رغم أن اللوحات كلها تتمحور حول موضوع "جسم الإنسان والبورتريه"، إلا أنك عندما تتجول بين هذه اللوحات والأعمال النحتية التي يضمها معرض "كوربوس هيومانوس" القائم حاليا بقاعة "المسار" للفن المعاصر بالزمالك والمستمر حتى السابع من الشهر الحالي، سوف تصاب بدهشة، من حالة الانسجام والتناغم بين الأعمال، على الرغم من تعدد الرؤى واختلافاتها، حيث يضم المعرض أعمال مجموعة متميزة لنجوم الفن التشكيلي من الجيل الخامس، مابين التصوير الزيتي، النحت، الرسم، والتصوير الفوتوغرافي، لكل من: إبراهيم الدسوقي، عصام درويش، سامي أبو العزم، نرمين همام، هيثم نوار، كريم القريطي، و سامح إسماعيل. وكل من هؤلاء له طريق خاص، فعلى سبيل المثال تجد حالة العزلة، والإنغلاق التي تميز أحدهم، وكأنها كفة في ميزان عادل، يحمل في كفته الثانية أعمال آخر، وسوف نأخذ على سبيل المثال أعمال الفنانان، سامي أبو العزم، وإبراهيم الدسوقي للتعبير عن هذه الحالة، فسامي كما تناولته بعض الكتابات النقدية، تتركز معظم أعماله في تصوير الإنسان كمفردة، تتمثل من خلالها حالات العزلة، والتأمل الداخلي و الإنغلاق علي الذات، ومحاولة الهروب من واقعية الشكل الخارجي الي استكشاف جوانب أكثر عمقا لهؤلاءالذين فقدوا سمة التواصل مع الآخرين، أو بمعني آخر فشلوا في التواصل مع المجتم، كما إنه يتدرج نحو السرعة والعلاقات، وطغيان المادة الذي بات يحكم كل شيء، مما يوجد مبررا لانسحاب شخوصه داخل ذواتهم فيما يمثل شعورا بالهزيمة، كما نجد أبطاله عادة في حالة حوار مع الذات، وهذا الانفصال يسري أيضا في علاقته مع الطبيعة والأشياء الموجودة حوله، مما يولد الاحساس بالغربة، ويجعل للأعمال طبيعة تتسم بالتفكك والغموض. بينما نجد أن إبراهيم الدسوقى كما قال عنه الناقد كمال أبو المجد يعتمد أكثر على الحركة الظاهرية، داخل دائرة متناهية فى الصغر، تقع بين المرئى واللا مرئى .. بين الواقع والخيال، إعتمادا على مفردات مألوفة، مثل الجسدين الإنسانى والحيوانى، والطبيعه الصامتة إضافة إلى إستخدامه لليومى العابر مثل أكوام الصحف والمجلات، والتليفونات والمراوح، وغيرها من العناصر شائعة الإستخدام فى النطاق الجمعى الذى يظل مسيطرا على الرؤية عند إبراهيم حتى يصل إلى رحاب المنظر الطبيعى دون الخروج عن مفهومه المنهجى لبناء الصورة. والمعرض تأتي أهميته كما أوضح وليد عبد الخالق مؤسس قاعة "المسار" من أن جسم الإنسان كان أقوي منابع الإلهام للفنان التشكيلي عبر العصور، منذ أن رسم الإنسان البدائي حياته اليومية علي جدران الكهوف وصخور الطبيعة، وانتقل هذا الإلهام بقوة للفنان المصري القديم عبر الحضارة الفنية و الثقافية التي نقلها الفنان المصري القديم إلى العالم أجمع، فاستوحتها منه حضارات، وثقافات أخرى، تأثرت بإيحاءات وأسرار جسم الأنسان، ظل هذا المنبع المتدفق، كما يقول وليد يداعب خيال الفنانين المعاصرين حتى اليوم، وهو نطالعه في معرض "كوربوس هومانوس" لفنانين معاصرين من ورثة الحضارة المصرية القديمة.