مكافأة على سجله الأسود بخدمة الانقلاب .. قاضى الإعدامات المجرم "عصام فريد" رئيسًا ل"مجلس شيوخ العسكر" ؟!    تحالف مصرفى يمول مشروع «Park St. Edition» باستثمارات 16 مليار جنيه    "عام الفضة " دلالة على انهيار المنظومة الاقتصادية ..تدهور الجنيه يدفع المصريين إلى "الملاذ الفضي"    ارتفاع يصل إلى 37 جنيهًا في الضاني والبتلو، أسعار اللحوم اليوم بالأسواق    التكنولوجيا المالية على مائدة المؤتمر الدولي الأول للذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة    سكة منصور.. والسكك الحديدية    المستشار الألماني: الاتحاد الأوروبي ليس في وضع يسمح له بالتأثير على الشرق الأوسط حتى لو أراد ذلك    الخارجية الأميركية تزعم نية حماس شن هجوم واسع ضد مواطني غزة وتحذر من انتهاك وقف إطلاق النار    سيتغاضى عنها الشركاء الغربيون.. مراقبون: تمثيل كيان العدو بجثامين الأسرى والشهداء جريمة حرب    هل تحمي القبة الذهبية الأمريكية سماء أمريكا من صواريخ الصين النووية    زيكو: بطولتي الاولى جاءت أمام فريق صعب ودائم الوصول للنهائيات    الدوري الإسباني، أتلتيكو مدريد يحقق فوزا مثيرا على أوساسونا في الجولة ال9    منتخب الكرة الطائرة جلوس يهزم البرازيل ويتوج بطلا لكأس العالم    التحفظ على سلع غذائية منتهية الصلاحية في حملات رقابية على الأسواق بالإسكندرية    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    حبس عاطلين سرقا هاتفًا وحقيبة في القاهرة    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    أخبار مصر اليوم، السيسي: نعتزم استضافة مؤتمر دولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، 126 شكوى ضد سائقين لعدم الالتزام بتعريفة المواصلات، التموين تتابع استقرار الأسواق وتوافر السلع    ياسر جلال: أقسم بالله السيسي ومعاونوه ناس بتحب البلد بجد وهذا موقف الرئيس من تقديم شخصيته في الاختيار    منة شلبي: أنا هاوية بأجر محترف وورثت التسامح عن أمي    ياسر جلال: المسئول والفنان يتحملان ما لا يتحمله بشر.. وعندي طموح أخدم الناس    اليوم، ختام زيارة قاعة الملك توت عنخ آمون بالمتحف المصري بالتحرير    ذنوبي كثيرة ومتكررة أعمل إيه؟.. أمين الفتوى يجيب    فوائد شرب القرفة باللبن في المساء    مصرع طفل دهسًا تحت أقدام جاموسة داخل منزله بمركز دار السلام فى سوهاج    مصرع شخص إثر انقلاب سيارته على طريق مصر - الإسماعيلية    عادل عقل: بيراميدز يسطر تاريخا قاريا بعد الفوز بالسوبر الأفريقى.. فيديو    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. حماس تسلم جثتين لرهينتين إلى إسرائيل وتؤكد: لا نرغب بالمشاركة فى أى ترتيبات تتعلق بإدارة قطاع غزة.. رحيل زعيم المعارضة الأرجنتينية أثناء بث مباشر لمناظرة سياسية    أخبار 24 ساعة.. زيادة مخصصات تكافل وكرامة بنسبة 22.7% لتصل إلى 54 مليار جنيه    أتلتيكو مدريد يتخطى أوساسونا في الدوري الإسباني    وائل جسار يحيي حفلاً ضخمًا ضمن فعاليات مهرجان الموسيقى العربية بالأوبرا    مهرجان الجونة السينمائى يمنح كيت بلانشيت جائزة بطلة الإنسانية    ليبيا.. البرلمان يعلن انتهاء الاقتراع فى انتخابات المجالس البلدية دون خروقات    إبراهيم العامرى: والدى كان يعشق تراب الأهلى.. وأنا مشجع درجة ثالثة للأحمر    مباراة ب 6 ملايين دولار.. سينر يتوج ببطولة الملوك الستة في السعودية للمرة الثانية على التوالي    كولومبيا تنتزع برونزية كأس العالم للشباب من فرنسا    خالد الغندور بعد تتويج بيراميدز: «زعيم إفريقيا الحقيقي»    جيش الاحتلال الإسرائيلي يتسلم جثمانين لرهينتين من الصليب الأحمر    برج الثور.. رمز القوة والثبات بين الإصرار والعناد    د.حماد عبدالله يكتب: "السرقة" تحت مسمى مقتنيات!!    