«التجارة» تكشف حقيقة وقف الإفراج عن السيارات الواردة للاستعمال الشخصي    مصر تُرحِب بقرار محكمة العدل الدولية فرض تدابير مؤقتة إضافية على إسرائيل    الرئيس السيسي ونظيره الأمريكي يبحثان تطورات الأوضاع في قطاع غزة    سوف أشجع الأهلى الليلة    «العمل» تكشف تفاصيل توفير وظائف زراعية للمصريين باليونان وقبرص دون وسطاء    مع اقتراب عيد الأضحى.. تفاصيل مشروع صك الأضحية بمؤسسة حياة كريمة    تحديث بيانات منتسبي جامعة الإسكندرية (صور)    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن هضبة الأهرام بالجيزة اليوم    مجلس النواب الأمريكي يعتزم فرض عقوبات على أعضاء المحكمة الجنائية الدولية بسبب الموقف من إسرائيل    الأمم المتحدة تحذر من انتشار اليأس والجوع بشكل كبير فى غزة    عمليات حزب الله دفعت 100 ألف مستوطن إسرائيلي للنزوح    إستونيا تستدعي القائم بأعمال السفير الروسي على خلفية حادث حدودي    سكرتير عام البحر الأحمر يتفقد حلقة السمك بالميناء ومجمع خدمات الدهار    عاجل.. برشلونة يلبي أولى طلبات فليك    القناة المجانية الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك في نهائي دوري كرة اليد    عاجل:جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 للشعبتين علمي وأدبي.. كل ما تريد معرفته    الترقب لعيد الأضحى المبارك: البحث عن الأيام المتبقية    في ثاني أيام عرضه.. فيلم "تاني تاني" يحقق 81 ألف جنيه    بعد جائزة «كان».. طارق الشناوي يوجه رسالة لأسرة فيلم «رفعت عيني للسما»    بعد تلقيه الكيماوي.. محمد عبده يوجه رسالة لجمهوره    أعضاء القافلة الدعوية بالفيوم يؤكدون: أعمال الحج مبنية على حسن الاتباع والتسليم لله    «الرعاية الصحية» تشارك بمحاضرات علمية بالتعاون مع دول عربية ودول حوض البحر المتوسط (تفاصيل)    قوافل جامعة المنوفية تفحص 1153 مريضا بقريتي شرانيس ومنيل جويدة    «العدل الدولية» تحذر: الأوضاع الميدانية تدهورت في قطاع غزة    ضبط قضايا اتجار بالعملات الأجنبية بقيمة 11 مليون جنيه في 24 ساعة    بعد ظهورها بالشال الفلسطيني.. من هي بيلا حديد المتصدرة التريند؟    فيلم "شقو" يواصل الحفاظ على تصدره المركز الثاني في شباك التذاكر    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    مبابي يختتم مسيرته مع باريس سان جيرمان في نهائي كأس فرنسا    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    أبرزها قانون المنشآت الصحية.. تعرف على ما ناقشه «النواب» خلال أسبوع    أوقاف القليوبية تنظم قافلة دعوية كبرى وأخرى للواعظات بالخانكة    الأزهر للفتوى يوضح أسماء الكعبة المُشرَّفة وأصل التسمية    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    محافظ أسيوط يتابع مستجدات ملف التصالح في مخالفات البناء    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور H5N1 في الأبقار.. تحذيرات وتحديات    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    أول جمعة بعد الإعدادية.. الحياة تدب في شواطئ عروس البحر المتوسط- صور    بالأسماء.. إصابة 10 عمال في حريق مطعم بالشرقية    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    "العد التنازلي".. تاريخ عيد الاضحي 2024 في السعودية وموعد يوم عرفة 1445    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    تعشق البطيخ؟- احذر تناوله في هذا الوقت    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    مران صباحي ل«سلة الأهلي» قبل مواجهة الفتح المغربي في بطولة ال«BAL»    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    "تائه وكأنه ناشئ".. إبراهيم سعيد ينتقد أداء عبدالله السعيد في لقاء فيوتشر    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    "التروسيكل وقع في المخر".. 9 مصابين إثر حادث بالصف    4 محاور فنية تحاصر «كاردوزو»    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجهود الإفتائية لمواجهة التطرف والتكفير
نشر في شموس يوم 21 - 08 - 2015


العميد الأول لكلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر
عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف
وعضو مجمع الفقه الإسلامى الدولى بجدة
استاذ بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة
جامعة الأزهر
بسم الله الرحمن الرحيم
الجهود الإفتائية لمواجهة التطرف والتكفير
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبى بعده، سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله الرحمة المهداة والنعمة المسداة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، ومن اهتدى بهديه، واتبع منوال شريعته إلى يوم الدين. أما بعد،،،
فقد كان التطرف – ولا يزال – سلوكا نفسيا يظهر فى تعامل البعض مع الأحكام الشرعية ويدفعهم إلى تطبيقها بشطط وانحراف ينأى بها عن مقاصدها الشرعية، ويحول بينهم وبين الفهم الصحيح لمبادئ الدين فى حال إنزالها على واقع الحياة ومستجدات نوازلها، ويجعل تطبيقهم لأحكام الدين على تلك النوازل، تطبيقا فجا لا يعبر عن وسطية الإسلام، ولا يظهر أهم خصائصه ،وهو أنه صالح لكل زمان ومكان، فهم لا يعترفون بالحاضر ،بل يجاهرون بكرههم له وحنقهم عليه، ويصفونه بأنه زمان فاسد لا يصلح لأن يعيشوا فيه، ولهذا يبالغون فى جرة إلى الماضى بوقائعه البسيطة، وحركته البطيئة، فإذا ما وقعت نازلة جديدة اضطربت الأوصاف الشرعية فى أفهامهم ويصيبهم من الارتباك ما يمتد أثره على التشريع الإسلامى، ويجعله غريبا فى زمان يتعين أن يكون حاضرا فيه، ومكان لا يجوز أن يغيب عنه حتى يظل حكمه ممتداإلى ما شاء الله، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
والصلة بين التطرف والتكفير وثيقة، حيث يعتبر التطرف هو الطريق الموصل إلى التكفير، والأداة التى تنتهى إليه، لأن المتطرف يضفى على الفعل الأقل طلبا من الشارع كالمستحب والمسنون، ما يضفيه الشارع على الواجب والمفروض، وقد يتعامل مع المسنون على أنه فرض، وأن من يهمله أو ينكرأمره يكون منكرا لمعلوم من الدين بالضرورة، ثم ينتهى الأمر إلى تكفيره وبعد التكفير يستباح كافة الحرمات فيحل دمه ويباح ماله وتشرد زوجته ويخرب بيته وتكون تلك الموبقات مع تواليها، بمثابة التسلسل الطبيعى للتطرف.
