عقب فترة الحجر المنزلي لاحتواء وباء فيروس كورونا المستجد والهدنة الصيفية، عادت تظاهرات حركة السترات الصفراء الاجتماعية، أمس السبت إلى شوارع فرنسا، وكانت قد انطلقت لأول مرة في 17 نوفمبر 2018 للاحتجاج على الأوضاع الاجتماعية هناك. ودعا القيادي في الحركة جيروم رودريجيس، إلى العصيان المدني فيما يتعلق ببعض التدابير الحكومية، ذلك عبر فيديو مباشر على موقع فيسبوك، بمشاهدة حوالي 150 ألف شخص. ويتوقع أن يشارك في مظاهرات باريس حوالي 5 آلاف شخص، وتعتقد الهيئات الأمنية أنه سيتخللها أعمال شغب داعية إلى التزام الاحتجاج سلميا. وتم الترخيص لمظاهرتين إحداهما في ساحة البورصة والأخرى بجادة فاغرام في العاصمة الفرنسية باريس، في مسيرات وتجمعات تخللها حتى منتصف النهار 81 اعتقال و17 مخالفة، بحسب قناة روسيا اليوم. وتعود هذه الاحتجاجات السترات الصفراء في فرنسا بعدة مدن بينها باريس ومرسيليا وليون وبوردو ونيس ونانت، في ظل أوضاع صحية هشة وظروف اقتصادية صعبة وتشديد تدابير مكافحة الوباء وفي أجواء تململ اجتماعي حاد، نستعرضها في هذا التقرير. * أوضاع صحية هشة وتشديد إجراءات مكافحة كورونا في الأسبوع الماضي، صرح وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران، إن وضع فيروس كورونا في فرنسا "مقلق"، حيث وصلت حالات الإصابة اليومية لإعداد قياسية، لكنه أشار إلى أن حدوث موجة ثانية من العدوى أمر يمكن تجنبه. أما بالنسبة لوضع الأطباء والمرافق الصحية، أمس السبت، اكتظت أسرة العناية المركزة المخصصة لمرضى كورونا مرة أخرى، بضغط المتزايد على المرافق الطبية في أنحاء فرنسا، التي تشهد موجة جديدة من انتشار العدوى، مقارنة مع الوضع الذي ساد خلال الإجازات الصيفية، لكن عدد المرضى بالفيروس في المستشفيات ووحدات العناية المركزة بقي مستقرا ومنخفضا منذ أسابيع. يأتي ذلك بينما سجلت فرنسا اليوم 10561 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد، في رقم قياسي جديد مع تجاوز الإصابات اليومية حاجز العشرة آلاف حالة، للمرة الأولى، لتصل بذلك الحصيلة الإصابات إلى 373911 حالة. * رئيس تهتز شعبيته تواجه حكومة ماكرون تراجعا كبيرا في شعبيتها بحسب ما تعكسه نتائج استطلاعات الرأي المتتالية بسبب المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية السيئة والارتفاع غير المسبوق في معدلات البطالة على مستوى البلاد. وأفاد استطلاع نظمه "المعهد الفرنسي للرأي العام"، في يونيو الماضي، بتراجع شعبية رئيس إيمانويل ماكرون، أمام شعبية رئيس حكومته إدوار فيليب. وأشار الاستطلاع الذي أجري بطلب من صحيفة "جورنال دو دومانش"، إلى أن شعبية ماكرون انخفضت بحد 38% في يونيو مقابل 39 في شهر مايو، بينما ارتفع مستوى تأييد فيليب بواقع 4 نقاط مئوية إلى 50%. وقبله، أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "BVA" أن فيليب قد اكتسب شعبية خلال أزمة فيروس كورونا، حيث قال 54% ممن شملهم الاستبيان إنهم يثقون به، مقابل 38% يثقون بماكرون. * ارتفاع أسعار الوقود وصعوبة