قرر حزبان تركيان من يمين الوسط الليبرالى فى تركيا الاندماج لمواجهة حزب العدالة والتنمية الحاكم الذى ينتمى أيضا ليمين الوسط لكن له جذورا إسلامية، ويهيمن على الحياة السياسية منذ عام 2002، وذلك بعد سنتين على فشل محاولة أولى مماثلة. إلا المحلل السياسى التركى فايق بولت استبعد فى تصريح ل«الشروق» أن يمثل الكيان الجديد تهديدا انتخابيا للحزب الحاكم؛ «إذ يرفض معظم الأتراك موقف هذين الحزبين المتحفظ من الانفتاح على الخارج حتى بالنسبة للدول العربية». فأثناء مؤتمرين عقدا فى وقت متزامن بالعاصمة أنقرة وحد حزبا الوطن الأم والحزب الديمقراطى ذوى التوجه العلمانى قواهما، لكن تحت راية الحزب الديمقراطى، وزعيمه حسام الدين جندوروك، وفقا لوكالة أنباء الأناضول. وكان الحزبان أعلنا فى عام 2007 اتفاقا للاندماج مع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة فى يوليو من هذا العام، لكن العملية فشلت، وتبادل الحزبان الاتهامات بعدم احترام الاتفاق. وأسفرت هذه الانتخابات عن فوز كاسح لحزب العدالة والتنمية، بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، الذى حصل على ولاية ثانية بغالبية تزيد على 46% من الأصوات، متقدما بفارق كبير عن أقرب منافسيه حزب الشعب الجمهورى، الذى اكتفى بنحو 20.9%. وكان الحزب الديمقراطى نال 5.4% من الأصوات، أى دون ال10% المطلوبة لدخول البرلمان، فيما لم يخض حزب الوطن الأم المنافسة. وفى الأشهر الأخيرة واجه حزب العدالة والتنمية مشكلات اقتصادية تمثلت فى ارتفاع نسبة البطالة إلى 10%. كما وجهت أحزاب المعارضة انتقادات شديدة لخطط أردوغان الرامية إلى توسيع حقوق الأقلية الكردية بهدف إنهاء الحرب مع الانفصاليين الأكراد فى جنوب شرقى البلاد، فضلا عن رفض المعارضة للاتفاق التاريخى الذى جرى توقيعه مع أرمينيا لتطبيع العلاقات، وفتح الحدود تمهيدا لإنهاء نحو قرن من العداء بين البلدين. ومع تصاعد الانتقادات للحزب الحاكم ذهبت تقارير إعلامية تركية الأسبوع الماضى إلى أن رئيس الوزراء ربما يقرر تقديم موعد الانتخابات العامة لمدة عام، إلا أن أردوغان استبعد إجراء الانتخابات قبل موعدها المقرر عام 2011، بقوله فى تصريحات صحفية بمدينة استانبول أمس: «من الآن فصاعدا ستجرى الانتخابات فى الموعد المعلن عنه، ربما يتم تقديمها شهرا أو شهرين، هذه مسألة أخرى». معلقا على الاندماج الجديد، قال المحلل السياسى التركى فايق بولت إن «حزب الوطن الأم يعبر عن أصحاب رءوس أموال كبيرة يرون أن حزب العدالة والتنمية يضيق عليهم مقابل احتوائه لأصحاب رؤوس الأموال من ذوى الأفكار الإسلامية، فيما يعبر الحزب الديمقراطى عن الريف الغاضب من غلاء المعيشة». وأوضح بولت ل«الشروق» أن «الحزبين المندمجين يتبنيان نهجا قوميا محافظا يرفض الانفتاح على الأكرد داخل تركيا وعلى أكراد العراق وعلى أرمينيا وغيرها من دول الجوار، وحتى بالنسبة للدول العربية فهم يدعون إلى علاقات تركية متوازنة مع كل من العرب والإسرائيليين، رافضين علاقات وثيقة مع العرب على حساب إسرائيل». وبوجه عام، بحسب المحلل التركى، فإن «مساحة التأييد لهذين الحزبين محدودة فى الشارع التركى، ولكون حزب الحركة القومية يعبر أيضا عن نفسه، فمن المستبعد أن يمثل الكيان الجديد تهديدا انتخابيا على حزب العدالة والتنمية الحاكم».