ولهذا كان التطرف زريعة لتلك المكاره ومقدمة توصل إليها، وإذا كانت تلك المكارة تمثل موبقات لا يقرها الدين ولا تتفق مع مبادئه السامية التى تستهدف حماية مقومات الحياة وعلى رأسها الدين، ثم النفس، ثم العقل، ثم العرض، ثم المال0
وما من شك فى أن التطرف يؤدى إلى تحريف الدين والخلط فى أحكامه، فيجعل المستحب واجباً أو يحول الواجب إلى حرام، ومن ثم ينال الدين من التحريف والتشويه ما لا يتفق مع مراد الله من إنزال هذا التشريع الخاتم، ويقيم خصاماً لا ينتهى بينه وبين حياة الناس حتى ينفروا منه ويبتعدوا عن سبيله، وحين يتم تحريف الدين يكون من اليسير وفقاً لمنطق التحريف والتغيير أن تستباح الحرمات، وتصبح كالكلأ المباح، والحمى المستباح وحيث كان التطرف مدخلاً لتلك المحرمات يكون على منوالها فى الحكم وهو الحظر والتحريم.
ولما كان التطرف وما يتبعه من تكفير الأفراد والمجتمعات على هذا النحو من الخطر على دين الله وحياة الناس، فقد حظى باهتمام التشريع الإسلامى، ونال من أدلته الشرعية فى الكتاب والسنة، ما يتواءم مع الخطورة التى يتسم بها والمفاسد التى ينطوى عليها، ثم ترجمت تلك الأدلة التى تقاوم مخاطر التطرف والتكفير إلى فتاوى تصف مافيه من المخاطر، وتظهر ما ينطوى عليه من المفاسد، ولعل فى ذلك البحث القصير ما يبين تلك المحاور مجملة فى الموضوع، ويجلى حقيقتها تفصيلا فى مبحثين.
المبحث الأول:
التطرف والتكفير وأدلة حظرهما فى التشريع الإسلامى.
المبحث الثانى:
ملامح الجهود الافتائية فى مواجهة التطرف والتكفير.
اسأل الله العون والتوفيق، وادعوه أن يهدينى للرشاد والصواب فهو- سبحانه – الموفق والمعين، والهادى إلى سواء السبيل.
المبحث الأول
التطرف والتكفير وأدلة حظرهما
فى التشريع الإسلامى
المطلب الأول
حقيقة التطرف والتكفير
الفرع الأول
حقيقة التطرف
يطلق التطرف لغة، ويراد به: مجاوزة حد الاعتدال والبعد عن التوسط، أو أخذ الشئ من أحد أطرافه، والمتطرف هو من يتجاوز حد الاعتدال، ولا يأخذ الأمر من مأخذه الصحيح، وإنما ينظر إليه من طرف هامشى، ولا ينظر إليه من مدخل حقيقى([1])، وقد يكون منه من يلهيه الحال عن التدبر فى المآل، وهو مسلك أهوج متسرع يفعل صاحبه فيه فعلته، فإذا ما انزلق إلى الفعل وتسرع فيه، ثم أدركه المآل السئ، راح يندب حظه ويعتذر عما فعله، وقد لا يعتذر ولا يشعر بندم لأنه متبلد الإحساس فاسد الإدراك لا يتواصل مع غيره بالخير، ولا يرتبط معهم بأواصر الآدمية التى تدعو إلى التراحم، والتواصل وربما شعر بنشوة الانتصار على غيره بما ألحقه بهم من المضار عندما تسرع فى الإضرار بهم، وفعل فعلته بمصالحهم دون اعتبار لما سيحل بهم.
ومن معانى التطرف أنه لا ينعقد به عقد ولا يصح به ارتباط أو عهد، لأن من يتطرف ينظر إلى طرف واحد ولا ينظر إلى الطرف الآخر، والتصرف الصحيح لا ينعقد إلا باعتبار الطرفين واجتماع الجزئين([2]).
وفى الإصطلاح الفقهى:
لم يرد للتطرف بمفهومه المعاصر، الذى يركز على الشكل دون المضمون وعلى الحال دون المآل، وعلى المظهر دون الجوهر، والذى يفعل صاحبه أكبر المصائب من أجل أن يقيم مندوباً أو مستحبا، هذا التطرف لم يرد له تعريف محدد ،وإنما كان مفهومه يعالج فى الأبواب التى تتحدث عن الاقتصاد فى الطاعة والبعد عن اتخاذ أحكام الله أدوات لتعذيب الناس لأنفسهم، وجلدهم لذواتهم، وعن الدعوة إلى التيسير والبعد التعسير، وملازمة التبشير بعيدا عن التنفير، والبعد عن التنطع، وملازمة القصد فى العبادة، ومراعاة التوازن بين الحقوق، بما يساعد المكلف على إيفاء كل ذى حق حقه، فلا يغلَّب حقا على حق، ولا يظلم جانبا على حساب جانب آخر، وجاء ذلك فى عدد من الأدلة الشرعية الثابتة فى كتاب الله – تعالى – وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – وذلك كما يلى:
* أما الكتاب:
فمنه قول الله تعالى: "يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"([3])، وقول الله تعالى: "لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا"([4])، وقول الله تعالى: " طه، مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى"([5])، فقد بينت هذه الآيات الكريمة أن الله لا يريد بعباده غير اليسر، ولا يريد بهم العسر، وإذا كانت تلك إرادة الله بهم، ومنهج دينه الذى شرعه لهم، فإنه لا يجوز أن يكون مسلكهم مخالفاً لمنهج الله فى التيسير، أو معارضا لمقصوده فى البعد عن التعسير.
كما بينت أن الله لا يكلف الناس إلا بما تطيقه نفوسهم، ولهذا كان كل عمل لا تطيقه نفس المكلف، أو يؤدى إلى إرهاقها أو العنت بمن يتوجه إليهم ذلك العمل. كالقتل والتخريب والتدمير، وانتهاك الأعراض والحرمات، منافيا لما حرمه من تكليف عبده بما لا يطيق، كما دل قوله تعالى: " مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى"، على أن القرآن ما نزل ليكون أداة لشقاء الناس التشديد عليهم، بل نزل ليكون تجسيدا لرحمة الله بهم، والرفق فيما شرعه لهم، وإذا كان ذلك منهج القرآن الكريم فى اسعاد الناس، وصرف العنت والمشقة عنهم، يكون كل تصرف مجاف لهذا المقصد الأسمى لمراد الله من إنزال القرآن الكريم، باطلا وغير مشروع.
وكما يبدو من تلك الآيات القرآنية فإنها وإن كانت لم تذكر التطرف قصدا، ولم تتحدث عنه بذات الاسم، إلا أنها قد تحدثت عن مضمونه، وبينت مفهومه بإيضاح يغنى عن ذكر اسمه أو التمسك – فى مسماه – بنصه.
