30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 11 أكتوبر 2025    أسعار الأسماك والخضروات اليوم السبت 11 أكتوبر 2025    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 11 كتوبر 2025    بحضور صيني روسي، كوريا الشمالية تستعرض "أقوى الأسلحة النووية" على الساحة (فيديو)    الولايات المتحدة تعلن استعدادها لخوض حرب تجارية مع الصين    ترامب يسخر من منح جائزة نوبل للسلام للمعارضة الفنزويلية    أرض متفحمة ورائحة دم، صور توثق ماذا وجد أهالي غزة بعد عودتهم إلى شمال غزة    وسائل إعلام لبنانية: تحليق مكثف للطيران المسير الإسرائيلي فوق مناطق جنوبي البلاد    علماء أعصاب بجامعة داونستيت بولاية نيويورك يقاضون "آبل" بسبب الذكاء الاصطناعي    بديو "هو دا بقى" تامر حسني وعفرتو وكريم أسامة يشعلان الساحل الشمالي (صور)    ثالوث السرعة والبساطة ولفت الانتباه.. كلمات الأغاني بأمر التريند    منة شلبي طاردتها بأربعة أفلام.. هند صبري نجمة الربع قرن    تراجع عيار 21 الآن بالمصنعية.. تحديث سعر الذهب اليوم السبت 11-10-2025    انخفاض كبير تخطى 1000 جنيه.. سعر طن الحديد والأسمنت اليوم السبت 11-10-2025    3 ساعات حرِجة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم وتُحذر من ظاهرة جوية «مؤثرة»    النيابة العامة تباشر التحقيق في واقعة وفاة 3 أطفال داخل بانيو ب المنوفية    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    يصل إلى 8 جنيهات، ارتفاع أسعار جميع أنواع الزيت اليوم في الأسواق    حريق يثير الذعر فى المتراس بالإسكندرية والحماية المدنية تتمكن من إخماده    حرب أكتوبر| اللواء صالح الحسيني: «الاستنزاف» بداية النصر الحقيقية    بعد اتهامه بالتعسف مع اللاعبين، أول تعليق من مدرب فرنسا على إصابة كيليان مبابي    بعد رحيله عن الأهلي.. رسميًا الزوراء العراقي يعين عماد النحاس مدربًا للفريق    بالأسماء، نقابة أطباء أسوان الفرعية تحسم نتيجة التجديد النصفي    النيل.. النهر الذي خط قصة مصر على أرضها وسطر حكاية البقاء منذ فجر التاريخ    أطباء يفضحون وهم علاج الأكسجين| «Smart Mat» مُعجزة تنقذ أقدام مرضى السكري من البتر    «الوزراء» يوافق على إنشاء جامعتين ب«العاصمة الإدارية» ومجمع مدارس أزهرية بالقاهرة    أولياء أمور يطالبون بدرجات حافز فنى للرسم والنحت    تصفيات كأس العالم 2026| مبابي يقود فرنسا للفوز بثلاثية على أذربيجان    استعداداً لمواجهة البحرين.. منتخب مصر الثاني يواصل تدريباته    محمد سامي ل مي عمر: «بعت ساعة عشان أكمل ثمن العربية» (صور)    مصطفى كامل يطلب الدعاء لوالدته بعد وعكة صحية ويحذر من صلاحية الأدوية    الموسيقار حسن دنيا يهاجم محمد رمضان وأغاني المهرجانات: «الفن فقد رسالته وتحول إلى ضجيج»    موسم «حصاد الخير» إنتاج وفير لمحصول الأرز بالشرقية    بالأسماء.. إعلان انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء في القليوبية    عمرو أديب: شيء ضخم جدا هيحصل عندنا.. قيادات ورؤساء مش بس ترامب    مع برودة الطقس.. هل فيتامين سي يحميك من البرد أم الأمر مجرد خرافة؟    