رئيس مصلحة الجمارك يتفقد قرية البضائع بمطار القاهرة الدولي    عاجل- مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس (ISO) بعد فوز تاريخي يؤكد ريادتها العالمية في مجالات الجودة والمعايير    هل يجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها دون علمه؟.. أمين الفتوى يوضح    توجيهات عاجلة من وكيل صحة الدقهلية لرفع كفاءة مستشفى جمصة المركزي    الجارديان عن دبلوماسيين: بريطانيا ستشارك في تدريب قوات الشرطة بغزة    البحوث الفلكية: 122 يوما تفصلنا عن شهر رمضان المبارك    "الإفتاء" توضح حكم الاحتفال بآل البيت    «الوطنية للانتخابات»: إطلاق تطبيق إلكتروني يُتيح للناخب معرفة كثافة التواجد قبل الذهاب للتصويت    من رؤيا إلى واقع.. حكاية بناء كنيسة العذراء بالزيتون    بتهمة ممارسة الفجور.. السجن 5 سنوات للطالب المنتحل صفة أنثى لنشر مقاطع فيديو تحت اسم «ياسمين»    الصحة تختتم البرنامج التدريبي لإدارة المستشفيات والتميز التشغيلي بالتعاون مع هيئة فولبرايت    محافظ الشرقية يثمن جهود الفرق الطبية المشاركة بمبادرة "رعاية بلا حدود"    طريقة عمل الفطير الشامي في البيت بخطوات بسيطة.. دلّعي أولادك بطعم حكاية    رئيس جامعة القاهرة: مصر تمضي نحو تحقيق انتصارات جديدة في ميادين العلم والتكنولوجيا    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 بمحافظة بورسعيد    مرشح وحيد للمنصب.. «الشيوخ» يبدأ انتخاب رئيسه الجديد    مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يوافق على إنشاء 3 كليات جديدة    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا لو لم تحدث ثورة يناير؟!
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 01 - 2019

فى حدود علمنا أو اطلاعنا لم يطرح هذا السؤال كثيرا للحوار السياسى أو الإعلامى، أو على بساط البحث الأكاديمى، ولذلك فليست هناك سيناريوهات مشهورة لتوقع مسار الحياة السياسية فى مصر، لو لم تقم ثورة يناير 2011.
من المفهوم أن يتجاهل هذا السؤال خصوم ثورة يناير، ومنكروها، والمتوجسون من بقاء روحها حية، أو من تكرارها بأنماط مختلفة، أو يتهربون من الإجابة عليه، لأن هذه الإجابة هى أقوى ما يفحمهم، ويكذب اتهاماتهم.
ولكن من غير المفهوم الا يفكر أصحاب التحليل المنصف والرؤية الإيجابية لثورة يناير فى هذا السؤال، حتى وإن لحق بأهداف ومبادئ ورموز هذه الثورة ما لحق بهم من تشويه وإيذاء، وإجبار على الصمت، بما أن إجابة سؤالنا هى كما قلنا أقوى مسوغات الثورة وطنيا وسياسيا وأخلاقيا.
فلو لم يحدث ذلك الذى حدث فى يناير 2011 لكان مشروع توريث الحكم لنجل الرئيس وفريقه قد نفذ، ومن المؤشرات السابقة على الثورة، فالغالب أن الوريث ورجاله كانوا سيبرمون صفقة مع جماعة الإخوان المسلمين، وما كان إقصاء الجميع عدا مرشحى الحزب الوطنى من برلمان 2010 إلا إدخارا للجزرة لتقديمها إلى الإخوان فى الوقت المناسب، ثمنا لتمرير المشروع.
وبغض النظر عن أية إصلاحات كان من المحتمل أن تترتب على هذا التغيير، فقد كان نجاح التوريث يمثل إهانة مؤلمة للشعب المصرى بكل قطاعاته، ولكل مؤسسات الدولة وتقاليدها، وإهدارا للإرادة العامة، حيث لا يخفى أن جموع المواطنين من كل المشارب وغالبية المسئولين كانوا نافرين أشد النفور من فكرة توريث الحكم، وكانوا يشعرون بأن استراتيجية الاستدراج والاستغفال المتبعة لذلك الغرض تطعن فى الذكاء والكرامة الشخصية لكل مواطن، جنبا إلى جنب مع الاستياء من فرض القيادات الموالية للوريث على زملائهم، بل وعلى رؤسائهم، فى جميع مستويات الدولة والمجتمع.
فى ذات الوقت، لم يكن بوسع أحد أن يتكهن، أو أن يضمن أن يؤدى التوريث إلى استقرار سياسى وأمنى، أو يؤدى إلى تجديد شباب النظام أو الدولة، التى كانت قد هرمت، وتمزقت أشلاء، أو تحولت إلى شبه دولة تحت حكم الرئيس الأب المورث، بل المرجح أن العكس هو الذى كان سيحدث لأسباب عديدة، منها أن الفساد السياسى والمالى والاقتصادى القائم على تحالف السلطة والراغبين من رجال الأعمال كان سيستمر ويتزايد، إذ كان هؤلاء هم القاعدة الصلبة للمشروع، والحديث هنا عن الفساد ليس افتراضيا، ولكنه موثق بأحكام قضائية وفى نصوص المصالحات والتسويات المبرمة مع كثيرين من رجال تلك المرحلة، طبقا للقانون الصادر فى هذا الشأن.
