السفير اليمني يبحث مع رئيس جامعة الأزهر تعزيز التعاون    مدبولي: نؤكد ضرورة تكثيف الجهود لوقف الحرب في غزة    توريد 202 ألف و129 طنا من القمح إلى صوامع كفر الشيخ    انطلاق الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني    السيسي ونظيره الصيني يشهدان توقيع اتفاقيات تعاون في عدد من المجالات    أردوغان: روح الأمم المتحدة ماتت في غزة    جوتيريش يدين بشدة محاولة كوريا الشمالية إطلاق قمر صناعي عسكري    نهائي ساخن لدوري المؤتمر الأوروبي بين فيورنتينا وأولمبياكوس    ليكيب: مبابي لم يحصل على راتبه من باريس منذ شهر إبريل    بغداد بونجاح ينضم لصفوف الأهلي.. شوبير يكشف الحقيقة    ضبط عنصر إجرامي يدير وكراً لتصنيع المخدرات    "تعليم الجيزة" يكرم أعضاء المتابعة الفنية والتوجيهات وأعضاء القوافل المركزية    حريق يتسبب في تفحم محتويات شقة سكنية في منطقة الحوامدية    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخطف شاب في التجمع    ضبط 10 آلاف عبوة سجائر مستوردة داخل مخزن غير مرخص بطنطا    خبيرة فلك تبشر مواليد برج الدلو في 2024    بالأسماء.. ننشر نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظة الوادي الجديد    حلم «عبدالناصر» الذى حققه «السيسى»    تقرير فلسطيني: عشرات المستعمرين يقتحمون المسجد الأقصى    «التعليم» تحقق في مزاعم تداول امتحانات الدبلومات الفنية 2024    جيش مصر قادر    3 فنانات يعلن خبر ارتباطهن في شهر مايو.. مي سليم آخرهن    تعرف على جدول قوافل «حياة كريمة» الطبية في البحر الأحمر خلال يونيو    أسعار العملات العربية مقابل الجنيه بالبنك الأهلي اليوم الأربعاء    رئيس جامعة حلوان يتفقد كلية التربية الرياضية بالهرم    وزيرة الهجرة تستقبل أحد أبناء الجالية المصرية في كندا    لجنة القيد تحت التمرين.. بداية مشوار النجومية في عالم الصحافة    صادرات الملابس الجاهزة ترتفع 23% أول 4 شهر من 2024    الخارجية: مصر تلعب دورًا فاعلًا في عمليات حفظ السلام    رئيس جهاز 6 أكتوبر يتابع سير العمل بمحطة مياه الشرب وتوسعاتها    ضبط سلع غذائية منتهية الصلاحية بالفيوم    مصر للطيران تسير اليوم أولى رحلات الجسر الجوى لنقل حجاج بيت الله الحرام    إدعى إصدار شهادات مُعتمدة.. «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا في الإسكندرية    فرقة aespa ترد على رسائل شركة HYPE للتخلص منها    مصطفى كامل يهنئ الدكتور رضا بدير لحصوله على جائزة الدولة التقديرية    ماجواير يستعد لمحادثات حاسمة مع مانشستر يونايتد    «السبكي» يستقبل رئيس «صحة النواب» في زيارة تفقدية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    جامعة القاهرة: قرار بتعيين وكيل جديد لطب القاهرة والتأكيد على ضرورة زيادة القوافل الطبية    60% للشركة و25% للصيدلية، شعبة الأدوية تكشف حجم الاستفادة من زيادة أسعار الدواء    توضيح حكومي بشأن تحويل الدعم السلعي إلى نقدي    بعد ترميمه.. "الأعلى للآثار" يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    وزير الإسكان: نستهدف تحقيق أعلى معدلات الاستثمار السياحى    وزارة الصحة تكشف المضاعفات الخطرة للولادات القيصرية غير المبررة.. انفوجراف    أفضل دعاء الرزق وقضاء الديون.. اللهم ارزقني حلالًا طيبًا    الخارجية الروسية تعلق على تصريح رئيس الدبلوماسية