الرئيس السيسى: مصر انتهجت مسارا دبلوماسيا نزيها بشأن السد الإثيوبى..وحماية المياه تمثل قضية مصيرية    لليوم الخامس .. فتح لجان تلقى أوراق طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب    وكيل "تعليم الفيوم" يشهد طابور الصباح وتحية العلم بمدرسة المسلة الإعدادية للبنات    التضامن: غلق 7 دور رعاية وتحرير 8 محاضر ضبط قضائي    اسعار الدولار اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025.. بكام النهاردة ؟    تعرف علي أسعار البنزين والسولار صباح اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    مصر تحصد ثمار التطوير.. قفزات نوعية في التصنيفات العالمية للطرق والموانئ    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    صحف قطرية: قمة شرم الشيخ بارقة أمل لإنهاء معاناة الفلسطينيين    انفراجة كبيرة .. 400 شاحنة مساعدات من مصر تعيد الحياة إلى قطاع غزة    60 ساعة من الأمطار تغرق المكسيك..مصرع أكثر من 41 شخصا و5 ولايات منكوبة    العراق يحقق فوزًا مهما على إندونيسيا في تصفيات كأس العالم    توروب يحضر مباراة منتخب مصر أمام غينيا بيساو من استاد القاهرة لمتابعة لاعبيه الدوليين    مواعيد مباريات اليوم الأحد 12-10- 2025 والقنوات الناقلة لها    الأرصاد الجوية : انخفاض بدرجات الحرارة اليوم وفرص أمطار ببعض المناطق والعظمى بالقاهرة 28 درجة    وزارة التعليم تحدد 3 امتحانات بالفصل الدراسى الواحد .. اعرف المواعيد    غدًا.. عرض أفلام مهرجان بردية السينمائي في ضيافة المركز القومي للسينما بالهناجر    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 12اكتوبر 2025 فى المنيا    وزير الصحة يشهد حفل توزيع جائزة «فيركو» للصحة العامة في ألمانيا    مستشفى قنا الجامعي ينقذ شاب بعد إصابته بطلق ناري نافذ بالصدر.. اعرف التفاصيل    انخفاض درجات الحرارة بشمال سيناء.. والعريش 28 درجة    مصرع 4 أشخاص وإصابة 12 آخرين إثر اصطدام أتوبيس بسيارة نقل على طريق الجلالة    وزير العمل يلتقي نظيره السوداني لتفعيل التعاون في الملفات المُشتركة    9 مرشحين حتى اليوم الرابع.. هدوء في سباق الترشح لمجلس النواب بالبحر الأحمر    أسعار الفراخ اليوم في العالي.. وتحذير من قفزات جديدة قادمة    بتهمة نشر أخبار كاذبة والإنضمام لجماعة إرهابية.. محاكمة 56 متهمًا اليوم    إعلام القاهرة تحصل على تجديد الأيزو في جودة الجهاز الإداري والصحة والسلامة المهنية وإدارة استمرارية الأعمال    الاعتراض وحده لا يكفي.. نبيل فهمي: على الدول العربية أن تبادر وتقدّم البدائل العملية لحماية أمنها القومي    عضو مجلس السيادة السوداني: الحرب ستتوقف عندما تُثبَّت أركان الدولة السودانية    محافظ الغربية يتفقد احتفالات مولد «السيد البدوي» بطنطا    «زي النهارده».. اغتيال الدكتور رفعت المحجوب 12 أكتوبر 1990    قراءة فنجان وصديق مشترك.. كيف تزوجت إيناس الدغيدي من «سوكارنو» ؟    تفاصيل ظهور «رونالدينيو» في كليب عالمي لمحمد رمضان    مسلسل «لينك» الحلقة 1.. سيد رجب يتعرض لسرقة أمواله عبر رابط مجهول    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 12 أكتوبر    بعد تعيين توروب.. الأهلي ينهي اتفاقه مع صفقة جديدة (تفاصيل)    اشتباكات عنيفة على الحدود الأفغانية الباكستانية    قيادي ب فتح يدعو حماس لإجراء مراجعة وإنهاء حكمهم في غزة.. ويطالب مصر باحتضان حوار فلسطيني-فلسطيني    سفارة قطر بالقاهرة تعرب عن بالغ حزنها لوفاة ثلاثة من منتسبي الديوان الأميري في حادث    موعد عرض مسلسل المؤسس أورهان الحلقة الأولى على قناة atv التركية.. والقنوات العربية الناقلة وترددها    بهدف زيدان.. العراق يفوز على إندونيسيا ويخوض مواجهة نارية أمام السعودية    نهاية عصابة «مخدرات الوراق».. المشدد 6 سنوات لأربعة عاطلين    نتيجة اختلال عجلة القيادة.. حادث مؤسف لوفد