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    وصفة من قلب لندن.. طريقة تحضير «الإنجلش كيك» الكلاسيكية في المنزل    بمشاركة جراديشار.. سلوفينيا تتعادل ضد كوسوفو سلبيا في تصفيات كأس العالم    13 ميدالية حصاد الناشئين ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    15 أكتوبر.. محاكمة أوتاكا طليق هدير عبدالرازق بتهمة نشر فيديوهات خادشة    من المسرح إلى اليوتيوب.. رحلة "دارك شوكليت" بين فصول السنة ومشاعر الصداقة    التصريح بدفن طالب دهسه قطار بالبدرشين    غادة عبد الرحيم تهنئ أسرة الشهيد محمد مبروك بزفاف كريمته    د. أشرف صبحي يوقع مذكرة تفاهم بين «الأنوكا» و«الأوكسا» والاتحاد الإفريقي السياسي    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب يعتزم عقد قمة مع دول عربية وأوروبية خلال زيارته لمصر.. الخطوات التنفيذية لاتفاق شرم الشيخ لوقف حرب غزة.. وانفجار بمصنع ذخيرة بولاية تينيسى الأمريكية    وزارة الشباب والرياضة| برنامج «المبادرات الشبابية» يرسخ تكافؤ الفرص بالمحافظات    العراق: سنوقع قريبا فى بغداد مسودة الإتفاق الإطارى مع تركيا لإدارة المياه    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    تفاصيل طعن مضيفة الطيران التونسية على حكم حبسها بتهمة قتل نجلتها    انطلاق بطولة السفير الكوري للتايكوندو في استاد القاهرة    جنوب سيناء.. صيانة دورية تقطع الكهرباء عن رأس سدر اليوم    جلسة تصوير عائلية لنجل هانى رمزى وعروسه قبل الزفاف بصحبة الأسرة (صور)    فوز أربعة مرشحين في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية وسط إشراف قضائي كامل    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كورونا والبحث الاجتماعى والعولمة
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 05 - 2020

كشفت كورونا، هذه الجائحة الوبائية القاتلة، عجز الدول الكبرى المتقدمة فى العلوم والتكنولوجيا والصناعات الإلكترونية والعسكرية فى إعطاء تفسير علمى لأسباب هذا الوباء الذى ينتقل من قارة إلى أخرى دون أن يفرق بين دولة متقدمة وأخرى نامية من حيث درجة التخلف أو التقدم. كما كشفت عن هشاشة تلك النظم الرأسمالية المتقدمة، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية، خطورة ما آمنت به من فكر اجتماعى واقتصادى وسياسى واستعمارى لغزو الثقافات والمجتمعات بطرق مشروعة وغير مشروعة عن طريق حروب مسلحة وأخرى اقتصادية وثقافية وافتعال الأسباب العديدة لتحقيقها.
ولعل التسابق الذى حدث منذ الستينيات فى صناعة الأقمار الصناعية وغزو الفضاء واكتشاف أهميتها فى جوانب عديدة لإحكام السيطرة والاستعمار الفكرى والثقافى والاستخباراتى الذى أدى إلى العديد من الاختلالات الاجتماعية وضياع حق الشعوب والأفراد وحرمانها من التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
كل ذلك أدى إلى العديد من القضايا والمشكلات والتحديات أمام دول العالم ليس فقط فى مجالات التفسير العلمى لأسباب هذا الوباء القاتل ومضاعفة البحوث لإيجاد مصل يقى البشرية من الفناء. وإهمال لكل ما يتصل بالبيئة الطبيعية والاجتماعية ومراعاة كل ما يحقق الأمن الاجتماعى والغذائى والاقتصادى، بدلا من تلك الأوضاع المتنافرة والاختلالات الاجتماعية التى أحدثتها نظم العولمة الاقتصادية والثقافية المفرطة فى الظلم الاجتماعى والاقتصادى والتعدى على القيم والثقافة، خاصة مجتمعات الدول النامية.
***
تلك القضايا وغيرها كشفت أمام المجتمع الإنسانى قضايا عديدة لعل أهمها:
أولا: كشفت كورونا أمام الرأى العام الدولى من خلال خطابها الإعلامى المرئى المسموع والمقروء ومضمون وسائل التواصل الاجتماعى وخاصة خطاب أقوى دول العالم الغربى المتقدم تلك النظرة المتعالية والمفرطة فى تحيزها الواضح للطبقة الرأسمالية والفكر الرأسمالى المتطرف والانتهازى، فى مقابل إهدار وإهمال حقوق أفراد الطبقات المهمشة والوسطى خاصة فيما يتصل بنظم التأمينات الاجتماعية والصحية والاقتصادية، لقد أظهر هذا الوباء القاتل مدى إهمال أكثر الدول المتقدمة فى أوروبا الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية كل ما يرتبط بنظم التأمينات الاجتماعية والصحية والاقتصادية.
