• مجموعته القصصية «همس النجوم» التي عُثر عليها بعد 12 عاما من وفاته تنضم لموسوعة «بريتانيكا».. وموقع إخباري صيني ينقل تفاصيل «متحف محفوظ» بحي الجمالية تحل اليوم ذكرى وفاة الأديب العالمي نجيب محفوظ، ولم تزل سيرته الأدبية العبِقة حية في القلوب بعد أن سطر اسمه بأحرف من نور في عالم الأدب، وترك بصمته في وجدان القُرّاء في جميع أرجاء الوطن العربي والعالم أجمع. في السطور القادمة، تستعرض «الشروق» مختارات من أبرز ما ورد في المواقع العالمية عن حياة وأعمال رائد الرواية العربية الراحل أو «ديكنز المقاهي المصرية». نقلت وكالة الأنباء الصينية «Xinhua»، وصفًا تفصيليًا لمتحف نجيب محفوظ ومركز الإبداع المُلحق به الذي يقع في قلب منطقة القاهرة التاريخية بحي الجمالية، حيث وُلِد «محفوظ»، وهو مبنى قديم يحمل اسم «تكية أبو الذهب» مُكون من طابقين يعود تاريخ بناءه إلى عام 1774، ويوجد بالقرب من جامع الأزهر والشوارع والمنطقة المحيطة التي استوحى منها أغلب شخصيات وأماكن رواياته، ويقف شاهدًا أبد الدهر على حياة وأعمال الروائي المصري الوحيد الحائز على جائزة نوبل، والذي رحل عن عالمنا عام 2006. وقد افتتحت المتحف وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم في منتصف شهر يوليو من العام 2019، وهو يضم مقتنيات شخصية وكتب ومسودات ونصوص مكتوبة بخط يد «محفوظ»، وصرّحت أم كلثوم، ابنة نجيب محفوظ، بأن الأسرة قد أهدت المتحف العديد من المتعلقات الشخصية ل«محفوظ»، وقالت: «زودنا المتحف بأكثر من ألف كتاب من مكتبة والدي الشخصية، وترجمات لأعماله إلى لغات أخرى، إلى جانب مقتنياته الشخصية كالنظارات، والسجائر، وسماعات الأذن»، كما تضم المجموعة دفاتر الملاحظات التي كتب فيها «محفوظ» بخط يده النصوص الأولية لكتابه الذي حمل عنوان «أحلام فترة النقاهة Dreams of Departure»، والذي كتبه خلال فترة نقاهته الخاصة التي شهدت تعافيه من هجمة إرهابية من قِبَل متطرف إسلامي نجا منها بصعوبة عام 1994، نقلًا عن وكالة أنباء «Xinhua». ويقع الجزء الرئيسي من المتحف في الطابق الثاني من المبنى ذي الطراز القديم، والذي بناه أحد حكام مصر في عهد الإمبراطورية العثمانية كمأوى مجاني ملحق بمسجد خاص، وتستقبل الزائر عن دخوله المتحف صورة بالحجم الكبير ل«محفوظ» مُعلّقة في المدخل، بالإضافة إلى عدة لافتات تحوي اقتباسات من أشهر رواياته باللغتين العربية والإنجليزية. ويضم المتحف عدة قاعات صغيرة: إحداها بها ميدالية «نوبل» معروضة في وسطها، وأخرى تضم متعلقاته الشخصية بما في ذلك بدلته وقبعته وحذائه، وثالثة تضم لقطات لأفلام مُستوحاة من روايات «محفوظ»، وقاعة الأفلام الوثائقية، وقاعة للندوات. ومن بين الجوائز المعروضة التي حصل عليها جائزة الدولة في الآداب عام 1957، ووسام الاستحقاق من المرتبة الأولى عام 1962، ووسام النيل عام 1988، ودرجة فخرية من الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب عام 2002، وجائزة كافافي عام 2004. ووصفت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبدالدايم، المتحف عقب افتتاحه، بأنه «مَعلم مصري جديد على المسار الثقافي العالمي»، وقالت: «إن متحف نجيب محفوظ بكل ما يحمله من رموز، يؤكد حرص مصر على الحفاظ على سيرة وتاريخ رعاياها المبدعين الذين شكلوا عناصر قوتها الناعمة»، كما أضاف مدير المتحف، الأديب يوسف القعيد: «كان محفوظ يعتقد دائمًا أنه سيذهب يومًا ما لكن أعماله ستبقى»، وقد كان. وفي مقابلة تلفزيونية ذات مرة، أوضح «محفوظ» أنه غالبًا ما يستخدم «الحارة» أو «الزقاق»، كبديل للمجتمع المصري ككل في عالم السرد الخاص به، وأنه رأى «التكية» كوسيلة ترمز إلى «المركز الروحي»، وقد قام المهندس كريم الشابوري، الذي صمم المتحف وأشرف على جزء كبير من المعرض، باستعمال هذا الاقتباس على إحدى لوحات المتحف، كما قال إن أعمال التطوير التي شهدها المتحف شكلت