دبلوماسي قطري قبل شرم الشيخ ووفاة 3 وإصابة 3    صحة دمياط: متابعة دورية للحوامل وخدمات متكاملة داخل الوحدات الصحية    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    مثقل بمشاكل العائلة.. حظ برج الدلو اليوم 12 أكتوبر    18 معلومة عن مي فاروق: الرئيس السيسي كرمها و«تأخير» حرمها من المشاركة بمسلسل شهير وخضعت ل«عملية تكميم»    خالد عجاج ينهار باكيًا على الهواء أثناء غناء «الست دي أمي» (فيديو)    وفاة «عبدالله» بطل إنقاذ «عجوز فيصل» بعد توقف القلب والمخ.. تفاصيل الساعات الأخيرة داخل العناية المركزة    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    خالد جلال: جون إدوارد ناجح مع الزمالك.. وتقييم فيريرا بعد الدور الأول    نجم الأهلي السابق: توروب سيعيد الانضباط للأحمر.. ومدافع الزمالك «جريء»    رسميًا.. مواعيد صرف مرتبات أكتوبر 2025 للمعلمين والأشهر المتبقية من العام وجدول الحد الأدني للأجور    4 خطوات ل تخزين الأنسولين بأمان بعد أزمة والدة مصطفى كامل: الصلاحية تختلف من منتج لآخر وتخلص منه حال ظهور «عكارة»    أوقاف الفيوم تكرم الأطفال المشاركين في البرنامج التثقيفي بمسجد المنشية الغربي    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    عالم أزهري يوضح أحكام صلاة الكسوف والخسوف وأدب الخلاف الفقهي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم «يوم أضعت ظلى» عن الأحلام المسروقة
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 02 - 2019


المخرجة سؤدد كعدان تجعل من الظل رمزًا لقسوة الحروب
لا يزال المشهد السورى المؤلم الذى عاشه السوريون، يستحوذ على أعمال المخرجات السينمائيات ليروين حكايات وصورا ومشاهد اعتبرن أنفسهن الأكثر إيلاما منها وضحيتها الكبرى، وسيبقى ذلك لسنوات أخرى قادمة، وفى فيلمها الروائى الطويل «يوم أضعت ظلى» الذى عرض فى قسم المستقبل المشرق، بمهرجان روتردام الاخير بعدما فاز بجائزة أفضل فيلم، فى مهرجان البندقية السينمائى فى دورته ال 75، تعود المخرجة السورية سؤدد كعدان إلى بداية الثورة السورية، عبر تصويرها قصة تبدو بسيطة فى سردها لكنها تحمل عمقا كبيرا وفلسفة لقدرية الموت والحياة، فنحن أمام سيدة تدعى سناء «سوسن ارشيد» ليس لديها أى اهتمامات سياسية لكنها تعيش فى اتون الحرب تهتم بطفلها ذى ال9 سنوات، وزوج غائب يعمل فى السعودية، وتشعر بأن كل احلامها سُرقت، لكنها تخرج بحثا عن أسطوانة غاز لتتمكن من تحضير وجبة طعام لابنها بعد أزمة شديدة تصيب مدينتها، لتجد نفسها عالقة فى طرف المدينة المحاصر، حيث تكتشف أن الناس يفقدون ظلالهم فى الحرب.
أحداث الفيلم الذى صور على الحدود السورية اللبنانية تكشف عن زمن محدد وهو شتاء عام 2012، لكنه يطرح تساؤلا كبيرا بشأن الغد التالى، وهو: ما هو شكل هذا الغد إن كنت تعيش تحت القصف المتواصل؟ الغد أصبح رفاهية، لهذا لا يحكى الفيلم أو يتنبأ بالمستقبل، إنه فقط عن ثلاثة أيام فى حياة سناء فى اللحظة الراهنة من تاريخ دمشق.
أداء الأبطال سوسن أرشيد، وسامر إسماعيل وريهام القصار وحنان حاج على وغيرهم من الممثلين السوريين أو من اللاجئين السوريين المقيمين فى المنفى كان ملهما لوصول فكرة المخرجة والمؤلفة وهو أن كل السوريين بداخل الوطن وخارجه يفقدون ظلهم، كحالة من المتاهة أو الوجود غير المحسوس، ويبدو أن إشراك السوريين فى المنفى كان جزءا من استراتيجية العمل الفنى.
تجعل المخرجة السورية سؤدد كعدان من ظل الإنسان رمزا لألمه ومعاناته فى حرب تقتات على كل ما يعز عليه وتفتك بروحه وأرواح الجميع، حيث يفقد الإنسان ظله، ذلك الذى يرافقه أينما حل ويرتسم على الأرض جواره، مع الانعدام التام للضوء، وتتخذ كعدان من فقدان الظل رمزا لهذه الحالة من العتمة.. حيث يفقد الإنسان ظله عندما يواجه مأساة تفتك بضوء روحه وتقتل الأمل فى داخله وتتركه يتخبط فى متاهة من الحزن والألم.
