يشكل نجاح مصر في تجاوز مشكلة نقص الكهرباء وتعزيز الاعتماد على الطاقة البديلة تجربة ملهمة لبلدان أفريقيا، ويتبنى بنك التنمية الأفريقي استراتيجية طموحة "2013 - 2022" تهدف إلى وصول الكهرباء بحلول العام 2025 إلى كل مدن أفريقيا وإلى 95 فى المائة من ريف القارة. وبحسب دراسات البنك، تشهد أفريقيا تباينا فى وصول الكهرباء بين أقاليم القارة ففى جنوب القارة تصل نسبة وصول الكهرباء إلى 85 فى المائة، وفى شمال القارة تصل النسبة إلى 95 فى المائة، وعلى النقيض من ذلك لا تتعدى نسبة وصول الكهرباء 25 فى المائة فى بلدان وسط و شرق أفريقيا، بينما يصل متوسط استهلاك المواطن الأمريكى 13 ألف كيلووات- ساعة من الكهرباء، وفي أوروبا 6500 كيلوات- ساعة لا يتعدى متوسط استهلاك واستفادة الإنسان الأفريقي في جنوب الصحراء الكبرى 181 كيلووات- ساعة، وذلك وفقا للتقارير الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية / أوسيد / التابعة للأمم المتحدة. وبينما يشكل الأفارقة نسبة 15 فى المائة من تعداد سكان العالم فإن 32 فى المائة من سكان جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى – أى ما يعادل 645 مليون أفريقى – لا تصلهم الكهرباء حتى العام 2013، وهى النسبة التى كانت 30 فى المائة فقط فى العام 2009، ولا يبدى خبراء البنك الدولى و بنك التنمية الأفريقى تفاؤلا فى وصول نسبة من يتمتعون بالكهرباء فى أفريقيا 45 فى المائة بحلول العام 2025. وتأتى تلك المؤشرات المزعجة فى وقت تتفق فيه المؤسسات الدولية على أن أفريقيا تعد القارة الأسرع نموا، ومن المقدر - وفقا لتوقعات البنك الدولى وبنك التنمية الأفريقى - أن تتجاوز قوة العمل الأفريقية بحلول العام 2040 قوة العمل فى الصين و الهند. وتعد الاكتشافات الغازية والنفطية في إفريقيا من مصادر قوة اقتصاد القارة، ففي العام 2015 شكلت الاكتشافات الهيدروكربونية (الغازية و النفطية) نسبة تصل إلى 30 في المائة من إجمالي الاكتشافات الهيدروكربونية على مستوى العالم، وتعد مصر فى شمال القارة ودول أخرى فى شرق وجنوب أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى من المناطق الواعدة على صعيد الاكتشافات الهيدروكربونية والمصنفة " كمناطق واعدة جدا " على مؤشر منظمة الطاقة الدولية ، لكن الأمر يستلزم جهدا أفريقيا لتعزيز القيمة المضافة لإنتاجهم النفطى والغازي وعدم الاكتفاء ببيعه في حالته الأولية، كما يستلزم الأمر تنسيقا أكبر في المرحلة القادمة لتعزيز خطط الإنماء والنقل وشبكات التصدير للغاز والنفط الأفريقي. ويتطلع الأفارقة في هذا الصدد إلى ما تمتلكه مصر من خبرة في هذا المجال ومن منشآت لإسالة الغاز ومنافذ التصدير القريبة من الأسواق الغربية بحكم موقع مصر الاستراتيجيي في شمال القارة. ووفقا لتقارير البنك الدولي فقد شهد اقتصاد أفريقيا نموا نسبته 5 في المائة خلال الفترة من 2004 و حتى 2014 وهو النمو الذى لم تتعد نسبته 2ر2 فى المائة خلال العامين الماضيين، وبرغم ذلك يتوقع البنك الدولي أن يشهد اقتصاد أفريقيا خلال العام 2018 – الذي لم تصدر مؤشراته النهائية حتى الآن – تحسنا طفيفا لن تتجاوز نسبته 