وزير الزراعة عن المبنى القديم للوزارة: لا نية لبيعه وقد ننفذ مشروعا يليق به    بعد رفع العقوبات.. السعودية وقطر تعلنان دعما ماليا مشتركا للقطاع العام في سوريا    رسميا.. إمام عاشور يتوج بلقب هداف الدوري الممتاز    الزمالك ينهي الدوري بثنائية أمام فاركو    حريق هائل داخل مطعم شاورما في شارع ترسا بالهرم    انطلاق فعاليات الدورة الأولى من مهرجان بورسعيد السينمائي الدولي سبتمبر المقبل    محمد صبحي يؤكد أهمية حديث الفن والمجتمع عن قضايا حقوق الإنسان في ظل ما يحيط بالعالم من أحداث    وزير الصحة يتفقد أحدث غرف العمليات «الكبسولة» والأولى في مطروح بمستشفى العلمين النموذجي    «الأعلى للجامعات» يعتمد قواعد تنسيق القبول    القاهرة الإخبارية: القوات الروسية تمكنت من تحقيق اختراقات في المواقع الدفاعية الأوكرانية    ب حملة توقيعات.. «الصحفيين»: 5 توصيات ل تعديل المادة 12 من «تنظيم الصحافة والإعلام» (تفاصيل)    عاصفة الإسكندرية.. أستاذ استشعار عن بعد: البحر المتوسط يشهد ظواهر مناخية جامحة    تباين أداء القطاعات وسط تحسن المؤشرات وصعود رأس المال السوقي    قواعد تنسيق العام الجديد.. اعرف تفاصيل اختبارات القدرات    استعدادًا لعيد الأضحى| تفتيش نقاط الذبيح ومحال الجزارة بالإسماعيلية    غدا.. تنبيه من «البترول» بشأن تسجيل قراءة عدادات الغاز يونيو 2025    وزير الحكم المحلي الفلسطيني: مصر تلعب دورا محوريا للتوصل إلى وقف إطلاق النار    وزير الثقافة وخالد جلال وحماده الموجي أول الحاضرين فى عزاء والد رئيس دار الأوبرا    حكم صيام يوم عرفة وعلى من يجوز    ما حكم بيع جزء من الأضحية؟    "أوبك+": 8 أعضاء سيرفعون إنتاج النفط في يوليو ب411 ألف برميل يوميا    بعد تداول فيديو ضربها.. القومي للطفولة والأمومة يودع ضحية عنف والدها في المهندسين دار رعاية    محافظ أسيوط ووزير الموارد المائية والري يتفقدان قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية    «بقالي 20 سنة بغني ولسه بيداري».. موقف طريف بين روبي وجمهورها في الأردن (فيديو)    تكشف خطورتها.. «الصحة العالمية» تدعو الحكومات إلى حظر جميع نكهات منتجات التبغ    وزير الخارجية يبحث مع عضو لجنة الخدمات العسكرية ب"الشيوخ الأمريكي" سبل دعم الشراكة الاستراتيجية    شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: سياسة التجويع الإسرائيلية مستمرة منذ 20 عاما    مصرع وإصابة 3 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة في قنا    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال رصف شارع الجيش بدسوق    حظك اليوم السبت 31 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    مصادرة 37 مكبر صوت من التكاتك المخالفة بحملة بشوارع السنبلاوين في الدقهلية    إنتر ميلان يطارد النجمة الرابعة في نهائي دوري أبطال أوروبا 2025    تفاصيل ما حدث في أول أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنوفية    وزارة الصحة تعلن خطة التأمين الطبي لعيد الأضحى المبارك وموسم الاجازات الصيفية بجميع المحافظات    أيمن أبو عمر يوضح أعظم العبادات والطاعات في عشر ذي الحجة    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    وزير الخارجية ل"صوت الأمة": السياسة الخارجية المصرية تستند