تشهد العلاقات المصرية الحالية مع القارة السمراء انتعاشا ملموسا، ولا زالت مصر تسعى للحفاظ على مكانتها وأن تصبح على رأس القارة السمراء، من خلال التعاون الإفريقي المشترك في جميع المجالات، والتواجد الفعلي في المحافل الدولية الإفريقية. ويأتي عام 2019 لتمتلك مصر معه دورها الرائد في القارة السمراء، وذلك من خلال الأنشطة والمشروعات الدولية التي من شأنها أن تقرب المسافات بين أبناء القارة الواحدة، بالإضافة إلى ترأس مصر بعض الكيانات الإفريقية، كان آخرها اختيار مدينة أسوان عاصمة للشباب الإفريقي، وتسلمها رئاسة «الاتحاد الإفريقي» بالأمس بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي. وتستعد مصر لبناء مشروعات ضخمة تربط بينها وبين إفريقيا، وتوطد العلاقات بين دول القارة السمراء الواحدة؛ تمهيدا للمشاركة الفعالة في النشاطات المختلفة التي تنوي مصر مشاركتها مع دول إفريقيا. أما عن ربط مصر بإفريقيا على المستوى الفكري، فقد أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي عن إطلاق النسخة الأولى من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة خلال عام 2019، وذلك عقب تسلمه رئاسة الاتحاد الإفريقي للعام 2019، خلال فعاليات مؤتمر القمة الإفريقية ال32. وأوضح السيسي أن المنتدى سيكون منصة إقليمة وقارية تجمع قادة السياسة والفكر والرأي وصناع السلام وشركاء التنمية؛ لبحث الربط بين السلام والتنمية بشكل مستدام بما يصنع الأمل في نفوس الشعوب. وتستعرض "الشروق" 4 مشروعات مصرية عملاقة ستربط مصر بالقارة السمراء. 1- مشروع الربط الكهربي: هو مشروع مصري يستهدف ربط مصر بدول القارتين الإفريقية والأوروبية، عن طريق إمداد دول القارتين بالكهرباء عن طريق الأبراج المعدنية العابرة للحدود، كما أنه من المتوقع أن يحول مصر إلى نقطة مهمة في نقل الكهرباء للقارتين بحلول عام 2035. ويدرس الجانبان المصري والسوداني التوسع في المشروع للتمكن من الوصول إلى 3 آلاف ميجاوات في المرحلة الثانية، في الوقت الذي تشارك فيه مصر بما يقارب 56 مليون دولار لبناء المشروع، بخط ربط يضم 300 برج داخل الأراضي المصرية. وكان الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء قد أعلن في وقت سابق عن أن خدمة الطاقة الكهربية التي سترسلها مصر إلى السودان ستكون على أرقى مستوى وفقا للمعايير الدولية، لأنها تمثل سمعة مصر. وسوف يمثل الخط نقلة نوعية في مجال نقل الركاب والبضائع بين البلدين، على نحو يكفل التطوير في وسائل النقل الأخرى، ويعزز حجم التبادل التجاري ويحميه من أي مؤثرات سياسية. ومثلت مباحثات وفد فني من الهيئة العامة لسكك حديد مصر، مع وزارة النقل السودانية، خلال زيارتهم للخرطوم، أكتوبر الماضي، خطوة جادة نحو تنفيذ المشروع، من حيث دراستهم لسبل تنفيذ مشروع خط ربط السكك الحديدية بين البلدين، من أسوان وحتى أبو حمد في السودان. 