* ومن السنة النبوية الشريفة:
وردت أحاديث كثيرة تتحدث عن الاقتصاد فى الطاعة والبعد عن الإسراف والعنت والغلو فى تنفيذ أوامر الله وتكليف عبادة بما لا يطيقون، كما أمرت بالبعد عن التشدد والتنطع، ومن تلك الأحاديث:
(أ)ما روى عن ابن مسعود – رضى الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم- قال: هلك المتنطعون([6])، قالها: ثلاثا([7])، والمتنطعون، هم المتشددون فى غير مواطن التشدد.
(ب)ومن ذلك ما روى عن أبى هريرة – رضى الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة، وشئ من الدلجة.
(ج)وبما روى عن عائشة – رضى الله عنها – أن النبى – صلى الله عليه وسلم – دخل عليها وعندها امرأة، قال من هذه، قالت: هذه فلانة تذكر من صلاتها، قال: مه عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا([8])، والأحاديث فى هذا المعنى كثيرة.
ووجه الدلالة فيها على المطلوب:
أنها تنهى عن التشدد والتنطع، وتدعو إلى التسديد والأخذ بالأقرب، وأن المكلف لا يجوز أن يشق على نفسه بالعمل، وإنما عليه أن يلتزم بما يقدر على القيام به من غير مبالغة أو إرهاق لنفسه أو غيره، وهذا من المعلوم فى دين الله عز وجل.
التعريف الإصطلاحى المعاصر:
وإذا كان تعريف التطرف فى الإصطلاح الفقهى قد جاء على هذا النحو، وتحت تلك المسميات فى التشريع الإسلامى، إلا أن بعض الفقهاء المعاصرين، لم يكتفوا بذلك، وإنما قصدوا إلى وضع حد له يعبر عن معناه بمسمى يتفق مع ما تطور إليه هذا المعنى من المبالغة فى الانتقام والقسوة فى التعدى على أرواح الأبرياء وأعراضهم وأموالهم، وما يبدو فى سلوكهم من تلك النزعات الإجرامية التى لم تجر على نسق سابق من نظائرها، ومن ذلك ما عرفه، بعض الكاتبين المعاصرين بأنه: الخطأ فى فهم الدين والتجاوز فى تطبيقه من المشروع إلى اللامشروع، وهو الجنوح فكرا أو سلوكا يمينا بأقصاه، أو يسارا بأقصاه([9]).
وفى نظرنا أن هذا التعريف يمكن أن يكون محل نظر من وجهين:
أولهما: أن التطرف ليس خطأ قد يدخل إحسان النية فى تقديره، ومن ثم يقود صاحبه إلى دائرة العفو، ولهذا كانت عبارة: الخطأ فى فهم الدين لا محل لها، لأن المخطئ قد يعذر بخطئه.
ثانيهماً:أن لفظ التجاور يفيد أن صاحبه يبدأ الفعل مستندا إلى أصل مشروع مع أن التطرف فى ذاته يمثل انحرافا مبتدأ، لاسيما وأنه يخالف ما ورد بشأن حظره من الأدلة الشرعية الصحيحة ولا يمكن أن تتصور وجود قدر من المشروعية فيمن يفتى بقتل إنسان لمجرد أنه قد نسب إليه فعل من الأفعال التى لا تبيح ذلك فى نظر من يحكم عليه بالقتل وينفذه فإن المتطرف يمثل خصما وحكما فى هذا الموضوع حيث يحكم على من يرى أنه يستحق القتل بالقتل، ثم يقوم هو بقتله بدم بارد، أو الذى يستحل عرض إمرأة قسرا وقهرا واغتصابا تحت مسمى الجهاد، فإذا أبت عن تلبية رغبته الحيوانية اعتبرها منكرة للجهاد، ثم قام بقتلها، وقد يعتدى عليها قبل قتلها أو بعد قتلها، فليس القصدمن فعله هو الانتصار للدين أو الانتصاف لأحكامه، وإنما المقصود عنده هو إشباع غرائزه وتحقيق المشروع التخريبى الذى استؤجر لتنفيذه ضد أمن أمته واستقلال بلاده.
ووصف التطرف فى التعرف المذكور بأنه جنوح فى الفكر ربما لا يتطرق إلى التطرف الدينى الذى يقوم على تحريف الكلم عن موضعه، وتفسير أحكام الله وفقا لهوى المتطرف، وليس وفقا لما يريده الله ورسوله فهو يفسر الدين وفقاً لهواه، ولا يخضع هواه لأحكام الدين وتوجيهاته وفقا لما يريده الله ورسوله.
ومن تلك التعرفات:
إنه بمعنى الغلو، وهو مجاوزة المقدار، أو هو منتهى الشئ وغايته([10]).
ويمكن أن يؤخذ على هذا التعريف أنه قد عبر عن تعريف التطرف بأنه منتهى الشئ وغايته وهو تعبير لا يدل على حقيقة التطرف، بل يدل على ما يناقضه وهو بلوغ الغاية من الشئ وذلك أمر مطلوب، ولا تثريب على من يفعله. ومن غايات الأحكام الشرعية مراعاة مقصد الشارع، والتطرف لا يراعى مقصد الشارع ولا يحترمه، بل يفعل ما ينافيه ويناقضه، فكان هذا التعريف مناقضا لمعنى التطرف وبعيدا عنه، وليس معنى ذم التطرف فى الدين منع طلب الأكمل فى العبادة فإنه من الأمور المحمودة بل منع الإفراط المؤدى إلى الملال، والمبالغة فى قيام الليل حتى يغلبه النوم، فلا يصلى فرض الصبح فى جماعة([11]).
ومن التعريفات الجيدة للتطرف:
أنه بمعنى الغلو والتشدد، وفى هذا يقول صاحب هذا التعريف: إن الغلو والتطرف لفظان مترادفان فى المعنى، إذ التطرف يعنى مجاوزة حد الاعتدال والغلو يطلق على الميل والانحراف. ومن هنا كان الغلو والتطرف بمعنى واحد وهو مجاوزة الحد([12])، إلى أن التطرف يعنى:
الزيادة أو المبالغة فى أمور الدين، وادخال ما ليس من الدين فى الدين، فيكون هذا بمثابة تجاوز للحدود المشروعة، والتشدد فى العبادة غلو وتعسف وميل عن المطلوب، والتشدد فى المعاملات، هو انحراف بها عن المعروف عرفا والمشروع شرعا([13]).
ويمكن تعريف التطرف بأنه:
الإنحراف فى تطبيق أحكام الدين بما يخالف مقاصدها الشرعية عن غرض وهوى.
ومن خلال هذا التعريف يبدو أمرين:
أولهماً: أن التطرف انحراف مقصود من أصحابه لتحقيق ما يأربون إليه من الأغراض المصلحية التى لا تتفق مع أحكام الدين ولا تنسجم مع مبادئه.
