يعد تخمير الطعام، من أقدم الطرق التى عرفها الإنسان للحفاظ على طعامه وحفظه من التلف، فيما تكسب تلك الطريقة الطعام ميزات صحية هامة، تمنحه قيمته الفريدة، حيث تميزت عدة حضارات بتصنيع ذلك الطعام وتصديره على مدار التاريخ، والتى كان أشهرها مدينة كوزاكو اليابانية التى تسعى لاستعادة تراثها واسمها بين المدن. وتحكى صحيفة "يابان تايمز" اليابانية، قصة مدينة كوزاكى، وما تقوم به من أنشطة لاستعادة تراثها وجذب وتنشيط السياحة. وتقع المدينة الصغيرة على بعد 60 كيلو متر من العاصمة توكياو، حيث بدأت منذ عام 2009 عمل مهرجانات سياحية للتعريف بصناعة الطعام والمشروبات المخمرة. وافتتحت عام 2015 سفينة متجولة لنشر ثقافة الطبخ الخاصة بالمدينة حول اليابان، حيث تم إنشاء سوق كبير على أطراف المدينة ليبيع مئات المنتجات المخمرة من الطعام اليابانى ابتداءً من صوس السمك والألبان وحتى الشاى المخمر. وتعتمد عملية التخمير على تأثير فطر الخميرة أو البكتيريا على الطعام المعرضة لها ما يجعله قابلا للاستمرار لشهور وربما سنين. ومن أشهر الأطعمة اليابانية المخمرة، طعام النتو المكون من فول الصويا والتسوكومونو المألف من الخضروات المخللة إلى جانب أطعمة أجنبية تهتم المدينة بصناعتها، مثل الكينشى الكورى والسواركراوت الألمانى ما يعكس التنوع الثقافى لدى المدينة. وتصدرت كوزاكى ذات المجتمع الصغير، تصدير الطعام المخمر فى اليابان بين القرن ال18 وأوائل القرن ال20، حيث تميزت بمحاصيل الأرز وفول الصويا المستخدمة فى الطعام المخمر إلى جانب موقعها الاستراتيجى قرب نهر التون ما جعل عملية التصدير أسهل وأرخص ثمنا. ولتعزيز التراث وتنشيط السياحة، قررت بلدية شيبا التى تتبعها مدينة كوزاكى، إنشاء مكتب حكومى مختص بتعزيز تلك الثقافة فى الطبخ، حيث تقول يوشوتو أكاجامى مديرة المكتب المنشأ مايو الماضى، إن المهرجان الأخير للطعام المخمر مارس الماضى، ساهم بجذب 55 ألف سائح للمدينة ويعد هذا حسب قولها نجاحا باهرا بعد نشاط بدأ منذ 10 سنوات. وتقول ستومو يوسوتو التى تدرس طريقة التخمير للسكان المحليين: "نريد أن نعلم الأهالى كيف يخمرون الطعام فى بيتهم بدلاً من شرائه فحسب من الجمعيات". وتضيف هاجايم ياماى المشاركة بإعطاء دروس تخمير الطعام: "أن ذلك الطعام يعد صحى للغاية لما يحتويه من فيتامين بى والألياف، كما يساهم بتعزيز الجهاز الهضمى ونظام المناعة فى الجسم". وتوضح ستومو: "تشبه عملية التخمير المجتمع البشرى تماما فهى لا تتم سوى بتعاون المكروبات فى ما بينها لتخمير الطعام". كما تحوي المدينة واحدة من مواقع التراث اليابانى الحديث وهو مصنع فيجهان شيو لتخمير الطعام والذى يرجع لنهاية القرن ال19، بينما يمتلك طرازا معماريا أثريا واضحا يضم المصنع بداخله عدة براميل خشبية عتيقة بأعمار تتجاوز القرن، فيما تملك القدرة على استيعاب 3000 لتر من الطعام المخمر حسب ما جاء فى الصحيفة.