«أنا ملكة الاستعراض فى غرفتى» «نرقص فننفض عن أجسادنا أوجاعها، نظرات الناس، خلافات مستنزفة، إرهاقا يلى إرهاقا وخذلانا تلو الخذلان، كل ذاك لا ينفضه عنا شىء بقدر ما ينفضه الرقص». «ليس هناك أم مثالية، حتى أن كلمة «مثالية» تبدو ممطوطة جدا ومبالغة» «سميحة ماكنتش تنفعك يا صلاح.. «سميحة» كانت لسه صغيرة على الأكل»
أمهات صغيرات، وبنات مازلن فى مهد الأنوثة، يواجهن الحياة فى مصر بالحكى، والحكى قبل أن يكون سمة إنسانية، قدمت للعالم الحضارة، بكل تاريخها المحكى على المستويين الشعبى الشفهى والأدبى المكتوب؛ هو طريقة للتعبيرعن الذات، عن التجربة الخاصة، والمسكوت عنه فى يومياتنا العادية. «لهذا اخترت أن أحكى» قصصا مشاعرية خاصة بالأنثى المصرية، وهو الكتاب الصادر عن دار الشروق، وشاركت فى كتابة حكاياه، دينا، وإنجى، وعزة، وآية. هن سيدات صغيرات حاملات للتجربة، وكاتبات فى موقع نون، أردن أن يعبرن عن عالم ما خلف الأبواب المغلقة، عبر نشر الحكى باعتباره ثقافة مضادة لثقافة المجتمع التى حصرت دور الأنثى فى مفهوم الثرثرة الفارغة من أى أوجاع ومعنى. وقالت، دينا فرج، مدير موقع نون، التابع لجمعية الفن للتنمية: «أن اهداف موقع نون تتلخص فى خلق مساحة آمنة للسيدات الشابات»، وأنه على مدى 6 سنوات استطاع الموقع أن يخلق مساحة حرة وداعمة نفسيا للمرأة المصرية، دون وصم، أو أحكام، أو تنظير، فى محاولة لتصحيح المسار، واحداث انفراجة معنوية فى الأساس، للتخلص من كل ما يعيق حياة الأنثى المصرية، سواء كانت تجارب خاصة بعلاقتها بالمجتمع أو خاصة بعلاقتها مع ذاتها، مثل (الطلاق، الأمومة، الختان، مصالحة الجسد، الاكتئاب). وعبرت، دينا، خلال الندوة الثقافية، التى نظمتها دار الشروق، واستضافتها مكتبة مصر الجديدة العامة، بمصر الجديدة، الثلاثاء الماضى، عن سعادتها بحفظ انتاج الموقع المكتوب عن طريق إصدارات دار الشروق، حيث صدر عن الدار كتاب «كل البنات حلويين» وكانت تلك التجربة الأولى لتوثيق حكايات البنات عبر الكتب الأدبية، وأضافت أن، الكتاب لاقى ترحيبا كبيرا ودعما نسويا عظيما، وساعد فى نشر أهداف الموقع والمتمثلة فى الوعى بقيمة الحكى، والذى تأكد من خلال التجربة الثانية، حيث قدمن كاتبات الموقع عبر حملات توعوية موجهة للسيدات الشابات عن الرقص، الأكل، الأمومة، رؤية جديدة لكل ما هو اعتيادى يومى يمر دون أن يلحضه أحد؛ فكان كتاب «لهذا اخترت أن أحكى»، توثيقا للفكرة، ودعوة لنشر ثقافة الحكى. وقالت، إنجى إبراهيم، إحدى المشاركات فى كتابة حكايات الكتاب، أن هدف الكتابة فى موقع نون البعد عن التصنيفات المجتمعية، والاهتمام بالسيدة العادية البعيدة عن الأضواء، وأن المرأة المحاربة، البطلة، ليست بالضرورة أن تكون وزيرة أو فنانة، بل إن ست البيت تواجه تحديات كبيرة بشكل يومى، ولا يشعر بها أحد، فى دعوة منها لتسليط الضوء على السيدات المتماهيات مع المجتمع، الحاملات لمسئولية تأسيس العائلة، وتربية الأجيال. أما عزة أبو الأنوار، وهى كاتبة فى موقع نون، واحدى المشاركات فى كتابة الحكايات، أن علاقة المرأة بجسدها من العلاقات التى واجهها موقع نون عن طريق طرح حملات عن التوعية بالرقص، وتخليص الرقص من الأحكام المجتمعية، ووصمه بالخلاعة، ورأت أن الرقص تعبير مقدس عن الحياة ويستخدم فى الرقصات الصوفية، أو تستخدمه بعض الديانات للتعبير عن حرية العلاقة مع كل شىء فى الحياة وليس فقط مع الله، وأضافت، أن الرقص يتم استخدامه فى العلاج من الاكتئاب والمشكلات النفسية التى يسببها الواقع. وعلقت دينا فرج، مدير موقع نون، والمديرة للندوة، أن فك الحصار عن الأنثى المصرية هو هم أهداف الموقع، عبر التخلص من عملية جلد الذات لإرضاء المجتمع. وأشارت إلى، الحصار الواقع على الأم المصرية، والمتمثل فى تحميل الأم مسئوليات فوق طاقاتها وتحويلها لمثال، وهى لا أم مثالية ولا غيرها، هى إنسانة لها احتياجاتها، ولها قوتها وضعفها، ومن حقها التعبير عن تلك القوة وعن هذا الضعف؛ دون وصم من الناس أو من زميلاتها فى نفس النوع. وأضافت أن، اهتمام الموقع لم يعد منصب على المرأة والأم فقط، وأن أخيرا بدأ الموقع بتنظيم ورش حكى للرجال، فى محاولة لمساعدة أركان الأسرة المصرية، حتى لا يتوقف الدعم والتصحيح عند أى حد وإن كانت تلك الحدود هى حدود الأسرة الواحدة. الكتاب يعرض عن طريق لغة متنوعة، عامية، وفصحى، رؤى أنثوية لعلاقات المجتمع والأفكار الشعبية بتشكيل وعى المرأة والمساعدة إما فى تقدمها أو تراجها، إلا أن الكتاب يؤسس لثقافة الحكى بشكل جديد ومعاصر.