الكتب والمؤلفات، و38 حالة سوء معاملة صحفيين واعتداء عليهم، و33 قضية لصحفيين أمام النيابة العامة، و168 قضية لصحفيين أمام المحاكم، ومصادرة 130 مؤلفا، واعتقال ومحاكمة 30 مدونا، و12 حالة انتهاك للقنوات الفضائية.