نادرا ما يمكن لبلد أن يتحد حول سياسي في وقت الأزمات مثلما حدث في نيوزيلندا التي اتحدت بكل أطيافها حول رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن التي حظت بإعجاب واحترام العالم أجمع بسبب تعاملها الإنساني مع الهجوم الدموي الذي استهدف مسجدين في مدينة كرايست تشيرتش، وأسفر عن مقتل 50 شخصا وإصابة العشرات. وباتت أرديرن رمزا عالميا للمواساة في أعقاب هجمات كرايست تشيرش، كما باتت مصدرا للأمل في بلد يتآلم بكل أطيافه بغض النظر عن انتمائهم السياسي أو الفكري أو الديني .. فقد أظهرت لمسة إنسانية في التعامل مع الكراهية وتمكنت بلمساتها الحانية ومواساتها لأسر ضحايا الهجوم امتصاص جزء كبير من موجة الغضب العارمة التي اجتاحت نفوس الشعب النيوزيلندي لاسيما المسلمين منهم. وذكرت شبكة "سكاي نيوز" البريطانية - في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني بالنسخة الإنجليزية - أنه عندما تلقت أرديرن مكالمة هاتفية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتعبير عن دعم أمريكا، أخبرته أنه يمكنه أن يساعد بالتعبير عن "التعاطف والحب" للمجتمعات الإسلامية. وعندما واجهت أسر الضحايا مشاكل في التحضير لجنازات ذويهم، قامت بتسريع عملية تجهيز التأشيرات للأقارب في الخارج وأمرت الحكومة بتغطية تكاليف الجنازات. كما كانت رسالتها واضحة في الخطاب الذي القته أمام البرلمان حينما قالت "نتمنى أن يشعر كل عضو في مجتمعنا بالأمان، السلامة تعني التحرر من الخوف ومن العنف، والتحرر من مشاعر العنصرية والكراهية". ودعت أرديرن شركات التواصل الاجتماعي إلى تحمل المزيد من المسؤولية، بعد أن تم بث الهجوم الدموي عبر موقع "فيس بوك" كما تم نشر روابط لبيان منفذ الهجوم عبر تويتر، وقالت " لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي ونقبل أن تكون هذه المنصات موجودة فحسب، وأن ما يقال فيها ليس مسؤولية المكان الذي نشرت فيه". وتعهدت بحرمان المسلح الأسترالي برينتون تارانت من الشهرة التي يسعى لنيلها عبر تجاهل ذكر أسمه وحثت الآخرين على ذكر أسماء الذين قتلوا عوضا عن ذكر اسم الرجل الذي سلب أرواحهم. وبهذه المواقف الإنسانية والنبيلة باتت أرديرن زعيمة فريدة من نوعها، تتمتع بحب وإحترام شعبها والعالم أجمع وقادرة بالحب على لم شتات شعبها في وقت بالغ الصعوبة وغير مسبوق على دولة طالما تمتعت بالأمن والسلام.