لقد أحرج هذا الفيروس عدم الاهتمام بصناعة الدواء وتطوير البحث العلمى فى المجالات الصحية والطبية، بدلا من التمادى فى صناعة الأسلحة والتطوير فيها وإنفاق الميزانيات المالية الضخمة للسيطرة وتدمير البشر والبيئة، دون وعى بخطورة ما يمكن أن تحدثه تلك الحروب الملوثة للبيئة الطبيعية والمؤدية إلى الدمار فى مقوماتها الطبيعية والبشرية، إلى جانب خطورة ما تحدثه من تكاثر الأوبئة والتلوث والمجاعات والتشرد وازدياد مأساة الإنسان وضياع آمال الأجيال الجديدة فى الدول النامية والفقيرة واستغلال ما تحتويه تلك الدول من ثروات طبيعية وبشرية.
ثانيا: كشفت كورونا عجز الدول الكبرى والمتقدمة فى العلوم والتكنولوجيا والصناعات فى الغرب الأوروبى وخاصة الولايات المتحدة هشاشة نظمها الرأسمالية المفرطة وما آمنت به من فكر استعمارى لغزو الثقافات خاصة بعد الدخول فى عصر العولمة منذ الستينيات من القرن الماضى وبداية التنافس فى مجالات غزو الفضاء واستخدام الأقمار الصناعية فى الحروب النفسية الباردة وما ساعدت فيه من تطوير للصناعات الإلكترونية خاصة صناعة الكمبيوتر وتكنولوجيا جمع المعلومات وأدوات إعادة إنتاجها، ووسائل نشرها، بالعديد من شبكات الاتصال والتواصل وكل ما يحقق إنجاح آليات الاستعمار المسلح بأدوات الغزو الثقافى والفكرى. وكل ما يمكن أن يحقق ويسهل إنجاح آليات الاستعمار المسلح، وأصبحت المعرفة والثقافة أدوات جديدة لتحقيق الأهداف الاستعمارية.
فالحروب الفكرية والثقافية عن طريق الثقافة الاستهلاكية وطرق إنتاج المعرفة ومضمونها المتنوع والموجهة من قبل شركات متعددة الجنسيات وتابعة فى أغلبها للدول الكبرى خاصة للولايات المتحدة الأمريكية، تصوّب إلى العقول الضعيفة فى بنيتها التعليمية والصحية والثقافية لتحقيق مزيد من الصراعات النفسية.
فأصحبت الثقافة الاستهلاكية هى المحرك للاقتصاد وتراكم الأموال والوجهة إلى الدول النامية بهدف إحداث مزيد من الصراعات النفسية والاجتماعية والتى قد تصل إلى حد الصراع المسلح الاقتصادى والسياسى.
وكلها أسلحة حديثة ناعمة تدمر العقل والفكر ولا تختلف فى تأثيرها عن أسلحة الدمار المسلح، فهى تنقل الثقافة بأفكار سطحية وبرامج ترفيهية هدفها الأساسى إبعاد الأفراد عن هويتهم والتفكير فى واقعهم وتوجيه أغلبها إلى الدول النامية وتفرض من خلال إعلانات وبرامج تجارية عالية التكلفة للإغراء على الاستهلاك لمنتجات غربية، بالصورة والألوان المبدعة والكلمات الرنانة المغرضة بهدف فرض رموز ودلالات تبتعد عن الواقع الثقافى والاجتماعى.
كل ذلك أصبح أهم أدوات الاستعمار الثقافى والمروج إلى مزيد من السلوكيات غير المألوفة الداعية لاقتصاديات السوق والعولمة وتُفرض على الشعوب الضعيفة للابتعاد عن القيم الاجتماعية داعية إلى مزيد من الصراعات الاجتماعية والطبيعية والسياسية والاقتصادية.
