رئيس جامعة قناة السويس يشارك في افتتاح المنتدى الخامس لاتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية    مجلس الدولة يفتح باب التعيين لوظيفة مندوب مساعد لخريجى دفعة 2024    سعر الريال القطرى اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى بداية التعاملات    تباين أداء أسواق الأسهم الآسيوية قبل صدور قرار الفائدة الأمريكية    رسميا..الإعلان عن القبول المبدئى لتحالف الجامعة الريادية بقيادة جامعة القاهرة    حدث في الصين .. روبوت يعمل بالذكاء الاصطناعى ينظم مرور الشوارع باحدي المدن.. فيديو    منذ قليل .. مقتل جندى تايلاندى وإصابة آخرين فى اشتباكات حدودية مع كمبوديا    الاحتلال الإسرائيلى يواصل خروقاته لليوم ال59.. قصف مدفعى وجوى فى غزة    بدعوة من وزارة الأوقاف السورية.. مساجد سوريا تصدح ب«تكبيرات النصر» في ذكرى انهيار نظام الأسد    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 والقنوات الناقلة    مركز المناخ يحذر : انخفاض حاد فى الحرارة اليوم وأمطار رعدية على السواحل الشمالية    متحدث الوزراء : بدء التشغيل التجريبى لحديقتى الحيوان والأورمان العام المقبل    هشم رأسها.. شاب يقتل والدته العجوز بآلة حادة في الشيخ زايد    بدء التقييم المبدئى للصفين الأول والثانى الابتدائى فى 13 محافظة    بعد فشل مفوضات السد الإثيوبي.. هل تلجأ مصر للحرب؟ وزير الخارجية يرد    أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين 8 ديسمبر 2025    انطلاق تصويت أبناء الجالية المصرية بالأردن في 30 دائرة من المرحلة الأولى لانتخابات "النواب"    سباليتي بعد الخسارة أمام نابولي: يوفنتوس افتقد السرعة    بدء تصويت المصريين في الخارج ب30 دائرة ملغاة بأحكام القضاء لانتخابات النواب    تصاعد التوتر في الشرق الأوسط ومسار "خطة ترامب" بين إسرائيل وأميركا ( تحليل إخباري )    اليوم.. محاكمة 7 متهمين بقضية خلية مدينة نصر الثانية    انسحاب إيران من سوريا قبل سقوط الأسد..كواليس الساعات الأخيرة    نتنياهو يشكك في قدرة القوة الدولية على نزع سلاح "حماس"    نهال عنبر تنعى صديقة عمرها: قلبي موجوع ومش مصدقة إنك مشيتي    جامعة الفيوم تنظم ندوة توعوية عن جرائم تقنية المعلومات الأربعاء المقبل    أفضل الطرق الطبيعية لملء الفراغات في الحواجب الخفيفة    الرئيس التشيكي: قد يضطر الناتو لإسقاط الطائرات والمسيرات الروسية    ملفات ساخنة وأحداث مُشتعلة فى تغطية خاصة لليوم السابع.. فيديو    ماسك يشبّه الاتحاد الأوروبي بألمانيا النازية    «قد تفكك الجيش».. إعلام إسرائيلي: تصاعد الأزمة بين كاتس وزامير    "من يريد تصفية حسابات معي فليقبض عليّ أنا" ..لماذا تعتقل "مليشيا السيسى "شقيق مذيعة في قناة تابعة للمخابرات !؟    حبس عاطل لقيامه بسرقة وحدة تكييف خارجية لأحد الأشخاص بالبساتين    "قطرة ندى" للشاعر محمد زناتي يفوز بجائزة أفضل عرض في مهرجان مصر الدولي لمسرح العرائس    لميس الحديدي: قصة اللاعب يوسف لا يجب أن تنتهي بعقاب الصغار فقط.. هناك مسئولية إدارية كبرى    حسام أسامة: بيزيرا "بتاع لقطة".. وشيكو بانزا لم يُضِف للزمالك    وزير الإسكان: سنوفر الحل البديل ل الزمالك بشأن أرضه خلال 3-4 شهور    ياهو اليابانية.. والحكومة المصرية    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    إبراهيم حسن: محمد صلاح سيعود أقوى وسيصنع التاريخ بحصد كأس أمم إفريقيا    غرفة عقل العويط    «القومية للتوزيع» الشاحن الحصري لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2026    رئيس "قصور الثقافة": السوشيال ميديا قلّلت الإقبال.. وأطلقنا 4 منصات وتطبيقًا لاكتشاف المواهب    أشرف صبحي: قرارات الوزارة النهائية بشأن حالة اللاعب يوسف ستكون مرتبطة بتحقيقات النيابة    كم عدد المصابين بالإنفلونزا الموسمية؟ مستشار الرئيس يجيب (فيديو)    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    كيف يؤثر النوم المتقطع على صحتك يوميًا؟    الموسيقار حسن شرارة: ثروت عكاشة ووالدي وراء تكويني الموسيقي    أحمد موسى: "مينفعش واحد بتلاتة صاغ يبوظ اقتصاد مصر"    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    أمن مطروح يفك لغز العثور على سيارة متفحمة بمنطقة الأندلسية    وائل القبانى ينتقد تصريحات أيمن الرمادى بشأن فيريرا    أحمد موسى يكشف أزمة 350 أستاذا جامعيا لم يتسلموا وحداتهم السكنية منذ 2018    حاتم صلاح ل صاحبة السعادة: شهر العسل كان أداء عمرة.. وشفنا قرود حرامية فى بالى    حياة كريمة.. قافلة طبية مجانية لخدمة أهالى قرية السيد خليل بكفر الشيخ    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى مصطفى النحاس (1)
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 06 - 2019

تحل علينا بعد أيام قليلة، الذكرى ال 140 على مولد مصطفى النحاس والذى ولد فى 15 يونيو من عام 1879. وللأسف الشديد، فإن اسم مصطفى النحاس قد طواه النسيان لفترة طويلة حتى أن بعض شباب اليوم قد لا يعرفون عنه شيئا سوى ذلك الشارع المسمى باسمه فى مدينة نصر. فقد كتب الكثير عن سعد زغلول وأحمد عرابى، ولكن لا يذكر اسم النحاس إلا نادرا، إلى حد أن المؤرخ الراحل الدكتور عبدالعظيم رمضان قد وصفه فى مقال له فى عام 1974 ب«الزعيم الذى نسيه المؤرخون». وقد بدأ اهتمامى بمصطفى النحاس من خلال ما قرأته عن تاريخ مصر قبل ثورة يوليو 1952، ومحاولاتى فهم الأسباب التى دفعت مجموعة من الضباط إلى القيام بهذه الثورة. وقد استهوتنى هذه الفترة ما بين ثورة 1919 وثورة 1952 والتى بدأت مع قراءة كتاب عفاف لطفى السيد بعنوان «التجربة الليبرالية فى مصر1922 1936» Egypt's Liberal Experiment 1922 1936. وشد انتباهى بطبيعة الحال الدور الذى لعبه حزب الوفد وخاصة زعيماه سعد زغلول ومصطفى النحاس. ورغم أن النحاس لم يحظ بشهرة سعد زغلول كما ذكرنا، إلا أن للرجل دورا وتاريخا لا يمكن إنكاره أو تجاهله. كما أن ما قرأته عن شخصيته واختلافه فى طبعه وسلوكه عن سعد زغلول، دفعنى لأن يكون هو موضوع رسالة الدكتوراه الخاصة بى فى العلوم السياسية من جامعة لندن بعنوان «مصطفى النحاس؛ دراسة فى الزعامة السياسية». فمن كان مصطفى النحاس؟ وماذا كان دوره فى الحركة الوطنية المصرية؟
ولد مصطفى النحاس فى قرية سمنود بمحافظة الغربية حاليا، كان والده تاجر أخشاب ميسور الحال، ومثل أبناء جيله، دخل أولا كتاب القرية ثم المدرسة فمدرسة الحقوق التى تخرج فيها عام 1900. وكانت مدرسة أى كلية الحقوق فى ذلك الوقت تمثل طريق الأجيال الجديدة إلى الوظائف الحكومية وبما تمثله من إغراء أمام الطبقة الوسطى الصاعدة حديثا فى ذلك الوقت. وكان طلبة هذه المدرسة يدرسون فنون الخطابة والكتابة للدفاع عن حقوق الأفراد أمام المحاكم، ثم سرعان ما بدأ الطلبة يتعلمون الدفاع عن حقوق الوطن ككل وليس فقط حقوق الأفراد. وهكذا أصبحت مدرسة الحقوق هى مدرسة الوطنية المصرية وقاد خريجوها الحركة الوطنية سواء من خلال أشهر خريجيها فى ذلك الوقت الزعيم مصطفى كامل، أو من خلال قادة ثورة 1919 وما تلاها من أحداث وتطورات. وكان النحاس، مثله مثل الغالبية العظمى من خريجى مدرسة الحقوق، من أنصار «الحزب الوطنى» (حزب مصطفى كامل) وليس «حزب الأمة» الذى كان يمثل النخبة وعلية القوم وكبار ملاك الأرض الزراعية.
