يحتفل البابا شنودة الثالث بعد أيام بالذكرى ال38 لاختياره بطريركا وفقا لنتائج القرعة الهيكلية المنعقدة فى 31 أكتوبر 1971 بالكنيسة المرقصية القديمة، وهى القرعة التى نصت عليها لأول مرة فى تاريخ الكنيسة لائحة انتخاب البابا الصادرة فى 1957. البابا شنودة أو نظير جيد روفائيل، مواليد قرية سلام مركز أبنوب محافظة أسيوط فى 17 أغسطس 1923، لم يكن من أبناء الكنيسة التابعين لقيادتها بل أحد أبرز شباب المعارضة الكنسية، وصاحب المقالة الشهيرة «جيب البطريرك» المطالبة بفحص الذمة المالية لبابا الإسكندرية بمجلة مدارس الأحد عام 1953. لكن نظير العلمانى سرعان ما دخل الرهبنة باسم «الراهب أنطونيوس السريانى»، وسرعان ما أصبح الرجل المعارض سابقا سكرتيرا للأنبا كيرلس البابا الراحل. لم يكن أمام الراهب أنطونيوس السريانى بعد أن ترك مجموعة رهبان الأب متى المسكين فى وادى الريان إلا أن ينضم لدير البراموس بل ويصدر طبعة ثانية من كتابه الأشهر «انطلاق الروح» مستبعدا منه الشهادة المقدمة لمعلمه الأول الأب متى المسكين الذى كان على خلاف واسع مع البطريرك الراحل البابا كيرلس السادس. ويظهر أن نظير جيد ولد لتلتف حوله الجماهير، فكما تحركت معه فى مجلة مدارس الأحد، تحركت معه مجددا بعد أن أصبح الأنبا شنودة أسقفا عاما للتعليم الدينى وشئون المعاهد الدينية، فوقفوا معه فى الكاتدرائية ضد البابا كيرلس، بعد أن تحولت الصداقة إلى صدام، وهتفوا «يسقط البابا الجاهل»، فى منتصف الستينيات. عام 1971 كانت الظروف سانحة للأنبا شنودة لتحقيق حلمه الثورى فى إصلاح الكنيسة، فمع وفاة البابا كيرلس فى هذا التاريخ، أصبح الطريق ممهدا لشباب الإصلاح، بعد أن تجاوز عمرهم الأربعين، وقضوا فى الرهبنة ما يكفى من السنوات لتخطى حاجز ال15 سنة اللازمة للترشح للبطريركية. عام واحد لا أكثر مضى على تولى الأنبا شنودة للبطريركية، وكانت الجماهير تسير فى تظاهرة بصحبة أكثر من مائة كاهن تجاه كنيسة الخانكه لتعلن التحول الأوسع فى خريطة تحرك الأقباط تجاه الدولة والمجتمع وما هى إلا أيام وانفجرت الأحداث الطائفية هناك. بعد عشر سنوات وبالتحديد فى مطلع سبتمبر 1981 كان الأب متى المسكين قد تم استدعاؤه للقصر الرئاسى لمناقشة نية السادات فى اعتقال البابا. وما كان من المسكين إلا أن طلب من السادات الاكتفاء بتحديد إقامة الأنبا شنودة فى الدير وتعيين لجنه خماسية لإدارة الكنيسة من الأساقفة المقربين للبابا. وقد كان، وصدر قرار السادات فى 5 سبتمبر 81 بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم (2782) لسنة 1971 بتعيين البابا. يناير 1985، عاد البابا شنودة إلى ممارسة مهام كرسيه بعد أن أصدر الرئيس مبارك قراره رقم 6 لعام 85 بإعادة تعيين بابا الإسكندرية بعد أربع سنوات من تحديد الإقامة فى الدير (حيث قضى شهرا واحدا من تحديد الإقامة فى ولاية السادات، وثلاثة سنوات بعد ولاية مبارك). وكان هذا التحول الأخير، فقد خرج البابا من الدير ليصفى معارضيه. كانت أولى قراراته استبعاد الأنبا يؤنس أسقف الغربية ورجل البابا المقرب سابقا من سكرتارية المجمع لأنه وافق على الانضمام إلى اللجنة الخماسية التى عينها السادات لإدارة الكنيسة. الأنبا شنودة الثالث هو البطريرك رقم 117 على كرسى الإسكندرية للأقباط الأرثوذكس، ويحتفل فى 14 نوفمبر المقبل بعيد تنصيبه ال38. وفى عهده شهدت الكنيسة نموا غير مسبوق فى تعداد الأديرة والكنائس فى الداخل والخارج، فقد ارتفع تعداد الأديرة من 9 أديرة، حسب أول تعداد رسمى يصدر عن المجمع المقدس فى 1989، إلى 21 ديرا، بمعدل دير جديد كل عام. وارتفع تعداد الكنائس فى الخارج من 4 كنائس وذلك منذ إنشاء أول كنيسة قبطية فى أمريكا الشمالية عام 1964 إلى أكثر من مائتى كنيسة بالولايات المتحدة وكندا وأستراليا وفرنسا وبعض دول وسط أفريقيا. كما ارتفع عدد الأساقفة أعضاء المجمع المقدس من 28 أسقفا مع نهاية عصر البابا كيرلس إلى 96 أسقفا الآن. وقد رسم البابا شنودة بمفرده 115أسقفا توفى منهم 19. وفى توسعه وتحولاته غاب عن الأنبا شنودة أنه نظير جيد رجل المعارضة الشهير فأوقف ثلاثة من أساقفته الثوريين عن العمل وعزل عشرات الكهنة والعلمانيين من رجال المعارضة.