بدأ وزير التجارة والصناعة، رشيد محمد رشيد، أمس زيارة إلى الولاياتالمتحدة تستمر لمدة خمسة أيام يزور خلالها واشنطنونيويورك، ويقابل خلالها الممثل التجارى الأمريكى، بالإضافة إلى رؤساء كبرى الشركات والمؤسسات الأمريكية العملاقة من بينها «بنك أوف نيويورك»، «بيبسى كولا»، و«هنى ويل»، بالإضافة إلى عدد من الشركات الأخرى. ويرأس رشيد فى الزيارة الجانب المصرى من مجلس الأعمال المصرى الأمريكى المشترك، الذى سيتم الإعلان رسميا عن تشكيله خلال الأيام المقبلة. «هذه الزيارة تكتسب أهمية خاصة للبلدين نظرا لرغبتهما زيادة حجم التعاون بينهما من أجل التغلب على تداعيات الأزمة العالمية بالإضافة إلى رغبة الولاياتالمتحدة فى استعادة نصيبها، الذى فقدته من الأسواق خلال السنوات الأخيرة» تبعا لما ذكره رشيد قبل ساعات من مغادرتة البلاد مشيرا إلى أن مصر تعتبر من أهم الأسواق التصديرية للولايات المتحدةالأمريكية فى المنطقة العربية، كما تعتبر السوق الأمريكية من أهم الأسواق المستوردة للمنتجات المصرية. وقد بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين خلال عام 2008 نحو 2.8 مليار دولار أمريكى وتجاوزت الاستثمارات الأمريكية فى مصر 8.8 مليار دولار، ووفقا لوزارة التجارة والصناعة، وتعد أمريكا ثانى أكبر شريك تجارى لمصر بعد دول الاتحاد الأوروبى، إلى أن الحكومة المصرية تستهدف خلال الفترة المقبلة مضاعفة هذا الرقم إلى 16 مليار دولار سنويا خلال أربع سنوات. وآخر زيارة لرشيد إلى الولاياتالمتحدة كانت فى شهر أغسطس ضمن الوفد المرافق للرئيس مبارك فى زيارته لواشنطن. وعرض رشيد خلال هذة الزيارة ثلاثة ملفات تتمثل فى توسيع اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز)، وإنشاء صندوق أو وديعة مشتركة كبديل عن المعونة الأمريكية لمصر، وبحث إعفاء مصر من خدمة ديونها لأمريكا، إلا أنه بحسب رشيد فى حوار خاص ل«الشروق» بعد عودته، لم يتم البت فى أى من هذه الملفات متوقعا أن يتم الانتهاء منها خلال زيارته الحالية. ويقول فخرى الفقى، أستاذ الاقتصاد فى جامعة القاهرة، إن تعاملنا مع الولاياتالمتحدة فى المرحلة المقبلة سيكون على أرضية جديدة، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة فى الفترة الحالية فى حاجة لتطوير علاقاتها مع عدد من الدول وبينها مصر للتغلب على خسائر الأزمة فى ضوء إجراءات الحمائية، التى يفرضها شركاء تجاريون آخرون لواشنطن. وكانت الحكومة المصرية قد تقدمت فى الزيارة السابقة بطلب إلى الولاياتالمتحدة لتوسيع المناطق، التى تشملها اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز)، لتشمل كل مناطق الصعيد، وهذا ما يعتبره رشيد، الملف الأساسى الذى يتم التفاوض عليه خلال الزيارة على أن يتم التوصل إلى اتفاق هذه المرة. وتبعا لاتفاقية الكويز، الموقعة فى عام 2004، فإن المنتجات المصرية التى يتم إنتاجها بداخل هذه المناطق لها حق الدخول الحر إلى السوق الأمريكية بدون جمارك أو قيود كمية، بشرط ألا تقل نسبة المكون الإسرائيلى بها عن 10.5%. وضمت الاتفاقية، فى البداية، مناطق القاهرة الكبرى والإسكندرية وبورسعيد، ثم تم توسيع نطاق الاتفاقية لتشمل بعض محافظات الصعيد، مثل المنيا وبنى سويف، وسوف تتفاوض الحكومة المصرية خلال الزيارة الحالية على توسيع إضافى، يصل إلى محافظة أسوان، بحسب رشيد. وفى هذا الصدد يرى الفقى أن «الكويز قد تكون قضية محسومة لصالح مصر» مستبعدا فى الوقت نفسه على أن تتخذ الإدارة الأمريكية أى خطوة فيما يتعلق بملف المعونة خاصة مع ظروف الأزمة. وكانت مصر قد حصلت على معونة اقتصادية من أمريكا قدرها 815 مليون دولار سنويا، منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل وحتى عام 1998. ثم بعد ذلك تم تخفيضها بنسبة 5% سنويا، فوصلت إلى 415 مليون دولار عام 2008، إلا أن إدارة بوش قامت بتخفيضها إلى أكثر من 50% فى موازنة عام 2009، لتصبح 200 مليون دولار، دون ذكر أسباب هذا الخفض الاستثنائى غير المتفق عليه. ومن هنا طرحت الحكومة المصرية على أمريكا فكرة إنشاء صندوق أو وديعة مشتركة، يتم تمويلها من الطرفين، كبديل عن المعونة الاقتصادية، تقوم على أساس أن كل دولار تضعه الحكومة الأمريكية، تقابله المصرية بجنيه، على أن تستخدم هذه الأموال فى أغراض تنموية. ومن المتوقع أن يتفق رجال الأعمال من الجانبين خلال الزيارة على قائمة بالموضوعات ذات الأولوية، التى يمكن لحكومتى الدولتين بحثها وإزالة أى عقبات تحول دون تدفق المزيد من التجارة والاستثمار، بالإضافة إلى ذلك، سيعرض رشيد للتطورات الإيجابية بمصر فى مجال حماية حقوق الملكية الفكرية، وتعزيز التعاون لنقل الخبرة الأمريكية فى مجالى تطوير تجارة التجزئة والنقل والتوزيع فى مصر. «تمثل هذه الزيارة مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين، خاصة مع الإدارة الأمريكيةالجديدة، الأمر الذى يعطينا الفرصة لتعديل بنود بعض الاتفاقات بين البلدين مثل اتفاقية الاستثمار، واتفاقية المعاهدة الضريبية لجذب الاستثمارات وزيادة حجم التبادل التجارى»، يقول طاهر حلمى، رئيس مجلس إدارة مجلس الأعمال المصرى الأمريكى والشريك فى مكتب بيكر أند ماكينزى للمحاماة.