بالنسبة له تحديًا كبيرًا؛ بسبب قِدم عمر المبني وكونه مبني تاريخي لا يمكن تغير تفاصيله بدون الخوف من طمس بعض معالمه، وأضاف أن خطة تركيب مصعد بداخل المتحف واجهت عقبة عندما كشف الحفر عن صهريج قديم، وكان على المهندس المعماري الحفاظ على التصميم الأصلي للغرف الفردية المرتبة حول فناء ضيق مستطيل الشكل، نقلًا عن موقع «الفنار للإعلام» التابع لمبادرة «Alexandria Trust» البريطانية التي يديرها رجل الأعمال المصري صلاح خليل في لندن. ووفقًا لموسوعة «بريتانيكا» البريطانية الأشهر، كانت أولى أعمال «محفوظ» المنشورة عبارة عن قصص قصيرة، كما حملت رواياته الأولى عبق مصر القديمة؛ على غرار «رادوبيس» التي كتبها محفوظ عام 1943، بيد أن الكاتب الكبير تحول إلى وصف المجتمع المصري الحديث عندما شرع في كتابة «ثلاثية القاهرة» بأجزاءها الثلاث: بين القصرين (1956)، قصر الشوق (1957)، والسكرية (1957)، التي تُصوِّر حياة ثلاثة أجيال متعاقبة لمجموعة من عائلات القاهرة، وتمتد من الحرب العالمية الأولى حتى الانقلاب العسكري عام 1952 الذي أطاح بالملك فاروق، كما ترصد التغيير الفكري والمجتمعي والثقافي الذي شهده المجتمع المصري في القرن العشرين. وأشارت الموسوعة إلى أن «محفوظ» قدّم آراء نقدية عن النظام الملكي المصري القديم، والاستعمار البريطاني، ومصر المعاصرة، كما مُنِعت روايته «أولاد حارتنا» (1959) في مصر لبعض الوقت؛ بسبب تعاملها المثير للجدل مع الدين واستخدامه لشخصيات وحبكات تشبه قصص الأنبياء؛ مثل قصة النبي محمد (ص)، وموسى وعيسى (عليهما السلام)، وغيرهم، وقد تعرض «محفوظ» لمحاولة الاغتيال الفاشلة نتيجة لنشر تلك الرواية. وضمت أعمال «محفوظ» عناوين لامعة أخرى على غرار: «اللص والكلاب» (1961)، و«المتسول» (1965)، و«ميرامار» (1967)، وكلها تصف المجتمع المصري تحت حكم جمال عبدالناصر، بالإضافة إلى «أفراح القبة» (1981)، التي تدور أحداثها بين عدة شخصيات مرتبطة بإحدى مسرحيات القاهرة، و«حديث الصباح والمساء» (1987)، التي تقدم حبكة متشابكة تضم عشرات «الرسومات التخطيطية» للشخصيات التي تتداخل حيواتها بشكل كبير، إلى جانب «البداية والنهاية»، و«خان الخليلي»، و«الكرنك»، و«مصر القديمة»، وتعد روايات «محفوظ» من أوائل الروايات التي تحظى بقبول شعبي واسع النطاق في تلك الآونة، كما أثرت الأدب العربي والثقافة العربية بالنضج والتنوع. جدير بالذكر أنه في العام 2018، كتب الصحفي محمد شعير رواية مشهورة عن الكيفية التي كتب بها «محفوظ» روايته المثيرة للجدل، «أولاد حارتنا»، وفي العام الماضي تم العثور على مجموعة من القصص المفقودة ل«محفوظ» نُشِرت باللغة العربية تحت اسم «همس النجوم The Whisper of Stars»، تمت ترجمتها للإنجليزية بعنوان «The Quarter». ولدى تكريمه في عام 1988، علّقت لجنة جائزة «نوبل» قائلة: «إن عبر أعماله الغنية بظلال المعاني والواقعية الجلية، وإن اتسمت بالوضوح وطرح الإشكاليات المثيرة، كوّن محفوظ حكياً عربياً أصيلاً يعبر عن كافة البشر». كما ذكر موقع جائزة «نوبل» أن «محفوظ» عمل موظفًا حكوميًا حتى عام 1972، بدءًا بوزارة الأوقاف، ثم مديرًا للرقابة على المصنفات الفنية، ثم مديرًا عامًا للرقابة على السينما، وأخيراً كمستشار في الشئون الثقافية بوزارة الثقافة، وشهدت السنوات التي أعقبت تقاعده من البيروقراطية المصرية موجة من الإبداع الأدبي تمخضت عن رصيد عملاق لا يقل عن 30 رواية وأكثر من 100 قصة قصيرة وما يزيد عن 200 مقالة، وقد تم تحويل نصف رواياته إلى أفلام تم تداولها في جميع أنحاء العالم الناطق باللغة العربية، ورصد الموقع «الظاهرة الثقافية» التي أحدثها الأديب العملاق؛ فقال إن «محفوظ» تصدّر المشهد الثقافي في مصر لأعوام طويلة، حتى كان يُنظر إلى كل مطبوعة جديدة من أعماله على أنها حدث ثقافي كبير، ولازال اسمه يتردد في الأوساط الثقافية والأدبية من المحيط إلى الخليج.