لمبدأ "الاتزان الاستراتيجي"    استخراج حجر بطارية ألعاب من مريء طفل ابتلعه أثناء اللعب.. صور    سقوط طالبة من سلم الدور الأول بكلية البنات عين شمس والجامعة تنقلها لمستشفي الطوارئ    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    عبدالصادق: تجديد الاعتماد لكلية الطب البيطرى يعكس تطوير منظومتها التعليمية    محمد الريفي عن طليقته: ربنا يكرمها ويكرمني.. ومستحيل أتكلم عن الماضي    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    "نفرح بأولادك"..إلهام شاهين توجه رسالة ل أمينة خليل بعد حفل زفافها (صور)    كسر ماسورة غاز في المنيا والحماية المدنية تسيطر على الموقف    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    وزيرة التنمية المحلية تطمئن على جاهزية محافظة الإسكندرية لمواجهة الطقس السيئ    250 مليون نحلة طليقة في الهواء بعد انقلاب شاحنة.. ماذا حدث في واشنطن؟    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    الزمالك وفاركو.. استعداد أمني مشدد لتأمين مباراة الجولة الأخيرة من بطولة الدوري    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    رسوم ترامب والسباق الانتخابي الكوري الجنوبي: من يحسم المواجهة؟    القنوات الناقلة ل مباراة الأهلي والاتحاد مباشر في دوري سوبر السلة والموعد    الإفتاء تكشف كفارات الحج التي وضعها الشرع    «كنت سندي في مواقف كتير».. نجم الأهلي يودع معلول برسائل مؤثرة    "ليس جمهور الأهلي".. إمام عاشور يعلق على لقطة إلقاء الزجاجات على كولر    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التصعيد الإسرائيلى: احتمالات الانزلاق إلى حرب إقليمية
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 08 - 2019

التصعيد الإسرائيلى بالنيران على أكثر من جبهة فى توقيت واحد غير مسبوق بمستوى اندفاعه وغير اعتيادى بحجم استفزازه.
اتساع رقعة العمليات وتزامنها يومئ إلى انزلاق محتمل لحرب إقليمية واسعة تشمل سوريا والعراق ولبنان وغزة، غير أن هذا الاحتمال يبدو فى الوقت نفسه شبه مستبعد بالنظر إلى حسابات دولية وإقليمية ماثلة.
بين ما هو محتمل بالانزلاق والحسابات الماثلة تبدو التصرفات الإسرائيلية أقرب إلى حماقات قوة لا تدرك أنها تملك الرصاصة الأولى لا كل الرصاص، الضربة الأولى لا كل الضربات.
لا أحد فى الإقليم يريد مثل هذه الحرب خشية كلفتها الإنسانية الباهظة، أو ما قد يترتب عليها من تخريب فى البنى الأساسية المنهكة واهتزازات فى قدر الاستقرار الداخلى، غير أنه لا يمكن استبعادها أو نفى احتمالاتها.
الإسرائيليون أنفسهم لا يريدونها ويعرفون عواقبها الوخيمة على أمنهم ذاته، الذى باسمه قاموا بعمليات التصعيد العسكرى.
الفكرة الرئيسية فى ذلك التصعيد تعود إلى جوهر نظرية الأمن القومى الإسرائيلى، إن الدولة العبرية قادرة على الردع والترويع ودخول معارك متزامنة على أكثر من جبهة لتفكيك إرادة الأطراف الأخرى.
وقد عرضت القيادة الإسرائيلية آخر طبعات نظرية أمنها القومى على النحو التالى: أن أجهزة استخباراتها رصدت وتابعت قبل بضعة أسابيع عملية نقل طائرات مسيرة من طهران إلى دمشق لتحميلها بالمتفجرات قبل توجيهها لمواقع فى شمال إسرائيل، تحت إشراف قائد فيلق القدس بالحرس الثورى الإيرانى اللواء «قاسم سليمانى».
