• خبراء: إعلان رئيس حكومة الوفاق الليبية مناورة جديدة وراءها تركيا • الأممالمتحدةوألمانيا تخططان لعقد قمة بشأن ليبيا في 5 أكتوبر مع إعلان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، مساء أمس الأربعاء، رغبته تسليم مهام منصبه إلى سلطة جديدة في موعد أقصاه نهاية أكتوبر المقبل، تزايدت التساؤلات حول الوضع في العاصمة طرابلس، ومصير العديد من الفصائل والميليشيات المتنافسة. ودعا السراج، في خطاب تلفزيوني وجهه إلى الليبيين بمناسبة يوم الشهيد التي تتزامن مع ذكرى استشهاد الزعيم الليبي عمر المختار، لجنة الحوار، وهي الجهة المنوط بها تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة، إلى الاضطلاع بمسئوليتها التاريخية في الإسراع بتشكيل هذه السلطة لضمان الانتقال "السلمي والسلس". وأشار السراج إلى سعيه منذ توقيع اتفاق الصخيرات نهاية عام 2015 إلى إحداث أكبر توافق ممكن بين الأطراف الموجودة على الساحة الليبية، قائلًا: "لم يكن يشغلنا سوى العمل على توحيد مؤسسات الدولة حتى تتمكن من تقديم خدماتها بشكل لائق بالمواطن"، وفقاً لبوابة "الوسط" الليبية. وأكد أن المناخ السياسي والاجتماعي ما زال يعيش حالة استقطاب حادة، جعلت كل المحاولات الهادفة لإيجاد تسوية سلمية تحقن الدماء وتحافظ على النسيج الاجتماعي المهدد بالتمزق، في غاية الصعوبة. واتهم السراج من أسماهم ب"الأطراف المتعنتة"، بالإصرار على تعميق الاصطفاف والاستقطاب والمراهنة على خيار الحرب، لافتًا إلى "تقديم الحكومة الكثير من التنازلات لقطع الطريق على هذه الرغبات الآثمة، ولإبعاد شبح الحرب ولكن دون جدوى". كما رحب بما تم إعلانه من توصيات مبدئية مبشرة ننظر إليها بعين الأمل والرجاء بأن تكون فاتحة خير لمزيد من التوافق، موضحا أن المشاورات الأخيرة أفضت إلى الاتجاه نحو مرحلة تمهيدية جديدة لتوحيد المؤسسات وتهيئة المناخ لعقد انتخابات برلمانية ورئاسية قادمة. والأسبوع الماضي، استضافت مونترو بسويسرا اجتماعًا تشاوريًا بين الأطراف الليبية توافق خلاله المشاركون على إجراء انتخابات خلال 18 شهراً والبدء بإعادة تشكيل المجلس الرئاسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وقبلها استضافت بوزنيقة بالمغرب محادثات برلمانية ليبية-ليبية، بهدف توحيد المؤسسات السيادية في البلاد. كما اتفق الطرفان على مواصلة الحوار و"استئناف هذه اللقاءات في الأسبوع الأخير" من سبتمبر الجاري "من أجل استكمال الإجراءات اللازمة التي تضمن تنفيذ وتفعيل هذا الاتفاق". ويرجح العديد من المتابعين للشأن الليبي أن يزيد قرار السراج الغموض السياسي في طرابلس وحتى الاقتتال الداخلي بين الفصائل والميليشيات المتنافسة في الائتلاف الذي يهيمن على غرب ليبيا. وقال طارق المجريسي، الباحث السياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "هذه فعليا ضربة البداية لجولة جديدة من المناورات لما سيأتي بعد ذلك". وأضاف في تصريح لوكالة "رويترز": "سترحل حكومة الوفاق ككيان والوضع في غرب ليبيا متدهور". وكانت طرابلس شهدت خلال الأيام الماضية، تدهورا ملحوظا في الخدمات المعيشية، ما أدى إلى خروج تظاهرات منددة إلى الشوارع. وقد أججت تلك الاحتجاجات التوتر بين السراج ووزير داخليتة فتحي باشاغا، الذي أوقفه عن العمل لفترة وجيزة الشهر الماضي قبل إعادته لمنصبه. وبعد إعلان السراج، قال جلال حرشاوي، الباحث في معهد كلينجندايل، إن "قضية الميليشيات ستكون الآن أكثر وضوحا"، وفق ما نقلت وكالة "رويترز". بينما اعتبر الكاتب والباحث السياسي عبدالحكيم معتوق، أن إعلان السراج صدر عن "نية سيئة وليست صادقة كما زعم". وقال معتوق، في تصريحات لشبكة "سكاي نيوز عربية" الإخبارية، إن الجميع كانوا يتوقعون استقالة السراج، "لكنه فاجآنا بأنه ينتوي تسليم السلطة إلى الجسم الذي سيتكون عن لجنة الحوار". وأضاف أن السراج يدرك أن ذلك الحوار قد يطول، وقد أراد نزع فتيل الانفجار الذي كان سيحدث في العاصمة ومدن ليبية عدة برغبة الكثير من الشباب في الخروج والتظاهر بمناسبة يوم الشهيد. واعتبر معتوق أن رئيس حكومة الوفاق "لعب" على المادة الرابعة من اتفاق الصخيرات، مشيرا إلى أن تركيا قد تكون أوعزت للسراج للخروج بهذا الإعلان، وفي هذا التوقيت. وفي غضون ذلك، اعتبر سفير ألمانيا لدى ليبيا أوليفر أوفتشا، أن مقترحات المحادثات الليبية التي جرت في مونترو السويسرية وقادتها الأممالمتحدة ضمن مسار برلين، تقدم سبيلا شاملا لتلك المعضلة أو طرق الخروج منها. كما ثمن قرار السراج حول رغبته تسليم مهامه لسلطة تنفيذية قادمة في موعد أقصاه نهاية أكتوبر، معتبراً أنه "يستحق الاحترام". وأضاف: "نظرا لأن انتقال السلطة يمثل تحديا لأي بلد، فإننا ندعو كل الأطراف المعنية إلى ضمان أن يكون ذلك شرعيا وسلميا". من ناحية أخرى، أكد متحدث باسم الأممالمتحدة لوكالة الأنباء الألمانية في نيويورك، أن الأممالمتحدة والحكومة الألمانية تخططان لعقد قمة جديدة بشأن ليبيا عبر الإنترنت في 5 أكتوبر المقبل. وأوضح المتحدث أن القمة ستضم إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عددا من وزراء الخارجية وممثلي طرفي النزاع في ليبيا. وتأتي هذه القمة الجديدة بعد قمة نظمت في برلين في يناير الماضي وضمت جميع الدول المنخرطة في الصراع الليبي. ووعدت تلك الدول هناك بوقف إمداد الأطراف المتحاربة بالسلاح والمقاتلين. ومن المتوقع أن يضم الاجتماع الافتراضي المقرر في أكتوبر ممثلين من ألمانياوالأممالمتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ومصر والصين وتركيا والإمارات والكونغو وإيطاليا والجزائر، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية. وقال جوتيريش إنه سيبدأ بأسرع ما يمكن في إجراء مشاورات بشأن تعيين مبعوث أممي جديد لليبيا. وقرر مجلس الأمن تجديد ولاية بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا، والذي يتضمن إنشاء منصب مبعوث الأممالمتحدة الخاص الجديد لليبيا.