أكد خبراء في الإعلام بمصر أهمية دور الصحافة والإعلام في بناء الجسور والتواصل الفعال بين مصر ودول القارة الإفريقية في شتى المجالات، ولا سيما مع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي هذا العام. وقال جوزيف رامز، مستشار إعلامي سابق بإثيوبيا، إن مكاتب وكالة أنباء الشرق الأوسط والهيئة العامة للاستعلامات لطالما كانت أداة مهمة للتواصل بين مصر وأفريقيا، وممثل إعلامي مصري قوي لدى دول القارة. وأضاف رامز، في كلمته اليوم السبت، خلال ندوة "الإعلام الأفريقي وبناء جسور" ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، أن زيادة ودعم تواجد مكاتب المؤسستين وغيرهما من المؤسسات الصحفية والإعلامية المصرية في الدول الأفريقية سيعيد الدور الحيوي لها لحجمه الذي كان عليه في فترات سابقة، موضحا أن تراجع تواجد هذه المؤسسات في دول القارة المختلفة أدى لتراجع التواصل بين مصر والقارة الأفريقية. وأكد رامز أن الوقت أصبح مناسبا تماما لإطلاق إحدى أهم وسائل التواصل الإعلامي بين مصر وأفريقيا وهي القناة الفضائية الأفريقية، موضحا أن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي بداية من فبراير المقبل يجب استغلالها لتعزيز أدوات التواصل الإعلامي الفعال مع دول القارة. وأشار إلى أن الإعلام المصري يحتاج لتغيير في النهج فيما يتعلق بالتواصل مع أفريقيا، بحيث يخلق الإعلامي المصري علاقة طيبة مع مسؤولي دول القارة والمواطنين الأفارقة على حد سواء، مؤكدا كذلك ضرورة التغلب على الاختلافات الثقافية واللغوية والاهتمام بالموضوعات التي تهم الشعوب الأفريقية والتركيز عليها، والتعرف على الاهتمامات المشتركة التي تجمع بين مصر وأفريقيا وتجنب الأمور التي توسع من الفجوات الثقافية والمعرفية بين الجانبين. من جانبه، تحدث الإذاعي ماهر عبد العزيز، مستشار بقطاع الأخبار بالهيئة الوطنية للإعلام، عن الدور الكبير الذي لعبته الإذاعات الموجهة المصرية في تعزيز العلاقات بين مصر وأفريقيا منتصف القرن الماضي، موضحا أن هذه الإذاعات استهدفت عند نشأتها دعم حركات التحرير الأفريقية المناهضة للاستعمار الأجنبي، وأبرزت آنذاك دور مصر الريادي واهتمامها بالقارة الأفريقية وإيمانها بانتمائها الأفريقي. وأضاف أنه بعد تحرر الدول الأفريقية تحول هدف الإذاعات الموجهة المصرية إلى تعزيز العلاقات وإحداث التقارب الثقافي والمعرفي بين مصر ودول أفريقيا والتعريف بدور مصر الحضاري، موضحا أن الإذاعات الموجهة حاليا تحتاج لتغيير النهج ليعتمد في الأساس على التعرف بشكل أكبر على اهتمامات الشعوب الأفريقية واللغات والثقافات المختلفة للقوميات الأفريقية. وأشار عبد العزيز إلى أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ينظم بشكل دوري دورات تدريبية للإعلاميين والصحفيين الأفارقة عبر معهد الدراسات الأفريقية، الذي يحتضن الدورات التدريبية للأفارقة منذ نشأته في سبعينيات القرن الماضي، لافتا إلى أن المجلس يبحث حاليا إيجاد آليات فاعلة لاستمرار التواصل مع المتدربين الأفارقة بعد انتهاء الدورات التدريبية. وأكد أن هناك العديد من الأمور يجب على الإعلام المصري العمل عليها من أجل تعزيز التواصل مع أفريقيا، منها عدم التحيز لهوية مصر العربية على حساب هويتها الأفريقية بما يوجد حالة من الانقسام في الصف الأفريقي بين الشمال من جهة والوسط والجنوب الأفريقي من جهة أخرى، والتمسك بما يجمع ويوحد بين دول القارة، وتجنب ما يمكن أن يفرق بين مصر وأفريقيا. وأشار إلى أن مصر لديها الكثير من القوى الناعمة التي تمكنها من تعزيز علاقاتها مع أفريقيا، مثل الأزهر الشريف والكنيسة المصرية والفن والرياضة، موضحا أن هذه القوى تحتاج لدعم إعلامي قائم على نهج سليم. بدوره، قال رمضان قرني، رئيس تحرير دورية "آفاق أفريقية" التي تصدرها الهيئة العامة للاستعلامات، إن الاعتراف بوجود المشكلة هو مفتاح حلها، موضحا أن المشكلة في التواصل مع أفريقيا هي غياب القارة عن المشهد الإعلامي المصري بما يعزز الصور السلبية لدى الشعوب الأفريقية والأفكار الخاطئة بأن مصر تتعالى على هويتها الأفريقية. وأشاد قرني بتخصيص معرض القاهرة الدولي للكتاب في يوبيله الذهبي أحد محاور ندواته عن أفريقيا، لافتا إلى أن استمرارية الاهتمام بأفريقيا هي مفتاح نجاح التواصل بين مصر والقارة السمراء، التي تغير لقبها في تقارير المنظمات الدولية حاليا إلى القارة الذهبية. وأضاف أن اهتمام الإعلام المصري بأفريقيا يجب أن يواكب ويوازي اهتمام القاهرة السياسي الكبير غير المسبوق بالقارة الأفريقية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأشار قرني إلى ضعف التواصل الإعلامي الفعال بين دول أفريقيا، قائلا إنه من المؤسف أن تتعرف دول القارة على أخبار بعضها البعض عبر وسيط أجنبي غربي ينقل الخبر بالصورة التي يريدها هو، وبالتالي فإن الأفارقة لن يعرفوا حقيقة ما يحدث في قارتهم ولن يشعروا بالطفرة التي تحدث على أرضها ولن يسمعوا مصطلحات القارة الصاعدة والقارة الذهبية. وأكد أن إزالة المدركات السلبية لدى الشعوب الأفريقية هي أولى خطوات النجاح في التواصل مع أفريقيا، مضيفا أنه يجب كذلك تغيير نظرة المواطن المصري العادي للمواطن الأفريقي، وترسيخ انتماء المواطن المصري للقارة الأفريقية. وطالب قرني بوضع مناهج تعليمية تصنع إعلاميا على درجة كبيرة من الوعي بالشأن الأفريقي وثقافات القارة ولغاتها المختلفة، موضحا أن مصر لا تحتاج لإمكانيات تقنية لإطلاق القناة الفضائية الأفريقية لكنها ما زالت تحتاج لإعلاميين يجيدون التواصل مع الشعوب الأفريقية.