أعلن محمد فريد خميس، رئيس مجلس أمناء الجامعة البريطانية في مصر، تقديم 300 منحة دراسية من الجامعة البريطانية لطلبة القارة الإفريقية، شاملة جميع النفقات، وذلك في إطار التعاون والتكامل المصري الإفريقي في شتى المجالات، والتي يأتي في مقدمتها التعليم. وأضاف خميس، خلال ندوة بعنوان "التطورات في منطقة القرن الإفريقي وأمن البحر الأحمر"، والتي نظمها مركز إفريقيا بالجامعة، أمس، بهدف دراسة سبل التصدى للمخاطر المحتملة جراء المتغيرات التي تشهدها القارة الإفريقية، بالتعاون مع المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن "الجامعة لا تهدف للربح، كما أنها أنشئت من أجل رد الجميل لمصر، لأنني ممن تمتع بالتعليم المجاني، لذا سوف أتصدى بكل ما أملك لكافة الدعوات التي تطالب بإلغاء مجانية التعليم". وتابع خميس: "إن مصر هي قلب القارة الإفريقية، وآن الأوان لأن تعود لأحضانها، فمصر في عهد الرئيس عبد الناصر استقوت بإفريقيا، والآن تستطيع تحقيق ذلك حال رجوعها مرة أخرى من خلال العمل والتعليم والعلاقات الدبلوماسية الجيدة، وهو ما يفعله الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه رئاسة الجمهورية في 2014". وأوضح خميس أن إفريقيا أصبحت محط اهتمام العالم كله، بدليل زيارة رئيسة وزراء بريطانيا أربع دول في القارة السمراء، وكذلك ألمانيا وأمريكا في عهد ترامب، مؤكدا أن كل دول العالم تسعى لإعادة اكتشاف ثروات إفريقيا والعمل على الاستفادة منها، وهو ما جعل أمن البحر الأحمر مهددا، وكذلك القارة، من خلال القرن الإفريقي، مطالبا بضرورة التكامل الاقتصادي مع القارة السمراء، والتعاون الجاد في مجال التعليم والصناعة. وأضاف: "نحن جميعا نحمل آمالاً واسعة بأن تعود مصر إلى أحضان القارة السمراء، فقديما قالوا أن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي على الإطلاق، وفي هذا الملف تحديدا لم نعد نمتلك رفاهية الزمن والمزيد من التأخير، لذلك يرتقى التقصير في هذا الأمر لمستوى الجريمة"، مؤكدا أن إفريقيا أرض الفرص الواعدة، وبيننا وبينها وحدة تاريخ، وكذلك وحدة أهداف، فمصر إفريقية قبل أن تصبح عربية، موضحا أن الرئيس عبد الفتاح السيسى لديه قناعة مبنية على معرفة بأن مصر لابد أن ترجع لقلب إفريقيا، حتى تصبح قوية بدعم أشقائها الأفارقة. وأكد السفير أبو بكر حفني، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية المعين حديثًا، ضرورة أن نبحث لأنفسنا عن حلفاء، لأن أمن مصر يبدأ من البحر الأحمر وينتهى عند منابع النيل. لافتا إلى أن أهم تغيير شهدته منطقة القرن الإفريقي هو تغيير النظام الحاكم في إثيوبيا، وتلك الخطوة إذا لم تكن حدثت خلال الفترة الماضية فإن ذلك كان سيؤدي إلى إنهيار منطقة القرن الإفريقي نظرًا لما تمثله إثيوبيا في محيطها الإقليمي. وأوضح السفير منير زهران رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، أنه في ضوء التقدم الملحوظ في مجريات إنشاء سد النهضة فإن منطقة القرن الإفريقي تشهد قدرا من الاستقرار وبداية مرحلة جديدة من التعاون بين دول حوض النيل، مشيرا إلى أن "تعاون السودان مع تركيا يثير مخاوف عديدة بالنسبة لنا، خاصة أن نتائج هذا التعاون سوف تؤدي لحالة من عدم الاستقرار في شرق إفريقيا"، مؤكدا أن عدم استقرار الأوضاع في الصومال ينعكس على باب المندب، وهو ما يهدد القرن الإفريقي بشكل عام، والتجارة العالمية بشكل خاص، ما يؤثر على حركة الملاحة في قناة السويس. وأضاف اللواء أركان حرب سمير محمد بدوي، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية: "تشكل منطقة البحر الأحمر أهمية كبيرة بالنسبة للدول العظمى، فهي الممر المائي الرئيسي بالنسبة لنقل التجارة الخاصة بها، والتي تدخل ضمن أمنها القومي الاقتصادي، وبالتالي يتعين علينا الاستفادة القصوى مما تتمتع به هذه المنطقة التي تربط العالم ببعضه، حيث تعتمد دول أوروبا الصناعية عليه في نقل الوقود الخاص بها، فضلا عن أنه يعد أقصر الطرق بالنسبة لروسيا وكذلك الولاياتالمتحدة التي تتواجد في المنطقة من أجل حماية مصالحها". ولفت اللواء مصطفى كامل السيد، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، إلى تكافؤ الفرص، قائلا: "تكاد تكون السيناريوهات المستقبلية بمنطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي محدودة للغاية بسبب تشابك الأزمات، وموقع مصر الاستراتيجي يستطيع أن يلعب دورا بارزًا في احتواء تلك الأزمات، لذا أرى ضرورة تدشين تحالف يضم الدول التي لها دور حقيقي في محيطها الإقليمي، مثل مصر والسعودية وإثيوبيا"، مطالبا بعمل علاقات توازنية مع الجميع، بمن فيهم إسرائيل وإيران. وأشارت الدكتورة أماني الطويل، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن البحر الأحمر يضم 379 جزيرة ويتم استخدام بعضها لتنفيذ العديد من الاستراتيجيات المتعارضة مع المصالح العربية والمصرية، مضيفة: "يتعرض البحر الأحمر لتهديدات كبيرة وهو ما يمثل خطرا كبيرا على التجارة العالمية، فضلا عن القرصنة التي يشهدها، وهو ما أعطى المبرر لتواجد القواعد العسكرية سواء الفرنسية أو الأمريكية في بعض الدول المشاطئة". وقال السفير على الحفني مساعد وزير الخارجية الأسبق ومدير مركز إفريقيا بالجامعة البريطانية: "رغم التحديات التي تواجهها منطقة القرن الإفريقي، إلا أن مصر في ظل قيادة وجرأة الرئيس السيسي استطاعت العودة مجددا إلى القارة السمراء بعد تهميش دام أكثر من عقدين"، لافتًا إلى أن الندوة خلصت إلى عدة توصيات سيتم تقديمها إلى الجهات المختصة كمساهمة من ممثلين عن النخبة المصرية، وخاصة الأوساط الأكاديمية والبحثية في دراسة هذا الشأن. وناقشت الندوة 6 محاور هى "التطورات الأخيرة في القرن الإفريقي ودلالاتها، التحديات أمام الاستقرار في القرن الإفريقي، نحو إدارة رشيدة للمصالح العربية الإفريقية في ضوء الواقع الجديد، مستقبل الأمن في منطقة البحر الأحمر.. الفرص والتحديات، تحديات عولمة البحر الأحمر، مخاطر الاستقرار على أمن البحر الأحمر".