الأوروبية حول شرعية ضرب أراضيها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    محمد فاضل بعد حصوله على جائزة النيل: «أشعر بالفخر وشكرًا لوزارة الثقافة»    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    «كان زمانه أسطورة».. نجم الزمالك السابق: لو كنت مكان رمضان صبحي ما رحلت عن الأهلي    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    بلاتر: كل دول العالم كانت سعيدة بتواجدي في رئاسة فيفا    حسين حمودة: سعيد بالفوز بجائزة الدولة التقديرية في الأدب لاتسامها بالنزاهة    المدير التنفيذي للأهلي: الخطيب لم ينفذ البرنامج الطبي الخاصة به بسبب نهائي إفريقيا    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب «بلا منازع».. لماذا ستبقى أمريكا القوة العظمى الوحيدة في العالم؟ (5)
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 06 - 2019

الإنفاق الدفاعى الأمريكى يماثل ثلاثة أضعاف الصينى.. ومعاهد دولية تتوقع تعادل الجانبين وتفوق بكين بعد عام 2030
تكاليف الأمن الداخلى وأمن الحدود تلتهم كثيرًا من ميزانية الجيش الصينى
لدى الصين أكبر تعداد جيش فى العالم لكنه لا يمنحها ميزة عسكرية
الجيش الأمريكى يتفوق على الصينى فى التسليح والخبرة القتالية والتدريب وتأهيل القادة
الولايات المتحدة هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تمتلك مئات القواعد العسكرية المنتشرة فى أصقاع الأرض
إذا اندلعت حرب دموية أمريكية صينية فستكون فى شرق آسيا بسبب تعادل الميزان العسكرى بين الجانبين فى المنطقة
البحرية الأمريكية تستعد لتسليح سفنها وغواصاتها بصواريخ كروز موجهة مضادة للسفن
حربا العراق وأفغانستان كلفت الأمريكيين 5 تريليونات دولار و7 آلاف جندى قتيل و50 ألف مصاب
فى الحلقات الماضية من عرض كتاب: «بلا منازع.. لماذا ستبقى القوة العظمى الوحيدة فى العالم؟» لمؤلفه «مايكل بيكلى»، تناولنا شرح فكرة الكتاب الأساسية، وهى أن أيام الولايات المتحدة على رأس الكوكب الأرضى ليست معدودة كما يقول كثير من الباحثين والدارسين؛ ذلك أن أمريكا حسبما يقول «بيكلى» ستظل هى القوة المهيمنة فى العالم حتى نهاية القرن الحالى على الأقل، وهو يرتكز فى ذلك على منهج مختلف يقيس قوة الأمم من خلال حساب «صافى» الثروة الاقتصادية والإمكانات العسكرية لكل دولة، وليس باحتساب إجمالى القدرات الاقتصادية والعسكرية، وأن عناصر القوة الأمريكية تشير إلى أنها ستظل تمتلك لعقود أخرى قادمة قدرات عسكرية واقتصادية وتقنية أفضل من بقية منافسيها خاصة الصين التى تعد أقرب منافسيها.
صحيح أن الصين تقود العالم فى بعض الصناعات كالأجهزة المنزلية والنسيج والصلب والألواح الشمسية والطائرات المسيرة، ويبلغ إجمالى احتياطياتها من العملات الأجنبية 3 تريليونات دولار، وكثفت خلال السنوات الأخيرة من عمليات التجسس الصناعى والتكنولوجى على الشركات الغربية إلا أنها لم تتحول إلى قوة دولية فى مجال الاختراعات والابتكارات، كما يهددها حجم مديونية هائل يزيد على 30 تريليون دولار، ويعتقد بيكلى أن الولايات المتحدة بمعايير صافى القوة فى المجال الاقتصادى، تظل هى أكثر ثراء من الصين بعدة مرات، بل وتتسع الفجوة بينهما بتريليونات الدولارات كل عام بسبب مصادر الثروة الاقتصادية مثل رأس المال البشرى ورأس المال المُنتَج (بفتح التاء)، ورأس المال الطبيعى.
