حالة حزن عامة سادت شوارع مدينة طنطا؛ على خلفية رحيل الدكتور محمد مشالى المعروف شعبيا وإعلاميا ب«طبيب الغلابة»، ربما لم يستطع كل محبيه توديعه إلى مثواه الأخير بسبب وباء كورونا وإجراء مراسم الدفن فى مسقط رأسه بمحافظة البحيرة، ولكن استطاعت الشروق التواجد فى محيط عيادته لرصد رسائل الوداع. «الناس الغلابة اللى بييجوا يسألوا عليه كل شوية صعبانين عليا قوى».. بعيون لم تستطع حبس الدموع قالها محمد الرملاوى، صاحب محل الأجهزة الكهربائية أسفل عيادة الدكتور محمد مشالى. واصفا خبر رحيل طبيب الغلابة ب«أسوأ الأخبار التى سمعها فى حياته»؛ نظرا لكونه لم يغلق عيادته حتى فى الأعياد والمناسبات ويرفض قضاء أى وقت مع العائلة على حساب المرضى. وحسب حديث جار الدكتور محمد مشالى إلى «الشروق» لم يكن مرضى الراحل من الفقراء فقط، بل كان يأتيه ممن يستقلون سيارات فارهة، موضحا: «لأنهم لا يشعرون بالراحة إلا له ولا تتحسن حالاتهم إلا على روشتته، الراجل اللى مش هيتعوض تانى مات»، بحسب تعبيره. اسم الدكتور مشالى، كان كفيلا بإيقاظ عاصفة تعاطف ومدح من الكثيرين، فبائع الخبز «محمود عطية» والذى رفع صورة الطبيب الراحل أعلى دراجته التى يتجول بها، قال للشروق، إن الطبيب الراحل «كان دايما حامل هم الغلابة». كما أكد حسن الأسيوطى، مالك المنزل الذى استأجر منه الطبيب الراحل عيادته، أن «مشالى» يستقبل المرضى منذ 50 عاما، متابعا: «أنا من ساعة ما سمعت الخبر وأنا ببكى، ومانمتش». وذكر مالك المنزل أن الدكتور «مشالى»، كان حريصا على تنظيف مدخل العمارة بنفسه رغم كبر السن، مختتما حديثه: «والدى الله يرحمه قبل ما يموت وصانا مانزعلش الدكتور محمد مشالى أبدا، وكان دايما بيتبادلوا الكتب». وقيمة ال15 جنيها التى حددها الطبيب كسعر للكشف، كانت الرقم الأعلى الذى تم رصده؛ فقال أحمد جمال، التاجر بالمنطقة، إن الراحل «كان طبيبا فى غاية الاحترام والعطف»، مشيرا إلى أنه وقع الكشف الطبى عليه منذ سنوات، بقيمة جنيهين فقط. وأضافت منال، إحدى المسئولات عن صيدلية أسفل عيادة طبيب الغلابة: «كان الراحل شديد الطيبة والاحترام»، متابعة: «الناس كانت بتجيله من كل حتة وبترتاح له؛ عشان كشفه حنين وهو كان حنين على الغلابة». واختتمت الحديث منى إبراهيم، إحدى المواطنات التى كانت دائما ما تجرى الفحص الطبى فى عيادة الطبيب محمد مشالى: «روحت لدكاترة كتير معروفين وقيمة الكشف عندهم غالية، ومارتاحتش غير مع «مشالى»، متابعة حديثها بنبرة شديدة الحزن: «مش هنعرف نعوضه تانى». عاصفة المحبة التى رصدتها الشروق فى مديح طبيب الغلابة، لم تنته عند هذا القدر، فأثناء جولتنا فى محيط العيادة كان أغلب المارة يسألون عن صحة نبأ الوفاة؟ وهل حقا انتهت مسيرة الدكتور مشالى؟ ولكن حتما لن تنتهى سيرته أو ينفذ رصيده. وقد نعاه مجلس الوزراء، فى اجتماعه أمس، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى، الذى قال: «سيظل الدكتور محمد مشالى حاضرا رغم المغيب، سيظل قدوة ونموذجا لشباب الأطباء، وعلامة مضيئة فى سجل أبناء هذا الوطن، الذين ضحوا بكل غال ونفيس من أجل خدمة وطنهم، وأبنائه، فقد كان رحمه الله نسيجا وحده فى الإنسانية والإيثار، وهب طوال مسيرة حياته كل ما يملك لمساعدة الفقراء، وبادلوه مكانة فى قلوبهم مرصعة بالحب والعرفان والتقدير. وأضاف: «لقد كان الدكتور مشالى راهبا فى محراب عيادته، يؤدى يوميا فروض العطاء لمرضاه، لم يتأخر يوما عن طالبيه، سعيدا بخدمتهم دون مطلب أو مأرب، مسخرا جهده ووقته وماله من أجل علاج من لجأ إليه، أو طلب معونته». ودعا مدبولى شباب الأطباء أن «يهتدوا بمسيرة الراحل الكريم، ويخلدوا أسماءهم بأحرف من نور فى ذاكرة وطن لا ينسى من كان خدوما لأبنائه». وأشاد مدبولى بالخطوات التى اتخذها عدد من المسئولين لإطلاق اسم الدكتور محمد مشالى على عدد من المنشآت. Related Items - 1