وثانيهما: أن ذلك الانحراف لا يتفق مع المقاصد الشرعية من تشريع الأحكام التى ينحرف المتطرفون فى فهمها ،فهو يتشح بوشاح الدين بينما يطيح بأحكامه فى واقع الأمر وحقيقيته، ومن ثم فإنه ينتهى إلى اتخاذ آيات الله هزوا، والتلاعب بدين الله عز وجل، والمتاجرة به للانتصار للنفس، وتحقيق المكاسب الخاصة على حساب الفهم البليد لمن يعتقدون فى صحة تلك الأحكام، وظنهم السئ فى حسن نوايا من يفعلونها.
الأساليب الملتوية فى تعريف التطرف:
وقد يكون من المفيدالإشارة إلى بعض التعريفات الملتوية للتطرف،والتى تكشف عن سبب جديد من أسباب شيوعه ،حيث يرى البعض أن كلمة التطرف جائرة يوصف بها بعض العاملين فى مجال الدعوة الإسلامية، أو أنها رد فعل تجاه مجتمع لا يحكم بشرع الله ،أو كما يقول صاحبه :إنه معارضة للعرف الإجتماعى العام ،أو الشرعية الوضعية القائمة باسم الإسلام([14])، وهو كمن يعرف التطرف بالتطرف.
ويرى البعض :أن مصطلح التطرف قد دار وطار حتى استقر أخيرا على رؤس الملتزمين من أبناء الإسلام –أعانهم الله – فأصبحت الكلمة فى عرف علمانى هذا العصر، حكرا على المتدينين من أبناء الإسلام لا تكاد يتجاوزهم الى سواهم([15]).
أو هو ثوب فضفاض غامض يحاول البعض إلصاقه بخصومهم حتى ولو كانت تلك الخصومة شخصية أو غير شخصية فلا فرق عندهم،حتى صنعوا من المجاهدين الأفغان متطرفين والذى يتحدث عن الحكم الإسلامى والدولة الإسلامية متطرفا([16]).
وهذه التعريفات وأمثالها إنما هى تعريفات ملتوية، لا تعرف التطرف، بل تدل على تنامى خطره بتعاطف أصحاب تلك العبارات الملتوية معه، وهو ما يقتضى أن يؤخذ فى الحسبان عند التعامل مع هذا الداء وتحليل شخصية من يقدمونه للناس بصورة ملتوية تدلس عليهم معناه، وتزيف فى أذهانهم صورته.
الفرع الثانى
حقيقة التكفير
التكفير يعنى فى الإصطلاح اللغوى: نفى الإيمان بالله أو بالأنبياء أو بالدين الذى أنزله الله – عز وجل – وفى الإصطلاح الفقهى المعاصر: يمكن تعريف التكفير بأنه: التساهل فى التماس أدنى الأسباب للحكم على المسلم بالكفر والخروج من الملة، أو هو الحكم على الإنسان المسلم بالكفر([17]).
وتكفير المسلم يدل على طيش من يبادرون إلى ذلك أو يستسهلون وجوده، لأنه يخالف الواقع، كما يخالف سنة الله فى الخلق.
(1) أما أنه يخالف سنة الله فى الخلق.
فإن كل إنسان مفطور على الإيمان بربه، وأنه يظل على هذا الأصل حتى يعرب عنه لسانه، فإذا اختار الإيمان بالله بعد البلوغ أو لم يعبر عن إرادته فى اختيار دين غير دين الإسلام، فإنه يظل على إسلامه استصحابا للأصل الذى فطر الله كافة بنى الإنسان عليه، ودل على ذلك فى قوله تعالى: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ"([18]).
وقد دل على ذلك من السنة الشريفة، ما روى عن جابر – رضى الله عنه-: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ما من مولود إلا ويولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه، فإذا أعرب عنه لسانه، فإما شاكرا، وإما كفورا"([19]).
ووجه الدلالة فى هذا الحديث:
أنه لا يجوز أن يحكم على الصبى إلا بدين الإسلام، فإذا اختاره بعد تمييزه حكم عليه بالملة التى يختارها([20]). وسن التمييز هو سن البلوغ التى يبدأ فيها التكليف.
(2) وأما أنه يخالف الواقع:
فإن الإنسان إذا كان يقيم أركان الإسلام، ولا ينكر معلوما من الدين بالضرورة أولا يجحد ما أدخله فى الإسلام، فإنه يكون باقيا على دينه، ومن يحكم بخروجه من الدين، وهو يلتزم بمبادئ الدين ولا ينكر معلوما منه، يكون منكرا لما لا يجوز أن ينكر، فمن ينكر أن الإسلام دين يجب أن يبقى فيه من يلتزم بأحكامه ومبادئه، يكون هو الخارج من الإسلام المناوئ لأحكامه، يدل على ذلك ما رواه البخارى أنه – صلى الله عليه وسلم – قال: (أيما رجل قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما) ([21]).
والأصل بقاء ما كان على ما كان، وذلك استصحابا للأصل، وإعمالاً للقاعدة الفقهية التى تقرر أن ما ثبت بيقين لا يزول بالشك، ولهذا يكون التعجل فى رمى الناس بالكفر، والحكم عليهم بالخروج من الملة جهلاً كبيرا، وضلالا خطيرا والذين يحكمون على الناس بالكفر، يحكمون بلا علم. ويقررون بلا دراية، لأن التكفير مناهض الإيمان، والإيمان من أعمال القلوب التى لا يعلمها غير علام الغيوب سبحانه، وهى مما يستحيل أن يعلمه أحد من البشر ، ومن ثم يكون حكمهم بلا علم، وقضاؤهم قضاء أعمى بلا دليل، كما أن فى قيامه بتكفير أهل الملة افتئات على الله – سبحانه – ومزاحمة له فيما بختص به، وهى جرأة تدل على سوء أدب مع الله، وتشير إلى عدم الاكثرات بالدين والإنصياع لأحكامه.
وقد يظن بعضهم أنهم يحكمون بالعلامات التى تجعلهم يقررون قضاء أو يصدرون حكماً، وهذا الظن يبطله الدليل المتيقن من كتاب الله – تعالى – وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – وإجماع علماء الأمة.
* أما الكتاب الكريم:
فقد دل على أن من نطق بكلمة الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان لا يخرج من ملة الإسلام رغم ما أبداه من ألفاظ الكفر، أو أظهره من الكلمات التى قد تفيد أنه ليس على دين الله، وذلك فى قوله تعالى: "مَن كَفَرَ بِاللهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ"([22]).
