"بيطري قناة السويس" تُطلق فعاليات بيئية وعلمية ومهنية شاملة الأسبوع المقبل    الأحد.. مجلس الشيوخ يناقش خطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية للعام المالي 2026/2025    القافلة الدعوية المشتركة بين الأزهر الشريف والأوقاف ودار الإفتاء تواصل ندواتها بمساجد شمال سيناء (صور)    سفيرة الاتحاد الأوروبي: الدور المصري حيوي في تحقيق السلام بالمنطقة    توريد أكثر من 175 ألف طن قمح لصوامع وشون البحيرة    شعبة المستلزمات الطبية تناقش مشكلات القطاع مع هيئتى الشراء الموحد والدواء    انتهاء المباحثات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول    ماكرون يدعو أوروبا لإدانة الوضع فى غزة لكسب مصداقيتها بشأن أوكرانيا    أسلحة برشلونة الفتاكة تجتاح إسبانيا    وفود ببطولة أفريقيا للشطرنج تؤكد قدرة مصر على استضافة الأحداث العالمية    خلال 24 ساعة.. ضبط 19 طن دقيق مدعم داخل المخابز السياحية    الجناح المصري بمهرجان كان يناقش التعاون السينمائي بين الولايات المتحدة ومصر    انطلاق مهرجان كان السينمائي وسط مخاوف من تعريفات ترامب الجمركية على الأفلام    إصلاح اعوجاج بالعمود الفقري وانزلاق غضروفي متعدد بمستشفى دمياط العام    سفيرة الاتحاد الأوروبي تشيد بدور مصر في القضية الفلسطينية    أسعار الأسماك اليوم في مصر    كرة سلة - بتروجت يصعد للدوري الممتاز    «10 مليون دولار!».. مدرب الزمالك السابق يكشف مفاجأة بشأن عدم بيع زيزو    رسميًا.. الزمالك يعلن اتخاذ الخطوات الرسمية نحو رفع إيقاف القيد    وزير الري يعلن الإسراع فى إجراءات بدء تنفيذ عملية تأهيل كوبري عبوده    مصرع 3 بينهم طفل وإصابة 20 آخرين في حادث انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    الإمارات تهدي ترامب "قطرة نفط واحدة".. والأخير ساخرا: لست سعيد بذلك    استطلاع صادم ل نتنياهو.. تراجع حاد في شعبية الليكود والمعارضة تتقدم ب62 مقعدا    هدى الإتربي بإطلالة أنيقة في مهرجان كان السينمائي    عرض الجزء الأول من فيلم "الزعيم" على شاشة الوثائقية غدا السبت    الدقران: غزة تتعرض لحرب إبادة شاملة والمستشفيات تنهار تحت وطأة العدوان    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    شكاوى المواطنين تنهال على محافظ بني سويف عقب أدائه صلاة الجمعة .. صور    رئيس برشلونة يعلن تجديد عقد فليك حتى 2027    تعاون ثلاثي بين الرعاية الصحية وقناة السويس والتأمين الاجتماعي بشأن العاملين بهيئة قناة السويس    الكشف الطبي بالمجان على 1091 مواطنا في قافلة طبية بدمياط    مصرع شاب غرقا في ترعة الإبراهيمية ببني سويف    وفاة طفل وإصابة اثنين آخرين نتيجة انهيار جزئي لعقار في المنيا    منازل الإسرائيليين تحترق.. النيران تمتد للمبانى فى وادى القدس    في أجواء من البهجة.. افتتاح 3 مساجد جديدة الفيوم    بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    موعد بدء إجازة نهاية العام الدراسي لصفوف النقل والشهادة الإعدادية في القليوبية    كاف يكشف عن تصميم جديد لكأس لدوري أبطال إفريقيا    عبدالناصر فى «تجليات» الغيطانى    بسنت شوقي تكشف عن حلم حياتها الذي تتمنى تحقيقه    حال الاستئناف، 3 سيناريوهات تنتظر نجل الفنان محمد رمضان بعد الحكم بإيداعه في دار رعاية    مواصفات امتحان اللغة العربية للصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025    بعد استثنائها من الدخول المجاني.. أسعار تذاكر زيارة متاحف «التحرير والكبير والحضارة»    الإسكان: قرارات إزالة لتعديات ومخالفات بناء بالساحل الشمالي وملوي الجديدة    عدوان متواصل على سلفيت.. الاحتلال والمستوطنون