«الأعلى للإعلام»: تغطية أمم إفريقيا يجب أن تستند على الأكواد الإعلامية    بحث الاستعدادات النهائية لاحتفالية اليوبيل الذهبي لجامعة حلوان    أمن الجيزة يفحص فيديو اقتحام عدد من الخيول فناء مدرسة بمنطقة بولاق    جهاز المشروعات يضخ 750 مليون جنيه عبر شركات التخصيم والتأجير التمويلي    خطوط مواصلات مجانية خلال افتتاح خدمة رواد «مركز الإسماعيلية التجاري»    محافظ الجيزة يُجازي مسؤولي النظافة بمنطقة ناهيا للتقصير في المهام المكلفين بها    رئيس زراعة الشيوخ يطالب الأوقاف بنظرة موضوعية لقيمة إيجارات الأراضي    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    تقرير عالمى يدعو لتضافر الجهود لمعالجة الثغرات المتزايدة فى الحماية التأمينية    روسيا تندد بحملة دعاة الحرب الإعلامية لتعطيل تسوية أوكرانيا    بدء توافد جماهير المغرب على ملعب افتتاح بطولة كأس أمم أفريقيا.. فيديو    شخصيات بارزة ورؤساء دول في حفل افتتاح كأس أمم أفريقيا بالمغرب    سبورت: برشلونة يسعى لاستغلال قاعدة تسجيل اللاعبين بعد إصابة كريستنسن    محمد صلاح ضمن التشكيلة المثالية لبطولة كأس أمم أفريقيا 2025    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي البحيرة» إلى 4 وفيات و19 مصابًا    انطلاق اليوم الأول للاختبارات التجريبية لمنصة الذكاء الاصطناعي اليابانية بالأزهر    إحالة أوراق قاتل زوجته أمام أبنائه إلى المفتي بالبحيرة    المفتى: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية    جولة مفاجئة لوزير الثقافة ومحافظ القاهرة بقصر ثقافة عين حلوان    دراما بوكس | المسلسلات المؤجلة بعد رمضان 2026 .. وقصة آسر ياسين ودينا الشربيني مع الصدمات النفسية    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    رئيسا الإمارات وفرنسا يبحثان مسار العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين البلدين    إيمى سمير غانم تكشف كواليس اختيار أسماء أبنائها مع حسن الرداد    الداخلية تكشف حقيقة فيديو محاولة سرقة شخص بالسيدة زينب: خلافات عائلية السبب    طب قصر العيني تطلق البرنامج الدولي للصحة المهنية بالتعاون مع المركز البلجيكي    عراقجي: مستعدون لإبرام اتفاق "عادل ومتوازن" بشأن برنامجنا النووي    مراسل القاهرة الإخبارية من غزة: القطاع يعيش على وقع الأزمات في الأيام الأخيرة    شعبة المواد الغذائية: رفع حد التسجيل في «القيمة المضافة» إلى 3 ملايين جنيه ضرورة لدعم التجار وتحفيز الاقتصاد    مدير تعليم البحيرة يتابع انتظام الدراسة بعدد من مدارس إيتاي البارود وكوم حمادة    مركز شباب المقاطعة في الدقهلية يتصدر مجموعته ويقترب من الممتاز (ب)    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    محافظ المنوفية ورئيس الجامعة يفتتحان عدد من المنشآت الطبية الجديدة بمستشفى الطوارئ    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    ليلة استثنائية في مهرجان القاهرة للفيلم القصير: تكريم عبير عواد واحتفاء بمسيرة عباس صابر    تحرك عاجل من وزير العمل بعد فيديو الأم التي عرضت أولادها للبيع    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    إصابة 8 أشخاص إثر حادث انقلاب ميكروباص في العاشر من رمضان    "الشيوخ" يتلقى إخطارًا بتشكيل الهيئات البرلمانية للأحزاب    محافظة الجيزة توضح حقيقة ما أثير بشأن وجود إزالات أو نزع ملكيات لإنشاء طريق الإخلاص    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    وزير الخارجية يبحث مع نظيريه الجزائري والتونسي تطورات الأوضاع في ليبيا    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    فضل العمرة فى شهر رجب.. دار الإفتاء توضح    وزير الخارجية يؤكد مجددا التزام مصر بدعم جهود تعزيز الأمن والاستقرار في الصومال والقرن الأفريقي    وزير الرى : متابعة موقف إيراد النهر والحالة الهيدرولوجية وإجراءات تشغيل السد العالي وإدارة المنظومة المائية    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    مانشستر يونايتد في اختبار صعب أمام أستون فيلا ب البريميرليج    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    سياح العالم يستمتعون بتعامد الشمس على مقصورة قدس الأقداس بمعابد الكرنك.. صور    انطلاق مهرجان التحطيب بالأقصر على المسرح المكشوف بساحة سيدي أبو الحجاج    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    أمم إفريقيا – المغرب.. هل يتكرر إنجاز بابا؟    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    قمة إنجليزية نارية.. ليفربول يحل ضيفًا على توتنهام في الجولة 17 من البريميرليج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفحة مطوية من التاريخ.. مؤتمر القاهرة

يشهد شهر مارس الجارى، وتحديدا الأيام من 12 إلى 30 منه مئوية حدث طواه النسيان رغم أهميته وهو مؤتمر القاهرة الذى نظمه وزير المستعمرات البريطانى آنذاك ونستون تشرشل وأقيم المؤتمر فى معلم من أجمل وأفخم النماذج المعمارية على نيل القاهرة وهو فندق سميراميس القديم الذى هدمناه للأسف بأيدينا.