الإعلامي طارق الشامي
وفى هذه الحلقة نستعرض ما قدمه المؤلف من دلائل على أن الولايات المتحدة سوف تظل متفوقة على الصين فى الجانب العسكرى أيضا..
يطرح «بيكلى» فى البداية أسئلة محفزة للتفكير من قبيل: هل تستطيع الصين أن تسيطر عسكريا على شرقى آسيا؟ وهل ستتمكن فى النهاية من تحدى التفوق العسكرى الأمريكى حول العالم؟.. لكنه يستدرك بقوله إن كثيرا من الدراسات تخطئ فى حساباتها بالاستناد إلى إجمالى الأرقام المتعلقة بالإنفاق العسكرى وعدد الجنود ونظم التسليح، دون احتساب القدرات العسكرية الحقيقية، وهذا يعد قصورا فى التحليل من وجهة نظر المؤلف لأن اجمالى القوة العسكرية لبلد ما فى الخارج، لا يعتمد فقط على قوتها الأساسية بل أيضا على أمنها الذى تتمتع به فى داخل موطنها، بمعنى أن دولة ما تحيطها عداوات وتعانى من عدم استقرار سياسى، لابد أن تختلف قوتها عن دولة أخرى تماثلها قوة، ولكن يحيط حدودها حلفاء ولا تعانى من عدم استقرار داخلى. ولهذا فإن ميزان القوة العسكرية بين الصين والولايات المتحدة يجب أن يضع فى الاعتبار الأعباء الأمنية التى تتحملها كل قوة وليس فقط اجمالى عدد الجنود والمعدات العسكرية.
النفقات الدفاعية
يعادل الإنفاق الدفاعى للولايات المتحدة ثلاثة أضعاف حجم الإنفاق الدفاعى للصين، لكن محللين يتوقعون تضاؤل هذه الفجوة فى السنوات المقبلة، بينما يتوقع البعض مثل «الإيكونوميست» البريطانية والمعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية، أن يتجاوز حجم الإنفاق الدفاعى للصين نظيره الأمريكى بعد عام 2030.
لكن «بيكلى» يرى أن هناك أسبابا تدعوه للتشكك فى هذه التوقعات، ليس أقلها أن النمو الاقتصادى الصينى آخذ فى التراجع بشدة، وحتى لو تجاوز الإنفاق الدفاعى الصينى مثيله الأمريكى، فلن يعنى ذلك أن الصين لديها مصادر عسكرية أكثر بسبب عدم خصم التكاليف الأمنية وتكاليف الرعاية الاجتماعية، فمنذ خمسينيات القرن الماضى تنفق الولايات المتحدة نصف تريليون دولار سنويا على جيشها وقواتها، ونتيجة لذلك أصبح لدى أمريكا ترسانة من آلاف السفن والطائرات والدبابات والسيارات العسكرية والأقمار الصناعية ومعامل للبحث والتطوير وأجهزة الرادار ومخزونات الذخيرة وميادين للتدريب وقواعد عسكرية، وحيث إن الكثير من هذه المنصات العسكرية شُيد فى الثمانينيات، فإنها لاتزال فى الخدمة حتى اليوم.
وحتى بدون احتساب هذه المنصات والقواعد العسكرية التى تعود إلى فترة الحرب الباردة، فإن الفجوة القائمة بين الولايات المتحدة والصين ما زالت كبيرة، بل تتزايد بالنظر لكون الولايات المتحدة تنفق أموالا أكثر من الصين كل عام، ومن ثم تحتاج الصين إلى عقود أخرى قادمة لتبدأ فى تقليص الفارق الهائل مع الولايات المتحدة.
