المحكمة: التنظيم القانوني لصلاحيات المجلس خلت مما يجيز له سلطة منع استضافة المواطنين في وسائل الإعلام والصحف حصلت «الشروق» على حيثيات حكم الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري، الصادر بوقف تنفيذ قرار رئيس المجلس الأعلى للإعلام بمنع استضافة رئيس نادي الزمالك، في جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والإلكترونية والصحف لمدة شهرين. وأسست المحكمة حكمها على أن القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، قد أوكل العديد من السلطات والاختصاص للمجلس وذلك في مواجهة الكيانات والمؤسسات والوسائل الصحفية والإعلامية والمواقع الإلكترونية، بحسبانها المسئولة عما تقدمه من مواد صحفية وإعلامية. وأكدت المحكمة أنه لا يجوز للمجلس الأعلى للإعلام أن يجنح عن تلك الاختصاصات وأن يباشر أي من سلطاته أو اختصاصاته في مواجهة المواطنين، وهذا هو مؤدى الإجراء الوارد بالقرار المطعون عليه، وما انطوى عليه عملاً، بما أفضى إليه من حرمان المدعي من الظهور الإعلامي للفترة المذكورة، وإن كان ظاهر هذا القرار أنه يخاطب وسائل الإعلام والصحف. وذكرت المحكمة أن الدستور أناط بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مسئولية وضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها والحفاظ على مقتضيات الأمن القومي، وأوجب عليه القانون اتخاذ الإجراءات المناسبة اللازمة لبلوغ تلك الغايات، وخوَّله من الاختصاصات والسلطات، وأتاح له استخدام العديد من التدابير وتوقيع ما يراه ملائماً من الجزاءات المعينة له في هذا المقام، إلا أن التنظيم القانوني لصلاحيات المجلس قد جاء خلواً مما يجيز للمجلس سلطة منع استضافة المواطنين في وسائل الإعلام والصحف، على نحو ما ورد بالقرار المطعون عليه، ومن ثم فإنه لا يحق للمجلس إصدار مثل هذا القرار. وتابعت المحكمة: «لا مجال للاستنباط أو القياس في هذا المقام، إذ أن القيود المتعلقة بحرية التعبير لا بد وأن يتم النص عليها صراحة في القانون، كما ذكرت المحكمة آنفاً، ولا غرو في ذلك بحسبان حرية التعبير من الحريات الأصيلة التي كفلها الدستور وأكدت عليها المواثيق الدولية، لما لها من أهمية محورية في الدولة الحديثة، ومن ثم فإنه يتعين أن تخضع القيود المفروضة عليها للإجراءات المتطلبة لصدور القانون، بما يحيط بها من ضمانات، وما تتسم به من تمحيص وتروي، لتخرج في النهاية معبرة عن إرادة المشرع الذي ينزه عن ثمة خطأ أو اندفاع». ورفضت المحكمة ما جاء بمذكرة الدفاع المقدمة من المجلس لتنظيم الإعلام من أن له الحق في منع استضافة المدعي في الوسائل الإعلامية، بحسبان القانون رقم 180 لسنة 2018 المذكور قد أناط به سلطة منع نشر أو بث المادة الإعلامية المخالفة لفترة محددة أو بصفة دائمة، فذلك قياس في غير محله، باعتبار أن مشمول ما يصدرعن الإنسان أعم وأوسع نطاقاً من أن يتم وصفه بأنه مادة إعلامية، فضلاً عن أن افتراض أن المدعي لن ينطق إلا بما لا يتعين الاستماع إليه خلال مدة منع استضافته إعلامياً ينافي الفطرة الطيبة التي تلازم النفس البشرية منذ خلقها وما تأصل فيها من نزوع دائم إلى الخير، فإن كان المجلس قد ارتأى أن ما أفصح عنه المدعي من شأنه الإخلال بمقتضيات الأمن القومي، فلا يمكن القول بأن ما سيصدر عنه خلال فترة المنع لن يخرج بحكم اللزوم عن هذا الإطار، هذا بالإضافة إلى أن القياس في هذا الخصوص غير جائز قانوناً كما ذكرت المحكمة آنفاً. واختتمت المحكمة حكمها بأنه لما شاب القرار المطعون عليه من مثالب، فإنه يكون قد صدر -حسب الظاهر من الأوراق ودون التوغل في الموضوع- بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون، ويضحى من ثم مُرجح الإلغاء لدى نظر موضوع الدعوى، وهو مما يتوافر معه ركن الجدية المُتطلب قانونا لوقف تنفيذه، فضلاَ عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ هذا القرار من آثار فادحة تتمثل في استمرار الاعتداء على حق دستوري أصيل وحرية من الحريات الأساسية. كان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قد أصدر قراره المطعون عليه رقم 3 لسنة 2019، بتاريخ 15 يناير 2019، متضمنا منع استضافة منصور في جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والإلكترونية والصحف لمدة شهرين، باستثناء ما يكون متعلقاً بصفته النيابية أو بمناسبة الأعمال البرلمانية التي يجريها مجلس النواب، وذلك بعد أن وردت شكاوى إلى المجلس المدعى عليه ضد المدعي، بشأن تجاوزه حدود اللياقة وأدب الحوار خلال إدلائه بأحاديث عبر الهاتف إلى برنامج الزمالك اليوم المذاع على قناة الحدث الفضائية، يومي 7 و9 يناير2019.