شارك فى المؤتمر إلى جانب تشرشل أساطين ورموز الفكر الإمبريالى البريطانى مثل لورانس الذى جعلنا غسيل المخ الغربى نطلق عليه لورانس العرب رغم أنه بلا جدال لورانس الإمبراطورية البريطانية وأجهزة استخباراتها، وكان يشغل وقتها منصب مستشار لوزير المستعمرات، إضافة إلى المارشال اللنبى القائد العسكرى الشهير الذى احتل فلسطين والقدس خلال الحرب العالمية الأولى وكان وقت المؤتمر المندوب السامى البريطانى فى مصر، فضلا عن السير بيرسى كوكس المندوب السامى البريطانى فى العراق والذى شغل منصب المندوب البريطانى المقيم فى منطقة الخليج قبل الحرب العالمية الأولى ووطد علاقاته مع القبائل العربية والمشايخ ومنهم ابن سعود وآل الصباح ونجح فى اجتذابهم إلى جانب بريطانيا وشجعهم على الانشقاق عن الأتراك. وصحب السير بيرسى كوكس معه سكرتيرته المخلصة جيرترود بيل التى كان لها دور كبير فى توطيد الحكم الهاشمى فى العراق وهى رغم خدمتها الكبيرة للاستعمار البريطانى إلا أنى لا أملك إخفاء إعجابى بها وهى السيدة التى أجادت لغات عديدة منها العربية والتركية والروسية وكانت فارسة جابت الأرض من الشام إلى القسطنطينية على صهوة جوادها وكانت تجيد الرماية والقتل بالسيف، ولقبت فى وقتها بأميرة الصحراء وأغبط بريطانيا عليها وأتمنى أن يكون لدينا فى عالمنا العربى المئات مثلها. كان حاضرا أيضا السير هربرت صامويل المندوب السامى البريطانى فى فلسطين.
كان هناك تمثيل قوى لسلاح الجو الملكى البريطانى بعد أن أظهرت الحرب حيوية هذا السلاح فكان ممثلا فى المؤتمر مارشال الجو السير هيو ترنشارد رئيس أركان السلاح الجوى الملكى البريطانى ومارشال الجو سير جيوفرى سالموند قائد القوات الجوية البريطانية فى الشرق الأوسط.
***
ومن الجانب العربى حضر جعفر العسكرى وزير الدفاع فى الحكومة العراقية التى أقامتها بريطانيا وقد كان ضابطا فى الجيش العثمانى أسره البريطانيون أثناء حملتهم على قناة السويس وحوّل ولاءه إلى الحلفاء، وقد صار لاحقا رئيسا للوزراء، وهو صهر نورى السعيد رئيس الوزراء الذى قتل خلال ثورة العراق عام 1958، فضلا عن حزقيال ساسون وهو يهودى عراقى كان وزيرا للمالية فى الحكومة العراقية.