هذه نقطة أولى فى الرواية الإسرائيلية المشكوك فى صحتها أريد بها كما هى العادة التأكيد على يقظة الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية وجهازيتها فى جمع المعلومات والاختراق قبل توجيه الضربات العسكرية التى قيل إنها استباقية.
بصياغة رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» لنظرية الأمن القومى فى آخر طبعاتها: «إذا جاء شخص لقتلك، قم واقتله أولا» مقتبسا التعبير من التلمود بهدف التأثير على اليمين الصهيونى الأكثر تطرفا.
الجديد هذه المرة الاعتراف الإسرائيلى بما قامت به على عكس عشرات المرات السابقة مما اعتبر تغييرا جوهريا فى مواجهة ما تسميه التمركز الإيران فى سوريا.
وقد كانت الضربات التى وجهت لمخازن سلاح ومواقع وقيادات فى «الحشد الشعبى» بالتوقيت نفسه تطويرا لذات النظرة.
حسب المحللين العسكريين الإسرائيليين فإن الهدف من هذه التفجيرات، التى ضربت فى العراق وسيادته قبل الحشد وتنظيماته، هو «منع إقامة قواعد صواريخ باليستية فى العراق قادرة على ضرب إسرائيل» و«عرقلة شق ممر تهريب برى يسمح بنقل صواريخ وأسلحة إيرانية إلى مخازن حزب الله فى بيروت».
هذا خيار أمنى جديد يجب التوقف عنده بالالتفات والتحليل، وهو يؤشر إلى متغير جوهرى فى قواعد الاشتباك له انعكاساته على الداخل العراقى ومستويات تماسكه الوطنى امام استباحة أمنه وأجوائه رغم التواجد العسكرى الأمريكى فوق أراضيه.
بصياغة «نتنياهو» ف«أنا لا أمنح إيران الحصانة فى أى مكان»، مشيرا على وجه التحديد إلى سوريا والعراق ولبنان واليمن، دون أن يتطرق إلى إيران نفسها، التى تحصنها قوتها العسكرية من أى عمليات من هذا النوع خشية ردات الفعل والدخول فى حرب إقليمية واسعة.
المعنى هنا أن «نتنياهو» يطلب الردع لا الحرب، لكن يظل الانزلاق محتملا.
هذه صياغة جديدة عند الحافة لقواعد الاشتباك.
التطور الأخطر فى خرق قواعد الاشتباك كان سقوط طائرتى استطلاع إسرائيليتين فى الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، ثانيتهما كانت مفخخة وأدى انفجارها إلى أضرار بالغة فى مركز إعلامى تابع لحزب الله.
لم يحدث مثل هذا الاختراق منذ عام (2006)، وهو ما استثار غضب زعيم حزب الله ملوحا بما وصف برد متناسب ومدروس خلال الأيام المقبلة.
لم يكن مستعدا أن يتقبل تحت أى ذريعة العودة إلى ما قبل عام (2000) عندما كان لبنان مستباحا بالكامل للغارات الإسرائيلية، تأتى وقتما تشاء وتضرب وقتما تشاء دون أى ردع.
ولم يكن مستعدا بنص كلامه أن يجرى على لبنان ما يجرى حاليا فى العراق من غارات وضربات دون رد معتبرا أن هذا مسار يضرب فى صدقية المقاومة واحترامها لنفسها ولبلدها.
الإسرائيليون أخذوا تهديدات السيد «حسن نصر الله» على محمل الجد، اخليت حواجز فى مزارع شبعا واتخذت إجراءات أمنية مشددة فى أماكن عديدة تحسبا لرد ما لا يعرفون متى وكيف وأين؟
فيما هو جديد هذه المرة ما قرره المجلس الأعلى للدفاع فى لبنان من أنه من حق اللبنانيين الدفاع عن أنفسهم.
هذه رسالة تحذير معلنة أن ما قد يقدم عليه حزب الله من رد سوف يكون محاطا بسياج من شرعية الدولة وقبولها المسبق.
