تشهد إثيوبيا بعض الاضطرابات في إقليم تيجراي، حيث نشبت المواجهات بعد اتهامات من حكومة أبي أحمد، بأن القوات الموالية لجبهة تحرير تيجراي الشعبية هاجمت قاعدة عسكرية، لذا دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إلى خفض فوري للتصعيد في البلاد. وكانت جبهة تحرير تيجراي الشعبية مسيطرة على الجيش والحكومة في إثيوبيا قبل أن يتولى أبي أحمد منصبه عام 2018، لذا أدى تشكيله اللاحق لحزب الرخاء الجديد إلى إزالة أعضاء الجبهة الشعبية من مناصبهم. وعلى الرغم من أنهم يشكلون 6% فقط من سكان إثيوبيا، إلا أن التيجرايين حملوا تاريخياً نسبة كبيرة من السلطة منذ أن قادوا الطريق إلى النصر خلال الحرب الأهلية من 1974 إلى 1991، ولقد احتجوا مؤخرًا على تهميشهم وعزلهم، بحسب موقع "ذا كونفيرزيشن". ووصلت التوترات إلى ذروتها عندما انتقدت جبهة تحرير تيجراي الشعبية قرار أبي أحمد بتأجيل انتخابات أغسطس 2020 على مستوى البلاد إلى أجل غير مسمى بسبب فيروس كورونا، فأجرى قادة تجراي الانتخابات الخاصة بهم. وندد أبي أحمد بالانتخابات ووصفها بأنها "غير شرعية" بينما وصفت وسائل الإعلام التيجراية الحكومة بأنها ديكتاتورية، بحسب منصة مكتب شؤون الاتصالات تيجراي على "فيسبوك". من جانبها قالت هايك أنا شميت، أستاذ التاريخ الأفريقي في جامعة ريدينج الإنجليزية، إن هذا ليس خلافًا سياسيًا تافهًا، إثيوبيا فيدرالية عابرة للعرق، مما يعني أنها دولة مركزية تتكون من شبكة من الإدارات اللامركزية القائمة على العرق، وهؤلاء هم في منافسة منتظمة على السلطة. وهناك احتمال حقيقي بأن تبدأ حرب أهلية شاملة وتمتد إلى باقي أنحاء البلاد، حيث يُظهر التاريخ أن هناك قدرة على التعبئة على نطاق واسع داخل مجتمع تيجرايان، الواقعة على حدود إثيوبيا مع إريتريا، وبالتالي فإن جيشها لديه خبرة كبيرة في الصراع. وتشير التقديرات إلى أن عدد القوات شبه العسكرية والميليشيات المحلية التابعة للجبهة يبلغ نحو 250 ألف جندي، بالإضافة إلى أنه كانت هناك مؤخرًا معارضة عنيفة بين الجماعات العرقية الأخرى في إثيوبيا، ومنهم الأورومو، المجموعة العرقية التي ينتمي إليها رئيس الوزراء، وإذا استمر تيجراي في التعامل مع القوات الحكومية، فقد يشجع ذلك الجماعات المعارضة الأخرى على فعل الشيء نفسه. كما تقول فرانشيسكا بالدوين، باحثة في جامعة ريدينج، إن جبهة تحرير تيجراي تتمتع بتاريخ حافل من التعبئة الشعبية. فيما احتفظت دولة تيجرايان بميليشياتها المدربة جيدًا منذ نهاية الحرب الأهلية في عام 1991، ولها تاريخ من النضال من أجل الديمقراطية والتمثيل في الحكومة. وعندما أطاح الجيش بالإمبراطور هيلا سيلاسي في عام 1974، فرضت القوات العسكرية المدعومة من السوفييت نظام حكم قمعي، وفي تيجراي ظهرت مقاومة استثنائية في شكل ثورة شعبية شديدة التنظيم. كما تم حشد عشرات الآلاف من الرجال والنساء والطلاب للقتال، وهذا يعني أن الحركة لديها خبرات سابقة في الحشد والاحتجاج، وعندما بدأت الثورة الشعبية في الظهور شكلت جبهة تحرير تيجراي ائتلافًا مع مجموعات تحرير أخرى تسمى الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية، وتحقق النصر عام 1991. وكانت الجبهة عبارة عن تحالف تقدمي، يوحد دولة منقسمة بشدة إلى أمة، ينبغي فهم ذلك في سياق تاريخ طويل من الخلافات العرقية التي تسببت في اضطراب وخسائر هائلة في الأرواح، بحسب ما قاله المتخصصون. وكان المبدأ التأسيسي للدولة الفيدرالية الجديدة المنصوص عليه في دستور عام 1995 هو المادة 39، التي نصت على أن لكل منطقة الحق في تقرير المصير وإن رغبوا في الانفصال السلمي، وتعتمد جبهة تحرير تيجراي على هذا البند كدليل على حقها الديمقراطي في إجراء انتخابات مستقلة وإملاء السياسة الإقليمية.