أكد الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، رئيس "مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي" أنّ الوحدة مفهوم إسلامي عظيم، يشمل جميع دوائر الوجود الإنساني، ويغطي جميع العلاقات الفردية والجماعية والدولية، فالإسلام هو دين التوحيد ودين الوحدة، وحدة الشعور والشعائر. ورفض بن بيه جواز الحروب وأذى الناس من أجل الوحدة؛ تحت أي ظرف من الظروف. معتبراً أن صيفة الخلافة أمر مصلحي وليس تعبدياً. جاء ذلك بكلمة ألقاها في افتتاح "المؤتمر العالمي للوحدة الإسلامية – مخاطر التصنيف والإقصاء"، الذي نظمته "رابطة العالم الإسلامي"، وعقد في مكةالمكرمة برعاية خادم الحارمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وحضور لفيف واسع من العلماء والمفكرين والباحثين. وأضاف الشيخ بيه أنّ هذه الوحدة الإسلامية لها أسسها ومضمونها ووسائلها، فأساسها روح الأخوة الإسلامية: (إنّما المؤمنون إخوة) والمحبة: (لا تدخلون الجنّة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابّوا). وقال إن الإسلام يضع مثالاً، لكنّه يتعامل مع واقع ومصالح ومفاسد، فالمثال يتجلى في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبينان المرصوص يشد بعضه بعضا) ،وقوله: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر). ذلك هو المثال، ولكن الإسلام يتعامل مع الواقع والإمكان، فالوحدة وإن كانت مطلباً شرعياً ومقصداً عظيماً ومثالاً يُطمح إليه في خدمة الدين والدنيا، إلا أنها ينبغي أن تكون اختيارية، ويراعى في التدرج إليها السياقات الزمانية والمكانية والإنسانية. وقال بن بيه إن مفهوم الوحدة لا يعني بالضرورة أن يكون المسلمون في كيان واحد، ولا يجوز إعلان الحروب وإلحاق الضرر بالناس من أجل ذلك، فالخلافة مثلاً هي أمر مصلحي وليس تعبدياً، ولهذا فإن كل ما يدرأ المفاسد ويحقق المصالح يعتبر من مقاصد الشريعة. وتابع أن أفق الوحدة المنشود لا يمكن أن يكون مبررا لسلب الدولة الوطنية حقها في الشرع والشرعية والمشروعية. فالدول الوطنية في عالمنا الإسلامي اليوم مع اختلاف أشكالها وصورها، هي نظم شرعية، لها من المشروعية ما كان للإمبراطوريات الكبرى التي كانت قائمة في التاريخ؛ بناء على قانون المصالح والمفاسد الذي تدور حوله أحكام الشرع. موضحاً أن من أبرز وسائل تحقيق الوحدة اليوم، تنمية أوجه التّضامن، من خلال تعزيز المشتركات، والإيمان بأن التنوع المتناغم هو القاعدة الذهبية، وأنه أساس الوحدة والانسجام وليس القطيعة والانفصام. وشدد على أن أهم قيمة يمكن أن تكون مفتاحا لتعزيز الوحدة، هي احترام الاختلاف؛ بل حب الاختلاف، بحيث ينظر له كإثراء وكجمال وكأساس لتكوين المركب الإنساني، إن الاختلاف ليس بالضرورة عداوة وحربا، وإنما يمكن أن يكون جمالا كاختلاف ألوان الطبيعة. فالاختلاف بين أهل الحق سائغ وواقع، وما دام في حدود الشرع وضوابطه فإنه لا يكون مذموما و إنّ روح الإقصاء التي يحذر منها مؤتمرنا اليوم، تنبع أساساً من الانغلاق الذي يسبب رفض الآخر وإساءة الظن. وأضاف إنّ علماء المسلمين المتكلمين في الدين باجتهادهم، لا يجوز تكفير أحدهم؛ بمجرد خطأ أخطأه في كلامه، فإن تسليط الجهال على تكفير علماء المسلمين من أعظم المنكرات. ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله، ولا بخطأ أخطأ فيه كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة.. والأصل أن دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم محرمة من بعضهم على بعض، لا تحل إلا بإذن من الله، قال صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ذمة الله ورسوله، فلا تخفروا الله في ذمته. كما يقول: والذي نختاره ألا نكفر أحداً من أهل القبلة.