فضلا عن ذلك، فإن التكاليف التى تتحملها كل من واشنطن وبكين تجاه هذه القوات تتباين إلى حد بعيد، فالجنود الصينيون أقل تكلفة من الأمريكيين لأن الجندى الصينى يتلقى معدات أقل ويحصل على أجور أقل ومزايا أقل مقارنة بالجندى الأمريكى. ولأن عدد قوات الجيش الصينى يتجاوز الأمريكى بمليون ومائتى ألف جندى إضافى، فإن ذلك يحمل الصين تكلفة أكثر لتوفير احتياجات الغذاء والرعاية الطبية والتدريب والإقامة.
أما التكاليف المتعلقة بالأمن الداخلى وأمن الحدود، فيشير معهد بحوث السلام الدولى فى ستكهولم إلى أن 20% من ميزانية الجيش الصينى تخصص لتمويل قوات شبه عسكرية ذات مسئوليات محددة، بينما تلتهم القوات المنتشرة على الحدود مع 14 دولة مجاورة للصين نحو 15% من ميزانية القوات المسلحة الصينية، فضلا عن 35% تخصص للأمن الداخلى.
فى المقابل، لا توجد فى الولايات المتحدة قوات شبه عسكرية، لكن حكومات الولايات الأمريكية تستدعى قوات «الحرس الوطنى» الذى يضم قوات احتياطية مؤقتة ممن خدموا فى الجيش سابقا أو من مدنيين تم تدريبهم عسكريا، لمساعدة الشرطة المحلية فى احتواء أى اضطرابات أمنية ولتأمين المنشآت والمطارات أو لتقديم مساعدات خلال الكوارث الطبيعية.
لكن تمويل «الحرس الوطنى» يستقطع من ميزانيات الولايات وليس من ميزانية الجيش، ولهذا ليس هناك حاجة لخصم تكاليف نشر قوات الحرس الوطنى الأمريكي من الميزانية العسكرية للجيش كما هو الحال بالنسبة للصين.
وفيما يتعلق بحماية الحدود فى الولايات المتحدة، فإن من يدير ويمول عمليات مراقبة الحدود ومكافحة الإرهاب هى وكالات مدنية مثل وزارة الأمن الداخلى ومكتب التحقيقات الفيدرالى ووكالة الأمن القومى، كما تدفع وزارة الطاقة تكاليف الحفاظ على الترسانة النووية الأمريكية.
ولا يمول الجيش الأمريكى إلا الدفاع الصاروخى الوطنى التابع لوزارة الأمن الداخلى والذى يستنزف 1% فقط من الميزانية العسكرية الأمريكية وهى نسبة ضئيلة للغاية.
ويشير المؤلف إلى أن التكلفة الباهظة المباشرة لعمليات مكافحة الإرهاب التى يجريها الجيش الأمريكى فى الخارج كما فى العراق وأفغانستان وغيرهما، فإن الكونجرس يخصص لها ميزانية محددة تسمى ميزانية العمليات الطارئة خارج الحدود، أما التكاليف طويلة الأجل مثل تكاليف الرعاية الطبية وتعويضات الإعاقة للمحاربين وعائلاتهم، فتدفعها وزارة شئون المحاربين القدماء فضلا عن جمعيات خيرية خاصة.
ويعترف «بيكلى» بأن الحرب فى العراق وأفغانستان أسفرت عن أعباء اقتصادية واجتماعية هائلة فى الولايات المتحدة، حيث بلغت تكلفة الحرب 5 تريليونات دولار ولقى 7 آلاف جندى أمريكى مصرعهم فضلا عن إصابة 50 ألفا آخرين، لكن «بيكلى يقول إن هذه التكاليف ليست سرية ولهذا لا حاجة لخصمها من نفقات الدفاع العسكرى الأمريكى.
تعداد القوات ومهارتها
لدى الصين أكبر تعداد جيش فى العالم، فهو يزيد على تعداد الجيش الأمريكى بنحو مليون ومائتى ألف جندى، ولكن ذلك حسبما يقول المؤلف لا يمنح الصين ميزة عسكرية، ذلك أن الجيوش الضخمة لم تعد كما كان عليه الحال فى الماضى بمثابة المؤشر الحاسم؛ فصاروخ موجه من بعيد يمكن أن يقضى على أعداد ضخمة من الجنود فى مكان ما، ومن ثم فإن القوة العسكرية لا تعتمد فقط على الحجم وإنما أيضا على مهارة الجنود وهذا أيضا تحدده أربعة عوامل هى: التعليم، خبرة المعارك، التدريب، والقيادة.
