قطع الشيخ، عبدالله محمد العدادسي، مسافة تقدر بنحو ألف كيلو متر، في رحلته التي استغرقت 12 ساعة من واحة سيوة في صحراء مصر الغربية، وصولًا إلى معرض الزهور المقام بحديقة الأورمان بالجيزة، حتى ينقل تراث وخيرات "واحة الغروب" إلى سكان العاصمة. "ملامح الواحة" بدت المنتجات السيوية ذات الطابع المميز بجلاء بين النباتات والورود والمزهرات التي يحويها معرض زهور الربيع المقام في حديقة الأورمان بالجيزة، فعلى مشارف معرض الزهور تجد نفسك أمام قطعة من أرض سيوة، ونموذج مصغر من خيراتها ذات الطابع المميز ينقل لك ملامح الواحة بجلاء. يقف الشيخ العدادسي، البالغ من العمر 54عامًا ابن قبيلة العدادسة بين منتجات سيوية بعضها غذائية وأخرى علاجية وتجميلية مرتديًا جلبابًا أبيض ذو طابع بدوي يسمى باللغة الأمازيغية "اتبرنا ملا" يعلوه سترة مرصعة بالحروف الأمازيغية التي أعتاد أهل واحة سيوة نقشها على مشغولاتهم اليدوية، وملابسهم، داخل وحدة العرض الخاصة بالمنتجات السيوية. "خيرات سيوة" لدى الشيخ العدادسي الذي يشارك للمرة الأولى في معرض الزهور أهدافًا جمة إلى جانب أهدافه التجارية؛ إذ يرغب في نقل تراث وثقافة الواحة البدوية إلى أهالي الحضر، عبر نقله خيرات سيوة إليهم بحسب تعبيره؛ وداخل وحدة العرض الخاصة به التي قد لا تتعدى مساحتها بضع أمتار تجد أنواعًا متعددة من التمور السيوية، كالتمر الفريحي والمجدول والكعيبي والبارحي، بعضها مجفف وأخر مصنع بطرق مطورة بالحشوات والأطعمة المختلفة، قدمت من واحة سيوة التي لقبها أجدادنا الفراعنة ب"سيخت أم" أي أرض النخيل. وإلى جانب تلك التمور السيوية المميزة تحوي وحدة العرض مجموعة من المنتجات الغذائية البدوية كزيت الزيتون، والنعناع الصحراوي السيوي، وشاي الزردة الذي يجلبه أهالي الواحة من القبائل الليبية، وأيضًا بعض المنتجات العلاجية التي تشتهر بها سيوة كعشبة المورينجا، وعشبة الحنظل الذي يستخدم لعلاج آلام القدمين، عشبة الليمون التي تستخدم لعلاج مرضى القولون، والعرقسوس الصحراوي الذي يستخدم للتخلص من الأملاح الزائدة في الجسم، فضلًا عن المنتجات التجميلية كالكجل والحنة السيوي وصابون الجمال الذي يستخدم في حمام كليوباترا،والملح الصخري. "أهداف تجارية ومآرب أخرى" يرحب الشيخ الذي يقف مبتسمًا وسط معروضاته بمريدي معرض الزهور، قائلًا "أﻧﺴﻮﻑ ﻳﺴﻮﻥ"، وتعني "أهلًا بكم" باللغة الأمازيغية التى لا تزال حاضرة وبقوة بين أهالي الواحة، وعلى الفور يسترسل في الحديث عن الواحة التي تشتهر بالسياحة العلاجية لكون رمالها الدافئة صالحة لأغراض الطب البديل، ثم يحكي لهم عن معالمها كجبل الموتى، ومعبد آمون وعين كليو باترا، وعين فطناس الشهيرة ب"بواحة الغروب"، حيث تسقط الشمس في مياهها، أملًا في أن يسهم بذلك في تنشط السياحة هناك؛ فأهالي الواحة يعتمدون إلى جانب زراعة النخيل والصناعات اليدوية البسيطة على السياحة. "يزفر بالتراث" يزفر العدادسي بتراثه البدوي ويتحدث إلى الزوار عن كل منتج يعرض لديه بفخر، لاسيما التمور، فقبائل سيوة كالمحمودات والعدادسة والتراحنة تعتبر النخيل عصب الواحة وجزئًا لا يتجزأ من تراثها؛ فحين يود أهل الواحة التعبير عن الترحاب بضيف هام، يقدمون له "الجمار"، وهو قلب النخلة الذي إذا اجتز منها توقفت عن الإثمار؛ لذا يقدم "الجمار" أيضًا كهدية لأم العروس السيوية وجزءًا من مهرها نظرًا لأهميته. ويطمح العدادسي في التوسع وتطوير نشاطه بحلول معرض الزهور العام المقبل عبر جلب جزء من التراث اليدوي لأهالي الواحة كالجرار المصنوعة من خوص النخيل التي يسميها أهالي الواحة ب"المعمورات" بحسب اللغة الأمازيغية السائدة بينهم، فضلًا عن جلب نماذج من الزي السيوي المميز، وبعض المشغولات اليدوية المصنعة بأيادي نساء قبائل الواحة، مشيرًا إلى سعادته بإقبال الزوار عليه، ومؤكدًا مداومته على المشاركة في الأعوام المقبلة.