2- مشروع الربط المائي "الإسكندرية-فكتوريا": هو مشروع للربط المائي بين بحيرة فيكتوريا الواقعة في إفريقيا ومياه البحر الأبيض المتوسط في مصر. وقال الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الري والموارد المائية، الأحد الماضي، إن مشروع ربط بحيرة فيكتوريا بمياه البحر المتوسط سيساهم في عمل نهضة إقليمية لكل دول حوض النيل، مضيفا أن المشروع سيكون له تأثيرا إيجابيا على حركة التجارة والصناعة والسياحة على طول الممر الملاحي لنهر النيل، وذلك خلال لقائه في برنامج «المواجهة»، المذاع عبر فضائية «إكسترا نيوز». وتقع بحيرة فكتوريا في وسط القارة الإفريقية، وتطل عليها 3 دول إفريقية هي (أوغندا، وتنزانيا، وكينيا)، بمساحة تبلغ حوالي 69.490 كم2، وبطول 410 كم، وعرض 1.5 كم. الربط المائي يأتي ضمن رؤية مشروع "قارة واحدة - نهر واحد - مستقبل مشترك"، وتم البدء في تنفيذه عبر تطوير قناطرأسيوط، وتقدر تكلفة تنفيذ المشروع بالكامل من 18 مليار دولار، وسيتضمن المشروع إنشاء ممرات تنمية تشمل مجاري نهرية بنهر النيل وبحيرة فيكتوريا، وسكة حديد وطرق برية وشبكات للإنترنت ومراكز لوجستية وتنمية تجارية وسياحية بين دول حوض النيل، بالإضافة إلى تنشيط التجارة بين دول القارة. سيتم تمويل المرحلة الأولى لدراسة المشروع بواسطة بنك التنمية الإفريقي، بمبلغ 650 ألف دولار، وذلك لبناء قدرات الدول في مجال النقل النهري وإعداد الدراسات للأطر القانونية للملاحة النهرية بنهر النيل، ووضع جدوى الدراسة، على أن تتحمل مصر تمويل وإعداد دراسة ما قبل الجدوى. 3- مشروع الربط البري "القاهرة-كيب تاون": هو أطول مشروع لربط دول شمال إفريقيا بدول الجنوب، من خلال إنشاء الطرق البرية العابرة لدول القارة، وذلك بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي لتسهيل حركة الاستثمارات. وسيصل طول طريق (الإسكندرية-كيب تاون) تقريبا إلى 9700 كيلومتر، وسيستخدم في نقل البضائع على وتيرة أسرع من التي كانت عليها في السابق، في مدة 4 أيام فقط. وقال اللواء عادل ترك رئيس الهيئة العامة للطرق والكباري، في تصريحات سابقة، إن مصر بدأت في تنفيذ المرحلة الأولى للجزء الخاص بالمشروع داخل الحدود المصرية والذي سينطلق من القاهرة إلى المنيا، على أن يجري العمل في المرحلة الثانية من المنيا إلى أسيوط، أما المرحلة الثالثة من المشروع ستبدأ من أسيوط حتى قنا، أما الرابعة والأخيرة فستبدأ من قنا وحتى معبر أرقين على الحدود مع السودان. وسيمر الطريق البري العملاق عبر 9 دول إفريقية، هي (مصر، والسودان، وكينيا، وإثيوبيا، وتنزانيا، وزامبيا، وزيمبابوي، والجابون، وحتى كيب تاون عاصمة جنوب إفريقيا). 4- مشروع الربط البري "السكة الحديد": يستهدف المشروع العملاق إنشاء سكة حديد تربط دول إفريقيا ببعضها البعض، وستكون انطلاقتها من الأراضي المصرية من العاصمة الثانية الإسكندرية حتى الخرطوم. وجاءت فكرة المشروع بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال زيارته الأخيرة للعاصمة السودانية، الخرطوم، وسيبلغ طول السكة الحديد ما يقرب من 900 كم. كان التحدي الأكبر الذي واجه المشروع هو عدم تناسب سكك حديد مصر والسودان مع مواصفات سكك حديد مصر والعالم، لذا تم الاتفاق بين البلدين على تغيير خط سكك حديد السودان لاستبدالها بحديثة تتناسب مع المواصفات المصرية. ويهدف المشروع إلى تسهيل حركة التبادل التجاري بين البلدين، وليس هذا فقط بل سينقل القطار الركاب والبضائع معا، وسيتم تمويله من الجانب الصيني في الغالب أو من دول الخليج، وسيمتد في الأراضي السودانية بطوال 250 كم، بإجمالي 900 كم في البلدين. يذكر أنه في نوفمبر من العام الماضي، حددت وزارة النقل خط سير القطار بحيث يصبح امتدادا لخط قطار (إسكندرية - أسوان) وصولا إلى الخرطوم.