عقد المؤتمر فى وقت دقيق بالنسبة لبريطانيا التى رغم خروجها منتصرة فى الحرب العظمى إلا أنها خرجت مستنزفة مستهلكة تشعر أن شمس إمبراطوريتها التى لا تغرب بدأت فى الأفول ولعل أن الشرق الأوسط والعالم العربى كانا من أكثر المناطق التى شعرت بالتهديد بسبب ظهور غشها وتدليسها على شعوبها وبطلان وعودها لهم بالدولة الحرة المستقلة بعد الحرب فى مراسلات المندوب السامى البريطانى فى مصر هنرى مكماهون مع الشريف حسين بن على شريف مكة يحضه على الثورة على تركيا مقابل الاعتراف به ملكا على دولة عربية موحدة بعد الحرب ثم يكتشف العرب أن بريطانيا اتفقت مع فرنسا على تقسيم الدول العربية بينهما فى اتفاقية سايكس بيكو ثم أعطى وزير خارجيتها اللورد بالفور وعدا بريطانيا بإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين. ولم تكتفِ بريطانيا بذلك بل إنها رفضت الاعتراف بالشريف حسين عندما أعلن نفسه ملكا يوم إعلان ثورته على الدولة العثمانية يوم 2 نوفمبر 1916.
وما لبث أن قامت الحرب النجدية الحجازية بعد رفض ابن سعود قبول مملكة الحجاز وهى الحرب التى أدت إلى سقوط الحكم الهاشمى فى الحجاز وفرار الشريف حسين إلى قبرص وقد تلقى ابن سعود دعما قويا من بريطانيا. ثم كانت معركة ميسلون فى يوليو 1920 والتدخل الفرنسى فى سوريا بعد دخول فيصل بن الحسين دمشق بجيشه وتنصيب نفسه ملكا إلا أن فرنسا رأت فى ذلك نكوص بريطانيا فى اتفاقية سايكس بيكو. أدى ذلك إلى غضب عبدالله بن الحسين لعزل شقيقه فحشد قواته فى مدينة معان للزحف على سوريا مما هدد بتعكير العلاقات البريطانية الفرنسية. وفى العام نفسه قامت الثورة العراقية ضد الإنجليز والتى شارك فيها السنة والشيعة والأكراد فى جهة واحدة وقد قمع الإنجليز هذه الثورة بوحشية بالغة قتلوا خلالها عشرين ألف عراقى باستخدام مكثف لسلاح الطيران قصفت فيه الطائرات الثوار لأول مرة بالغازات السامة من الجو. قبل ثورة العراق كانت ثورة مصر عام 1919 وقبلها كانت ثورة عمر المختار فى ليبيا التى هاجم خلالها حدود مصر فى معركة السلوم عام 1908.
***
عقد المؤتمر فى ظل هذه الظروف الملتهبة بعد أن اكتسبت البلاد العربية والشرق الأوسط أهمية استراتيجية كبرى بعد أن تحول مصدر الطاقة الرئيسية من الفحم إلى البترول بعد ميكنة الحرب فى الحرب العالمية الأولى، فالطائرة لا يمكن أن تعمل بالفحم كذلك الغواصة والدبابة والسيارات وحتى البوارج، فقد كان تشرشل أثناء توليه وزارة البحرية فى الحرب ومعه القائد البحرى الكبير الأميرال جون فيشر من عمل على تحويلها من الفحم إلى البترول، وبالتالى أصبح الحفاظ على مصادر البترول من أهم أولويات الإمبراطورية.
نجح مؤتمر القاهرة فى تهدئة الأوضاع التى كانت تهدد بريطانيا فراضت أبناء الشريف حسين بتعويض فيصل بعرش العراق بدلا من عرش سوريا، ومنحت عبدالله إمارة شرق الأردن، ومنحت مصر استقلالا منقوصا لم يحل بينها وبين اقتحام قصر عابدين لإجبار الملك على تعيين رئيس وزراء ترضى عنه، أما الفلسطينيون الذين تضرروا من وعد بلفور فلم يسمح لوفدهم من حضور المؤتمر ثم مهدوا الأمر للوكالة اليهودية حتى سنحت لهم الفرصة لإعلان دولة إسرائيل.
نجحت بريطانيا فى تأخير أفول شمس إمبراطوريتها لحوالى ثلاثة عقود حتى استنفدت قوتها فى حرب عالمية ثانية وأزاحتها الولايات المتحدة من مكانة الصدارة فى العالم ثم كانت الضربة القاضية التى تلقتها من مصر على ضفاف قناة السويس فى عام 1956 التى أنهت عصر الإمبراطوريات الاستعمارية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.