الحرف العربى أداة للكتابة والتلوين يؤمن الفنان سامح إسماعيل بقدرة الحرف العربى على التشكُل، ويسعى بدأب منذ بداية تجربته إلى تطويع أحرف الكتابة وفق صيغ ومسارات بصرية مختلفة ومغايرة لما استقر فى الذاكرة من محاولات وتجارب كثيرة، تجارب فنية ما زالت تتفاعل على الساحة إلى اليوم شرقا وغربا. بين هؤلاء اختار إسماعيل أسلوبه الذى يجتهد فى صوغ ملامحه الخاصة، كما يسير بخطى حثيثة وواثقة نحو تأكيد قناعته ورهانه هذا من خلال عمله المستمر والدءوب. يعرض الفنان سامح إسماعيل مجموعة من أعماله حاليا، وحتى الرابع من مارس فى قاعة الزمالك للفنون تحت عنوان «تدوين الذاكرة»، وهو عرض يضعك فى قلب تلك التجربة التصويرية التى خاضها الفنان مع الحرف واللون مرسخا لعلاقة حميمة بينهما، علاقة ما تزال فى عنفوانها وتبشر بالكثير. فى كل معرض من معارضه لا بد أن تلمح إضافة جديدة لتجربته مع الخط العربى، إضافة تحمل شغفا حقيقيا بقدرة أحرف الكتابة العربية على التشكل.. الحرف العربى تحديدا يحمل طاقة بصرية لم تُكتشف قدرتها وحدودها بعد. يؤمن إسماعيل بذلك الأمر ويسعى إلى اكتشاف ما تحمله هذه الأحرف الملتوية ذات النقاط والعلامات الكثيرة من قيم بصرية. هو مشغول ببنية الخط واستبيان ما فيه من قدرة على مسايرة العصر، يبدو ذلك من تصاميمه وإسهاماته المميزة فى هذا المجال. وهو أحد الفنانين المصريين الذين استطاعوا وضع الخط العربى على مصاف التشكيل كمفردة بصرية قادرة على مسايرة أدوات العصر وأحكامه التقنية. هو يضع الحرف إلى جوار الحرف، والنقاط إلى جوار بعضها. يطمس هنا، ويكشف هناك عن اتساق أو امتداد ما. المساحة المرسومة فى لوحات سامح إسماعيل محتدمة بالحركة، تلمح بينها أشلاء حروف وإشارات، وعلامات تنبض تحت وقع اللون.. مساحات مستطيلة وأخرى دائرية، هو يكشط على السطح ويمسح بسكين اللون، كما يضرب بالفرشاة. يراكم طبقات من الشكل فوق بعضها، ويُمعن فى تقطيع أوصال الحرف.. لا نرى كلمات هنا بقدر ما نشعر بقساوة وقعها واحتضارها فوق المساحة المفتوحة على مصراعيها لكافة الاحتمالات. بين ما يعرضه سامح إسماعيل ثمة عدد من الأعمال المنفذة بطريقة الكولاج (القص واللصق).. مِزق من أوراق لم يراع الفنان طمس معالمها وأعاد صوغها من جديد على مساحته الملونة، كما أضاف إليها شيئا من روحه وأسلوبه ونزعته التصميمية أيضا. ما يفعله إسماعيل هو تجريدية لونية تشكل ملامحها أحرف الكتابة. هو يرسم خارطة اللوحة باللون أولا ثم يضع الأحرف والنقاط مقابل الخطوط والفواصل والأطر اللونية المحددة للمساحات. لا نمط أو شكل محدد يمكن أن نتبين به ما ستسفر عنه مغامرته القادمة مع اللون، لكننا على يقين أنه لن يتخلى عن الحرف ووجوده ضمن تركيبة اللوحة وعناصرها فى تجربته التصويرية. تخرج سامح إسماعيل فى الفنون الجميلة فى القاهرة عام 1997، ودرس فن الخط العربى فى مدرسة الخطوط العربية، وعمل فى مجال الدعاية والإعلان والتصميم، وأقام أول معرض فردى له عام 2006 .