يحرقون منازل ومركبات ويعتقلون السكان    أسعار الأسماك في بورسعيد اليوم الجمعة 16 مايو 2025    حبس متهم بالتعدى على طفلة فى مدينة نصر    مقتل عامل طعنا على يد تاجر مواشي في منطقة أبو النمرس    الصحة: خبير من جامعة جنيف يُحاضر أطباء العيون برمد أسيوط    طريقة عمل السمك السنجاري فى البيت، أحلى وأوفر من الجاهز    الدوري الإسباني.. بيتيس يبقي على آماله الضئيلة بخوض دوري الأبطال    لاعب المغرب: نسعى لكتابة التاريخ والتتويج بأمم إفريقيا للشباب    البلشي: 40% من نقابة الصحفيين "سيدات".. وسنقر مدونة سلوك    د. محروس بريك يكتب: منازل الصبر    أبو شقة: لدينا قوانين سقيمة لا تناسب ما يؤسس له الرئيس السيسي من دولة حديثة    توقفوا فورا.. طلب عاجل من السعودية إلى إسرائيل (تفاصيل)    نشرة التوك شو| حجم خسائر قناة السويس خلال عام ونصف وتحذير من موجة شديدة الحرارة    هل الصلاة على النبي تحقق المعجزات..دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى كتابه «الإسلام بين الشرق والغرب»(1): عزت بيجوفيتش يسأل: لماذا يلجأ الإنسان لصنع العبادات والأساطير؟
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 05 - 2019

نحن أمام كتَاب مُهم، يعد علامة فارقة فى تاريخ الدراسات الفلسفية الإسلامية، كتبه المفكر الكبير الرئيس «على عزت بيجوفيتش» تحت عنوان «الإسلام بين الشرق والغرب»، صدرت منه طبعة دار الشروق الأولى المترجمة إلى العربية بالتزامن مع حلول شهر رمضان الكريم. ولعل هذه الأيام تزيد كتاب بيجوفيتش رونقا وجدية.
لماذا نطلق على هذا الكتاب أنه عَلامَة فَارِقَةٌ فى تاريخ الدراسات الإسلامية؟ الإجابة البسيطة تجىء من مقدمة الدكتور الراحل عبدالوهاب المسيرى للكتاب التى قال فيها: «عزت بيجوفيتش الرئيس السابق للبوسنة، وقائدها السياسى وزعيمها الفكرى والروحى صاحب اجتهادات مهمة فى تفسير ظاهرة الإنسان فى كل تركيبها. وهذه التركيبة، المرتبطة تمام الارتباط بثنائية الإنسان والطبيعة، هى نقطة انطلاقه والركيزة الأساسية فى نظامه الفلسفى...إنه ليس مجتهدا وحسب، وإنما هو مجاهدا أيضا، فهو مفكر ورئيس دولة، يحلل الحضارة الغربية ويبين النموذج المعرفى المادى العدمى الكامن فى علومها وفى نموذجها المهيمن، ثم يتصدى لها ويقاوم محاولتها إبادة شعبه».
أما الإجابة العميقة فهى تأتى من أسلوب الرئيس الراحل بيجوفيتش الفلسفى الراقى، واكتشافه لمناطق جديدة على العقل العربى عن أصل الإنسان وتطوره ونشأة العلوم والفنون والآداب. لكن انبهارنا بكتاب بيجوفيتش لا يجعلنا نهمل عرض المختلفين معه فى آرائه الخاصة عن التقدم التكنولوجى والأخلاق والقيم.
المدهش فى كتاب بيجوفيتش، الذى ترجمه إلى العربية المترجم القدير محمد يوسف عدس، اكتشاف أن المؤلف قادر على استيعاب العالم الغربى، وكل ما يخصه من معلومات ودراسات وإحصاءات، وتصنيفها وتوظيفها. هذه المقدرة آتية؛ لأن بيجوفيتش لديه إلماما غير معتاد بالفلسفات الغربية، حسبما يرى المسيرى، وهو ليس كإلمام أساتذة الفلسفة الذين يعرضون للأفكار الفلسفية المختلفة عرضا محايدا، بل هو إلمام المتفلسف الحقيقى الذى يقف على أرضية فلسفية راسخة ويُطل على الآخر فيدرك جوهر النموذج المعرفى الذى يهيمن عليه. لكن إدراك بيجوفيتش لإنتاج الفلسفة الغربية لا يجعلنا نغفل تحيزه، وهذا طبيعى ومنطقى فى حياة البشر، لأفكار ضد أخرى، من منطلق أن هناك ظواهر لا يمكن تفسيرها بالمنطق.
فلننظر ونتأمل سؤاله: أى لذة توجد فى الزهد والتبتل والصيام وفى كثير من أنواع نكران الذات وكبح النفس؟ فالإنسان (يضحى بنفسه من أجل الوطن أو من أجل جوانب معنوية ليست لها أى قيمة مادية، ويموت دفاعا عن الشرف).