فالسيناريو الذى كتب بحرفية شديدة يضعنا امام الأم فى بدايات الحرب، وكل حلمها البسيط محاولة التشبث بالقدر اليسير وسط حياة أصبحت خارجة عن المألوف والمفهوم. حلم الأم أن تعد لصغيرها طعاما يدفئه فى ليل الشتاء والقليل من الضوء، ولكن نفاد اسطوانة الغاز يدفعها للخروج فى رحلة بحث عن أنبوبة غاز، ترى فى رحلتها البطش والظلم مجسدين فى صورة جنود، وترى الخوف يرتسم على الوجوه، والأمهات يحفرن قبورا لأبناء يعلمون أنهم لن يعودوا إلى ديارهم.
يجمع الفيلم بين الواقعية السحرية والرمزية فى صورته الضبابية البديعة فنيا، وتبدو سناء رمزا لكل أم سورية تحاول أن توفر بعض الأمن والدفء لأطفالها، ورحلتها للبحث عن اسطوانة الغاز رمزا لسعى الإنسان السورى للبحث عن بعض الأمن والفهم والمعنى فى حياة فقدت فجأة ملامحها، حيث تلتقى بالشقيقين ريم (ريهام الكسار) وجلال (سامر إسماعيل)، ويتفق الثلاثة على أن يواصلوا معا البحث عن الغاز الشحيح. هناك على مشارف دمشق تدرك سناء لأول مرة مفهوم فقدان الظل، فجلال يسير بلا ظل على الأرض، ويروى انه فقد ظله بعد أن شاهد واستمع إلى تنكيل الجنود بأخيه وتعذيبهم له وهو غير قادر على حمايته أو نجدته.. ونراه منذ بداية الفيلم غير مكترث بالعسكر ولا برشاشاتهم ويخاطبهم بدون رهبة ولا خوف هو الفاقد لظله، ليتم اغتياله بعد ذلك، لتفقد حبيبته بدوره ظلها وهى تحمل جثته بين يديها، يكاد يكون فقدان الظل فى الفيلم موازيا لفقدان الروح، التى يلتهمها الخوف والتعذيب.. و أن تقف عاجزا عن حماية من يعزون عليك وأن يكبل البطش يديك فتصبح غير قادر على صد العدوان عمن تحب، ونرى فى المشهد طفلة «8 سنوات» تقول إن هذا هو الموعد اليومى للحفر، وتمسك يد سناء وتصحبها كى تساعدها فى حفر قبور لأبناء وأزواج وإخوة غائبين، قبور تمتلئ بجثث الأحبة كل يوم ليعاودوا الحفر لمواراة جثامين أحبة جدد فى اليوم التالى.
وهكذا نرى جلال الفاقد لظله منذ بداية الفيلم غير مكترث بالعسكر ولا برشاشاتهم، ليتم اغتياله بعد ذلك ولتفقد حبيبته بدورها ظلها وهى تحمل جثته بين يديها، وفى حوار مشترك يقول جلال لسناء إن «ما يحدث لنا عكس ما حدث فى هيروشيما، حيث لم يعد بالمدينة سوى ظلال للناس الذين اختفوا فيما نحن تختفى ظلالنا».
أحداث رحلة سناء التى تعمل فى صيدلية تمتد ثلاثة أيام وتحاول ألا تفكر فى مصير الطبيب المالك للصيدلية الذى اختفى، أو أنه قد يكون اعتقل لموقف سياسى، ولا تفكر فى الصيدلية التى ينهب الجنود كل يوم مخزونها من الأدوية، ولكن رحلتها كانت فقط للبحث عما هو عادى اسطوانة الغاز والتى تصبح صورة كبيرة لما يحدث بالبلاد وتدرك الصورة على اتساعها فى ما تعنيه الحرب.
لا يتعمق الفيلم فى رسم الشخصيات خلال الرحلة، وهو امر تتعمده المخرجة، فلا نعرف عن حياة سناء نفسها الكثير، إلا أن كل حياتها هو صغيرها خليل، الذى سافر والده منذ أعوام خارج البلاد وتركهما. ولا نعرف عن النشطاء التى التقتهم بمحض المصادفة وعاشت معهم تجربة صعبة الا القليل، ولا عن جلال وريم سوى أن ريم تحاول جاهدة حماية شقيقها لأنه كل ما تبقى لأمها ولها فى الحياة. فقط فى محاولة البقاء على قيد الحياة للعودة إلى من تحب فى وقت تشتت الحرب من اجتمعوا بعض أيام أو ساعات، وتصبح رحلة سناء للعودة إلى ابنها هى رحلتنا نحن أيضا، ونرافقها فى طريقها على أمل أن نراها فى صحبة ابنها مجددا، أمل قد لا يتحقق فى وطن يواجه المأساة.
دون شك تخلل الحوار العميق مشاهد شاعرية تدع فيها المخرجة الشابة لكاميراتها العنان لتمسح بحنان وعطف ودفء على جذع الأشجار، فيما تلجأ فى لحظات أخرى تطغى فيها العصبية واللهث لاستعمال كاميرا محمولة على الكتف ذات حركات غير ثابتة ترصد آهات شخصيات تعاند فى مواجهة القدر والقتل والتغييب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.