الإحساس بالوهن وفتور الهمة، الشعور بالإرهاق لأقل جهد، الرغبة فى الخلود للراحة كلها سمات قد يتصور البعض أنها طبيعية مع التقدم فى العمر وأنها مرادفات تقترن بالشيخوخة. الواقع أن الألم لا يلتفت إلى تلك المقولة إنما يلفت النظر لأمر آخر قد يغيب عن الأذهان: الأنيميا أو فقر الدم. فقر الدم أو تدنى مستوى الهيمجلوبين ونقص الحديد فى الخلايا الحمراء إحدى مشكلات مرحلة الشيخوخة المهمة التى تبدو بسيطة وإن كانت بساطة السهل الممتنع. إذ إنها أحد الأسباب المهمة التى قد تعجل بوفاة الإنسان. من المعروف أن فاعلية خلايا الدم الحمراء فى نقل الأكسجين النقى من الرئة إلى كل أعضاء الجسم وأنسجته إنما تعتمد على وجود مادة الهيمجلوبين داخل الخلايا الحمراء بنسبة طبيعية تسمح باستيعاب كمية الأكسجين فى سهولة ويسر ثم مدى كفاءة عمل الهيمجلوبين الذى يعتمد على سلامة تركيبه، أخيرا عدم وجود أى مركبات كيميائية تنافس الأكسجين فى شكل مكانه على الهيمجلوبين. اختبار الأنيميا قد يبدو أمرا سهلا يقتضى إجراء تحليل دم بسيط يمكن من خلاله التعرف على صورة كاملة للدم تشمل خلايا الدم البيضاء عددها وأنواعها، خلايا الدم الحمراء ونسبة الهيمجلوبين فيها ثم الصفائح الدموية وعددها. يمكن تشخيص حالة الأنيميا حينما يسجل التحليل قياسا للهيمجلوبين لدى الرجل أقل من 13 جراما/ ديسى لتر أو 12 جراما لدى المرأة. الواقع أن الأمر لا يقف عند تلك الحدود فى مرحلة الشيخوخة أو التقدم فى العمر. نوع الهيمجلوبين وقدر الحديد فيه يعد حجر الزاوية فى موضوع الأنيميا أو فقر الدم لدى كبار السن. صورة كاملة للدم أحد التحليلات المهمة والمفيدة التى تشير إلى وجود الأنيميا الأمر الذى يمكن تصحيحه بتعريض كمية الحديد الناقصة أو قد يحتاج للمزيد من الأبحاث التى قد تظهر أن ما نراه هو من جبل الجليد فقط بينما الجزء الأكبر منه يغوص فى الأعمال. قد تكون الأنيميا مجرد عرض لمرض خطير يسكن الجسد ينال من حيويته ويعوق نشاطه البدنى. مشكلة فقر الدم تطال الصغار والكبار من الجنسين بصورة متساوية لكن خطورتها لدى كبار السن غالبا ما تظهر فى كونها سببا يعجل بوفاة كبار السن، الأمر الذى حرصت هيئة الصحة العالمية على التأكيد عليه. نقص الحديد فى مرحلة الشيخوخة يرجع أساسا لسوء التغذية فأغلب المسنين يكتفون بوجبات متفرقة غالبا ما تفتقد للعناصر الغذائية السليمة. قد يكون ذلك بسبب الفقر أو الحياة فى وحدة لا تسمح بمساحة من الاهتمام بنوعيه ما يأكلون. يمتص الحديد من الأعداد بمعاونة بروتين يسهل امتصاصه من مصادره الحيوانية كاللحوم ومنتجات الألبان لكن غياب الحديد فى وجبات المسنين أمر يحتاج للمراجعة بالإضافة للأطعمة الغنية بفيتامين ب (ب12، حمض الفوليك) الذى يدخل بصورة فعالة فى تصحيح حالات فقر الدم. تتعقد الأمور حينما تبدأ الدائرة المفرغة فتكون الأنيميا أو فقر الدم نتيجة لمرض مثل الفشل الكلوى أو الالتهابات المزمنة أو الأورام أو فشل ألم بنخاع العظم الذى يعد مخزنا للخلايا الحمراء يلجأ إليه الجسم عند الحاجة. هنا يبدو علاج الأنيميا أمرا يستوجب علاج المرض المسبب لها والذى قد يبدو أمرا عصيا معقدا لذا تستمر الأنيميا مشكلة بلا حل. أهم مصادر الحديد: اللحوم والدجاج والأسماك والفواكه المجففة والبقول إلى جانب تناول الخضراوات خاصة داكنة الخضرة (السبانخ، الخبيزة، الملوخية، البروكلى). هناك بعض العادات التى يمارسها الإنسان لمجرد أنه قد تعودها كشرب الشاى مباشرة بعد الأكل. الواقع أن الشاى يعرقل امتصاص الحديد فيفقده الجسم بسهولة ولا يستطيع تعويضه. الاهتمام بغذاء كامل لا ينقص أحد العناصر الهامة مثل الحديد أمر يجب الالتفات إليه فى شتاء العمر ليحتفظ الإنسان بدفء داخلى يعينه على مواجهة أيام كثيرة قادمة.