في دراسة فريدة من نوعها، توصل باحثون في علم المناعة، إلى أن بعض أشكال نزلات البرد الشائعة قد تساعد في تحقيق الحماية من الإصابة بفيروس كورونا المستجد. وبحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، يمكن أن تستمر مناعة الأشخاص المصابين بنزلات برد، ضد الإصابة بكورونا حتى 17 عاما، حيث قال الباحثون إن المرضى الذين سبق لهم الإصابة بنزلات البرد بسبب فيروسات تتعلق بكورونا، وتسمى "فيروس كورونا بيتا"، قد يكون لديهم مناعة ضد كورونا أو يعانون منه بشكل أخف. ووجد الباحثون الآن دليلا على أن بعض أنواع المناعة قد تستمر في الوقاية من الفيروسات لسنوات عديدة بسبب خلايا تائية، والمعروفة بذاكرة الجسم التي تشكلت من هجمات الفيروسات السابقة ذات التركيب الجيني المماثل، حتى بين الأشخاص الذين لم يتعرضوا للإصابة بفيروس كورونا المستجد أو السارس. والخلايا التائية هي نوع من خلايا الدم البيضاء وتشكل جزءا من خط الدفاع الثاني للجهاز المناعي ضد أي هجوم فيروسي، حيث تبدأ في الظهور بعد أسبوع تقريبا من الإصابة، ويعتقد الباحثون منذ فترة طويلة أنها توفر حماية دائمة من الفيروسات وعلى هذا النحو يطلق عليها "خلايا الذاكرة". وتسبب "فيروسات كورونا بيتا"، وخاصة فيروس OC43 وHKU1، نزلات البرد الشائعة، ولكن أيضا يمكنها التحول إلى التهابات شديدة في الصدر للمرضى كبار السن والأصغر سنا. هذه الفيروسات تشترك في العديد من السمات الجينية مع الفيروسات التاجية، مثل كورونا والسارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، والتي تنتقل جميعها من الحيوانات إلى البشر. ويعتقد الباحثون أن الفيروسات التاجية تسبب ما يصل إلى 30% من نزلات البرد، فيما لا يُعرف على وجه التحديد النسبة التي تسببها أنواع فيروسات كورونا بيتا. وقدمت أحدث دراسة، بقيادة عالم المناعة، الأستاذ أنطونيو بيرتوليتي وزملائه من كلية الطب Duke-NUS، في سنغافورة، بعض النتائج الجيدة حول الدور المحتمل للخلايا التائية في محاربة فيروس كورونا. لكن على الرغم من ذلك، قال الباحثون إنه يجب إثبات التأثير الوقائي لهذه الخلايا ضد كورونا بإجراء مزيد من التجارب، بينما يقول الأطباء إن المرضى الذين تعافوا من فيروس الرئة القاتل، والمعروف بالسارس، في عام 2003 أظهروا استجابات مناعية للبروتينات الرئيسية الموجودة في فيروس كورونا. وقال الباحثون إن هذه النتائج تظهر أن الخلايا التائية، المتعلقة بالذاكرة الخاصة بالفيروس الناجم عن عدوى فيروس بيتا كورون، هي طويلة الأمد، وبالتالي يدعم فكرة أن مرضى كورونا سيطورون مناعة طويلة الأمد من الخلايا التائية. وأشاروا إلى أن النتائج التي توصلوا إليها تثير إمكانية أن الإصابة بالفيروسات ذات الصلة يمكن أن تحمي أو تعدل الأمراض التي تسببها سلالة فيروس سارس المسبب لكورونا. وأجريت الدراسة على عينات دم أخذت من 24 مريضا تعافوا من كورونا، و23 ممن أصيبوا بمرض السارس، و18 لم يتعرضوا أبدا لأي من الفيروسات السابقة. والأكثر إثارة للدهشة، وفقا للباحثين، هو أن نصف المشاركين الذين لم يتعرضوا لأي إصابة بسارس أو كورونا، امتلكوا خلايا تائية أظهرت استجابة مناعية لفيروسات كورونا بيتا الحيوانية، ما يعني أن مناعة المرضى تم تطويرها بعد التعرض لنزلات البرد الشائعة الناجمة عن فيروسات كورونا بيتا أو ربما من مسببات أمراض أخرى غير معروفة حتى الآن. وتأتي هذه النتائج بعد أن وجد خبراء أمريكيين من معهد لاجولا لعلم المناعة في كاليفورنيا الشهر الماضي، نتائج مماثلة، تقول إن الذين أصيبوا بنزلات برد من قبل لديهم خلايا يمكنها مهاجمة فيروس كورونا المستجد.