حصل اللاجئ السوري "نور"، 17 عامًا، على منحة دراسية مرموقة في مدرسة داخلية بمدينة ويلز في المملكة المتحدة، وذلك عقب هروبه من الحرب وغارات القوات الجوية على مسقط رأسه بسوريا في مدينة المعضمية؛ ما جعله بمثابة الأمل لحوالي 2.5 مليون طفل سوري منتشرين في جميع أنحاء العالم للسير على خطاه؛ وذلك وفقا لما نشرته صحيفة "الإنديبندنت" البريطانية. فقد "نور" والديه في سن ال10 سنوات، حيث قُتلت والدته في غارة جوية استهدفت الحي، وقابل والده نفس المصير في شهر واحد، وتولى رعايته شقيقه الأكبر قبل أن يُقتل هو الآخر بعد عام، ولم تتمكن شقيقتاه المتزوجتين من رعايته، فقررتا إرساله إلى دار للأيتام، إلى أن تدخل ابن عمه وأحضره إلى لبنان. انضم "نور" إلى صفوف اللاجئين الأيتام بوادي البقاع اللبناني بعد هروبه، ضمن أكثر من 100 ألف لاجئ يتيم بمعسكرات الوادي، واضطر للعمل بوظيفتين من أجل البقاء، وكان يرغب في الذهاب للمدرسة، إلا أن عمله مع ابن عمه كان عائقًا في طريقه. حب "نور" للمدرسة ظل يطارده، فلقد كان طالبًا مجتهدًا في سوريا وأراد بشدة أن يواصل دراسته في لبنان، ولكن بمجرد وصوله، عينه ابن عمه في مصنع للألبان: "لم يكن لدي وقت لدراسة اللغة الإنجليزية أو لقراءة كتاب، كما لم يسمح لي ابن عمي بالدراسة". انتقل "نور" للإقامة في شقة بمدينة بار إلياس بمفرده، حيث أمضى السنوات الثلاث الأخيرة من حياته، وتعتبر المدينة موطنًا لآلاف اللاجئين السوريين، وتقع قبالة الطريق الرئيسي بين بيروت ودمشق، على بعد 10 أميال من الحدود السورية، ويغمر المطر كل شتاء مخيمات اللاجئين، في حين تحترق الخيام بأشعة الشمس الحارة في فصل الصيف. وقال نور: "كان العيش مع ابن عمي جزءًا صعبًا من حياتي. كنت أعاني كثيرًا، ولهذا قررت أن أتركه وأعيش بمفردي في شقة مكونة من غرفة واحدة"، ويضيف: "كان أسوأ مكان عشت فيه على الإطلاق، لم يكن هناك باب لأغلقه. كنت أفعل كل شيء بنفسي، الطبخ والتنظيف والدراسة، إضافة لعملي خلال إجازتي بنهاية الأسبوع في مطعم لتقطيع الفاكهة، على عكس الأطفال السوريين العاملين بالحقول ويحملون أكياس البطاطس على ظهورهم". ظل "نور" يجتهد ويدرس والتحق بإحدى المدارس اللبنانية، إلى أن حقق أعلى الدرجات في البلاد بامتحانات المدرسة الثانوية. بدأ المسئولون عن الأعمال الخيرية ملاحظة تفوقه، كما بدأ يتلقى مساعدة من منظمة إنقاذ الطفولة لإبقائه في المدرسة، إلى أن زارته "هيلي ثورنينج شميدت"، رئيسة الوزراء الدنماركية السابقة، والرئيس التنفيذي لمنظمة إنقاذ الطفولة، واقترحت عليه التقديم في المنح الدراسية بمختلف الدول، مؤكدة له تأثيرها العميق على مجرى حياته، ويقول نور: "لقد جاءت إلى منزلي واقترحت أن أتقدم بطلب إلى مدرسة داخلية؛ من أجل منحة دراسية للاجئين". وبالفعل تقدم "نور" بطلب المنحة لعدة دول مختلفة، لكن المنافسة كانت شرسة، والاختبارات كانت عملية شاقة عبر الإنترنت ومن ثم المقابلات: "استيقظت في 5 صباحًا، ونظرت إلى هاتفي ولم أجد شيئًا، فعلمت أنه تم رفضي، ثم تذكرت أن الإنترنت المنزلي مغلق، فقمت بتشغيله ووجدت البريد الإلكتروني من مدرسة داخلية في بريطانيا". وبذلك، استطاع "نور" الوصول إلى المملكة المتحدة دون أن يكون جزءًا من برنامج لإعادة التوطين وبدون مساعدة من الحكومة السورية أو اللبنانية، وهو الآن بالمملكة المتحدة هذا الأسبوع ويستعد لبدء الفصل الدراسي الأول من عامه الجديد: "لم أحلم أبداً بأنني سأكون ناجحًا، وليس لدي فكرة واضحة عما أريد القيام به بعد المدرسة، كل ما أعرفه فقط هو التعبير عن آرائي بعدما كنت طفلاً مقيدًا لا أستطيع البوح بحرف.. أريد الآن مشاركة قصتي مع الجميع. أرغب في الانتقال بدلًا من التقيد في مكان واحد".