القوى الأمنية تتوعد بردع العناصر المتفلتة.. قوى «الحرية والتغيير» تعتزم تنظيم صلاة العيد فى الميدان.. وإغلاق مكتب قناة الجزيرة تدفق عشرات الآلاف من المتظاهرين السودانيين على وسط العاصمة الخرطوم ليل أمس الأول، للمطالبة بحكم مدنى، وسط زيادة التوتر مع المجلس العسكرى الانتقالى الذى اعتبر أن «ميدان الاعتصام أصبح خطرا على البلد والثوار». واتهم قائد المنطقة العسكرية المركزية بالخرطوم اللواء بحر أحمد بحر عناصر منفلتة بمهاجمة مركبة تابعة لقوات الدعم السريع والاستيلاء عليها قرب موقع الاعتصام. وأضاف اللواء بحر فى بيان بثه التلفزيون السودانى الرسمى إن «ميدان الاعتصام أضحى غير آمن ويشكل خطرا على الثورة والثوار ومهددا لتماسك الدولة وأمنها الوطنى». وأهابت المنظومة الأمنية بتشكيلاتها المختلفة (القوات المسلحة والشرطة والمخابرات وقوات الدعم السريع) فى بيان أوردته وكالة الأنباء السودانية الرسمية «سونا»، ب«المواطنين الشرفاء باتخاذ الحيطة والحذر والتبليغ الفورى عن أى مظاهر للتفلتات الأمنية والتعاون المطلق مع الأجهزة النظامية». وأكدت المنظومة الأمنية أنها وفية لانحيازها لخيارات الشعب وأنها تعمل لحماية الثورة ولتحقيق شعاراتها فى بسط الحرية والسلام والعدالة، مشيرة إلى أن عناصر متفلتة اختلفت أجندتها عن أجندة الثورة والمعتصمين استغلت مناطق متاخمة لمحيط الاعتصام (شارع النيل) والذى شهد تصاعدا ملحوظا لوتيرة الأحداث والتفلتات رغم مناشدات قيادة قوى الحرية والتغيير الالتزام بمنطقة الاعتصام وإقرارهم بأن ما يحدث خارج نطاق الاعتصام لا يعنيهم ولا يمثل الثورة وامتدت آثار تلك التفلتات إلى داخل الأحياء والمناطق السكنية الآمنة. وتعهدت المنظومة الأمنية بالعمل وفق القانون بما يضمن سلامة المواطنين والعمل بحسم مظاهر الانفلات الأمنى والقانونى وردع المتفلتين. وكان نائب رئيس المجلس العسكرى الانتقالى السودانى، الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف إعلاميا ب«حميدتى»، قد بحث مع قادة القوات النظامية والأجهزة الأمنية، فى وقت سابق، الأوضاع الأمنية فى البلاد خلال الفترة الماضية، و«التدابير والترتيبات» التى سيتم اتخاذها خلال الفترة المقبلة «من أجل تعزيز الاستقرار وحفظ الأمن فى البلاد». وجاء الاجتماع بعد ساعات من إعلان لجنة أطباء السودان، مقتل مواطن بطلق نارى فى منطقة الصدر، «نتيجة تبادل إطلاق نار أسفل جسر النيل الأزرق بالعاصمة الخرطوم (بمحيط مقر الاعتصام)، من قبل القوات النظامية». إلى ذلك، ذكر شاهد لوكالة رويترز أن المحتجين الذين كانوا قد تدفقوا على موقع الاحتجاج رددوا هتافات ضد قوات الدعم السريع، وهى قوة شبه عسكرية يقودها الفريق أول حميدتى. ورددت الحشود هتاف «قوات مسلحة بس والدعم يطلع برا»، فى إشارة إلى قوات الدعم السريع. ووقف البعض أمام شاحنات عسكرية تستخدمها القوة التى تسيطر على العاصمة. ويتهم المحتجون قوات الدعم السريع بمحاولة تقويض الانتقال إلى الديمقراطية، وهى تهمة تنفيها القوات. كما شاركت مئات النساء السودانيات، أمس، بمسيرة احتجاجية باتجاه مقر القيادة العامة للقوات المسلحة فى الخرطوم. وهتفت مئات النساء من جميع الأعمار وقطاعات العمل «حرية وسلام وعدالة! السلطة المدنية هى خيار الشعب»، وقد حملن أعلام السودان ولافتات. وقالت هيام التاج وهى صحفية ثلاثينية شاركت بالمظاهرة لوكالة الصحافة الفرنسية إن «المرأة السودانية تطالب بالعديد من الحقوق، بما فيها العدالة والمساواة والديمقراطية والسلطة المدنية والحكم الرشيد». ويبرز الاحتشاد، الذى جاء تلبية لدعوة أطلقها قادة بقوى إعلان الحرية والتغيير التى تقود الاحتجاجات فى البلاد، لتصعيد الضغط على المجلس العسكرى لتسليم السلطة للمدنيين. ويأتى بعد إضراب استمر يومين نظمه متظاهرون وجماعات معارضة محبطة من الجمود الذى يعترى المحادثات بشأن إدارة المرحلة الانتقالية. ولوحت قوى إعلان الحرية والتغيير بالدعوة إلى عصيان مدنى عام إذا لم يلبِ الجيش مطالبها، وقالت إنها ترتب لإقامة صلاة عيد الفطر بميدان الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم. وكان المجلس العسكرى يجرى محادثات مع قوى الحرية والتغيير من أجل الاتفاق على إدارة المرحلة الانتقالية، إلا أن المحادثات تعثرت وحتى الآن لم يحدد أى موعد جديد لاستئنافها. ويريد المحتجون رئيسا مدنيا للمجلس السيادى، الأمر الذى يرفضه المجلس العسكرى. كما يطالبون بأن يكون الأعضاء ثمانية مدنيين وثلاثة عسكريين، بينما يريد المجلس العسكرى سبعة عسكريين وأربعة مدنيين. واقترح الصادق المهدى، زعيم حزب الأمة (أكبر حزب معارض فى السودان)، أمس الأول، تشكيل حكومة تكنوقراط لتحكم البلاد، بينما يتفاوض الطرفان على اتفاق بشأن تشكيل المجلس السيادى. وكان حزب الأمة قد رفض المشاركة فى الإضراب العام الذى دعا إليه قادة الاحتجاجات. فى غضون ذلك، قرر السودان إغلاق مكتب قناة الجزيرة القطرية بالخرطوم، بحسب ما أعلنت الشبكة على موقعها الإلكترونى، موضحة أن القرار اتخذ من جانب المجلس العسكرى الانتقالى. وقالت القناة القطرية إن «أجهزة الأمن السودانية أبلغت مدير مكتب الجزيرة بقرار المجلس العسكرى الانتقالى إغلاق مكتب الجزيرة فى الخرطوم»، مضيفة أن القرار يشمل أيضا «سحب تراخيص العمل لمراسلى وموظفى الجزيرة». يشار إلى أن دول الرباعى العربى لمكافحة الإرهاب تتهم قناة الجزيرة ب«التدخل» فى شئونها الداخلية، ودعم الجماعات الإرهابية.