ومع نهاية الحرب العالمية الأولى وإعلان مبادئ ويلسون الأربعة عشر، ومن بينها حق الشعوب فى تقرير مصيرها، سارعت القوى الوطنية المختلفة فى لحظة نادرة من الإجماع الوطنى إلى تشكيل وفد يمثل الشعب المصرى للذهاب إلى مؤتمر فرساى فى باريس للمطالبة بالاستقلال تطبيقا لشعار ويلسون سالف الذكر. ومع قيام ثورة 1919، انضم النحاس وحافظ عفيفى كممثلين عن «الحزب الوطنى» إلى «الوفد المصرى» الذى كان سعد زغلول يقوم بتشكيله للتفاوض مع الإنجليز. وكان سعد زغلول حريصا على أن يكون هذا الوفد الذى يتحدث باسم الشعب المصرى ممثلا لجميع القوى والتيارات فى المجتمع، ولتحقيق نوع من التوازن مع أعضاء «حزب الأمة» فى هذا الوفد. وكان «الحزب الوطنى» ينادى بالاستقلال التام، ويرفض مبدأ التفاوض لما كان يراه فى ذلك من إضفاء لشرعية على الاحتلال. بينما كان «حزب الأمة» يرى أولوية الإصلاح الداخلى وبناء نظام ديمقراطى يؤهل البلاد بشكل تدريجى للحصول على الاستقلال. الملفت للنظر هنا أن سعد زغلول قد نجح فى دمج مطالب «الحزب الوطنى» فى الاستقلال التام والفورى مع أسلوب عمل «حزب الأمة» فى قبول مبدأ المفاوضات، أى أن «الوفد المصرى» تبنى شعار «الحزب الوطنى» فى الاستقلال التام كهدف، ولكنه تبنى نهج «حزب الأمة» فى تحقيق هذا الاستقلال عن طريق التفاوض.
ودون الدخول فى تفاصيل هذه المرحلة، فسرعان ما ظهرت الخلافات بين أعضاء الوفد حول أسلوب التفاوض مع الإنجليز، حيث كان البعض على استعداد للقبول بما كان يعرض عليهم، حتى لو كان ذلك يعنى تقديم بعض التنازلات. وأصبح سعد زغلول وأنصاره، ومن بينهم النحاس، يتم وصفهم بالجناح المتشدد داخل الوفد المفاوض، فى حين أصبح الآخرون يمثلون الجناح المعتدل. وأصبح سعد زغلول والنحاس من بعده فى نظر الشعب والتاريخ ممثلى الحركة الوطنية المصرية، وذلك لتمسكهم بمطالب الأمة فى الاستقلال التام، ورفضهم تقديم أى تنازلات تنتقص من هذا الاستقلال.
هذا الانقسام فى قيادة الحركة الوطنية، بين ما سمى بالجناح المتشدد وبين الجناح المعتدل، لم يعكس فقط الانقسام القديم بين «حزب الأمة» و«الحزب الوطنى»، ولكنه كان يعكس انقساما آخر فى التكوين الاجتماعى لكلا هذين المعسكرين أو الجناحين. فجناح المعتدلين كان يتشكل أساسا من كبار ملاك الأراضى الزراعية، فى حين كان الجناح الآخر الأكثر تشددا يتشكل أساسا من «الأفندية» ذوى الخلفية القانونية وعلى رأسهم المحامون. وهو الأمر الذى سينعكس بعد ذلك على الحياة السياسية المصرية وكذلك داخل الوفد الذى تحول إلى حزب مع انتخابات 1924. وقد تجلى ذلك الصراع والتنافس غير المعلن بين الأفندية وأصحاب الأطيان وبشكل أوضح فى المعركة التى دارت رحاها لانتخاب زعيم «الوفد» الجديد بعد وفاة سعد زغلول فى عام 1927.
فرغم أن النحاس كان سكرتير عام حزب الوفد عند وفاة سعد زغلول، إلا أن ذلك لم يكن يعنى أنه المرشح المؤكد فوزه لمنصب رئيس «حزب الوفد» وخلافة سعد زغلول. وكان المرشح الأوفر حظا فى البداية هو فتح الله بركات، ابن أخت سعد زغلول، والذى يتمتع بتاريخ وطنى لا يقل عن أى شخص آخر. وكان بركات يحظى بدعم النخبة التقليدية فى قيادة حزب الوفد من أقرانه من ملاك الأراضى الزراعية، أو «أصحاب الأطيان» كما كان يطلق عليهم. فى الجانب المقابل، كان مصطفى النحاس من أبناء الطبقة الوسطى الصاعدة من الأفندية المحامين فى ذلك الوقت، وكان لوقوف شباب المحامين وغيرهم من الأفندية كأحمد ماهر ومحمود فهمى النقراشى فى صف النحاس ما رجح فوزه على فتح الله بركات. كان انتخاب النحاس يعنى أن صفحة جديدة فى تاريخ مصر والحركة الوطنية قد بدأت بقيادة أبناء الطبقة الوسطى من الأفندية والمحامين، وهو موضوع المقال القادم بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.