مازال العالم يعانى من جائحة فيروس الكوفيد 19، وقد بلغ عدد المصابين أكثر من 68 مليون شخص، وعدد الوفيات أكثر من المليون والنصف حالة. ومع بدايات الأمل فى استخدام أنواع اللقاح المنتج بشركات الأدوية المختلفة بعدة بلاد، يذكرنا ذلك بوسائل العلاج القديمة عبر العصور، من استعمال قليل من السم لعلاج حالات التسمم أو تجنب الموت بالسم، كما يحكى عن الراهب الروسى راسبوتين 1869 1916 الذى يقال إنه كان يتناول القليل من السم كوسيلة للمناعة ضد اغتياله بالسم. كما أن هنالك الآن بعض أنواع من الأمصال مستخرجة من سموم الثعابين والحيات والعقارب، تستخدم فى علاج التسمم من أحد هذه الزواحف. ومصطلح اللقاح والتلقيح vaccine مشتق من Variolaevaccinae جدرى البقر، وقد استعمل العالم إدوارد جينر الاسم فى عام 1798 ليدل على لقاح جدرى البقر. وفى عام 1881، لتكريم جينر، اقترح العالم لويس باستور استخدام المصطلح لكل لقاح جديد يُكتشف لاحقا. وأيضا هناك الهوميوباتى أو ما يعرف بالطب التجانسى، وهو نظام علاجى يستند إلى المبادئ التى صاغها صامويل هانيمان عام 1796، ويعتمد هذا العلاج على قانون أبقراط فى الطب، والذى يقول «المثل يعالج المثل»، وذلك باستعمال كميات صغيرة جدا من بعض المواد، حتى السامة منها أحيانا، من النباتات أو المعادن أو الحيوان، لعلاج الأنواع المختلفة من الأمراض. أما اللقاح فهو مستحضر بيولوجى، يحوى بشكل ما على وسيط يشبه العنصر العضوى الدقيق المسبب للمرض، وغالبا يصنع من الأشكال المضعفة أو المقتولة للجرثوم، أو من أحد سمومه، أو بروتيناته السطحية. يحرض هذا الوسيط الجهاز المناعى ليتعرف على الجرثوم كمهدد له ويدمره، ويبقى لديه نسخة منه كى يستطيع الجهاز المناعى التعرف عليه ويحطمه فى المستقبل. واللقاحات مسئولة بشكل كبير عن الاستئصال العالمى لمرض الجدرى، والحد من أمراض أخرى كشلل الأطفال، والحصبة وخلافه. أما فى حالة فيروس الكوفيد 19 فقد وجد فوق سطح الفيروس كياناتٌ بروتينية شوكية تعلق بسطح الخلايا البشرية، ويستهدف اللقاح منع ارتباط هذا البروتين على شكل بالخلايا البشرية، وأيضا بمنع الفيروس من التكاثر. وأخيرا أعلنت عدة شركات دولية عن التوصل إلى لقاحات تبشر بحماية البشرية من الإصابة بفيروس كورونا سريع الانتشار. ويبدو أن المعاناة فى طريقها للانحسار قريبا بعد الإعلان حتى الآن عن فاعلية أكثر من ثلاثة من هذه اللقاحات. وأبرز هذه اللقاحات هى «فايزر بيونتيك»، الذى أعلنت شركة فايزر الأمريكية فى نوفمبر الماضى، أن فاعلية اللقاح الذى طورته بالتعاون مع «بيونتيك» الألمانية، بلغت 95 فى المائة. وقد تم تطوير اللقاح داخل معامل شركة بيونتيك الألمانية، التى يترأسها البروفسور أوغور شاهين، المولود فى تركيا وهاجر مع أسرته إلى ألمانيا وهو فى سن الرابعة، وتم تطوير اللقاح المضاد لفيروس الكورونا بالتعاون مع شركة الأدوية الأمريكية العملاقة فايزر اعتبارا من ربيع عام 2020. ولكن عيب هذا اللقاح أنه يجب تخزينه بدرجة 70 مئوية تحت الصفر، ويمكن تخزينه فى الثلاجات لمدة خمسة أيام فقط، مما يمثل صعوبة على بعض الدول فى طريقة تخزينه عند الدرجة المطلوبة، كما فى البلاد النامية وأيضا الشرق أوسطية. ويبلغ سعر اللقاح حوالى 20 دولارا للحقنة الواحدة. اللقاح الثانى هو لقاح «موديرنا» الذى تجرى التجارب عليه فى الولاياتالمتحدة حصرا. وتسعى الشركة لبيع لقاحها بما يتراوح بين 25 و37 دولارًا للجرعة الواحدة. ومن مميزات هذا اللقاح أنه أسهل استخداما من ناحية التخزين والنقل، إذ إنه يبقى مستقرا بدرجة 20 مئوية تحت الصفر لمدة قد تستمر لعدة شهور، ويمكن حفظه فى الثلاجات العادية لمدة شهر تقريبا. واللقاح الثالث هو اللقاح المطور من «أسترازينيكا» وجامعة أوكسفورد، وهو فعال جدا وآمن وقوى، كما أنه لا يحتاج إلى تبريد مُكلف مثل اللقاحات الأخرى. ومن مزايا هذا اللقاح أنه سيكون الأرخص بين اللقاحات الأخرى المنافسة، حيث سيباع ما بين 3 إلى 4 دولارات للحقنة الواحدة. كما تعد طريقة تخزينه أسهل من أجل التوزيع لسهولة التعامل معه فى درجات حرارة أعلى. كما أن هناك اللقاح الروسى «سبوتنيك في»، وكانت روسيا أول دولة تعلن عن توصلها إلى لقاح مضاد للكورونا، مما قوبل بالتشكيك فى الدول الغربية، لكن مجلة لانسيت الطبية أشارت فى مقال خاص إلى أن اللقاح آمن، ومن مزايا هذا اللقاح أنه يمكن حفظه وتخزينه فى الثلاجة العادية أو فى درجة حرارة 18 تحت الصفر. ويحصل الفرد على جرعتين بفاصل ثلاثة أسابيع، حيث سيبلغ ثمن اللقاح فى حدود 10 دولارات للحقنة الواحدة وسيتم توفيره مجانا للمواطنين الروس. كما تهدف روسيا إنتاج أكثر من مليار جرعة منه خلال العام المقبل. وأيضا هناك اللقاح الصينى الذى مازال تحت التجريب. وفى نهاية الأمر نرجع إلى عنوان المقال وإلى شعر أبو نواس الذى يقول: دع عنك لومى فإن اللوم إغراء وداونى بالتى كانت هى الداء.