ففى هذا القول الكريم دلالة على أن من أظهر كلمة الكفر، مع اطمئنان قلبه بالإيمان، فإن اظهار تلك الكلمة لا يخرجه عند الله من الملة، فمدار الأمر على ما فى القلب، وهو مما لا يعلمه غير الله سبحانه، ويكون حكم البعض على من يظهر ما
قد يفيد عكس الإيمان، حكما بلا دليل، واقحاما لأنفسهم فيما لا يعلمونه وفيما ليس من اختصاصهم، لأنهم لا يستطيعون أن يخترقوا قلوب الناس وأن يشقوا صدورهم ليقفوا على ما وراءها. وفى ذلك يقول القرطبى: لما سمح – الله عز وجل – بالكفر به – وهو أصل الشريعة – عند الإكراه، ولم يؤاخذ عليه، حمل عليه العلماء فروع الشريعة كلها. فإذا وقع الإكراه عليها لم يؤاخذ به ولم يترتب عليه حكم، وبه جاء الإثر المشهور عن النبى – صلى الله عليه وسلم –: رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وهذا الأثر وإن لم يصح سنده. فإن معناه صحيح بإتفاق من العلماء"([23]). ولعل فى هذا الحكم الشرعى الصحيح ما يدفع أو لئك المتسرعين فى تكفير الناس والمتوثبين لإخراجهم من الملة، إلى الخجل من أنفسهم قبل أن يخجلوا من الله خالقهم وبارئهم.
* ومن السنة الشريفة:
ما روى عن ابن عباس – رضى الله عنهما – أن عمار بن ياسر قد أخذه المشركون، وأخذوا أباه وأمه سمية وصهيباً وبلالا وسالما فعذبوهم، وربطت سمية بين بعيرين وأدخلوا حرلة فى قبلها، وقيل لها: إنك أسلمت من أجل الرجال، فقتلت وقتل زوجها ياسر، وهما أول قتيلين فى الإسلام، وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها، فشكا ذلك إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال له: كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئن بالإيمان، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "إن عادوا فعد".
فقد دل هذا الحديث الشريف على أن المسلم قد يظهر الكفر، ويبطن الإيمان، وأن ما يظهره من الكفر فى تلك الحالة وأمثالها لا يصلح سببا للحكم بكفره، ويكون الحكم بكفره فى تلك الحالة ظلما بينا، واعتداء سافرا على إنسان معصوم الدم([24]).
* ومن الإجماع:
لقد أجمع فقهاء الأمة على أن المسلم إذا أظهر ما يدل على الكفر، وكان قلبه مطمئنا بالإيمان فإنه لا يجوز الحكم بكفره، ولا يستحل دمه أو ماله، ولا يفرق بينه وبين زوجته، وحكى هذا الإجماع الإمام القرطبى فى الجامع لأحكام القرآن([25]).
ومن ثم يكون تكفير المسلم محظورا بالكتاب والسنة واجماع علماء الأمة، ولهذا فإنه يجب دفعه ما أمكن وقد أثر عن كبار الأئمة أنه إذا كان أمر المسلم يحتمل الإيمان من وجه والكفر من تسعة وتسعين وجها، فإنه لايجوز الحكم بتكفيره، لأن التكفير مخالف للأصل الموافق للفطرة وهو الإيمان بالله تعالى([26])، وكما قال الإمام الغزالى فى الاقتصاد: إن الخطأ فى ترك كفر ألف كافر أهون من الخطأ فى سفك محجمة من دم مسلم([27])، ويكون مرجع الأمر فى تكفير المسلم أو إسلامه إلى الله – سبحانه – فهو الذى يحكم بين عباده يوم القيامة، وهو العليم بأحوالهم والخبير بما تكنه صدورهم.
المطلب الثانى
مفاسد التطرف والتكفير وحكمهما الشرعى
الفرع الأول
مفاسد التطرف والتكفير
من المفيد أن يتدبر الباحثون فى فقه مصطلحى التطرف والتكفير العلاقة بينهما دون إغفال لمتتاليات تلك العلاقة، ومن هذا المدخل يمكن القول: إن التلاعب بالدين وتحريف الكلم فيه عن موضعه، يبدأ بالتطرف، الذى يحول الفروع إلى أصول والأعمال إلى عقائد، وفيه تهمل الأصول على حساب الفروع، وربما داسها بقدميه، وتناساها فى حياته لحساب الانتصار لفروع جانبية، أو عادات متبعة أو أعراف جارية، وقد يصل الأمر فيه إلى حد استغلال أدلة التشريع وتطبيقها فيما ينافى مقاصد التشريع ويأتى على مبادئه بالنقض والهدم، وقد يستبيح المتطرف الدم المعصوم والعرض المصون لأوهام تقوم فى ذهنه، وترهات تحكم تفكيره وعقله، فيفعل تلك الجرائم النكراء المخالفة للدين وهو يظن أنه يقدم للدين عملاً جليلاً([28]). وفعلاً جميلاً، والدين منه ومما يفعله بعباد الله، وخلق الله براء.
وقد يؤدى الغلو والتطرف إلى الخروج من الملة، كما حدث مع أهل الديانات السابقة عندما غالوا فى اعتقادهم وتكلفوا فى مظهرهم وسلوكهم وأعمالهم، وقد وصف الرسول ذا الخويصرة واشباهه بالمروق من الدين كمروق السهم من الرمية فهم لم يتلبسوا بالإسلام، ولم يستقروا عليه، إلا وقتا لايكاد يذكر، ولا يبلغ سوى تلك اللحظات الخاطفة التى يستغرقها مرور السهم فى ضحيته، فلا يكاد يعلق فيه شئ من آثارها([29]). وكان ذو الخويصرة هذا رجلا من تميم لم يحسن الآدب مع النبى – صلى الله عليه وسلم- وخاطبه بما لا يليق أن يخاطب به الأكارم من الناس فضلاً عن أشرف خلق الله – صلى الله عليه وسلم – وذلك على غرار ما نشهده اليوم من صغار المتطرفين الذين لقنهم أكابر مجرميهم عدم احترام الكبير، وإساءة الأدب مع الوالدين والمربين، رأى ذو الخويصرة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يوما وهو يوزع الأعطيات على الناس، فقال: لقد رأيت ما فعلت اليوم، وأنت لم تعدل بين الناس فى العطية، فقال له النبى – صلى الله عليه وسلم –:ويحك، فمن يعدل إذا أنا لم أعدل، وأراد عمر بن الخطاب أن يعاقبه بما يستحقه من عقاب المتطاولين على رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فنهاه النبى – صلى الله عليه وسلم – وقال لعمر بن الخطاب: دعه، فإنه سيكون له اتباع يشايعونه يتعمقون فى الدين حتى تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم إلى صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية([30]).
