فتح الحكم بالحبس سنة غيابيا على الكاتب الصحفى الكبير سلامة أحمد سلامة، رئيس مجلس تحرير «الشروق» وصابر مشهور مسئول وحدة الحوادث بالجريدة بتهمة التأثير على سير التحقيقات فى قضية الرشوة بالمشروع القومى للإسكان المتداولة أمام محكمة جنايات القاهرة الجدل مرة أخرى بشأن الإصرار على حبس الصحفيين فى قضايا الرأى. وأكد صحفيون بارزون أن شبح حبس الصحفيين لا يزال مفتوحا رغم نشرهم أخبارا صحيحة، حيث إن القانون يحوى العديد من المواد التى تجيز حبس الصحفى، ومنها حبسه بتهمة التأثير على سير التحقيق، وهى الواقعة التى صدر الحكم بشأنها على صحفيى «الشروق»، حيث نشرت الصحيفة خبرا عن اعتزام نيابة أمن الدولة إحالة المتهمين لمحكمة الجنايات، وهو ما حدث فعلا، فاعتبر أحد المتهمين أن النشر كان له تأثير على سير التحقيقات. وقال إبراهيم منصور، رئيس التحرير التنفيذى لجريدة الدستور، إن الحكم بالحبس يفتح من جديد ملف حبس الصحفيين الذى أغفلته النقابة فى مجلسها الجديد منذ انتخابه ولم يُطرح من قبل أى من أعضاء المجلس فى دورته الحالية ولا من قبل نقيب الصحفيين، وهذا يقتضى مساءلة أعضاء مجلس نقابة الصحفيين والنقيب عن سبب عدم فتح هذا الملف الخطير فى الدورة الحالية للمجلس. وأوضح منصور أن مصر من بين 13 دولة فى المنطقة ما زالت تشريعاتها تصر على حبس الصحفيين، واستمرار العمل بالمواد التى تحبس الصحفيين فى قانون العقوبات هو دليل على وجود من يتربص بحرية الصحافة، فنحن مع محاسبة الصحفى إذا أخطأ وتغليظ العقوبات المالية ضده ولكن ضد حبسه. وأكد أن قانون العقوبات بوضعه الحالى به مواد تعاقب حتى على نشر الأخبار الصحيحة، وفى ظل ضبابية المعلومات التى نعيشها نجد أن تلك المواد تقوم بدور كبير فى تقديم أى صحفى للمحاكمة وحبسه حتى إن كان ما نشره صحيحا، وتساءل منصور عن سبب تأخير تنفيذ وعد الرئيس منذ عام 2004 بإلغاء حبس الصحفيين. وقال أنور الهوارى رئيس تحرير مجلة الأهرام الاقتصادى، إن قانون العقوبات عبارة عن مخزن للأسلحة المضادة لحرية الصحافة بما لا يتواكب مع العصر وما نعترف من حرية فى مصر حاليا، والمشكلة سببها أن قانون العقوبات موجود به مواد يعود بعضها إلى عام 1882 مع دخول الإنجليز مصر وإعلان الحماية والأحكام العرفية وكذلك وضعت مواد عام 1914 مع بداية الحرب العالمية الأولى واعتمدت تلك المواد على تراث الليبرالية البريطانية وأعقبتها ثورة يوليو وأضافت مواد عام 1954 وعام 1956 وقصدت تلك المواد وقت وضعها تكميم الصحافة ومنع نشر الحقائق، وبعد ذلك أضيفت أسوأ المواد التى تعاقب الصحفيين. وأوضح أن المشكلة الحقيقية ليست فى النظام القضائى فى مصر لأن القاضى يحكم بالمواد المنصوص عليها فى قانون العقوبات، وليست المشكلة أيضا فى الحرية الصحفية، فمساحة الحرية فى مصر حاليا اتسعت والكل يعترف بذلك ولا ينكره، ولكن المشكلة فى المواد المتراكمة فى قانون العقوبات وعفى عليها الزمن، والحل فى تنقية القانون من تلك المواد، والمؤسسة الوحيدة التى تملك فرز القانون وتنقيته من تلك المواد هى البرلمان، ومن يظن أنه بالاحتجاج أو بالمظاهرات يستطيع تعديل القانون فهو كالمريض بالكبد يجلس آخر يبكى بجواره حتى يموت بدلا من أن يذهب لمن يساعده فى زرع كبد لهذا المريض.