أصدرت دار خطوط وظلال الأردنية طبعة جديدة من رواية "شريعة القطة"، للروائي طارق إمام، لتكون الطبعة الثانية من الرواية التي صدرت لأول مرة مطلع عام 2003 عن دار ميريت بالقاهرة. وهى الطبعة الجديدة التي شهدت تنقيحاً وتحريراً، بما في ذلك حذف مقاطع كاملة من الطبعة الأولى، وإضافة فصول جديدة لم تكن موجودة، مع تحرير شامل للنص. وقال «إمام» في تصريح خاص ل«الشروق» عندما دعتني الناشرة الأردنية هناء البواب، لتقديم كتاب للدار، لم أتردد في اختيار شريعة القطة، لعدة أسباب، أولها أن ظروف نشر الطبعة الأولى من الرواية لم تخدمها دعائياً وقرائياً بالشكل الكافي، وبالتالي أصبحت أقل كتبي مقروئية خاصة وأن طبعتها الأولى نفدت منذ سنوات طويلة ولم تُعد طباعتها. السبب الأخر أنني رغبت دائماً في طبعة جديدة من هذا النص بالتحديد بالمعنى الحرفي للكلمة، بحيث لا تكون مجرد إعادة طبع بالمعنى التقليدي. وهكذا أعدتُ قراءة النص وقد ابتعدتُ عنه بشكلٍ كافٍ، خاصة وأنني أنهيت كتابته قبل عشرين عاماً، ورغم إبقائي على مادته الرئيسية، إلا أنني حررته لغوياً في عدد من المقاطع، كما حذفت بالكامل عدداً من الفصول، واستبدلتها بأخرى، وغيرت البنية العامة لفصوله، كما أعدتُ مقاطع كانت مستبعدة في المخطوط الأصلي الذي تقدمتُ به للناشر في حينها، واستعنت بأخرى كانت مستبعدة من قبلي في الطبعة الأولى، وبهذا فإن الطبعة الجديدة لشريعة القطة لا تخلو من تصور جديد وعناصر مضافة، سيشعر بها بالتأكيد من قرأ الطبعتين. جدير بالذكر أن رواية «شريعة القطة» مغامرة فنية، ذلك أنها تقوم بالكامل على لسان الحيوان وتحاول قراءة العالم من خلال وعيه. وهي الرواية التي رآها عدد من النقاد الرواية الأكثر طموحاً وتجريباً بين أعمال طارق إمام رغم أنها روايته الأولى، فهي تتخذ من الحيوان بطلاً مطلقاً لها، وتنطق بصوته، في اتصالٍ عصري بموروث القص العربي على لسان الحيوان، لكن في إطار نص حديث ينتمي للكتابة الجديدة. على جانب آخر تقدم «شريعة القطة» اقتراحاً جمالياً خاصاً، استناداً لفضاء قصة الخلق، لتعيد تقديمها في نصٍ روائي تهكمي، شعري، من خلال "المعارضة"، يقرأ العالم الحديث من خلال أضعف حلقاته: الحيوان، كمرادف للغريزة المقموعة تحت عجلات الحياة المعاصرة. القطة هنا تقدم بمنطق الكارتون وقصص الكوميكس، تحيا وتموت مرة بعد مرة لتعود للظهور مجدداً في مغامرات متتالية. وبالتالي فالرواية لا تدور في إطار حبكة سردية تقليدية من خلال حكاية مركزية تتطور وتتقدم للأمام، لكنها تتشكّل من عدد كبير من الحكايات التي يجمع بينها خيط رئيسي هو القطة. وتبدأ الرواية من قصة الخلق لتنتهي بالمدينة الحديثة وإشكاياتها. والرواية إذ تستلهم أدبيات الرسوم المتحركة وتستند للمخيلة الطفولية في رؤية العالم، فإنها وبالقوة نفسها تقدم بنية مبتكرة عبر محكيات متتالية مولّدة، بالطريقة الحكائية ل" ألف ليلة وليلة"، لا تلتزم التطور الخطي التقليدي للحدث الروائي، كما تقدم اقتراحاً شعرياً للنص السردي على مستوى اللغة والنظرة الكلية للعالم. طارق إمام، روائي وناقد مصري مواليد عام 1977. بدأ النشر في سن مبكرة حيث كان في الرابعة عشرة حين نشر قصته الأولى، وأصدر كتابه القصصي الأول "طيور جديدة لم يفسدها الهواء" عام 1995 قبل أن يتجاوز الثامنة عشرة من العمر. أصدر 11 كتاباً بين روايات ومجموعات قصصية، من أبرزها "شريعة القطة"، "هدوء القتلة"، "الأرملة تكتب الخطابات سراً"، "ضريح أبي"، "الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس"، "مدينة الحوائط اللانهائية"، "حكاية رجل عجوز كلما حلم بمدينة مات فيها"، وأحدث أعماله رواية "طعم النوم" (2019). ترجمت أعماله لعدة لغات، كما حاز عديد الجوائز مصرياً وعربياً ودوليًا، منها جائزة الدولة التشجيعية، جائزة ساويرس مرتين، الجائزة المركزية لوزارة الثقافة المصرية مرتين، جائزة سعاد الصباح، وجائزة متحف الكلمة العالمية بإسبانيا.