فأصبحت الثقافة تخضع لقوانين العرض والطلب وتضع المنفعة المادية فى المقام الأول على حساب منفعة الفرد والمجتمع.
ثالثا: كشفت «كورونا» ضرورة الاهتمام بالبحث الاجتماعى خاصة أدواته التحليلية والتفسيرية والمستقبلية والتى لم تنل ما تستحقه من اهتمام الباحثين خاصة فى مراكز البحث العلمى والجامعات، وخاصة فى دول العالم النامى.
ولعل خطورتها أنها لا تولى الاهتمام البحثى بالتحليل والتفسير، إذ تكتفى بالعرض دون التحليل فى السياقات الإنسانية الاجتماعية والقيمية من منطلقاتها التاريخية باعتبارها أساس التنبؤ والتقييم لخطورة ما يمكن أن يحدث فى المستقبل نتيجة لتلك الاختلالات الاجتماعية والإنسانية المتعددة، والتى ضاعفت من بؤس الإنسان وإفقار قدراته الخلاقة وتدعيم النظم الظالمة والمستبدة. وخطورة الاستهتار بالأبعاد الإنسانية وإهدار حقوق الأفراد من خلال ما يروجه الفكر الوصفى، خاصة فى مجالات العلوم الإنسانية، والتى تعزز الفكر القائم على التحليل الإحصائى الكمى تاركة تلك الدراسات التفسيرية والاستشرافية، والتى أكدت التجربة العملية فى الماضى على أهميتها فى تقديم فروض صالحة للتطبيق خاصة فى تلك الحالات الصعبة التى عاشها العالم خلال الحروب العالمية. ويمكن تطبيق فى الظروف المماثلة حيث تتراكم عندها الأسباب والقضايا المتشابكة الوبائية والاجتماعية والاقتصادية والحياتية.
***
لقد كشفت تلك الجائحة Covid 19 ضرورة الالتجاء لتلك الدراسات التحليلية فهى الأكثر قدرة على تقديم التفسيرات الملائمة للمشكلات العديدة، فهى دراسات تبتعد عن هذا التحليل الوضعى الذى يهمل النشاط العقلى للباحث للتنقيب عن أنسب الفروض العلمية لتطبيقها، بدلا من اختيار فروض علمية جاهزة للتطبيق على كل القضايا والمشكلات المشابهة دون الأخذ فى الاعتبار الاختلافات فى البيئة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتباين بين ظروف المجتمعات المختلفة.
هل كان يجب انتظار حدوث تلك الكارثة حتى تكتشف تلك الدول الغربية المتقدمة أهمية ما يحتاجه الفرد من عناية طبية وصحية واجتماعية واقتصادية وبيئية كأهم عنصر من عناصر الثروة البشرية. وتدارك أهمية البحث العلمى القائم على التحليل والتفسير لصياغة السياسات التى تحقق العدل الاجتماعى والاقتصادى بدلا من هذا الإهمال الذى كشفت عنه «كورونا» خاصة فى تلك المجتمعات الأكثر تقدما وأحرجت نظمها أمام الرأى العام الدولى وأظهرت مدى إهمالها لحقوق الإنسان والعدل الاجتماعى وقيم المساواة والديمقراطية فى التعليم والصحة وسيادة القانون وكلها قيم وفلسفات ومدارس فكرية كانت من أهم أسباب تقدمها الفكرى والاجتماعى والاقتصادى والسياسى.
هل كان يجب انتظار هذا الفيروس القاتل حتى تعى خطورة ما تسببه من حروب مدمرة بأسلحة قتالية وفكرية والتى لن تسبب غير الدمار والتشرد والإرهاب والفقر وانتشار الأوبئة التى ستفتك بالجميع.
أستاذة الإعلام – جامعة القاهرة
الاقتباس
أصبحت الثقافة الاستهلاكية هى المحرك للاقتصاد وتراكم الأموال والوجهة إلى الدول النامية بهدف إحداث مزيد من الصراعات النفسية والاجتماعية والتى قد تصل إلى حد الصراع المسلح الاقتصادى والسياسى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.