وقد يؤدى التطرف إلى الظلم البين والإهدار الفاضح للحقوق الأخرى، وهى واجبة الأداء كمن يشدد على نفسه فى الطاعة، فيشق عليها، ويظلم أهله وولده، ويحملهم ما لا يطيقون، وقد يرفض الرخصة فى حال استحكام المشقة ظلما لنفسه وجلدا لذاته، مع أن الرخصة صدقه تصدق الله بها على عباده، ولا يجوز أن يرفض العبد صدقة ربه وفضله وإحسانه عليه.
التطرف والتكفير ثم القتل والتدمير:
وإذا كان التطرف يؤدى إلى تلك المفاسد، فإنه يقود المتطرف بالمنطق الأعمى لتفكيره، إلى تكفير الناس، لأنهم لا يعتقدون ما يعتقده من ذلك الخبال الذى حرف به كلام الله عن موضعه وضرب الدين ببعضه، واستغل أدلته للوصول إلى ما يغضب الله ورسوله، وإلى ما ينافى الدين ذاته، ولهذا كان التكفير نتيجة منطقية بليده، تنسجم مع هذا التسلسل الفكرى البليد، وبعد التكفير تجيئ المتوالية الأخيرة، وهى القتل بسبب الكفر الموهوم واستحلال الدماء والأعراض، وما يتبع ذلك من كبريات المفاسد التى نكب بها الناس من جراء هذا الفكر الإجرامى المنحرف الذى ينطلق تحت مظلة الدين، والدين منه، وممن يفعلونه براء، براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
ولهذه المتواليات التى يسلم بعضها بعضا فى تلك المفاسد الشنيعة، كانت قضية التكفير من القضايا التى لا يملكها أحد ولا هيئة ولا جماعة، ولا تنظيم، بل كانت تسميته شرعية بحتة ولها من الضوابط، وتوافر الشروط وانتفاء الموانع ما يحصرها فى أضيق الدوائر، ولو قام بعد ذلك مقتض للعقوبة فإن الشبهة تأتى لدرئها ومنعها، ثم هى منوطة بالقضاء، وبأولى الأمر، ومن يسارع إليها من غيرهم يكون جاهلا ربما أنزله الله ومتعديا على حدود الله، وخارجا على نظام المجتمع وأمنه([31]).
ويمكن إجمال مفاسد التطرف والتكفير فيما يلى:
أولاً: أنه يأتى على مصادر الأحكام الشرعية، بالتشويه والتحريف، والتفسير المناقض للهدف الذى من أجله نزلت تلك المصادر، ويوجد لها مجالاً للتطبيق لا ينسجم معها، وقد يصل الأمر إلى حد الاستدلال بالآيات التى تحرم القتل على القتل، ولا يقف الأمر عند ذلك، بل يئول إلى التطبيق المتسرع لتلك التفسيرات الخاطئة ويقوم المتطرف بالقتل فعلا.
ومما يدل على ذلك أن فكرة التكفير التى انفلقت من الفكر المتطرف والفهم المنحرف للدين لا تقوم إلا على أوهام ترسخت فى ذهن القائلين بها دون أن يوجد لها ظل فى الواقع وقد يصل الأمر إلى حد تكفير المجتمع كله والحكم بخروجه من الملة بناء على سبب لا يمكن تصوره ولا يصلح سندا لهذه الأحكام الفاسدة، مثل عدم الحكم بما أنزل الله، أو كما كان يقال: الإسلام هو الحل، مع أن ما أنزله الله متعدد الدلالات، وموضع خلاف بين العلماء والقامات، والأمر إذا احتمل الخلاف، فإنه فى مجال العقاب يصار فيه إلى ما يدفع العقوبة لا إلى ما يجلبها، وذلك استناداً إلى الأصل الشرعى المقرر وهو: براءة ذمة الخلق من ارتكاب الجرائم، وهذا الأصل ثابت بيقين، فلا يعدل عنه، إلا بدليل أقوى منه ولا يكفى أن يكون مناظرا له، لأن الدليلين إذا تساويا، فسيكون الرجحان لما يوافق الأصل الثابت منهما.
ثانياً: أنه يخالف ما أنزله الله – سبحانه – فى كتابه الكريم، وفى سنة نبيه – صلى الله عليه وسلم- ومخالفة ما أنزله الله – تعالى – فى كتابه الكريم، وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم- أمر محرم لا يجوز التورط فيه أو حتى مجرد الاقتراب منه، وفى ذلك يقول الله تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ"([32])، وقوله – صلى الله عليه وسلم –: (لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله وسنتى)([33])، والعمل إذا جاء مخالفا لما سنه الله ورسوله فإنه يمثل نوعا من الشقاق للرسول – صلى الله عليه وسلم – وانتهاج سبيل غير سبيل المؤمنين، وهو ما يدخل تحت الوعيد الوارد فى قوله تعالى: "وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرً"([34]).
ثالثاً: أن التطرف والتكفير يخضعان دين الله فى تفسير أدلته وتطبيقها على واقع الحياة وسلوك الناس، لهوى أولئك المتطرفين، الذين لا يسلكون فى تعاملهم مع تلك الأدلة سلوكا عادلا وموضوعيا ومحايدا، ولكنهم يخضعون الأدلة لهوى نفوسهم، ومن الواجب أن يكون هوى النفوس تبعا لتوجه شرع الله، ولا يجوز أن يكون شرع الله تبعا لهوى نفوس من يتعاملون مع أدلته، وذلك مصداقا لما رواه أبو هريرة أنه – صلى لله عليه وسلم – قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به"([35]).
رابعاً: أن التطرف والتكفير يؤديان إلى تهديد الأمن، وتبديد الدخل وهو ما يعرض الناس للفقر والعوز، ويعجزهم عن الوفاء بالتزاماتهم الشرعية التى لا يستطيعون القيام بها فى ظل الخوف والتهديد بالقتل والتفجير، والتزاماتهم المالية التى فرضها الله عليهم كالزكاة والصدقات والوقف والنذر، وما إلى ذلك من الفرائض التى تستوجب إنفاق المال أو تتطلب وجوده كالحج والعمرة والزواج والعلم والصحة وغيرها، ومن المعلوم أن العجز الاقتصادى يؤدى إلى تحكم الدول المعادية للمسلمين فى مصائرهم وتوجيه سياستهم لتدور فى ركابها، والتسبيح بحمدها، كما أن الفقر يسهل على تلك الدول شراء ذمم بعض ذوى النفوس الضعيفة والعقيدة المهشة ليحدثوا الفرقة فى بلادهم، ويشقوا صف أمتهم، وليكونوا طلائع لتخريب أوطانهم، وتقديمها – نظير ثمن بخس – لمن يريدون تمزيقها، والاستيلاء على خيراتها ومن ثم يبدو أن مخاطر التطرف والتكفير كبيرة، وأن مفاسدهما عظيمة تقتضى المواجهة، وتستوجب العلاج.
