توتر وحيرة، خوف يصاحبه حب التجربة، وحلم الفستان الأبيض والكوشة يقترب، ولكن ياسمين مترددة لم تتخذ القرار بعد. من أسبوع جاء عريس جديد، وانطلقت عاصفة الأسئلة المتكررة: أقبل أو أرفض على أى أساس؟. تهرب صاحبة ال25 عاما من الموقف بالرفض، والذى يعتبره الأهل رفاهية فى زمن أصبح فيه الزواج صعبا، «إنتى بتدلعى» يقول الأهل، وترد عليهم «أنا حرة مش عاوزه أتجوز». هذه الجملة التى تنهى بها ياسمين النقاش تحمل توترها، ولكنها لا تحمل المعنى الحقيقى «أنا خايفة، ده قرار حياتى». هى لا ترفض الزواج ولكنه الخوف من الفشل فى مجتمع يرفض فكرة الانفصال. يقول مدحت عبدالهادى استشارى العلاقات الزوجية إن ما تمر به ياسمين من توتر، هو إحساس مشترك بين الذكور والإناث المقبلين على خوض تجربة الزواج، «المشكلة إنهم مش عارفين هما عاوزين إيه»، ولهذا يكون اختيار شريك الحياة غير صحيح، مما تترتب عليه من توتر الحياة الزوجية أو الطلاق. تشير إحصائية حديثة للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، إلى أن نسبة الزواج فقد زادت خلال 2008، ولكن مع زيادة 8% فى نسبة الطلاق مقارنة بالعام السابق 2007، ليصل عدد المطلقين إلى 362 مطلق خلال العام، فيما تتركز أعلى نسبة للطلاق بين الذكور فى الفئة العمرية من 25 إلى 30، وبين الإناث من 20 إلى 25 سنة. «اقعد مع نفسك واسألها أنا مين؟ وبعد ما تجاوب اقعد تانى معاها، واسألها أنا عاوز أتجوز ليه؟» ويقول د. مدحت أن الإجابة عن السؤالين تضمن أساسا سليما للاختيار، سواء كان الارتباط تقليديا عن طريق الأهل أو ارتباطا عاطفيا. من أنا؟ إجابة هذا التساؤل السهل الممتنع تحتاج إلى صراحة ووضوح، وكثير من التصميم والجهد، لأنه الخطوة الأساسية للاختيار السليم، «تعرف إزاى إذا كان الطرف الثانى ها يسعدك وإنت مش عارف إيه اللى ممكن حقيقى يبسطك»، فالفرد لن يستطيع أن يحدد المواصفات، التى يريدها فى الطرف الآخر، إذا لم يكن يعرف نفسه. «بعدما تعرف إنت مين هات ورقه ثانية، واكتب فيها كل المواصفات اللى ممكن تكون موجودة فى البشر، بداية من الحنان إلى الفلوس، وأعطى كل صفة درجة من عشرة على حسب الأهمية»، وبهذا نستطيع أن نحدد الأولويات الأساسية والثانوية، «ممكن تكتشفى إنك تقدرى تتنازلى عن المستوى المادى، لكن لا يمكن تتجوزى واحد أقصر منك أو العكس». «مافيش حاجة اسمها أصله طيب وابن ناس، يعنى إيه بن ناس؟»، يتساءل د. مدحت الذى ينصح المقبلين على اتخاذ هذا القرار أن تكون لديه المعلومات التفصيلية الأكيدة عن كل موصفات الطرف الآخر، «كن مصدر معلومات نفسك» فى زمن قلت فيه الروابط وزادت المظاهر. هذه المعرفة تأتى عن طريق الاحتكاك سواء فى العمل أو الدراسة، ولا بد من تفاهم الأسرة فى حالة الزواج التقليدى أو زواج الصالونات، «من حق الطرفين يقعدوا مع بعض بدون ضغوط من العائلة أو ارتباط رسمى، لأى مدة حتى يأخذوا القرار المناسب». أما التساؤل الثانى فهو لماذا أتزوج؟ لتكوين أسرة، للخروج من الوحدة أم لإشباع رغبة. فعلى حسب الهدف تختلف المواصفات المطلوبة، لكن «ما فيش حاجة اسمها يتجوز لأن الجواز سنة الحياة». بيت الزواج يتكون من أربعة أعمدة أساسية، يضع د.مدحت التوافق النفسى أو القبول بين الطرفين فى المقدمة، هذا العنصر الأهم لابد من وجوده بنسبة لا تقل أبدا عن 50%، «ما فيش قبول، سبب وجيه لرفض مجرد النقاش فى موضوع الارتباط، ولازم الأهل يقدروا دا». أما الأساس الثانى فهو التوافق العقلى، بمعنى التفاهم والتوافق فى بعض الفكر الذى لا يخلو من الاختلاف، وبهذا يوجد حوار مشترك متبادل. بالإضافة للجانب المادى والمقصود به المال والشكل والبنية الجسمية فهو العمود الثالث، وأخير التكافؤ الاجتماعى. أما الحب فيقول د. مدحت إن واقع الحياة لا يعتبره من الأساسيات، والقبول يتحول فى ظل الظروف المناسبة إلى حب أعمق، لكن «لو فيه حب وما فيش الأساسيات السابقة، الحب يموت ممكن تكون موجودة فى أى شخص والبيت بتهد». لا يوجد شخص يمكن أن تتوافر به كل الصفات السابقة، ولهذا لا بد من تقديم التنازلات، هنا نكون صعوبة القرار، «ارجعوا للورقة القديمة اللى رتبتوا فيها الصفات اللى عاوزنها، وانتو هتلاقوا الإجابة واضحة».