نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب «شابير كازمى» تناول فيه ما يراه من أن سياسات الولاياتالمتحدة فى الخليج العربى وإيران تهدف بالأساس إلى تهديد أمن الطاقة للصين من خلال نشر التوترات فى الأماكن التى تعتمد على استيراد النفط منها. يقول الكاتب إن على الرغم من أنه كثيرا ما يرفض نظريات المؤامرة، إلا أنه فى بعض الأحيان يميل إلى تبنيها إذا ساعدت فى الحصول على منظور أفضل. ومن إحدى نظريات المؤامرة النظرية التى تقول إن الولاياتالمتحدة تخلق اضطرابات فى منطقة الخليج لمنع وصول الصين إلى موارد الطاقة فى المنطقة. منذ بدء نموها الاقتصادى فى عام 1993، أصبحت الصين تعتمد بشكل كبير على استيراد النفط. وفى الوقت الحاضر، الصين هى ثانى أكبر مستهلك للطاقة وثالث أكبر بلد مستورد للنفط فى العالم. وعلى الرغم من الجهود التى بذلتها بكين خلال السنوات الماضية من محاولات لتنويع مصادر الطاقة لضمان أمن الطاقة، إلا أن الصين ما تزال تعتمد اعتمادًا كبيرًا على استيراد الطاقة من شبه الجزيرة العربية. لقد تقدمت الصين بخطوات كبيرة على منافسيها وخصومها وأصبحت ثانى أكبر اقتصاد فى العالم بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية. ومن المرجح أن يتعدى اقتصاد الصينالولاياتالمتحدة فى المستقبل القريب ليصبح أكبر اقتصاد فى العالم. راقب البيت الأبيض تطورات الصين وخططها ومبادراتها ولم يكن يغفل عن مراقبة طموحاتها وإنجازاتها. منذ أن أصبح دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، لم يعد الصراع بين الولاياتالمتحدةوالصين قاصرا فقط على الصراع الاقتصادى والتجارى بل أيضا أصبح صراعا سياسيا وأمنيا. وأصبح تنامى قوة ونفوذ الصين فى العالم تحديا كبيرا للبيت الأبيض. وكخطوة أولى، بدأ ترامب حرب تجارية واقتصادية ضد بكين.. وفى المرحلة التالية يريد ترامب تقييد نفوذ الصين عالميا وخاصة بين حلفاء الولاياتالمتحدة. من أجل احتواء الصين، الولاياتالمتحدة لجأت إلى العديد من الاستراتيجيات مثل زعزعة استقرار الحدود الغربية للصين مع أفغانستان وباكستان ومحاولة الانتشار فى آسيا الوسطى بهدف إحباط مبادرة الصين «الحزام والطريق» والتى يتوقع الكثير من الخبراء أنها ستمكن الصين من التحكم فى نظام التجارة العالمى فى المستقبل. تستورد الصين النفط الخام من 15 دولة حول العالم، يأتى فى المقدمة روسيا (15.8%) ثم المملكة العربية السعودية (12.4%) ثم أنجولا (10.4%) وتأتى إيران فى المرتبة السابعة (6.3%). النفط الخام هو المحرك الرئيسى للاقتصاد الصينى وأى تهديدات لأمن الطاقة ستحدث ضربة قوية للنمو الاقتصادى فى الصين. تشير الإحصاءات إلى أن حوالى 43٪ من النفط الخام الذى تستورده الصين يمر عبر الخليج العربى. وحوالى 4.6 ٪ يمر من ليبيا وفنزويلا.. وسياسات الولاياتالمتحدة خلقت بالفعل حالة من الفوضى فى هذه المناطق. يعتقد العديد من الخبراء أن انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووى الإيرانى لا يهدف فقط إلى الضغط على إيران، ولكن أيضًا للضغط على الصين لتقديم تنازلات فى الحرب التجارية التى شنتها واشنطن ضدها. اشتعال أى صراع أو توتر فى الخليج سيمثل ضربة كبيرة للاقتصاد الصينى. لذلك، فإن العديد من الحوادث والتوترات التى أوجدتها واشنطن ووكلاؤها فى الخليج العربى يمكن وصفها بأنها تدابير من جانب البيت الأبيض لاحتواء الصين من أجل ضمان هيمنة الولاياتالمتحدة. من خلال ما تقوم به الولاياتالمتحدة من أفعال تحريضية ومن فرض العقوبات ضد إيران، لا يهدف فقط إلى دعم إسرائيل وحلفائها العرب بل أيضا حرمان الصين من النفط الإيرانى. يعد الخوف والتنافس مع الصين اليوم أحد المحركات الرئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية. إعاقة تدفق النفط من الخليج العربى سيكون طريقة لإلحاق الضرر المباشر بمصالح الصين. تنجم التوترات المتصاعدة بين الولاياتالمتحدةوإيران بشكل أساسى من سياسة طهران وتعصب واشنطن. مقاومة إيران للضغط الأمريكى تشكل طريقة تخدم فيها الجمهورية الإسلامية بشكل غير مباشر مصالح الصين وحتى أوروبا. من منظور استراتيجى طويل الأجل، تزيد مخاطر انعدام الأمن فى منطقة الخليج وقرب أوروبا والصين من المنطقة الحاجة إلى مزيد من التنسيق بين إيرانوالصين وأوروبا لمواجهة الهيمنة الأمريكية. هناك أيضًا علاقة وثيقة بين التوترات التى خلقتها الولاياتالمتحدة فى الخليج ورغبتها فى احتواء الصين، حيث تريد واشنطن استبعاد الصين من المنطقة. لذلك، فإن احتواء إيران أمر مهم حيث تشترى الصين نفطها من إيران. لذلك، من الممكن أن تعيد الصين التفكير فى سياساتها التى توازن بين الولاياتالمتحدةوإيران. من الممكن أن تحترم بكين العقوبات الأخيرة على إيران، ولكن رفض أى محاولة لشن الولاياتالمتحدة حرب ضد إيران. ويقول الكاتب فى الأخير إن من رأيه أن المشكلة ليست حول إيران، ولكن حول الصين. إعداد: ابتهال أحمد عبدالغني النص الأصلي