وفيما اعتبره الإسرائيليون «نكسة أمنية» فإن «ذاكرة الطائرة الأولى» صارت فى حوزة خبراء حزب الله، الذى يتكتم حتى الآن ما قد يكون قد حصل عليه من معلومات.
السياق الأمنى يفسر جانبا من أسباب التصعيد العسكرى الإسرائيلى على ثلاث جبهات فى وقت واحد، لا كل الجوانب، كما لا يلخص بمفرده المشهد الإسرائيلى قبل أسابيع من انتخابات الكنيست فى (17) سبتمبر المقبل.
هناك فرضية متواترة وعلى قدر كبير من التماسك تعزو تصرفات «نتنياهو» إلى اقتراب الانتخابات والوضع الحرج الذى يجد نفسه فيه على خلفية اتهامه مع زوجته بالفساد واحتمالات الزج به فى السجن إذا ما خسر هذه الانتخابات، أو لم يتمكن من تشكيل الحكومة الجديدة على النحو الذى حدث بعد الانتخابات الأخيرة مما استدعى حل الكنيست والعودة إلى صناديق الاقتراع.
بتعبير حليفه السابق الأكثر تشددا وخصمه الانتخابى الحالى «أفيجادور ليبرمان» فإن ما يفعله «نتنياهو» «حفل ثرثرة فى العلاقات العامة الانتخابية».
الأجواء التى لاحقت «نتنياهو» بالصور والأحاديث بدت أقرب إلى أعمال المسرح من أعمال القتال، فالمجلس الأمنى الإسرائيلى يجرى اجتماعاته فى مخبأ محصن تحت الأرض، كأن الحرب قد قامت وإسرائيل فى خطر وجودى والحفاظ على حياته من ضرورات كسب الحرب، ربما يقصد كسب الانتخابات.
استخدام ورقة التهديدات الأمنية قاعدة عامة فى المواسم الانتخابية الإسرائيلية، لكن «نتنياهو» أفرط فى استخدامها لنفى اتهامات تلاحقه بإضعاف الجيش الإسرائيلى أمام حركة «حماس» فى قطاع غزة، وعجزه عن إلحاق هزيمة سياسية بإيران رغم توافر حلفاء إقليميين لم يكن من المتصور أن يقفوا فى معسكره.
لهذا السبب أدخل غزة فى نطاق عملياته العسكرية، خرق الهدنة وقصف مواقع واشتبك مع مقاتليها، بالإضافة إلى استهداف موقع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة فى سوريا.
المثير فى القصة كلها ذلك النزوع الإسرائيلى إلى التصعيد العسكرى غير المحسوب، الذى قد يفضى إلى حرب إقليمية لا يمكن استبعادها بالفعل ورد الفعل، فيما تميل إدارة الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» إلى نوع من التهدئة مع إيران وفى ملفات إقليمية أخرى مثل الحرب فى اليمن قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعد عام.
هناك فرضية تتحدث عن صراعات داخل الإدارة الأمريكية بشأن إيران والتصعيد العسكرى الإسرائيلى، الذى يحظى بدعم معلن من رجال مثل «جورج بومبيو» وزير الخارجية و«مايك بينس» نائب الرئيس و«جون بولتون» مستشار الأمن القومى، فيما لا تخفى مؤسسات أخرى مثل البنتاجون انزعاجها من ضرب العراق حيث يمكن أن يتعرض الضباط والجنود الأمريكيين للخطر إذا من أفلتت الأمور من عقالها، أو دفع الأمور إلى حرب إقليمية ليست فى صالح الولايات المتحدة.
كما هى العادة فى مقامرات السلاح فإن الحسابات الدولية والإقليمية سوف تحكم إلى حد كبير التفاعلات وتضع لها حدا شرط أن يتوافر لها القدرة على لجم هوس التصعيد الإسرائيلى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.