4 في المائة بمقياس النواتج المحلية الإجمالية للقارة الأفريقية، وأن تظل معدلات النمو الاقتصادى للقارة متمحورة حول تلك النسبة خلال الأعوام القليلة القادمة. وبلغ متوسط نمو نصيب الإنسان الأفريقي من الناتج الإجمالي للقارة الأفريقية من 2004 وحتى 2014 نسبة لا تتعدى 5 في المائة، كما صعد معدل التشغيل بين شباب أفريقيا بنسبة 1.7 في المائة نتيجة لقدرة الاقتصاد الأفريقى على خلق الوظائف، وإن كان بمعدلات متواضعة لكنها تقبل البناء عليها، وكانت قطاعات التعدين والزراعة هى الأنشط نموا وخلقا للوظائف على مستوى القارة، وفي كافة تلك القطاعات يتراوح سن العمل للشباب الأفريقى ما بين 15 و 24 عاما، لا تتعدى متوسطات أجورهم دولارين يوميا، وبحلول نهاية العام 2017 وفقا لآخر التقارير الصادرة عن تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى و مقره دافوس باتت قطاعات التصنيع والتمويل وخدماته والسياحة واللوجيستيات تستوعد نسبة 15 في المائة من الشباب الأفريقي، وارتفاع متوسط نصيب الأجر اليومي لنسبة لا تقل عن 60 في المائة منهم إلى ما يقارب ثلاثة دولارات يوميا. وعلى صعيد الاستثمار والتمويل يستهدف بنك التنمية الأفريقي حصد سبعة مليارات دولار أمريكي من أسواق المال الدولية والبورصات العالمية لضخها فى مشروعات استثمارية أفريقية خلال العام 2019، ومن المخطط أن يعيد البنك ضخ تلك الاستثمارات وفق حزم تمويلية إلى مشروعات التنمية والبنية التحتية فى أفريقيا بشروط ميسرة. ويحدد بنك التنمية الأفريقي مجالات خمس ذات أولوية لإعادة ضخ تلك الاستثمارات فيها هى مشروعات التكامل الزراعي وإنتاج الغذاء ذات الطابع المشترك، ومشروعات تحسين جودة الحياة للأفارقة، ومشروعات إنتاج الطاقة الكهربائية وربط شبكات النقل والتوزيع الكهربي على مستوى القارة، ومشروعات الطرق المحورية السريعة، ومشروعات النقل والسكك الحديدية وتطوير الموانىء البحرية والنهرية. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن إجمالي الحزم التمويلية المقدمة لدعم مشروعات التكامل الأفريقية من البنك الأفريقي للتنمية بلغت 7.51 مليارات دولار أمريكى خلال العام 2017، كان نصيب مشروعات منفذة بمعرفة مؤسسات القطاع الخاص منها 56 فى المائة، وبالتالى لا تشكل دينا سياديا على الحكومات والباقى لتمويل مشروعات تنفذها الحكومات عبر شركاتها ومؤسساتها العامة. كما تجدر الإشارة إلى أن الصين تأتى في مقدمة دول العالم التي تعمل في مشروعات البنية التحتية في أفريقيا مستفيدة من قدرتها على سد فجوة تمويل تلك المشروعات التي تصل إلى 80 في المائة من إجمالي حوافظ استثماراتها، فما بين مدينتي نيروبي ومومباسا في كينيا يتم استثمار 11 مليار دولار أمريكي في مشروع إنشاء خط سكك حديدية يربط بينهما، وفي إثيوبيا تمول الصين شبكة سكك حديدية تتكلف أربعة مليارات دولار، لكن الخبراء يقولون إن تمويل تلك المشروعات إنما يسعى في الأساس إلى تسهيل ربط أفريقيا بمبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين قبل ستة أعوام، وتسعى إلى ربط المصالح التجارية لها بدول ومناطق آسيا وأفريقيا وحوض البحر المتوسط.