الفرع الثانى
حكم التطرف والتكفير وأدلته
من يستقرئ مفاسد التطرف والتكفير، وما تؤدى إليه تلك المفاسد من إهلاك الحرث والنسل والبلاد والعباد لا يعتريه أدنى تردد فى أنه محرم يعاقب فاعله، ويثاب تاركه، فإن الله لا يحب الفساد، ويبغض المفسدين ولا يحبهم، ووسائل الفساد وأدواته وطرائقه على منواله فى الحرمة، وذلك إعمالاً للمبدأ الفقهى القاضى: بأن للوسائل حكم المقاصد.
أدلة تحريم التطرف والتكفير:
وقد قامت الأدلة على حرمة التطرف والتكفير من كتاب الله – تعالى – وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – وذلك كما يلى:
* من الكتاب الكريم:
قول الله تعالى: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ"([36]).
ووجه الدلالة فى هذا القول الكريم على المطلوب:
أن الله تعالى قد نهى أهل الكتاب عن الغلو فى دينهم، ووصف هذا الغلو فى الدين بأنه باطل وغير حق، ثم بين مورد البطلان فى هذا الغلو وأنه نابع من اتباع الذين أضلوامن قبل، وكان ضلالهم كبيرا وبعيدا عن طريق الحق والصواب([37]).
وقد يقال: إن الآية قد نزلت لحظر الغلو فى شرع من قبلنا، وهو ليس شرعا لنا، فلا يلزمنا العمل بموجبها، فإن ذلك يمكن أن يجاب عليه بأمرين:
أولهما: أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد دليل ناسخ، ولم يرد فى شرعنا ما يخالف شرع السابقين، بل العمل عندنا على وفقه بدليل ما ورد بشأن حظر التطرف والتكفير من الأدلة الشرعية التى تبين بوضوح أنهما محرمان فى شرع الله، ومن ثم يكون ما تضمنته هذه الآية الكريمة من حظر التطرف والغلو فى شرع السابقين، ملزما لنا([38]).
ثانيهماً: أن حكاية القرآن الكريم عن الأمم السابقة تمثل خبرا بمعنى الطلب وذلك إعمالاً لقوله تعالى: "فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأبْصَارِ"([39]). أى خذوا العبرة مما نزل بحق الأمم السابقة حتى لا يصيبكم ما أصابهم من غلو وتكفير لا تخفى نتائجه السيئة على الأفراد والمجتمعات.
ولو لم تأخذوا بما شرع لهم لتلافى ذلك لوقعتهم فى هذا الخطر الماحق وتندمون، ووقتها لن ينفع الندم، ولن يجدى اللوم.
(ب) وقوله الله تعالى: "وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ"([40]).
ووجة الدلالة فى هذا القول الكريم:
أن الله تعالى قد أنزل كتابة للعالمين، وجعله تبيانا لكل شئ من القصد فى العبادة والبعد عن التطرف والغلو، وأنه قد جعله هدى ورحمة وبشرى للمسلمين بما لا يجعل للغلو والتطرف مكانا فيه لمنافاتهما لرحمة الله بعباده، ولما ساقه لهم من البشرى فى التزام هديه، ولا شك أن التطرف والتكفير مناف لذلك المقصد الأسمى من إنزاله القرآن الكريم، فيكون مخالفا لمنهجه، وإذا ما خالف المسلك منهج القرآن الكريم، فإنه يكون محرما، والغلو فى الدين زيادة على مطلوب الشارع ولهذا كانت الزيادة فى الدين كالنقص فيه، فتكون حراما، ولأن التعبد لله لا يكون بالابتداع وإنما يكون بالاتباع، والتطرف مناف لكمال الدين وإحكامه فيكون حراما.
(ج) وقول الله تعالى: "فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"([41])، وقول الله تعالى: "وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"([42]).
ووجه الدلالة فى هذين القولين الكريمين:
أن الله تعالى قد أمر بالاستقامة على ما شرعه دون زيادة أو نقصان، والتطرف مخالف للاستقامة التى شرعها الله – عز وجل – فيكون حراما، كما دل القول الثانى على أن تعدى حدود الله ظلم، والتطرف والتكفير فيه تعد لحدود الله وهو ظلم بين، والظلم حرام، فيكون التطرف حراما.
(د) وقول الله تعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا"([43]).
ووجة الدلالة فى هذا القول الكريم:
أن الله تعالى قد أخبر فى هذه الآية الكريمة بأنه جعل أمة الإسلام وسطا، أى لا تطرف فيها ولا تشدد، والتطرف مناف للتوسط الذى أخبر الله عنه فيكون حراما، والآية خبر بمعنى الطلب كأنها تقول: كونوا أمة وسطا، فيكون التوسط، والاعتدال واجبين، والتطرف والتشدد مناف لهذا الواجب ومانع له فيكون حراما، لأن ما يدفع الواجب حرام.
والأدلة فى هذا المعنى كثيرة لأنها تتعلق بمبدأ من مبادئ الدين وسمة أساسية من سماته.
* ومن السنة الشريفة:
(أ) ما روى عن ابن مسعود أنه – صلى الله عليه وسلم – قال: "هلك المتنطعون" قالها ثلاثا، والمتنطعون هم المتشددون الذين يتطرفون فى فهم الدين وينحرفون فى تطبيق أحكامه وقد أخبر الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن تنطعهم سيورثهم الهلاك، وما يورث الهلاك يحرم فعله، فيكون التنطع والتطرف والتشدد حراما([44]).
(ب) وبما رواه البخارى أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال لمعاذ بن جبل لما بعثه مع أبى موسى الأشعرى إلى اليمن ليدعوا أهلها إلى الإسلام: "يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا"([45]).
فقد أمر بالتبشير ونهى عن التنفير، فيكون التيسير واجبا والتعسير حراما لأنه مناقض له، كما يكون التبشير واجبا، والتنفير حراما لأنه مناقض له، والتطرف والتكفير مضادان للتيسير والتبشير فيكونا حراما.
(ج) وبما رواه أبو داود فى سننه أن أنس بن مالك – رضى الله عنه – كان يقول: لا تشددوا على أنفسكم – فيشدد عليكم، فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم([46]).
ووجة الدلالة فى هذا الآثر:
أنه قد نهى عن التشدد على النفس، وجاء ذلك النهى مقرونا بالوعيد على مخالفته بالتشديد من الله تعالى، واجتماع النهى مع الوعيد يدل على شدة التحريم، والتطرف من قبل التشديد، فيكون حراما متوعدا عليه، كما جاء فى هذا السياق الموافق فى معناه لما نطقت به الأدلة الصحيحة فى الكتاب والسنة.
(د) وبما رواه البخارى ومسلم عن أنس – رضى الله عنه – أن النبى – صلى الله عليه وسلم – رأى شيخا يهادى بين ابنيه، فقال: ما بال هذا؟، قالوا: نذر أن يحج ماشيا، قال: إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغنى، وأمره أن يركب([47]).
