حالة من الجدل والغضب ثارت في المجتمع المصري، إثر إعلان دار المزادات البريطانية «كريستيز»، أمس الخميس، عن بيع رأس الملك الأشهر والأصغر عالميًا «توت عنخ أمون»، والتي يزيد عمرها عن 3 آلاف عام، مقابل 6 ملايين دولار. واستكملت الدار بيع رأس تمثال الملك الفرعوني، رغم الجهود والمطالب المصرية للدار ومنظمة اليونيسكو والخارجية البريطانية، بوقف إجراءات بيع القطع الآثرية المصرية المهربة. وترصد «الشروق» في التقرير التالي، أبرز محطات مسار رأس الملك الفرعوني منذ إعلان عرضه وحتى مبيعه بالمزاد البريطاني. - إعلان مثير للجدل بدأ الأمر حينما صرحت صالة «كريستيز» للمزادات بلندن في 3 يونيو الماضي، عبر موقعها الرسمي، عن اعتزامها طرح رأس بُني منحوت من حجر الكوارتزيت يجسد رأس الملك الفرعوني «توت عنخ آمون»، يزيد عمرها عن 3 آلاف عام، للبيع في مزاد علني بالرابع من يوليو، وأنها تتوقع أن تجني ثمنًا باهظًا من بيعه، يصل إلى 5 ملايين دولار. - مطالب عديدة أملاً في استرجعها أثارت تصريحات «كريستيز» جدلًا في الأوساط المصرية، فبعد الإعلان بأيام قليلة، طالبت السفارة المصرية في لندن وزارة الخارجية البريطانية، بوقف بيع رأس تمثال الملك الفرعوني، تمهيدا لاسترداده، ومطالبة الدار بتوفير سندات تثبت خروج الأثر من مصر بالطرق القانونية المشروعة، بحسب ييان لوزارة الخارجية المصرية، في 10 يونيو الماضي. كما خاطبت وزارة الآثار المصرية «منظمة اليونسكو» لوقف إجراءات بيع القطعة الأثرية، وطلب الحصول على المستندات الخاصة بملكيتها، موضحة في بيان لها، أنه في حال خرج هذا الأثر بطريقة غير رسمية ستتخذ الإجراءات اللازمة بالرجوع إلى الانتربول الدولي لاستعادته. - التسلسل التاريخى للتمثال بالخارج ورداً على حالة الجدل الدائر حول التمثال والجهود المصرية في استرداده، اكتفت دار «كريستيز» بالتوضيح أنها حصلت على رأس تمثال «توت عنخ آمون» من تاجر الآثار هاينز هيرزر في ألمانيا عام 1985، الذي اشتراها السمسار النمساوي جوزيف ميسينا عام 1973-1974، منوهه أنها كانت ضمن مجموعة الأمير فيلهلم فون ثور أوند تاكسي في حقبة الستينات. وأفادت الدار في بيان لها: "إن القطعة نادرة وجميلة ونقر بالجدل الدائر بشأن موطنها"، مضيفة "نعترف بأن القطع التاريخية يمكن أن تثير مناقشات معقدة بشأن الماضي، لكن دورنا اليوم هو العمل على مواصلة تقديم سوق شفافة ومشروعة تلتزم بأعلى معايير نقل الأشياء"، وفقاً لفضائية «سكاي نيوز» البريطانية. -رأس مسروقة.. ومالك متوف رأس تمثال الملك الفرعوني الأشهر على الإطلاق لم تخرج من المقبرة، وإنما سرقت من معبد الكرنك بعد عام 1970، هذا ما أكده الدكتور زاهي حواس، عالم المصريات وزرير الآثار الأسبق، في تصريحاته الصحفية، بوقت سابق من شهر يوليو الجاري. وأوضح "حواس"، العضو في اللجنة العليا لاسترداد الآثار المسروقة، أن صالة "كريستيز" كشفت عن مالك الرأس، الذي سعت الصحف للتواصل معه لكن وجدوه متوفيًا، كما أنكرت عائلته صلتها ب«توت عنخ آمون»، لذلك لا يوجد لدى صالة "كريستيز" أي دليل لخروج الرأس بطريقة قانونية. - تمثال الإله بملامح الإبن وعلى الرغم من تداول الأخبار والتقارير بأن التمثال المعروض للبيع يعود للملك توت عنخ أمون، إلا أن الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، صرح بأن رأس التمثال الأثرية تعود للإله «آمون» ذاته، لكن بملامح الملك الصغير «توت عنخ آمون»، خلال مداخله هاتفية له ببرنامج «يحدث في مصر»، موضحاً أن مصر تملك تماثيل مشابهة في متحف الأقصر ومعبد الكرنك. وأكد مصطفى وزيري أن جميع القطع الأثرية التي تخرج بطرق غير شرعية يتم استرجاعها بموجب قانون حماية الآثار رقم 117 لعام 1983، وأن القطع الأثرية المعروضة بمزاد لندن مصرية تمامًا لكن الصالة تدعي حصولها عليها قبل 1970 دون تقديم أي سندات تثبت الملكية. -وقفة احتجاجية لإنقاذ الآثار المصرية ودعت رابطة إنقاذ الآثار المصرية، على رأسها هبه عزيز، رئيس الرابطة، لتنظيم وقفة احتجاجية أمام صالة مزاد لندن بالتزامن مع بدء أعمال المزاد، للتعبير عن غضب الشعب المصري تجاه بيع آثارهم دون التأكد من خروجها بشكل قانوني، وكذلك المطالبة بتعديل اتفاقية اليونسكو لعام 1970 لمنع الاتجار بالآثار في المزادات العالمية. وبالفعل تجمع نحو 20 محتجا في وقفة صامتة، أمس الخميس، أمام دار المزادات، حاملين لافتات مكتوب عليها: "التاريخ المصري ليس للبيع". -ضرب المطالب عرض الحائط.. ومشتري مجهول وبالرغم من المطالب والجهود المصرية في إستعادة الرأس المسروقة، أعلنت دار المزادات أمس الخميس، عن بيع الرأس لمشتري مجهول، دون ذكر إسمه، مقابل 4 مليون و746 ألفا و250 جنيها استرلينيا -أي ما يعادل 5 مليون 970 ألف دولار- بما في ذلك العمولة، وهو ما يتماشى مع تقديرات ما قبل المزاد. -بريطانيا خذلتنا.. وسنلاحقهم بالقانون وفي حواره مع صحيفة «رويترز» البريطانية قبيل المزاد، عبر مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر عن استياءه من استمرار عملية البيع رغم الطلبات التي قدمت بشأن القطعة واعتراضات المسؤولين الحكوميين والسفارة المصرية في لندن. وأضاف: "لن نقف مكتوفي الأيدي، سنلاحق المشاركين في المزاد قضائيا حتى المشتري، وسنظل نطالب باستعادتها". وخلال مداخلته الهاتفية ببرنامج «على مسؤوليتي»، أكد وزيري أن وزارة الآثار المصرية لن تتوقف عن الملاحقات القانونية سواء لبريطانيا أو الدول والمؤسسات التي قامت بالشراء، معقبًا: «ما بني على باطل فهو باطل سواء البائع أو المشتري».