فمن حيث التعليم، أصبح الجيش الصينى أخيرا مماثلا للجيش الأمريكى، حيث بلغت نسبة الحاصلين على تعليم ثانوى 80%، خمسهم حصلوا على تعليم جامعى.
أما من حيث الخبرة القتالية، فإن الجيش الصينى يفتقر إلى الخبرة القتالية، فالصين لم تدخل حربا منذ 1979 والتى كانت صراعا حدوديا قصيرا مع فيتنام، إضافة إلى عملية إنزال برمائية عام 1995 للسيطرة على جزيرة «يتشيا نغشان»، وفى كلتا العمليتين مُنىَ الجيش الصينى بإصابات كثيرة. أما الآن، فلا يوجد بين القوات الصينية من خاض حربا أو معركة من قبل، وهو ما يسميه المحللون الصينيون ب«مرض السلام».
لكن بالنسبة للتدريب، فقد تحسن أداء القوات الصينية منذ عام 1990 وتم ادخال تكنولوجيا حديثة للتدريب تحت أجواء طبيعية صعبة، غير أن هذه التدريبات تركز على عمليات غير حربية مثل حماية الحدود ومكافحة الإرهاب ومكافحة القرصنة بدلا من التركيز على العمليات العسكرية الكثيفة، كما تفتقر القوات الصينية لخبرة العمليات المشتركة بين القوات، ومازال تقييم التدريب منحصرا فى الملاحظات البصرية والمشاهدات وليس على أساس المعلومات الكمية ومدى تحقق الأهداف.
وتميل التدريبات الصينية إلى كونها غير منتظمة وتجرى فى اطار محدود، فالتدريبات باستخدام الصواريخ، لم تشهد إطلاق أكثر من عشرة صواريخ باليستية فى وقت متزامن خلال التدريبات، فى حين أن الحروب قد تتطلب إطلاق مئات الصواريخ بشكل متسارع.
أيضا، الطيارون الصينيون يحلقون 100 ساعة طيران أقل من نظرائهم الأمريكيين، كما لم يبدأ تدريب الطيارين على التحليق من متن حاملات الطائرات إلا فى عام 2012، فى حين أن الولايات المتحدة تستخدم حاملات الطائرات منذ قرن تقريبا.
وأظهرت دراسة أخيرة على الغواصات الصينية، أن نسبة محدودة منها تستفيد من عمليات الانتشار التى يمكن أن تواجه فيها الغواصات سفنا حربية لتدميرها بصواريخ «الطوربيد» فى المحيط المفتوح مستقبلا.
فى المقابل، فإن القوات الأمريكية تعتمد طرائق تدريب تعد الأفضل عالميا، حيث أظهرت دراسة مقارنة بين برامج التدريب الأمريكية ونظيرتها الصينية والفرنسية والبريطانية والهندية، أن نظم التدريب الأمريكية أصبحت محل غيرة وحسد من الدول الأخرى التى تحاولد تقليد النظم الأمريكية.
أما من حيث القيادة، فمن المعروف أن التنسيق الناجح والإمداد ونقل القوات يتطلب قادة موهوبين ومحللين عسكريين ذوى قدرات متميزة، وهو أمر يتطلب سنوات لتأهيل الضباط على القيادة، كما يحتاج الأمر إلى أكاديميات عسكرية لنشر المعرفة ولزرع الثقة فى صفوف القيادات، وتتطلب الإدارة العسكرية الفعالة شبكة جيدة ونشطة من معاهد البحوث والدراسات لتعليم الضباط والقيادات، وفى جميع هذه الأمور نجد الجيش الصينى متأخرا كثيرا مقارنة بالجيش الأمريكى، فالأكاديميات العسكرية الصينية لا يتوافر لديها سوى 15% فقط من الحاصلين على درجات علمية متقدمة مقابل 90% فى الأكاديميات العسكرية الأمريكية، كما أن لدى الصين ثلاثة مراكز بحوث عسكرية فقط بين أفضل 100 مركز فى العالم، بينما يوجد فى الولايات المتحدة 25 مركزا بين أفضل 100 مركز فى العالم.