أو لنقرأ عبارته التى توضح رأيه فى الأخلاق والمادية:» إذا غامر الإنسان بحياته فاقتحم منزلا يحترق لينقذ طفل جاره، ثم عاد يحمل جثته بين ذراعيه، فهل نقول إن عمله كان بلا فائدة؛ لأنه لم يكن ناجحا..؟! إنها الأخلاق التى تدور فى إطار غير مادى، هى التى تضفى القيمة على هذه التضحية عديمة الفائدة، لهذه المحاولة التى لم تنجح».
إذن التضحية من وجهة نظر بيجوفيتش تعد خطا فارقا ملموسا فاصلا بين الإنسان والحيوان. وهو هنا يطرح مبدأ مناقض لمبدأ المصلحة والمنفعة. المصلحة حيوانية من وجهة نظره، أما التضحية فهى إنسانية.
كتاب بيجوفيتش دسم، يحتاج إلى قراءات متعددة متأنية، فهو ليس كتابا بسيطا، مكتوب لقارئ كسول، بل هو كتاب عميق شديد التعقيد، رغم بساطة أسلوبه، إذ يتناول موضوعات جدلية مثيرة مختلف عليها فى كل زمان ومكان، خاصة أزمة الهوية بين الشرق والغرب. لكن مقدمة الدكتور عبدالوهاب المسيرى فككت قليلا تعقيد الكتاب، وأضافت إليه لمسة كاتب مبدع متخصص فى كل ما يخص الجانب الحضارى للإسلام.
فكرة محورية
وقد قسم بيجوفيتش كتابه إلى قسمين، الأول وهو مقدمات: نظرات حول الدين، يتحدث فيه عن داروين ومايكل إنجلو، والأداة والعبادة، والفن والدين، والأخلاق والدين، والأخلاق بدون إله، وكذلك الثقافة والتاريخ، والدراما والطوبيا. أما القسم الثانى فيحمل عنوان «الإسلام: الوحدة ثنائية القطب»، يتكلم فيه عن الأنبياء: موسى وعيسى ومحمد، والدين المجرد، وقبول المسيح ورفضه، والطبيعة الإسلامية للقانون، ونوعان من المعتقدات الخرافية، والطريق الثالث خارج الإسلام، فضلا عن تقديمه نظرة أخيرة بعنوان «التسليم لله».
وعن الفكرة المحورية لكتاب «الإسلام بين الشرق والغرب» أى رأيه عن أصل الإنسان يرى المؤلف أن ثمة شيئا ما حدث للإنسان جعله لا يقنع بجانبه الطبيعى المادى الحيوانى مخالفا بذلك التصور الداروينى المادى ودفعه إلى أن يبحث دائما عن شىء آخر غير السطح المادى الذى تدركه الأسماع والأبصار. ولتوضيح هذه الفكرة، قال المسيرى وتساءل المؤلف: «ما هذا الشىء الذى جعل الإنسان لا يكتفى بصنع الآلات التى تحسن من مقدرته على البقاء المادى، وبدلا من ذلك بدأ فى صنع العبادات والأساطير والمعتقدات الخرافية والغريبة والرقصات والأوثان والسحر وأفكاره عن الطهارة والنجاسة والسمو واللعنة والبركة والقداسة والمحرمات والمحظورات الأخلاقية التى تشمل حياته بأسرها..؟ ما الذى جعل الإنسان لا يقنع بالدلالة المباشرة للأشياء، وإنما يضيف لها دلالة متخيلة تكون أكثر أهمية فى نظره من دلالتها الواقعية؟». فبينما يذهب الحيوان للصيد مباشرة ويوظف كل ذكائه فى اصطياد الفريسة يحيط الإنسان مثل هذا الفعل بطقوس وأحلام وصلوات.
المثير فى كتاب بيجوفيتش الذى تناوله بالقراءة العديد من المفكرين والكتاب العرب مثل فهمى هويدى وأحمد بهجت وأنيس منصور أنه يركز على الفنون والآداب فى نقده للنظرية الداروينية التى لم تكرس اهتماما كافيا للظواهر الثقافية، لسبب بسيط، حسبما يرى المسيرى: وهو أن هذه الظواهر ليست نتاج التطور. أو لأن الفن شأنه شأن الأخلاق والدين وكل الظواهر الروحية يتجاوز الرؤية المادية، ولذا لا يمكن تفسيره تفسيرا ماديا. فالعلم الذى يدور فى الإطار المادى يعطينا صورة دقيقة عن العالم، ولكنها صورة خالية من الحياة ومن الروح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.