ماذا يفعل أيمن نور فى الحياة السياسية المصرية بالضبط؟ كل ما يفعله «الزعيم» باختلاف الأشكال والآليات هو جهد وافر للغاية لخدمة مشروع جمال مبارك السياسى. يفعل ذلك بهمة منقطعة النظير، بشكل مباشر أحيانا، وعلى نحو خفى فى غالب الأحيان، إذ لا يترك السيد نور فرصة إلا ويتصرف فيها بطريقة تجعل رموز المعسكر الآخر أفضل منه بكثير أمام الجماهير، وكما قلت من قبل حين يكون الاختيار بين الردىء والأردأ، فإن ما هو ردىء يصبح فى أوقات كثيرة الحل الوحيد. بشكل مباشر وواضح وصريح لا يفعل نور شيئا فى المعسكر المضاد لمشروع التوريث سوى إثارة الخلافات بحيث يبدو هذا المعسكر وكأنه من داخله يمارس طقوس الحروب الأهلية الصغيرة، تارة على الشعار «مايحكمش»، وتارة على الهدف والمنهج. ولعل إثارة أيمن نور لموضوع إقحام ما تسمى «جماعات المعارضة الأمريكانى» فى الجبهة المصرية ضد التوريث هى بحد ذاتها ضربة فى الصميم للمشروع برمته، إذ يدرك الزعيم نور جيدا أن مجرد فتح هذا الموضوع بحد ذاته يعنى إدخال كل الأطراف المعارضة لمشروع التوريث إلى برج بابل وأتون الجدل البيزنطى بحيث يبدو الأمر وكأن معارضى مشروع التوريث ليسوا أكثر من مجموعة من الأشخاص يتعاركون على قيادة طائرة دون أن يكون هناك مدرج ولا مطار ولا وقود من الأساس. غير أن كل ذلك لا يقارن بتصريحات نور الواضحة والمباشرة لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية مطلع هذا الشهر وفيها يعتذر عن أى موقف أو رأى صدر عنه وفهم منه أنه يعادى إسرائيل أو يقف ضد التطبيع، إذ قال نور بلا أى مواربة «من يعرف تاريخى جيدا يدرك أننى طالما أيدت معاهدة السلام مع إسرائيل كما أننى أعارض بشدة أى دعاوى للاعتداء عليها». باختصار شديد قد يصلح أيمن نور للعب دور «الدوبلير» أو «البديل منخفض التكلفة» لما هو قائم بالفعل، لكنه بالتأكيد لا يمكن تحت أى ظرف النظر إليه على أنه معارض للمشروع القائم. ومشكلة نور الحقيقية أنه يرى فى نفسه الأفضل والأجدر من الجميع لتنفيذ ما تريده واشنطن لشكل الحكم القادم فى مصر، وليس التسابق على الحج إلى واشنطن سوى أحد ملامح التنافس على من يرضى الإدارة الأمريكية أكثر ليكون وكيلا حصريا لها. اللهم أنزل علينا مطرا غزيرا يعفينا من مشقة الاختيار بين الرمضاء والنار.