القواعد العسكرية والذخيرة
تظل الولايات المتحدة هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تمتلك مئات القواعد العسكرية المنتشرة فى أصقاع الأرض، فضلا عن منصات بعيدة المدى ونظم مراقبة ورصد عالمية، وهو ما يمكنها من استخدام العامل العسكرى الحاسم فى أى منطقة حول العالم. أما الصين فهى بعيدة تماما عن تحقيق هذه القدرات، فحاملات الطائرات الأمريكية أسرع من الصينية بنسبة 50% وتحمل ضعف عدد الطائرات التى تحملها الصينية، وتستطيع كل طائرة أن تحمل ذخيرة أكبر بنسبة 40% مقارنة بالطائرات الصينية، كما أن حاملات الطائرات الصينية تعمل بمحركات بخارية وتحتاج لإعادة التموين عدة مرات فى السنة، فى حين أن حاملات الطائرات الأمريكية تعمل بمفاعلات نووية لا تُستبدل إلا بعد 50 عاما من الخدمة. ولهذا يستخلص الخبراء العسكريون أن حاملات الطائرات الصينية غير قادرة على خوض معارك كثيفة حتى فى المياه القريبة من الشواطئ الصينية.
أما الغواصات النووية الصينية التسع (4 استراتيجية + 5 تكتيكية)، فيمكنها أن تحمل أقل من نصف الذخيرة التى تحملها الغواصات الأمريكية، كما أن صوتها أكثر ضجيجا من نظيرتها الأمريكية التى أنشئت فى الستينيات، وهو ما يُمكن البحرية الأمريكية من تعقب الغواصات النووية الصينية من مسافات بعيدة عبر نظامها المتطور للمراقبة الصوتية، لكن الغواصات الصينية الأخرى غير النووية وعددها 57 وتعمل بالديزل، فتتميز بصوت هادئ جدا خلال سيرها باستخدام البطاريات الكهربية، غير أنها تسير بنصف سرعة الغواصات الأمريكية النووية، ولهذا فمن النادر أن تغادر هذه الغواصات البحار القريبة من الصين.
المدمرات الأمريكية أيضا تحمل ضعف كمية الذخيرة التى تحملها المدمرات الصينية، فضلا عن أنها مجهزة برادارات ونظم معلومات أحدث بكثير من المدمرات الصينية، وتستعد الولايات المتحدة لتسليح سفنها وغواصاتها بصواريخ كروز موجهة مضادة للسفن، الأمر الذى سيمكنها من تدمير أهداف على بعد آلاف الأميال، فى حين أن الصواريخ الصينية المضادة للسفن يتراوح مداها بين 130 و330 ميلا فقط.
وفى مجال الطيران الحربى، تمتلك الولايات المتحدة المئات من مقاتلات الجيل الخامس الشبحية والتى لا يكشفها الرادار، فى حين لا تمتلك الصين أيا منها حاليا، كما أن طائرات «الدرون» الأمريكية المسيرة عن بعد، أكثر تطورا من الصينية.
