فتوى قضائية تفتح الباب أمام "القابضة للطيران" لتحميل محاميين ثبت تقاعسهم قيمة حكم تعويض على الشركة بمائة ألف جنيه أصدرت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، برئاسة المستشار يسري الشيخ، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، فتوى قضائية انتهت فيها إلى أن منح الشركة القابضة لمصر للطيران الحق في تحديد مقدار الضرر الذي لحق بها جراء خطأ محاميين بالإدارة القانونية فيها تقاعسا عن متابعة دعوى تعويض مقامة على الشركة، كذا أحقية الشركة في اتخاذ إجراءات تحميلهما بمقدار ذلك الضرر، ونسبة كلٍّ منهما في تحمله، على أن يكون ذلك كله تحت رقابة القضاء. صدرت الفتوى ردا على الطلب المقدم من ووير الطيران المدني والذي طلب فيه إبداء الرأي في مدى جواز تحميل رئيس قسم المندوبين القضائيين بالشركة القابضة لمصر للطيران، ومحامي آخر بقطاع الشئون القانونية بالشركة القابضة لمصر للطيران وسابقًا محام بالإدارة القانونية بشركة مصر للطيران للخدمات الجوية، بقيمة الأضرار المالية التي لحقت الشركة نتيجة إهمالهما في أداء عملهما. وذكر الطلب أن محكمة الأقصر الابتدائية قضت في نوفمبر 2014 في دعوى تعويض ضد الممثل القانوني لشركة مصر للطيران (بصفته)، بأن يؤدي إلى مقيم الدعوى مبلغًا قدره مائة ألف جنيه كتعويض مادي وأدبي جابر للضرر، وذلك تأسيسًا على ما ثبت للمحكمة من توافر ركن الخطأ في جانب الشركة المدعى عليها بامتناعها عن تعيين المدعي للعمل بها ضمن نسبة (5%) المخصصة للمعوقين، على الرغم من استيفائه لشروط الإعاقة ووروده في كشف المعوقين المؤهلين للتعيين ضمن النسبة المشار إليها، وقد ألحق هذا الخطأ ضررًا ماديًّا وأدبيًّا بالمدعي قدرته المحكمة بمبلغ مائة ألف جنيه. وأضاف الطلب أن هذا الحكم أضحى باتًّا بعدم الطعن عليه خلال الميعاد المقرر قانونًا لذلك، وترتيبًا على ذلك أقامت النيابة الإدارية دعويان ضد محاميا الشركة أمام المحكمة التأديبية، اتهمت الأول بأنه أهمل وتراخى في ترحيل الملف الخاص بدعوى التعويض المشار إليها بالأجندة العامة للقضايا بالإدارة مما ترتب عليه فوات ميعاد الاستئناف في الدعوى وصيرورة الحكم الصادر ضد الشركة واتهمت المحامي الثاني بأنه أهمل في مباشرة الدعوى بعدم إثبات ترحيلات الجلسات على الملف وعدم تكليف مندوب الإدارة بإحضار بيان الجلسات المؤجلة حتى صدور الحكم، كما قعد عن إقامة الاستئناف في الحكم الصادر في الدعوى خلال المواعيد المقررة، مما أدى إلى أضرار مالية بلغت مائة ألف جنيه. وأوضح الطلب أن المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها قضت بمجازاة المحامي الأول بخصم يوم من أجره، وبمجازاة المحامي الثاني بخصم ثلاثة أيام من أجره، وذلك تأسيسًا على ثبوت المخالفة المنسوبة إلى كل منهما على نحو يشكل جرمًا تأديبيًّا قوامه الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي بعدم أدائه العمل المنوط به بدقة مما يشكل ذنبًا تأديبيًّا يستوجب معاقبته، وتأيّد هذا الحكم بقضاء المحكمة الإدارية العليا برفض الطعنين المقامين منهما، وأعد قطاع الشئون القانونية بالشركة القابضة لمصر الطيران مذكرة للعرض على رئيس مجلس إدارة الشركة بشأن عدم