من طبائع الأمور فى مثل هذا الظرف، أى لو أن التوريث قد تم، أن دائرة الصراعات كانت ستتسع حول المكاسب والمكافآت، وأن مواجهات كانت ستنشب، وأن صفقات كانت ستعقد، وترضيات سوف تقدم، وكلها كانت ستجرى خارج مؤسسات الدولة، وعلى حسابها، وضدها أحيانا، بما يزيد من الاضطراب والتفكك والاستقطاب.
هكذا انقذت ثورة يناير مصر من ذلك الكابوس، فإذا قال المحبطون من انتكاس الثورة فيما بعد إن التجديد المأمول فى الدولة المصرية ككل لم يتحقق، فعلى الأقل تحقق تجديد شباب النظام، ومن داخل مؤسسات الدولة، لا من خارجها، كما كان مقررا فى حالة نجاح التوريث، كما أن هذا التجديد تحقق برضا وتأييد من أغلبية المواطنين، ولو فى البداية، ولم يتحقق بالفرض والإكراه.
لهذا السبب يبدو التناقض صارخا فى طريقة تفكير بعض المتحمسين للنظام الحالى، ممن يواصلون لعن ثورة يناير آناء الليل وأطراف النهار، ولا يرون فيها سوى مؤامرة كونية لإسقاط الدولة المصرية فى زعمهم، بينما هى التى فتحت طريق التغيير، الذى اكتسح مخطط التوريث، وجرف حكم جماعة الإخوان المسلمين، وأسقط إلى الأبد وهم صلاحية الجماعة ومنهجها لقيادة مصر والمنطقة، وصنع المستقبل، وهذه كلها مكتسبات ضخمة، يجب ألا ينكرها المؤيدون والمعارضون للرئيس السيسى، أو لبعض سياساته.
وعلى ذكر المؤامرة المزعومة لهدم الدولة، فمن المستغرب ألا يتوقف أحد عند التزام الغالبية الغالبة من جماهير يناير ورموزه بالتعامل من خلال مؤسسات الدولة، وبالنبذ الفورى لأية مقترحات بإقامة مؤسسات موازية، وكذلك انخراط هؤلاء جميعا فى المسارات التى حددتها الدولة للتغيير، من مشاورات واستفتاءات وانتخابات، وهو ما يدحض تماما ونهائيا أى إتهام للكتلة الرئيسية من جماهير ورموز يناير بالسعى لهدم الدولة، دون إنكار حالات الشطط المحددة والمحدودة من قلة من المتطرفين والفوضويين، الذين يوجد مثلهم فى كل مجتمع، ويظهر مثلهم فى كل ثورة.
من جانب آخر، وبفرض أن جهات بعينها فى الداخل أو الخارج دبرت تحركات جماهيرية لإسقاط مشروع التوريث، أو إنهاء حكم الرئيس مبارك، أو حتى للدفع فى اتجاه تحول سياسى غير إقصائى فى مصر، وعموم المنطقة العربية، كما يتردد كثيرا، فهل يمكن أن ينجح هذا التدبير إذا لم تكن شروط نجاحه متوافرة بغزارة فى البيئة السياسية؟!
هنا نعيد مثالا ذكرناه من قبل، فقد يكون بوسع أحد أن يشعل فتيلا، لكن الانفجار لن يحدث ما لم توجد شحنة قابلة للانفجار فى الطرف الآخر من الفتيل، فالتدبير يمكن أن يخرج عدة مئات أو آلاف من المواطنين إلى الشوارع، ولكن أى تدبير لا يمكنه إخراج عشرات الملايين من الناس، وفى كل مدينة أو قرية، كما لا يمكن لأى تدبير أن يبقى هؤلاء جميعا فى حالة تعبئة لمدة عامين أو أكثر، أى من يناير 2011 حتى يونيو 2013، دون أن ننسى أن الخروج فى 30 يونيو 2013 لإسقاط حكم الإخوان، كان بوازع من مبادئ وقيم يناير، ولا شىء غير ذلك.
إذا لم نكن نسينا أو تناسينا فقد كانت تلك المبادئ والقيم هى الحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية، من خلال تغيير نظام الحكم نصوصا وممارسة، من نظام مغلق متيبس العضلات ومتصلب الشرايين، إلى نظام ديناميكى مفتوح، يقود دولة مدنية ديمقراطية، لكل مواطنيها على قدم المساواة، ويؤمن بالمشاركة، ويخضع للمساءلة، فإذا بقى من يدعى مكابرا أن هذه المبادئ والقيم كانت أو ستكون مؤامرة ضد مصر، فإنك لا تسمع الصم الدعاء إذا ما ولوا مدبرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.