الأمن يستخدم قنابل الغاز لوقف تقدم آلاف المحتجين نحو المنطقة الخضراء.. وعبدالمهدى يعد بتعديل وزارى يتجاوز المحاصصة الطائفية السيستانى يحذر من الفوضى ويطالب بحصر السلاح بيد الدولة
قتل 3 متظاهرين فى بغداد وأصيب أكثر من 176 آخرين، اليوم، مع استئناف الحركة الاحتجاجية التى تطالب بالتصدى للفساد وتحسين الأوضاع المعيشية واستقالة الحكومة، فيما حذر رئيس الوزراء العرقى عادل عبدالمهدى من أن انهيار الحكومة سيزج بالعراق فى مزيد من الفوضى، ووعد بإجراء تعديل وزارى يتجاوز المحاصصة الطائفية. وقال عضو المفوضية الحكومية لحقوق الإنسان، على البياتى فى بيان إن «حصيلة الضحايا فى بغداد بلغت حتى الآن شهيدين و67 جريحا وأكثر من 109 حالات اختناق بسبب التدافع والغاز المسيل للدموع». وقال مسئول فى دائرة صحة بغداد: إن «مستشفيات العاصمة استقبلت نحو 100 جريح من المتظاهرين»، موضحا أن «أغلب الاصابات جراء عيارات نارية ومطاطية». وأكد المسئول، الذى طلب عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالتصريح للإعلام، أن «جميع الكوادر الطبية فى حالة استنفار فى جميع المستشفيات»، وفقا لوكالة الأناضول التركية. وفى وقت لاحق أفادت الشرطة العراقية ومصادر طبية بمقتل متظاهر ثالث فى بغداد فى مواجهات مع القوات الأمنية. وصدت القوات الأمنية بوابل من القنابل المسيلة للدموع آلاف المتظاهرين المحتشدين فى وسط بغداد، فى تصعيد جديد مع استئناف الاحتجاجات المناهضة للحكومة التى أسفرت مطلع أكتوبر الحالى عن مقتل أكثر من 150 شخصا، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية. ووضعت جميع القوات الأمنية فى حالة تأهب منذ مساء أمس من قبل حكومة عادل عبدالمهدى التى أكملت اليوم عامها الأول فى الحكم. واستخدمت قوات مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع فى محاولة لصد تقدم المتظاهرين وإبعادهم عن المنطقة الخضراء، التى تضم مقارا حكومية ودبلوماسية، خصوصا السفارة الأمريكية، بحسب ما أفاد مراسلون للوكالة الفرنسية فى المكان. وبالتالى، عاد المتظاهرون إلى ساحة التحرير الرمزية، التى يفصلها عن المنطقة الخضراء جسر الجمهورية. وتوافد فنانون عراقيون لأول مرة للمشاركة فى المظاهرات ببغداد والانضمام إلى الحركة الاحتجاجية، ومع الشرارة الأولى لمظاهرات شهدتها العاصمة بغداد شوهد الفنان العراقى جلال كامل والفنانة سناء عبدالرحمن وسط المتظاهرين فى بادرة لم تعهدها المظاهرات العراقية سابقا. وبحسب وكالة الأنباء العراقية الرسمية «واع» فإن التقديرات الأولية تشير إلى خروج نحو 15 ألف متظاهر فى بغداد. وكانت القوات الأمنية فرقت بخراطيم المياه ليل الخميس الجمعة متظاهرين عند مدخل المنطقة الخضراء. وكان هتاف المتظاهرين موحدا «كلهم حرامية»، داعين إلى إسقاط الحكومة. كما بدأت محافظات فى جنوبالعراق، بتشكيل تجمعات المتظاهرين للمشاركة فى الاحتجاجات المتجددة، إذ شهدت محافظة المثنى تظاهرة قرب بناية الحكومة المحلية وسط محاولات لاقتحام المبنى. من جانب آخر، رفض المتظاهرون فى البصرة استقبال محافظ البصرة وقائد شرطتها ويجبرونهم على التراجع. وعشية المظاهرات، حذر رئيس الوزراء العراقى عادل عبدالمهدى من أن انهيار الحكومة سيزج بالعراق فى مزيد من الفوضى، معلنا عن أنه سيجرى تعديلا وزاريا بعيدا عن مفاهيم المحاصصة الأسبوع المقبل وقال عبدالمهدى فى خطاب متلفز: «سنجرى الأسبوع المقبل تعديلا وزاريا بعيدا عن مفاهيم المحاصصة، بل يركز على الكفاءات وتشكيل محكمة لمواجهة الفساد والكشف عن تضخم أموال المسئولين»، فضلا عن تقليص رواتب الرئاسات العراقية والوزراء والنواب، والدرجات الخاصة ووكلاء الوزارات وحتى الدرجة الرابعة إلى النصف». وأضاف عبدالمهدى أنه «سيتم تعديل قانون الانتخابات وإعادة تشكيل المفوضية العليا للانتخابات» ورأى عبدالمهدى أن «استقالة الحكومة الآن دون البديل الدستورى معناه الدخول فى الفوضى»، لافتا إلى أن المظاهرات الحالية تعكس أزمة منظومة حكومية تتحملها الحكومات السابقة وأن صرخة الشعب صرخة حقيقية». من جهته، حذر المرجع الشيعى الأعلى فى العراق على السيستانى، اليوم، من انزلاق البلد إلى العنف والفوضى خلال الاحتجاجات التى تشهدها العاصمة بغدادوالمحافظاتالجنوبية، جاء ذلك فى خطبة تلاها ممثله عبدالمهدى الكربلائى فى مدينة كربلاء (جنوب). ودعا السيستانى المتظاهرين وقوات الأمن إلى «الالتزام التام بسلمية التظاهرات وعدم السماح بانجرارها إلى استخدام العنف وأعمال الشغب والتخريب». كما دعا السيستانى إلى تحقيق قضائى مستقل فى أحداث العنف التى رافقت الاحتجاجات التى شهدها البلاد مطلع الشهر الحالى. وقال إن نتائج التحقيق الحكومى فيها لم يكشف كل الحقائق، محذرا من جعل البلد ساحة لتصفية حسابات إقليمية ودولية. وطالب السيستانى ب«اتخاذ إجراءات مشددة لحصر السلاح بيد الدولة، والوقوف بحزم امام التدخلات الخارجية فى شئون البلد، وسن قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية ويرغبهم فى المشاركة فيها». وتأتى الموجة الجديدة استئنافا للاحتجاجات التى بدأت مطلع الشهر الحالى فى بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير فرص عمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظاتجنوبية ذات أكثرية شيعية، وتستمر لمدة أسبوع. ولاحقا رفع المتظاهرون سقف مطالبهم، ودعوا لاستقالة الحكومة، إثر لجوء قوات الأمن للعنف واستخدام الرصاص الحى ضد المحتجين، ما أسفر عن مقتل 149 محتجا و8 من أفراد الأمن. ويعانى العراق الذى أنهكته الحروب، انقطاعا مزمنا للتيار الكهربائى ومياه الشرب منذ سنوات، ويحتل المرتبة 12 فى لائحة الدول الأكثر فسادا فى العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية. وتشير تقارير رسمية إلى انه منذ سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين عام 2003، اختفى نحو 450 مليار دولار من الأموال العامة، أى أربعة أضعاف ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الناتج المحلى الإجمالى للعراق.