انتشرت فى القرن ال 19 ظاهرة إصدار الكتب «تحت أسماء مُستعارة» بسبب هيمنة الذكور فاطمة فراهانى.. والأخوات «برونتى».. مارى آن إيفانز أبرز الكاتبات فى قائمة «الأسماء المستعارة» انتشرت فى القرن التاسع عشر ظاهرة فريدة من نوعها فى أوساط الأدب الإنجليزى؛ ألا وهى قيام الكاتبات من النساء بنشر أعمالهن تحت أسماء ذكورية مُستعارة؛ هربا من وصمة العار التى كانت تلحق بهن عند نشر أسمائهن الحقيقية على أعمالهن الأدبية آنذاك، وقد قامت مؤسسة «بايليز» الراعية الرسمية ل «جائزة المرأة للخيال» الأدبية البريطانية بإطلاق حملة جديدة بعنوان «استعادة الاسم الحقيقى للكاتبة Reclaim Her Name»، تهدف لتعريف الناس بالأسماء الحقيقية للمؤلفات بعد استمرارهن قرونا فى الظل، وأعلنت عن اختيار 25 كتابا للحملة تزامنا مع الاحتفال باليوبيل الفضى للجائزة. وشهدت حملة «Reclaim Her Name»، التى تم الإعلان عنها يوم الأربعاء الماضى، إعادة نشر الكتب المُختارة ككتب إلكترونية مجانية للاحتفال بمرور 25 عاما على «جائزة المرأة للخيال»، بالإضافة إلى التبرع بمجموعة من الإصدارات المطبوعة إلى مكتبات مختارة فى جميع أنحاء المملكة المتحدة، وتم اختيار الكتب من بين 3000 كتاب تم نشرها تحت أسماء مُستعارة من قِبَل لجنة تحكيم ترأسها مؤسسة «بايليز»، وكان من بين المؤلفات اللاتى وقع عليهن الاختيار: مارى آن إيفانز، التى اعتادت نشر أعمالها تحت الاسم المستعار جورج إليوت، وفاطمة فراهانى، التى كانت تنشر قصائدها فى إيران خلال القرن التاسع عشر باسم شاهين فاراهانى، ولويزا ماى ألكوت، مؤلفة «النساء الصغيرات»، والأخوات برونتى. وقد حظت جورج إيليوت بشهرة واسعة فى إنجلترا الفيكتورية بعد أن اكتسبت قصصها شعبية كبيرة حتى إن المؤلف البريطانى الأشهر، تشارلز ديكنز، صاحب «أوليفر تويست»، كتب لها رسالة عبر فيها عن إعجابه بأسلوبها فى الكتابة، وقد أثار مدح «ديكنز» الحزن فى نفس الكاتبة التى راسلت ناشرها لتصف كتابتها تحت اسم مستعار ب«القناع الحديدى»، وفى العام التالى أفصحت الكاتبة عن هويتها. كما تضم الحملة كاتبات أخريات؛ على غرار: الكاتبة والناشطة السياسية الأمريكية فرانسيس رولين ويبر التى أصدرت كتابا للسيرة الذاتية عام 1868 عن مارتن آر ديلانى، الذى كان يعمل صحفيا وطبيبا وجنديا وكاتبا أمريكيا، وهو أول من ناصر قومية السود، وتُعد «ويبر» أول كاتبة أمريكية من أصل إفريقى تنشر سيرة ذاتية تحت اسم مستعار، هو فرانك أ. رولين. ومن بين الأسماء الأخرى التى ضمتها الحملة: إيديث مود إيتون، الكاتبة الصينية الإنجليزية التى تناولت التمييز العنصرى والأفضلية العرقية فى أعمالها بعد أن اختارت لنفسها اسم Sui Sin Far، والكاتبة البريطانية «لى»، التى كانت تنشر كتبها تحت الاسم المُستعار، فيرنون لى، والتى يعتقد الباحثون التاريخيون أن اعتمادها للاسم والهيئة الذكورية سمحا لها بالتعبير عن حياتها الجنسية بحرية، والنجاح فى حياتها ككاتبة، وذلك نقلا عن صحيفة «الجارديان» البريطانية. ولاقى المشروع استحسانا من قِبَل القُراء الذى اقترح بعضهم إدراج مؤلفات بعينهن ممن لم يكن الاسم الذكورى المُستعار بالنسبة لهن مجرد وسيلة للتغلب على التفرقة الجنسية أو تجنب الاضطهاد الفكرى، وقال متحدث باسم مؤسسة «بايليز»: «من خلال البحث الذى أجريناه، وجدنا أن كاتبات عديدات قد نشرن أعمالهن بأسماء ذكورية أو محايدة جنسيا لأسباب متنوعة؛ فمنهن من قررن ذلك كاختيار إبداعى، ومنهن من لجأن لذلك من أجل اختبار رد فعل المجتمع، ولكن الأغلبية العظمى من الكاتبات لم يكن لديهن خيار سوى اتخاذ أسماء مُستعارة؛ من أجل أن يؤخذن على محمل الجد فى الوسط الأدبى الذى هيمن عليه الذكور بالكامل فى ذلك العصر، وكان جل ما يسعين إليه هو الوصول إلى الجمهور بأية طريقة، وأن ترى أعمالهن النور». لكن من ناحية أخرى قالت أستاذة اللغة الإنجليزية فى جامعة «كاليفورنيا»، جريس لافيرى، فى تغريدة عبر تويتر: «لدى شك كبير حيال مصداقية هذا المشروع مهما بلغت حسن نوايا القائمين عليه؛ فمؤلفات القرن ال 19 لم يتم إجبارهن على استخدام أسماء ذكورية مستعارة؛ فلقد كانت الكتابة الأدبية وستظل هى الممارسة الحية للخيال، وهذا المشروع يقوض العمل الأدبى لكاتبات عظيمات مثل جورج إليوت وفيرنون لى وغيرهن». ومن بين الروايات الأخرى التى تم اختيارها للحملة؛ «مارى أوف ذا كابين كلوب» للمؤلفة آن بيترى، وهى أول امرأة أمريكية من أصل إفريقى تبيع أكثر من مليون نسخة من كتابها، واعتادت النشر تحت الاسم المُستعار، آرنولد بيترى، وأيضا أعمال الكاتبة أمانتين أورور دوبين، التى اشتهرت باسمها المُستعار جورج ساند، والتى كانت واحدة من أكثر الكُتاب شهرة –وجرأة فى أوروبا فى القرن التاسع عشر؛ حيث كانت ترتدى ملابس الرجال وتدخن التبغ فى الأماكن العامة، نقلا عن موقع «سى. إن. إن الإخبارى». يجدر بالذكر أن بعض الكاتبات لازلن يستعملن الأسماء المُستعارة فى الكتابة حتى اليوم، خاصة فى أنماط الكتابة التى يهيمن عليها الذكور مثل الخيال العلمى والجريمة، وتُعد الكاتبة البريطانية، جى كى رولينج، مؤلفة سلسلة هارى بوتر الشهيرة المثال الأبرز على ذلك؛ بعد أن صرحت لشبكة «سى. إن. إن» الإخبارية عام 2017 أنها استمعت لنصيحة ناشريها فى استخدام الأحرف الأولى من اسمها الكامل، جوان كاثلين رولنج، عند نشر أول كتاب من السلسلة؛ من أجل «جذب القُراء من الفتيان والفتيات على حد سواء».