تناسب الجزاء الموقع على المعروضة حالتهما مع مقدار الإهمال الجسيم المنسوب إليهما وما ترتب عليه من لحوق أضرار مالية كبيرة بالشركة، والنظر نحو الموافقة على تحميلهما بقيمة تلك الأضرار، الأمر الذي حدا بالوزارة إلى طلب الرأي بشأن مدى جواز تحميلهما بتلك الأضرار. وقالت الجمعية العمومية في حيثيات فتواها إن الخطأ الذى يتحمله المرفق دون العامل هو خطأ المرفق ذاته فى حالة ما إذا كان الضرر مجهول المصدر أو وقع نتيجة سوء تنظيم المرفق وإدارته، وكذلك الخطأ المرفقى الذي يكون معه خطأ العامل غير جسيم، وينم عن موظف عرضة للخطأ والصواب، أما الخطأ الشخصى الذى يسأل عنه العامل مدنيًّا فى ماله الخاص فهو خطأ منفصل عن المرفق يكشف عن الإنسان بضعفه وشهواته ونزواته، ومن صوره الخطأ الجسيم الذى يكشف عن الإهمال الشديد وعدم الاكتراث بعواقب الأمور، وتُقدر جسامة الخطأ فى هذه الحالة بمراعاة كافة الظروف والأوضاع التى تحيط بالعام. وأوضحت الفتوى أنه في مجال المسئولية التقصيرية عن الخطأ فإن هذه المسئولية تقوم على أركان ثلاثة، هي: الخطأ والضرر وعلاقة السببية، ومتى تحقق الخطأ وسبب الضرر وجب التعويض عن هذا الخطأ، لافتة إلى أن الخطأ هو واقعة مجردة قائمة بذاتها، متى تحققت أوجبت مسئولية مرتكبها عن تعويض الضرر الناشئ عنها. وأكدت الفتوى أن الثابت من الأوراق أن المخالفة المنسوبة إلى كل من المحاميين ثابتة في حقه ثبوتًا يقينيًّا باتًّا، فضلًا عن اعتبارها من قبيل الخطأ الشخصي لكل منهما، أخذًا في الاعتبار أن لائحة التحقيق والتأديب الخاصة بالعاملين بالشركة القابضة لمصر الطيران قد اعتنقت التفرقة بين الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي وفقًا لجسامة الخطأ الذي ارتكبه العامل، وجعلت من بين صور الخطأ الشخصي الخطأ الجسيم، وهو ما توافر في الحالة الماثلة نظرًا لما شاب مسلك المعروضة حالته الأول من إهمال جسيم في أداء واجباته الوظيفية التي تقتضي منه ترحيل جلسات الدعاوى المقامة من الشركة أو ضدها في الأجندة العامة للقضايا بالإدارة القانونية، وذلك حتى يتسنى اتخاذ اللازم حيالها من قبل أعضاء الإدارة القانونية بصدد قيامهم بممارسة حق الدفاع عن الشركة سواء بإعداد المذكرات وتقديم المستندات وإبداء الدفوع وأوجه الدفاع، أو الطعن في الأحكام القضائية خلال المواعيد المقررة إذا كان لذلك مقتضٍ. وتابعت الفتوى: "فضلًا عما اعترى مسلك المعروضة حالته الثاني من إهمال جسيم في أداء واجباته الوظيفية المقررة بقانون مديري وأعضاء الإدارات القانونية، في صدد مباشرته لدعوى التعويض الصادر فيها الحكم بالتزامه بمتابعة سير الجلسات في الدعوى وتأجيلاتها، والتثبت من وجود مواعيد قد يترتب على إغفالها وقوع ضرر كبير كسقوط حق الطعن في الحكم، وإعداد مذكرة برأيه من حيث ملاءمة الطعن في الحكم الصادر ضد الشركة وعرضها على مدير الإدارة القانونية قبل انقضاء ميعاد الطعن بوقت مناسب مع بيان آخر ميعاد للطعن، الأمر الذي تضحى معه الأخطاء المنسوبة إلى المعروضة حالتاهما – على نحو ما سلف بيانه – من الأخطاء الجسيمة التي لم تكن لتصدر عنهما حال التزام كل منهما بأداء عمله بالدقة والأمانة التي يسلكها الشخص المعتاد في أداء عمله."