المسكن وشهدت فرنسا على مدى عام ونصف العام تظاهرات حاشدة من قبل حركة «السترات الصفراء» تخللتها أحيانا أعمال عنف وتخريب احتجاجا على رفع أسعار الوقود وارتفاع تكاليف المعيشة، كانت تنظم كل يوم سبت الى أن تراجعت مع الوقت بسبب كورونا. في يناير الماضي، سلط تقرير لإحدى الجمعيات التي تُعنى بمكافحة أزمة السكن في فرنسا، وهي مؤسسة آبي بيير (Abbé-Pierre) الاضوء على مشكلة السكن في فرنسا التي يعاني منها 20 % من السكان، بأفرادٌ يفترشون العراء وآخرون يسكنون بيوتا تضيق على أصحابها وجزء ثالث يعيش دون تدفئة، بسحب قناة "يورو نيوز". وقالت المؤسسة في تقريرها إن حوالي 4 ملايين شخص يعيشون من دون سقف يأويهم وإن وُجد فهو سكن غير لائق، وأن أزمة الإسكان تحمل تداعيات حقيقية على الحياة الأسرية والصحة والحياة اليومية، وعلى متطلبات الراحة النفسية. وأنه في وقت صدور التقرير وصل مجموع المتضررين إلى قرابة 15 مليون شخص يعانون من هذه الأزمة، بينهم أكثر من 1.2 مليون مستأجر عجزوا عن سداد إيجاراتهم وهو ما يعرضهم لإخلاء المنازل، وفقا للمؤسسة، بالإضافة لأكثر من 4 ملايين شخص يعيشون في مساكن ضيقة. وأضافت المؤسسة في تقريرها أن عدد الفرنسيين المحرومين من التدفئة زاد بسبب كلفته الباهضة، بنسبة 44٪ عما كان عليه في عام 2006، حيث اقترب عددهم من 3.6 مليون شخص يعانون من البرد في أماكن إقامتهم. * إقرار قانون التقاعد المثير للجدل في أبريل الماضي، دعت النقابات الفرنسية وزعماء المعارضة إلى مظاهرات جديدة، بعد أن لجأت الحكومة إلى بند في الدستور الفرنسي في المادة 49، لفرض مشروعها المثير للجدل من خلال البرلمان. كان المشروع يتمسك بتحديد السن الموازن للتقاعد 64 عاما، للحصول على معاش تقاعد كامل، مع الإبقاء على سن 62 عاما بوصفه عتبة قانونية تتيح التقاعد المبكر بمعاش مخفض أو مواصلة العمل لتقاضي معاش تقاعدي أعلى. وانتقدت النقابات والأحزاب اليسارية خطوة التمرير عبر الماجة الدستورية واعتبرت هذا الإعلان دليلاً على ما يعتبرونه "ميول ماكرون الاستبدادية". وردت مجموعة من النقابات بقيادة الكونفدرالية العامة للعمل، والتي تعد ثاني أكبر نقابات فرنسا، بالدعوة إلى موجة جديدة من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، ضد التحرك لإقرار القانون الجديد الذي يدمج 42 نظاما تقاعديا في البلاد في نظام واحد قائم على النقاط، بحسب "يورو نيوز". فيما أصدرت النقابات بيانا انتقدت فيه فشل الحكومة في الإجابة عن الأسئلة الجادة والمشروعة، التي أثارتها أكبر التغييرات في نظام التقاعد منذ عقود. إلى ذلك دعت المعارضة إلى إجراء تصويت على حجب الثقة عن الحكومة لكن المساعي فشلت في ضوء الأغلبية المريحة للحزب الحاكم "الجمهورية إلى الأمام"، الموالي للرئيس، وبالتالي انتقل المشروع بعدها إلى مجلس الشيوخ حيث قد يواجه معارضة هناك كذلك. وقبل هدنة كورونا، استمرت الاحتجاجات في فرنسا ضد قانون إصلاح أنظمة التقاعد ما تسبب بحالة من الفوضى في حركة شبكات النقل بالمدن الكبرى على مدى أسابيع.