-تصرف غير سديد سيوظف ضد المسلمين أثارت 3 صور نشرت على موقع فيسبوك، جدلًا قديمًا في أوساط الجالية المسلمة في أوروبا، بشأن شراء المسلمين لدور عبادة مسيحية ثم تحويلها فيما بعد إلى مساجد، وذلك وفقًا لموقع «دويتشه فيله». الصورة الأولى لأشخاص يبتسمون أمام الكاميرا، وعلى طرفها رجل ملتحٍ بزي باكستاني يحمل ورقة يعرضها أمام الكاميرا، وكانت الصورة الثانية لمنظر خارجي لبناء يتوسطه صليب كبير، بينما الصورة الثالثة لقاعة كنيسة بمقاعد خالية مصفوفة بانتظام. وجاء في أعلى هذه الصور إعلان عن قيام «مركز الدعوة الإسلامية» بشراء كنيسة في مدينة هاجن الواقعة في ولاية شمال الراين-ويستفاليا. وردًا على هذا المنشور عبر موقع التواصل الاجتماعي، انبرى الباحث والكاتب المتخصص بالشؤون الإسلامية، محمد أمير ناشر النعم -49 عامًا- في إبداء معارضته لمضمونه، فما كان من صاحب المنشور، الذي يعرّف عن نفسه في فيسبوك بأنه خطيب جام، إلا أن حظره. -ورقة ستوظف ضد المسلمين وقال باحث في الشؤون الإسلامية إن للأمر مآلات سلبية، وسيؤدي إلى إثارة اليمين المتطرف، وهو ما يدفع المواطن الأوروبي العادي للحذر والتوجس. وفي تصريح ل DW عربية، يقول الوافد السوري منذ سنوات قليلة إلى ألمانيا: «تتطاير شرارات العداء من عيون اليمين المتطرف تجاه كل مهاجر ولاجئ ومختلف، ويأتي بعضٌ من المسلمين في هذه الأجواء المشحونة فيشترون كنيسةً ما ويزيلون رموزها المسيحية ويحولونها إلى مسجد وسط استعراض وتكبير وتهليل وملامح انتصار، ويقدّمون لليمينيين ذريعة فوق ذرائعهم، ومسوغاً إلى مسوغاتهم». ويتابع محمد أمير ناشر النعم أن شراء الكنائس ليس أمرًا اضطراريًا لا بديل عنه، فالأراضي والمباني المدنية متوفرة، على حد قوله. مؤخراً في مدينة Lüchow في الشمال الشرقي من ولاية سكسونيا السفلى اشترت الجالية المسلمة محطة قطارات تاريخية كانت خارج الاستخدام وحولتها إلى مسجد. وفي منشور على فيسبوك يعود لنهاية العام 2014 حذر الدكتور خالد حنفي، وهو شخصية إسلامية ناشطة في ألمانيا وعموم القارة الأوروبية، من «مغبة الإقدام على شراء الكنائس وتحويلها لمساجد، وحتى لو سمح القانون بذلك أو وافق عليها أهل حي الكنيسة»، مبررًا رأيه بأن ذلك السلوك لا يعكس نضج المسلمين أو وعيهم. ويضيف بأن ذلك ورقة ستوظف في وقت من الأوقات ضد مسلمي أوروبا، على حد تعبيره. -نزيف كنسي شراء كنيسة وتحويلها لمسجد ليس بالأمر الجديد، على سبيل المثال لا الحصر، نهاية العام الماضي (2018) جرى افتتاح مسجد النور في مدينة هامبورج. وقد باعت الكنيسة البروتستانتية بناء الكنيسة لمستثمر قام بدوره بعرض العقار للبيع على شبكة الإنترنت. ومسجد النور هو الأول من نوعه الذي كان سابقاً كنيسة بروتستانتية. وبشكل عام معظم الكنائس التي يتم بيعها لا تتبع الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية، بل هي كنائس مستقلة. وشهدت السنوات العشرين الأخيرة تحويل عدة كنائس إلى