هل ستسيطر الصين على شرق آسيا عسكريا؟
ويسرد المؤلف «مايكل بيكلى» العديد من أوجه المقارنات العسكرية بين الجانبين، ثم يطرح سؤالا أكثر أهمية وهو أنه إذا كانت الولايات المتحدة يمكن أن تهيمن على الصين حول العالم، إلا أن الأمر يختلف فى شرق آسيا حين يتساوى الميزان العسكرى بين الجانبين، فهل يمكن للصين أن تسيطر على شرق آسيا عسكريا؟
يُقر المؤلف بأن الجغرافيا تحد من قدرة الولايات المتحدة على ادارة المعارك هناك حيث تكون القوات العسكرية الأمريكية عُرضة للهجوم عندما تكون قرب شواطئ العدو حيث تكون سفنها فى مدى الصواريخ المضادة من السفن المعادية ومن الطائرات التكتيكية، وفى المياه الضحلة يصعب رصد سفن العدو، فإذا وقعت حربا دموية مع الصين فسوف تقع فى هذه المنطقة وهو ما تراهن عليه الصين، ويخلص بيكلى إلى أن الطرفين يستطيعان فى مدى 500 ميل أن يهددا بإغراق سفن وطائرات الطرف الآخر، باستثناء الطائرات الشبحية، إلا أنه ينفى أن تكون الصين قادرة على تحقيق أية أهداف محدودة مثل احتلال تايوان أو المطالبة بأراض فى بحر الصين الجنوبى المتنازع عليها مع خمسة بلدان وذلك بفضل وجود ترسانة عسكرية ضخمة للولايات المتحدة وقواعد عسكرية منتشرة هناك، فضلا عن أن الدول المجاورة للصين كثيفة السكان وتمتلك جيوشا حديثة ومن الصعب غزوها بحريا فى عصر الذخائر الموجهة عالية الدقة.
صحيح أن أسطول الصين البحرى يظل هو الأكبر فى آسيا، إلا أنه ينتشر بكميات محددة على مساحة تقترب من 2 مليون ميل مربع للدفاع عن الأراضى المتنازع عليها فى بحر الصين الجنوبى فى مقابل حشد جيران الصين أساطيلهم البحرية حول مناطق محدودة المساحة لكل منهم وعدم اخفاء رغبتهم فى استخدام القوة العسكرية ضد السفن المدنية الصينية التى تتجول فى المنطقة ضمن حيلة التوسع بمكر قرب المناطق المتنازع عليها، كما أن الدول الخمس وإن كانت أضعف عسكريا من الجيش الصينى، إلا أنها أقرب من مناطق النزاع حيث مسرح العمليات المرتقب ولهذا عززت قواتها هناك ببطاريات صواريخ شاطئية وغواصات هجوم وبطائرات مقاتلة مزودة بصواريخ مضادة للسفن، ما يمكن هذه الدول من القدرة على تحدى القوة البحرية والجوية الصينية، لكن الاستثناء الوحيد هو ذلك الجزء الشمالى الشرقى من البحر قرب الفلبين الذى يمكن للصين بسهولة هزيمة أى عدو وبسط نفوذها هناك.
ويفند المؤلف بالتفصيل كيف أن استراتيجية شن حرب صينية مباغتة لاحتلال تايوان واعادتها إلى الوطن الأم يمكن أن تنتهى إلى فشل ذريع بفضل نظم الإنذار المبكر المتطورة لدى تايوان ونظم المراقبة بالأقمار الصناعية التى وفرتها الولايات المتحدة وآلاف الجواسيس الذين جندتهم على الأراضى الصينية.
وعلى بعد مئات الأميال شمال شرقى تايوان، تبدو معركة الصين الرئيسية مع اليابان محتدمة حول 8 جزر صغيرة تشكل جوهر النزاع الحدودى للسيطرة على بحر الصين الشرقى وهو فى الحقيقة نزاع على مناطق صيد مربحة ومخزونات بترولية ومناطق استراتيجية، ومرة أخرى يؤكد بيكلى أنه سيكون من الصعب على الصين مهاجمة وتدمير القواعد الجوية اليابانية بالصواريخ؛ نظرا لانتشارها على قواعد عديدة ومتباعدة فضلا عن توافر نظم إنذار حديثة لدى اليابان وامتلاكها 200 طائرة مقاتلة من الجيل الرابع بالإضافة إلى قرب امتلاكها مجموعة من طائرات الجيل الخامس الشبحية التى ستحصل عليها من الولايات المتحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.