ووجه الدلالة فى هذا الحديث:
أن النبى – صلى الله عليه وسلم – قد بين أن الله فى غنى عن تعذيب الناس لأنفسهم حتى ولو كان ذلك من أجل عبادتهم له، فمن يشدد على نفسه، ويتطرف فى فهم الدين، يكون بعيدا عن رضا الله وهدى شرعه.
(ه) وبما رواه النسائى بسنده عن ابن عباس – رضى الله عنهما – أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم – قال: إياكم والغلو: فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو فى الدين([48]).
(و) وبما روى أنه – صلى الله عليه وسلم – قال: "إيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما"([49]).
ووجه الدلالة فى هذا الحديث:
أنه قد نهى عن تكفير الناس، وأن من يكفر صاحبه أو أخيه سيرتد إليه هذا التكفير ويكون وصفا لحاله هو، وليس وصفا لحال من يتهمه بالكفر، ولا يجوز للإنسان أن يصف نفسه بالكفر، وإلا كان مرتكبا لأمر محرم.
ومن هذه الأدلة وغيرها يبدو واضحا تحريم التطرف والتكفير بالقدر الذى يدفع من عنده أدنى ذرة من ضمير، أو احترام للإسلام أن يكف عن ذلك المسلك المشين وأن يبتعد عنه.
([1]) المعجم الوسيط – ج2- ص575 – طبعة مجمع اللغة العربية.
([2]) فى هذا المعنى: المرجع نفسه.
([3]) سورة البقرة: الآية 185.
([4]) سورة البقرة: الآية 286.
([5]) سورة طه: الآية 1 – 2.
([6]) رواه مسلم – النووى – رياض الصالحين – ص95 – رقم 148 تحقيق الالبانى – طبقة المكتب الإسلامى.
([7]) المرجع نفسه – رقم 149.
([8]) متفق عليه، المرجع نفسه – رقم 146.
([9]) د. أحمد خليفة شرقاوى أحمد – دور الأزهر فى مواجهة الغلو والتطرف – ضمن أعمال مؤتمر الأزهر العالمى لمواجهة التطرف والإرهاب – القاهرة 3-4/12/2014م – ص156.
([10]) د. إبراهيم راشد المريجى – دور العلماء والمؤسسات الدينية فى مواجهة الغلو والتطرف – ضمن أعمال مؤتمر الأزهر العالمى لمواجهة التطرف والإرهاب السابق – ص 168.
([11]) د. إبراهيم الهدهد – الغلو فى العهد النبوى – صورة وعلاجه – ضمن أعمال مؤتمر الأزهر العالمى السابق – ص156.
([12]) د. عبد الحى عزب عبد العال – التطرف والعلو والوسطية والاعتدال – ضمن أعمال مؤتمر الأزهر العالمى لمواجهة التطرف والإرهاب – السابق – ص112.
([13]) المرجع نفسه.
([14]) د. صلاح الصاوى – موقف الإسلام من الغلو والتطرف – مجموعة من أعضاء وخبراء مجمع الفقه الإسلامى الدولى بجدة ص 512
([15]) د. عبد الرحمن صالح العشماوى – التطرف – مجلة البيان- ج65- ص25.
([16]) د. سلمان بن فهد العودة: التطرف الأسباب والعلاج – مجلة البيان – ج67-ص11.
([17]) مفاهيم يجب أن تصحح – قضايا اسلامية – العدد 226 – ص23- المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
([18]) سورة الروم: الآية 30.
([19]) نيل الأوطار للشوكانى – ج7 – ص 228 طبعة الحلبى.
([20]) المرجع نفسه – ص230.
([21]) صحيح البخارى مع فتح البارى: لابن حجر العسقلانى – ج10 – ص514 – طبعة دار الفكر ومسند الإمام أحمد – ج2- ص118 – طبعة الميمنية، والمنذرى- الترغيب والترهيب –ج2 –ص285.
([22]) سورة النحل: الآية 106.
([23]) القرطبى: الجامع لأحكام القرآن – ج1 – ص181 وما بعدها – الهيئة المصرية العامة للكتاب.
([24]) القرطبى – الجامع لأحكام القرآن – السابق – ص180.
([25]) القرطبى – المرجع نفسه – ص182.
([26]) الإمام محمد عبده – الأعمال الكاملة جمع محمد عمارة – ج3 –ص302 – دار الشروق.
([27]) حجة الإسلام الإمام الغزالى – الاقتصاد فى الاعتقاد – ص135 – دار الكتب العلمية.
([28]) فى هذا المعنى: د. عبدالحى عزب – السابق – ص113، وما ذكره من أسباب الغلو والتطرف.
([29]) فى هذا المعنى: د. إبراهيم الهدهد – السابق – ص135.
([30]) والحديث مروى بنصه وسنده عند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر وبن العاص عن النبى – صلى الله عليه وسلم -، مسند الإمام أحمد – رقم 7038.
([31]) فى هذا المعنى: د. أحمد الطيب – خطورة التكفير – ص77 – ضمن أعمال مؤتمر الأزهر العالمى لمواجهة الإرهاب التطرف.
([32]) الأحزاب: الآية 36.
([33]) رواه الحاكم عن أبى هريرة: من حديث ابن عباس فى حجة الوداع – المستدرك –ج1 – ص93 – طبعة دار الكتب العلمية بيروت.
([34]) سورة النساء: الآية 115.
([35]) قال النووى فى الأربعين النووية: حديث حسن صحيح – ج1 –ص79 – طبعة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة الثالثة، وقال الحافظ ابن حجر رجالة ثقاة، راجع: أنيس السارى فى تخريج وتحقيق فتح البارى، ج9-ص6541 – رقم 4584 – طبعة مؤسسة السماحة بيروت لبنان.
([36]) سورة المائدة: الآية 77.
([37]) فى هذا المعنى: تفسير البيضاوى – ج2 – ص139 – دار إحياء التراث العربى بيروت – والقرطبى – الجامع لأحكام القرآن – ج6 – ص252- طبعة دار الكتب المصرية.
([38]) القرطبى – السابق – ج6 – ص21.
([39]) سورة الحشر: الآية 2.
([40]) سورة النحل: الآية 89.
([41]) سورة هود: الآية 112.
([42]) سورة البقرة: الآية 229.
([43]) سورة البقرة: الآية 143.
([44]) رواه مسلم فى صحيحه: صحيح مسلم – حديث رقم 2670.
([45]) صحيح البخارى: حديث رقم 39.
([46]) سنن أبى داود: رقم 4904.
([47]) صحيح البخارى: 43، وصحيح مسلم 1642.
([48]) سنن النسائى – ج5- ص268.
([49]) سبق تخريج الحديث – ص9 – وراجع الترغيب والترهيب للمنذرى –ج5- ص285، مرجع سابق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.