صدر عن مؤسسة الفكر العربي في بيروت كتاب جديد للباحث الفرنسي برتران بادي، تحت عنوان "عندما يعيد الجنوب اختراع العالم"، وقد تولى ترجمته إلى العربية الدكتور جان جبور. وبدعوة من جامعة القديس يوسف والمركز الفرنسي في لبنان ومؤسسة الفكر العربي، يقدم مؤلف الكتاب برتران بادي محاضرة بعنوان "القوميات والشعبويات في عالم معولم"، في 7 مساء غد الثلاثاء بحرم العلوم الاجتماعية، هوفلين، بيروت، وتليها حفلة توقيع النسخة العربية من كتابه. يستكمل الباحث الفرنسي برتران بادي في كتابه "عندما يعيد الجنوب اختراع العالم" المشروع الذي بدأه سابقا في تفكيك النظام الدولي الحالي ونقده، بدءا من كتابه الشهير "زمن المذلولين" (2014) وحتى الكتاب الأخير "لم نعد وحدنا في العالم" (2016)، وتولت مؤسسة الفكر العربي ترجمته أيضا، والذي أشار فيه إلى أن القوى القديمة عاشت لفترة طويلة في وهم هو أشبه بالهوس، بأنها تقود العالم وتختصره بمفردها، وأن العلوم السياسية بمنحاها الرسمي كانت في الواقع إسقاطا لهذا التاريخ الأوحد لغرب يمتد على مر القرون. يحاول المؤلف في كتابه الجديد، الإبقاء على تماسك هذه الفرضية، لكنه يسعى هذه المرة للنظر إلى العالم بمنظار الجنوب، وإخراجه من التهميش الذي يدفع إليه، من خلال تسميات تلصق به مثل "العالم الثالث"، "المناطق الطرفية"، وغيره. ويسعى الكتاب للإجابة عن 3 مسائل: أولا ما يتعلق بهوية "الجنوب"، هذه التسمية الجغرافية التي تبدو ملتبسة ما أن نطبقها على تعقيدات العلاقات الدولية. المسألة الثانية تتعلق بطبيعة هذا المسار، بهذا الدخول البطيء إلى العالم، والذي نتناسى أنه كان مصدرا لعمليات فشل متتالية لا نزال ندفع ثمنها غاليا إلى اليوم. المسألة الثالثة تتعلق بالنتائج، إذ عقب إنهاء الاستعمار، أدخلت العولمة في غضون بضعة سنوات ثلثي البشرية في لعبة دولية كانت قد استبعدت عنها حتى هذا التاريخ، مع ثقافاتها التي تعود لآلاف السنين، ومشكلاتها الخاصة بها، وذاكرتها المشحونة بعمليات الإذلال المتكررة. يخلص الكاتب إلى أنه لا بد من السعي الجاد لبلورة نظام عالمي حقيقي، إذ لم يعد من الممكن اليوم تصور علم يعنى بالشؤون الدولية من دون بذل هذا الجهد المتواصل والدؤوب لإعادة بناء خصوصية كل الفاعلين، مع إعطاء الأولوية لأولئك الذين ينتمون إلى تاريخٍ آخر.