كنس يهودية ومركز واحد على الأقل للطائفة العلوية وآخر لشيعة، هو "مؤسسة التراث" في برلين، التي تتبع المرجع علي السيستاني في العراق. -تصرف غير سديد أفاد مدير العلاقات العامة والمتحدث باسم مؤتمر الأساقفة الألمان (DBK)، وهو أكبر تجمع للكنائس الكاثوليكية في ألمانيا، ماتياس كوب، ل DW عربية أن المؤتمر لا يرى أن تحويل الكنائس إلى مساجد تصرف سديد. وذكّر كوب ببيان صادر عن المؤتمر في عام 2008 متعلق ببناء المساجد في ألمانيا، والذي شدد على الاعتراف الصريح بالحرية الدينية المتضمنة بناء دور العبادة المناسبة، بيد أن البيان أكد على ضرورة مراعاة الجوانب الاجتماعية والديمغرافية والعمرانية، بما لا يؤدي إلى نشوء مجتمعات موازي. ومن جانبها أفادت متحدثة باسم الكنيسة البروتستانتية في ألمانيا (EKD) ل DW عربية أن تحويل كنائس إلى مساجد في ألمانيا أمر نادر الحدوث. وتابعت قائلة: «الكنائس ترتبط بذكريات كالصلاة والتعميد والزفاف. ومن هنا ترى الكنيسة البروتستانتية أن تحويل الكنيسة لمسجد ليس الطريق المناسب». وتجدر الإشارة إلى أن ثلث سكان ألمانيا كاثوليك، وثلثهم بروتستانت، والثلث المتبقي من السكان لادينيون، هذا إلى جانب أقليات دينية. ويقدّر عدد المسلمين في ألمانيا بحوالي 5 ملايين شخص، أي حوالي 6 % من إجمالي السكان، غالبيتهم أتراك أو من أصول تركية، ويزيد عدد العرب عن مليون، غالبيتهم من السوريين الذين بلغ عددهم حوالي 750 ألفاً نهاية العام المنصرم. وتشير تقديرات المجلس المركزي للمسلمين في نهاية أكتوبر الماضي، إلى أن عدد المساجد والمصليات في ألمانيا يصل إلى حوالي 2500 مسجدًا، وفي نفس الاتجاه تقريباً قدرها خبراء في البرلمان الألماني بين 2350 و2750. -ماذا عن الرأي العام الألماني؟ في السنوات القليلة الماضية ازدادت عدد الهجمات على المسلمين والمساجد والمنشآت الإسلامية في ألمانيا، حسب بيانات وزارة الداخلية، إلا أنها تراجعت عام 2018 بشكل ملحوظ، مقارنة بالعام الذي قبله. وبلغت تلك الهجمات من شهر يناير 2018 حتى سبتمبر من نفس العام 578 هجمة، بينما كانت 780 اعتداءً في الشهور التسعة الأولى في عام 2017. وتذهب توقعات سلطات الأمن إلى أن الجناة في كل هذه الجرائم تقريبًا هم من اليمين المتطرف. وغطت الكثير من وسائل الإعلام الألمانية الرصينة مثل موقع دير شبيغل وتاغس شبيغل وصحف محلية وغيرها، قضية شراء المسلمين لكنائس بموضوعية وبلغة حيادية معتمدة على الحقائق والأرقام ومفسحة المجال لأصوات مؤيدة ومعارضة. غير أن بعض رواد وصفحات شبكات التواصل الاجتماعي والمنتديات والمواقع اليمينية المتطرفة والشعبوية اتخذت نهجًا تصعيديًا مستخدمة مفردات تحريضية. موقع Anonymous New، الذي يربطه كثيرون بروسيا، كتب «الأسلمة في ألمانيا تخطو خطوات جديدة: كنائس مسيحية تصبح مساجد». وتابع الموقع بأن «أجراس الكنائس في خمس مناطق في محيط مدينة آخن صمتت، بينما أخذ يعلو صوت مكبرات المساجد تؤذن للصلاة».